قصيدة ألقيتها اليوم عنوانها ( غيث النبوة )
في مديح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
صلى عليك الحاضرون وسلَّموا
يا مَنْ فؤادي في هواكَ مُتَيَّمُ
يا مَن جَمعْتَ مع الجمال شمائلاً
يَفنَى الزمانُ , وكُنْهُهُا لا يُعلَمُ
نورٌ لطلعتكَ البهيَّةِ زارني
طيفاً...فأهدابُ الجفونِ تُـنَـغِّـمُ
سامرتُهُ...ولكم مدَدْتُ له يَدِيْ !
لكنْ , أُفاجَأُ أنَّنِي أَتَوَهَّمُ
فصحوتُ منتشياً , وقلبي لم يزل
بمدينةٍ فيها النَّبِيُّ الأكْرَمُ
وجَفَا الكَرى عَيني , وقال مودِّعاً :
إن الـنّعاسَ على الْمُحبّ مُحَـرَّمُ
فبنيتُ صرحَ الذكرياتِ بخاطري
كالشُّهدِ,لكنْ فـي الضُّحَىْ يَتَـحَـطّمُ !
أنا ما حَدَوْتُ بذِكْرِهِمْ وحياتِهم
إلا شَمَمْتُ أريْجَ عِطرٍ منْهُمُ
و تَناثرتْ منّي الضلوعُ بِحيِّهم
جذلى مولَّهةً , فَمَنْ سَيلَمْلِمُ ؟
لم أدرِ ما لـغةُ الهوى , ما سِـرُّهـا
حـتـى غـدا بحرُ الدموعِ يُتَـرْجِـمُ
يا سيدَ الأكْوانِ إنَّ مَدَائِحِيْ
روحٌ تذوبُ وخافقٌ يتكلم
ذا ليس شعراً في بُحور إنما
قام الهيام بوصفكم يترنم
لَمَّا بدا نورُ النُّبُوَّةِ أشْرَقَتْ
شمسُ الحقيقةِ , واستفاقَ النُّوَّمُ
كانوا أُسارَى في سجونِ ضلالهم
وإلَهُهُم شَهَواتُهم والدِّرْهَمُ
وحجارةٌ صمَّاءُ طافوا حولَهَا
والعقلُ يَهذِي والفجورُ ُيُخَيُّمُ
كم غيَّبوا مَوْءُوْدةً برمالهم !
وبكفِّ والدِها تَئِنُّ وتُعدَمُ !
تُذري عيونُ الرَّاسياتِ دموعَهَا
لصَنـيـعـهِـم , وجـفونُـها تَتَورَّم
ظلمٌ وشرعُ الغابِ يحكُمُ بينهم
مَنْ يُنصِفُ المظلومَ مِمَّنْ يظلِمُ؟!
..فأتاهُمُ غَيْثُ النّبوّةِ صافياً
لكنَّهم شرِبوا الأُجاجَ و أجرموا
ورَمَوا حجارتَهم بوجْهِ نَبِيّهمْ
حقْداً , فسال على مُحيّاهُ الدَّمُ
وتكَبّروا بغياً , وزاد عِنادُهُمْ
وعتوُّهُم , فاسـتـهـزؤوا وتـهـكَّـمُوا
...ويجيءُ يومُ الفتحِ ..يعفو قادِراً
ولصَفْحهِ طوعاً وحُبَّاً أسلموا
هذا هو الإيمانُ , شمسُ بهائه
طلَـعَـتْ , فـهل يـبقى فؤادٌ مظلِمُ ؟!
كُرِّمتَ بالإسراء فازْدانَ الدُّجى
وازَّيَّنَ الأقْصى , فَجَلَّ الْمُكْرِمُ
ورقيتَ تجتازُ الطَّبَاقَ لسِدْرَةٍ
عظُمَتْ , وَعِندَ الله أنتَ الأعظمُ
ونزلت في غار فأشرق جوفُهُ
وتُـرابُـهُ دُرَرٌ تنيرُ وتَبْسِمُ
أُحُدٌ به فاضَ الغرامُ فزُلزِلَتْ
أركانُه...والحبّ ما لا يُكْتَمُ
أنتَ اليتيمُ وقد زَرَعْتَ خمائلَ الـ
آمالِ في دربِ الذين تيتَّموا
و أقمتَ في بيدِ الصَّحارى جَنَّةً
فتعانقت فيها البتولُ ومريمُ
وسكبتَ فيضَ مفاخرِ بين الورى
وبنيتَ صرحَ مكارمٍ لا يُهدَمُ
طُهرٌ ولينُ عريكَةٍ وشجاعةٌ
وسماحةٌ وندىً وأنت الأرحم
طُوْبى لعينٍ سافرتْ نَظَراتُها
في وجْهِ أحمدَ , والبَها يَتَرنَّمُ
حفَّ الصِّحابُ به كبدرِ في الدجى
يزهو , وحولَ البدر تَزهو الأنُجُمُ
وتناثروا ورْداً بكلِّ خَميلةٍ
كي ينشُرُوا دين الهدى ويُعلِّموا
أنا بلبُلٌ أشدو بمدحك سيدي
فعسى حياتي عند روضك تُـخْـتَمُ
هرِمَتْ وشابتْ في الدُّهور قصائدٌ
مدحتْ سواكَ, ومدحُكم لا يَهْرَمُ
قِيثارتي تحدُو بعاطر سيرةٍ
لنبينا , صلُّوا عليه وسلِّموا
شعر : مصطفى قاسم عباس