تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: آداب السفر لشيخنا العزازي (متجدد)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي آداب السفر لشيخنا العزازي (متجدد)

    (1) إخلاص النية في سفره:لما ثبت في الحديثِ عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنَّما الأعمالُ بالنيات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى))[1].
    فإذا صدق الإنسانُ في نيتِه، وأخلص لله في ذلك، كان سفرُه عبادة، حتى لو كان هذا السَّفرُ مباحًا؛ لما ثبت في الحديثِ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: ((إنَّك لن تنفقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ الله إلا أُجرتَ عليها))[2].
    فقوله: ((تبتغي بها وجه الله))؛ أي: يكون مقصودُك بذلك وجهَ الله.
    وعندما يصحح العبدُ نيتَه، فإنَّ الله يكتب له في سفرِه أجر أعمالِه الصَّالحة التي كان يقومُ بها في إقامتِه؛ فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا مرض العبدُ أو سافر كُتب له ما كان يعملُه مقيمًا صحيحًا))[3].
    وعلى هذا، فينبغي للعبدِ أن يكونَ سفرُه إمَّا لواجبٍ؛ كحجٍّ أو جهادٍ أو طلبِ علم أو إصلاح نفس، أو نحو ذلك، أو لأمرٍ مستحب؛ كزيارةِ أخ له في الله، وإمَّا هروبًا من كفرٍ أو بدعة أو نحو ذلك، وإمَّا لسفرٍ مباح يقصد به إجمامَ النفس وتنشيطها لطاعة الله - عز وجل - لا لمجردِ التلذذ بالمباح فحسب.
    ولا يحلُّ له السَّفر إلى بلادٍ يظهر فيها الفجورُ؛ كسفرِه إلى بلادِ الكفر، والسَّفرِ إلى تجمعاتِ المعاصي والدِّياثة والعُرْيِ، وقد ثبت في الحديثِ قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا بريءٌ من كلِّ مسلم يقيمُ بين أظهرِ المشركين))[4].
    ولا يحلُّ له السَّفر من أجلِ شراء أشياء محرَّمة، أو الاتجار فيها؛ فإنَّ سفره هذا يكون في معصيةِ الله، ويكون به آثمًا عند الله.
    (2) الاستشارة:يُستحبُّ لمن أراد سفرًا أن يشاورَ من يثقُ بدينه وخبرته في هذا السَّفر؛ قال - تعالى -: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران : 159].
    وقد تظاهرت الأحاديثُ الصحيحة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشاورُ أصحابَه، وكانوا يشاورونه في أمورِهم.
    والواجبُ على من طُلب منه النصيحة أن يبذلَها له، بعيدًا عن الهوى وحظوظِ النفس؛ لما ثبت في الحديثِ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((حقُّ المسلمِ على المسلم خمس))، وذكر فيها: ((وإذا استنصحك فانصحْ لَه))[5].
    وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((المستشار مؤتَمَن))[6].
    ملاحظات:(أ) هل يقدِّمُ الاستخارةَ على المشورةِ أو العكس؟قال الشيخ ابنُ عثيمين - رحمه الله -: "والصحيحُ أنَّ المقدَّمَ الاستخارة لقولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ، فليصلِّ ركعتين)) إلى آخره"[7].
    (ب) يشترط فيمن تستشيرُه شرطان:الأول: أن يكونَ ذا رأيٍ وخبرةٍ في الأمور، وله في ذلك تجرِبة.
    الثاني: أن يكون صالحًا في دينِه، فلا تستشرْ أهلَ الفسقِ والفجور والمجون؛ لأنَّ هؤلاء يوقعونك في المهالك والمعاطب والمفاسد، ولا ينصحونك لدينك، بل وربَّما حسدوك إذا كان فيما تستشيرُهم فيه مصلحةٌ لك، فيغشون لك في النصح، والله أعلم.
    (3) الاستخارة:من السنَّةِ للمسافرِ أن يستخيرَ الله - تعالى - فيصلي ركعتين من غيرِ الفريضةِ، ثم يدعو بدعاء الاستخارة.
    فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلِّمُنا الاستخارةَ في الأمور كلِّها كما يعلمنا السورةَ من القرآن، يقول: ((إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركع ركعتين من غيرِ الفريضة، ثم ليقل: اللهمَّ إني أستخيرُك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلِك العظيم، فإنَّك تقدرُ ولا أقدر، وتعلمُ ولا أعلم، وأنت علاَّم الغيوب، اللهمَّ إن كنتَ تعلم أنَّ هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال عاجل أمري وآجله - فاقدرْه لي ويسِّره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلمُ أنَّ هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاصرفه عنِّي، واصرفني عنه، واقدرْ لي الخيرَ حيث كان، ثم رضِّني به - ويسمِّي حاجته))[8].
    ويُلاحظ في ذلك أمور:(أ) الاستخارة تكون في الأمورِ الاختيارية للعبد؛ أعني في الأمورِ المباحة، وأمَّا الأمور الواجبة والمستحبة، فليس فيها استخارة؛ لأنَّها كلَّها خير، وعليه أن يأتي بها، إمَّا وجوبًا وإما استحبابًا، وكذلك الأمور المحرمة والمكروهة ليس فيها استخارة؛ لأنَّها كلَّها شر، وعليه الانصرافُ عنها؛ لأنَّ التلبس بها إمَّا محرمٌ أو مكروه.
    (ب) لا يحتقر العبدُ أمرَ الاستخارةِ مهما صغُر الأمر، فرب أمرٍ يستخفُّ به العبدُ يكون في الإقدامِ عليه ضررٌ عظيم، فتأمل قولَه في الحديث: ((يعلمنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها كما يعلمنا السورةَ من القرآن))، مما يدلُّ على تأكيدِ الاهتمام.
    (جـ) تكون الاستخارةُ بعد صلاةِ ركعتين من غيرِ الفريضة، كما هو ثابتٌ في الحديث، وعلى هذا فلا يقعُ دعاءُ الاستخارةِ بعد الفريضةِ موقعَه، ولا يكون أتى بالاستخارةِ المشروعة.

