قال العلامة الابراهيمي في البصائر
ص 137


قرأنا في الأمثال أن الحائط قال للوتد لمَِ تشقني؟
فقال له سل من يدقني


كان الإسلام عزيز الجانب منيع الحمى يوم كان يدافع عن نفسه بروحانيته القوية و حقائقه الواضحة و عقائده الصافية و أحكامه السمحة و آدابه القويمة وحكمه المتحكمة في العقول

وكان يدافع عنه جند من أبنائه عرضهم على ميزانه فرجحوا و استعرضهم فنجحوا و امتحن قلوبهم للتقوى فتكشفوا عن الطيب والطهر و تلاقت العقائد الصريحة و القواعد الصحيحة على إنارة غسق الأرض بإشراق السماء

فظلل الإسلام الكون بعدله و سماحته و كان له في المشارق و المغارب مستقر و مستودع و علا بذلك على الأديان فجللها بالأمان و أجارها من النسيان و جاورها بالإحسان

فلما ضعف سلطانه على نفوس أبنائه ضعف سلطانهم على الأرض فاختل فتلاشى ذلك يوم أصبح قرآنه أغاني على الألسنة لا أشفية للصدور و أحاديثه للتلهية و التغرير لا معان للأحكام و الأخلاق و يوم قضي على عقائده بالخرافات و نسخت أحكامه بالعادات و بدَّلت آدابه بالتقاليد

فلما اطمأن المسلمون إلى هذا المهاد الذليل هانوا على الله و هانوا على أنفسهم فهانوا على الناس فأصبحوا بهذه المنزلة لا يحمدون عليها و لا يحسدون و أصبح دينهم هدفا لكل رام و نهزة لكل عاد و فريسة لكل مفترس