    [1] البخاري (2)، ومسلم (1907)، وأبو داود (2201)، والترمذي (1647)، والنسائي (1/58).

    [2] البخاري (1295)، ومسلم (1628)، وأبو داود (2864)، والترمذي (975).

    [3] البخاري (2996)، وأبو داود (3091).

    [4] أبو داود (2645)، والترمذي (1604).

    [5] البخاري (1240)، ومسلم (2162)، وأبو داود (5030)، وابن ماجه (1435).

    [6] صحيح: أبو داود (5128)، والترمذي (2369).

    [7] شرح رياض الصالحين (2/588).

    [8] البخاري (1162) (6386)، وأبو داود (1538)، والترمذي (480)، والنسائي (6/80)، وابن ماجه (1383).



    يتبع إن شاء الله
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    ولكن هل تصحُّ الاستخارةُ مع نافلةٍ أخرى كسنةِ الظُّهرِ مثلاً؟قال النووي - رحمه الله -: "قال العلماء: تستحبُّ الاستخارةُ بالصلاة والدعاء المذكور، وتكون الصلاةُ ركعتين من النَّافلة، والظَّاهرُ أنَّها تحصل بركعتين من السننِ الرواتب، وبتحيةِ المسجد، وغيرها من النَّوافل"[9]، ووافقه على ذلك ابنُ حجرٍ شريطة أن ينوي الاستخارةَ مع النَّافلة، وأمَّا إذا لم ينوِ لم تجزئ[10].
    (د) هل يقدمُ الاستخارةَ على المشورةِ أو العكس؟قال الشيخُ ابن عثيمين - رحمه الله -: "والصحيح أنَّ المقدَّمَ الاستخارة، فقدِّم أولاً الاستخارةَ؛ لقولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليصلِّ ركعتين)).
    (هـ) الظاهر من قولِه: ((ثم ليقل)) أنَّ دعاءَ الاستخارةِ يكون بعد الصَّلاة؛ أي: بعد السلام.
    قال الحافظُ ابن حجر - رحمه الله -:"ثم هو ظاهرٌ في تأخيرِ الدعاء عن الصَّلاة، فلو دعا أثناء الصَّلاةِ احتمل الإجزاء"[11].
    (و) ماذا يفعل المستخيرُ بعدَ الاستخارة؟هناك قولان للعلماء:القول الأول: قالوا: يفعل ما تيسَّر له؛ أي: إنه يأخذُ بالأسبابِ، ويسير في أمرِه، وعليه أن يرضى بما انتهى أمرُه على أي حال.
    قال ابن عبدالسلام - رحمه الله -: "يفعل ما اتفق"؛ أي: من الأسباب.
    قال ابنُ حجرٍ - رحمه الله -:"ويستدلُّ له بقولِه في بعض طرق حديث ابن مسعودٍ في آخره: ((ثم يعزم))، وأول الحديثِ: ((إذا أراد أحدكم أمرًا فليقل))"[12].
    القول الثاني: قالوا: يفعلُ ما ينشرح له صدرُه بعد الاستخارة؛ قال النووي - رحمه الله -: "وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرحُ له صدرُه، والله أعلم"[13].
    قال الشوكاني:"فلا ينبغي أن يعتمدَ على انشراحٍ كان له فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمتسخيرِ ترك اختيارِه رأسًا، وإلا فلا يكون مستخيرًا لله، بل يكونُ مستخيرًا لهواه، وقد يكونُ صادقًا في طلبِ الخِيرة، وفي التبرؤ من العلمِ والقدرة وإثابتهما لله - تعالى - فإنْ صدق في ذلك تبرأ من الحولِ والقوة، ومن اختيارِه لنفسِه"[14].
    قلت: والرأي الأول هو الأرجحُ عندي، فإنَّ المؤمنَ مشروع له الأخذ بالأسباب مع توكلِه على الله؛ فالاستخارة فيها معنى التوكلِ على الله، ثم عليه أن يأخذَ بالأسباب، وذلك كما وردَ في حديثِ أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((احرص على ما ينفعُك، واستعن بالله، ولا تعجِز))[15]، فجمع بين الأمرين: الاستعانة بالله، والحرص على ما ينفعُ مع عدمِ العجز، فهذا الحديثُ تفسير واضح لمعنى الاستخارة، والله أعلم.
    وأمَّا ما ورد في حديثِ أنس - رضي الله عنه -: ((إذا هممتَ بأمرٍ فاستخرِ الله سبعًا، ثم انظر إلى الذي يسبقُ قلبك؛ فإنَّ الخيرَ فيه))، فإنه حديث ضعيف جدًّا.
    قال الحافظ:"فهذا لو ثبتَ لكان هو المعتَمدَ، لكنَّ سندَه واهٍ جدًّا"[16].
    (ر) يعتقدُ كثيرٌ من الناس أنه لا بدَّ للمستخيرِ أن يرى رؤيا يتبين من خلالِها اختيار العمل أو الانصراف عنه، وهذا الاعتقادُ باطل، بل المشروع أن يستخيرَ وأن يمضي لحاجته آخذًا بالأسبابِ متوكلاً على الله، وليحرصْ على ما ينفعُه، فإن قُضي الأمرُ فذاك، وإن لم يُقْضَ وصُرف عنه فلا يجزع وليَرْضَ، وليسلِّم لقدر الله؛ فالاستخارةُ أولها توكلٌ، وآخرها استسلامٌ ورضا، ويفسر هذا ما ورد في حديثِ أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن أصابه شيءٌ فلا يقل: لو أني فعلتُ كذا لكان كذا وكذا، ولكن ليقل: قدَر الله وما شَاءَ فعل))[17].
    وعلى هذا فلا يشترط أن يرى رؤيا، لكن إن رأى رؤيا، فتلك من المبشِّرات، وإلا فلا يلزمُ انتظارُ الرُّؤيا.
    (جـ) بِناءً على ما تقدَّمَ، فإنَّ الاستخارةَ يقومُ بها صاحب الأمر متوكلاً على الله؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركع ركعتين...)) إلخ، وأمَّا ما يفعلُه البعضُ بأنْ يذهبَ إلى آخر يعتقدُ فيه الصَّلاحَ، فيطلب منه أن يستخيرَ له، فهو عملٌ باطل لا دليلَ عليه، بل هو مخالفٌ للحديث، فالاستخارةُ توكلٌ على الله، ولا يتصورُ أن يتوكلَ أحدٌ على الله نيابةً عن آخر، ولعلَّ ذلك بسببِ سوء فَهمهم أنه لا بدَّ من رؤيا وهو كلامٌ غير صحيحٍ كما سبق.(ي) هل يشرع تَكرار الاستخارة؟لم يأتِ في الحديثِ ما يدلُّ على تَكرارِ الاستخارة، وأمَّا حديثُ أنس - رضي الله عنه - السَّابق بأن يكرِّرَ الاستخارة سبعًا، فإنه حديثٌ ضعيف كما تقدَّم.
    ولكن قد يُقال: إنه يشرع تكرار الاستخارةِ ثلاثَ مراتٍ إذا لم يتبين له أمرٌ من بابِ الإلحاح في الدُّعاء، فإنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "كان إذا دعا دعا ثلاثًا"[18].
    قال الشيخُ ابن عثيمين - رحمه الله -:"وإنما قلنا: يستخيرُ ثلاث مرات؛ لأنَّ من عادةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه إذا دعا دعا ثلاثًا، والاستخارة دعاء"[19].
    (ك) الرَّاجحُ أنه لا يجوزُ أن يزيدَ على دعاءِ الاستخارة بعد الركعتين، بل يكتفي به؛ لأنَّ العبادات توقيفيةٌ، فلا يشرعُ الزيادة فيها، ومما يؤيدُ هذا قولُه في الحديث: "كان يعلِّمُنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها كما يعلِّمُنا السورةَ من القرآن"، فالتشبيه هنا يؤكد التحفظ في حروفِه، وترتيب كلماته، ومن الزيادةِ والنقصان منه.
    واختلف العلماءُ:هل يُشرعُ استفتاحُ دعاءِ الاستخارة بالثناء على الله - عز وجل - والصَّلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعضُ العلماءِ أجازه، ومنعه آخرون، والأظهرُ المنع؛ لأنَّ العبادات توقيفية، فلا يشرع فيها شيءٌ إلا بدليل، ولأنَّ قوله: "كما يعلِّمُنا السورةَ من القرآن" يظهرُ منه عدم الزيادةِ، والله أعلم.(ل) هل يكتفي بالدُّعاء دون الصلاة؟ظاهرُ الحديث أنَّه لا بدَّ من صلاة الركعتين، وعلى هذا فإنَّه لو اكتفى بالدُّعاءِ فإنَّه لم يأتِ بالاستخارة المشروعة، ولكنَّه دعا دعاء مستقلاًّ، ولا يقال: إنه استخار، وأمَّا ما وردَ في الحديثِ عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أمرًا قال: ((اللهم خِرْ لي واختر لي))[20]، فإنه حديثٌ ضعيف؛ رواه الترمذي.(4)
    يتبع إن شاء الله
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    من الآداب: عدم التطير والتشاؤم، وتحريم الذهاب إلى السحرة [21]:عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا عدْوى ولا طِيَرَة))؛ متفق عليه[22].
    ومعنى قوله: ((لا عدوى))؛ أي: على الوجهِ الذي يعتقدُه أهلُ الجاهليةِ من إضافةِ الفعل لغيرِ الله[23]، واعتقادهم أنَّ هذه الأمور تُعدي بطبعِها، فنفى النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الاعتقاد، لكن قد يجعلُ الله مخالطةَ الصَّحيحِ للمريضِ سببًا لحدوث المرض للصَّحيح؛ ولذلك ورد في الحديث: ((فِرَّ من المجذومِ فرارَك من الأسد))[24].
    وقال: ((لا يورد مُمْرِض على مُصِح))[25].
    وقوله: ((لا طِيَرَة))؛ أي: لا تشاؤم، والمقصودُ: إبطال ما كان عليه أهلُ الجاهلية، فقد كان التشاؤم سائدًا عند العربِ، فكان الرجلُ إذا أراد سفرًا فعرض له غرابٌ ينعِقُ - تشاءَمَ ورجعَ عن سفرِه، وإذا طار أمامَه طائرٌ، فأخذ جهة اليسار تشاءَم وترك السَّفر، فإن طارَ جهة اليمينِ تفاءل.
    وكانوا يستقسمون بالأزلام؛ وهي عبارةٌ عن ثلاثةِ أقداح مكتوب على أحدِها: "افعل"، وعلى الآخر "لا تفعل"، والثالث ليس عليه شيء، فإذا استسقم وخرج السَّهم: "افعل" فعل، وإن خرج: "لا تفعل" لم يفعل، وإذا كان الثَّالث أعادَ الاستقسام مرَّةً أُخرَى.
    وربما ذهَبَ بعضُهم إلى ساحرٍ أو كاهن؛ ليشيرَ عليه في سفره أو موعد خروجِه ونحو ذلك، وقد أبطل الله - عز وجل - كلَّ هذه الشِّركيات، وهدانا إلى الاستخارةِ التي تحملُ معنى التوكلِ على الله وحده، والحمدُ لله على نعمةِ الإسلام.كذب المنجمون ولو صدقوا:جاء أحدُ المنجمين إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعندما أراد أن يسيرَ لقتالِ الخوارج، قال له: يا أميرَ المؤمنين، لا تسافر؛ فإنَّ القمرَ في العقرب، فإنَّك إذا سافرتَ في العقربِ، هُزم أصحابُك، فقال علي - رضي الله عنه -: "بل نسافرُ ثقةً بالله وتوكلاً عليه، وتكذيبًا لك"، فسافر فبُورك له في ذلك السَّفر، حتى قتل عامَّة الخوارج، وكان ذلك من أعظمِ ما سُرَّ به - رضي الله عنه[26].
    وحينما صرخت امرأةُ مسلم، وهي أسيرة في أيدي الرُّوم، صرخت مستنجدة بالخليفةِ المعتصم - رحمه الله - فقال: "لبيك"، وحلف أن يجيشَ جيشًا يكون أوله عند ملكِ الرُّوم، وآخره في بغداد، فقام أصحابُ الخرافاتِ والشَّعوذة والتنجيم وقالوا: إنَّ المعتصمَ لن يستطيعَ فتحَ عموريَّة، ولن ينتصرَ إلا في وقتِ نضوج التِّين والعنب، فضرب بقولِهم عُرضَ الحائط، وجيَّشَ الجيوش، وخرج بها فنصرَهُ الله نصرًا عظيمًا، وفتحت عمورية، والحمد لله، وأبطلَ الله قولَ المنجمين، وصدق القائل: "كذب المنجمون ولو صدقوا".








    [9] الأذكار؛ للنووي (1/277).



    [10] فتح الباري (11/184).

    [11] فتح الباري (11/186).

    [12] فتح الباري (11/187).

    [13] الأذكار (1/277).

    [14] انظر نيل الأوطار (3/87).

    [15] مسلم (2664)، وابن ماجه (79)، والنسائي في الكبرى (10457).

    [16] فتح الباري (11/187)، وضعَّفه النووي في الأذكار.

    [17] مسلم (2664)، وأبو داود (79)، والنسائي في الكبرى (10457).

    [18] مسلم (1794).

    [19] شرح رياض الصالحين (2/588).

    [20] ضعيف: الترمذي (3516)، وضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (1515).

    [21] انظر: أنيس المسافر؛ لناصر بن مسفر الزهراني.

    [22] البخاري (5757)، ومسلم (2220).

    [23] وحمل بعضُهم الحديث على أن "لا " للنهي، وليست للنفي، ويكون المعنى: لا يعدي بعضكم بعضًا، وعلى هذا المعنى فيكون الحديث مثبتًا للعدوى.

    [24] البخاري (5757).

    [25] مسلم (2221)، وأحمد (2/406).

    [26] انظر: القرطبي (19/28)، والفتاوى الكبرى؛ لابن تيمية (1/57).






    يتبع إن شاء الله
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    بارك الله فيكم وفي الشيخ عادل
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي



    (5) التوبة والتحلل من المظالم:

    قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58].
    ينبغي للمسافرِ أن يبدأ بالتوبةِ من جميعِ المعاصي والمكروهات، ويخرجَ من مظالم الخلق، ويقضي ديونَه، ويردَّ الودائع، ويستحلَّ كلَّ من كان بينه وبينه معاملةٌ في شيء أو مصاحبة؛ أي: يطلب المسامحة من النَّاس.
    ويكتب وصيتَه، ويُشهدُ عليها، وإذا لم يتمكَّن من قضاءِ جميع ديونِه، فيوكل من يقضي عنه؛ قال الخطابي - رحمه الله -: "ولا يخرجُ إلى الغزوِ إلا بإذن الغُرَماء إذا كان عليه لهم دَيْن عاجل، كما لا يخرجُ إلى الحجِّ إلا بإذنهم، فإن تعيَّن عليه فرضُ الجهادِ، لم يعرج على الإذن"[1].


    ويترك النفقةَ لأهله ومَن تلزمه نفقته عليهم إلى حينِ رجوعه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كفى بالمرءِ إثمًا أن يحبسَ عمن يملك قوتَه))، وفي رواية: ((كفى بالمرءِ إثمًا أن يضيعَ مَن يقوت))[2].
    (6) إرضاء والديه:ينبغي عليه أن يرضي والديه؛ فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: ((الصَّلاةُ على وقتِها))، قلت: ثم أي؟ قال: ((برُّ الوالدين))، قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهادُ في سبيلِ الله))[3].
    وعن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: جاء رجلٌ إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهادِ، فقال: ((أحيٌّ والداك؟))، قال: نعم، قال: ((ففيهما فجاهِدْ))[4].
    وعنه - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: جئتُ أبايعك على الهجرةِ، وتركتُ أبويَّ يبكيان، فقال: ((ارجع إليهما فأضحِكْهما كما أبكيتَهما))[5].
    وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً من أهلِ اليمن هاجر إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((هل لك أحدٌ باليمن))، قال: أبواي، قال: ((قد أَذِنَا لك؟))، قال: لا، قال: ((فارجع إليهما فاستأذنهما، فإنْ أذِنَا لك فجاهد، وإلا فبرَّهما))[6].
    وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((رغِمَ أنفُه، ثم رغم أنفُه، ثم رغم أنفه))، قيل: مَن يا رسولَ الله؟ قال: ((من أدرك والديه عند الكِبَرِ أو أحدهما ثم لم يدخل الجنَّة))[7].
    قُلتُ: وإرضاء الأبوين من حُسنِ الصُّحبة، وهم أحقُّ النَّاس بحسنِ الصحبة؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله، من أحقُّ النَّاسِ بحسن صحبتي؟ قال: ((أمُّك))، قال: ثم من؟ قال: ((أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((أمُّك))، قال: ثم من؟ قال: ((أبوك))[8].
    وورد في "طبقات الشَّافعية": لا يجوزُ للولدِ السَّفر في تعلُّمِ ما هو من فرضِ كفاية، ولا في تجارةٍ إذا منعه أحدُ الوالدين.
    وأمَّا إذا كان سفرُه للجهادِ، ففيه تفصيلٌ بيَّنه الإمامُ الخطابي - رحمه الله - فقال: "الجهادُ إذا كان الخارجُ فيه متطوعًا، فإنَّ ذلك لا يجوزُ إلا بإذنِ الوالدين، فأمَّا إذا تعين عليه فرضُ الجهادِ، فلا حاجةَ به إلى إذنِهما، وإن منعاه من الخروجِ، عصاهما وخرجَ في الجهاد، وهذا إذا كانا مسلمَيْنِ، فإن كانا كافرين فلا سبيلَ لهما إلى منعِه من الجهاد فرضًا كان أو نفلاً، وطاعتهما حينئذ معصيةٌ لله، ومعونة للكفَّار، وإنما عليه أن يبرَّهما ويطيعَهما فيما ليس بمعصية"[9].

    إياك وعقوق الوالدين:
    فالعاق لا ينظرُ الله إليه؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "ثلاثة لا ينظرُ الله إليهم يوم القيامة؛ العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنَّان"[10].

    والعاق حرَّمه الله على الجنَّة؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثةٌ لا يدخلون الجنَّة: العاقُّ لوالديه، والدَّيوث، والرَّجُلة))[11].
    ومعنى ((الديُّوث)): الذي يقرُّ أهلَه على الزِّنا.و((الرَّجُلة)): هي المترجِّلة المتشبهة بالرِّجال.
    وعقوق الوالدين يحولُ بين العبدِ وبين الدرجاتِ العالية:
    عن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أرأيتَ إن شهدتُ أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليتُ الخمس، وأدَّيتُ زكاةَ مالي، وصمتُ رمضانَ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من مات على هذا كان مع النَّبيين والصِّديقين والشُّهداءِ والصَّالحين يوم القيامة هكذا - ونصب أصبعيه - ما لم يعقَّ والديه))[12].

    [1] معالم السنن (2/38 - هامش أبي داود).

    [2] مسلم (996)، وأبو داود (1692)، واللفظ له.

    [3] البخاري (2782) (527)، ومسلم (85)، والترمذي (173)، (1898).

    [4] البخاري (3004)، ومسلم (2549)، وأبو داود (2529)، والترمذي (1671)، والنسائي (6/10).

    [5] صحيح: رواه أبو داود (2528)، والنسائي (7/143)، وابن ماجه (2782).

    [6] رواه أبو داود (2530)، وأحمد (3/75)، وقال الألباني: صحيح، انظر صحيح الجامع (892).

    [7] مسلم (2551)، والترمذي (3545).

    [8] البخاري (5971)، ومسلم (2548).

    [9] معالم السنن (2/38 - هامش سنن أبي داود).

    [10] رواه النسائي (5/80)، والبيهقي في السنن (8/288)، والحاكم (2/43)، وقال: صحيح الإسناد، وابن حبان (7340) في صحيحه، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح؛ انظر الصحيحة (674).

    [11] هو تتمة الحديث السابق.

    [12] رواه أحمد في زوائد السنن (2/243)، غاية المقصد في زوائد المسند للهيثمي، والطبراني في مسند الشاميين رقم (2939)، وابن حبان (3438)، وابن خزيمة (2212)، وقال الألباني: صحيح؛ انظر صحيح الترغيب (2515).


    يتبع إن شاء الله:

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    قصة عجيبة:

    تأمَّل هذه القصةَ العجيبة التي أوردها الحافظُ المنذري في كتابِه "الترغيب والترهيب" وعلَّق الألباني - رحمه الله - على الإسنادِ بأنه: حسن[13]: عن العوام بن حوشب قال: "نزلتُ مرة حيًّا وإلى جانبِ ذلك الحي مقبرة، فلمَّا كان بعد العصرِ انشقَّ فيها قبرٌ، فخرج رجلٌ رأسُه رأس حمار، وجسده جسد إنسان، فنهق ثلاث نهقات، ثم انطبقَ عليه القبر، فإذا عجوزٌ تغزل شعرًا أو صوفًا، فقالت امرأة: ترى تلك العجوز؟ قلت: ما لها؟ قالتْ: تلك أمُّ هذا، قلتُ:
    وما كان قصتُه؟
    قالت: كان يشربُ الخمر، فإذا راح تقولُ له أمُّه: يا بني، اتق الله، إلى متى تشربُ الخمر؟! فيقول لها: إنما أنتِ تنهقين كما ينهقُ الحمار، قالت: فمات بعد العصرِ، قالت: فهو ينشقُّ عنه القبرُ بعد العصر كلَّ يوم فينهق ثلاث نهقات، ثم ينطبقُ عليه القبر"؛ قال المنذري - رحمه الله -: رواه الأصبهاني وغيره، حدَّث به أبو العباس الأصم إملاءً بنيسابور بمشهدٍ من الحفَّاظِ، فلم ينكروه.
    (7) ولتكن نفقته من حلال:

    قال النووي - رحمه الله -: "إذا سافر لحجٍّ أو غزو أو غيرِهما، فينبغي أن يحرصَ أن تكون نفقتُه حلالاً خالصة من الشُّبهة، فإن خالفَ وحجَّ أو غزا بمالٍ مغصوب عصى، وصحَّ حجه وغزوه في الظَّاهر، لكنَّه ليس حجًّا مبرورًا"[14].

    ومعنى هذا أنه قد أبرأ ذمتَه بأداءِ الفرض، لكن أين القَبول،
    وهل ينفعُه حجُّه إذا لم يكن مبرورًا؟

    لقد كان السَّلف يحرصون على قَبولِ الأعمال، فهذه هي الغايةُ المطلوبة لنيلِ الثَّواب، وهل يليقُ بالعاقلِ أن يحرصَ على إصلاحِ هيئته، حتى إنه ليسعى في إصلاحِ نعله، ثم لا يسعى في إصلاحِ عملِه وقلبه؟!
    قال عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما -: "لو أعلمُ أنَّ الله تقبَّل مني سجدةً واحدة، لكان أحب غائب أنتظرُه الموت؛ لأنَّ الله يقول: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]".
    واعلم - أخي الحبيب - أنَّ كلامَ النووي السابق لا يعني إباحته للنفقةِ الحرام في غير الغزو والحج، ولكن المقصود مزيد الاعتناء والاهتمام بأمورِ العبادة.
    وقد ثبت في الحديثِ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفر؛ أشعثَ أغبر يمدُّ يديه إلى السَّماءِ: يا رب يا رب، وملبسُه حرام، ومطعمه حرام، وغُذِي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك))[15].


    [13] انظر صحيح الترهيب والترغيب (2/665)، رقم (2517).

    [14] المجموع (4/385).

    [15] مسلم (1015)، والترمذي (2989)، وأحمد (2/328).




    يتبع إن شاء الله
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •