أخرج الإمام مسلم في «صحيحه»، في «كتاب الصلاة» (471): حديث البراء رضي الله عنه: «رمقتُ الصلاةَ مع محمد صلى الله عليه وسلم، فوجدتُ قيامه، فركعته، فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته ما بين التسليم والانصراف؛ قريبًا من السواء».
توجد كلمة في هذا الحديث اختلف في إثباتها أو عدمه في آخره، ليكون اللفظ: «فوجدتُ قيامه، فركعته، فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته، وجلسته ما بين التسليم والانصراف؛ قريبًا من السواء».
ولم تذكر هذه الكلمة في الحديث في «الطبعة السلطانية» (2/ 44- 45)، ولم يذكرها الحميدي في «الجمع بين الصحيحين» (1/ 519)، والقاضي عياض في «إكمال المعلم» (2/ 386)، والقرطبي في «المفهم» (2/ 80-81)، والنووي في «شرحه» (4/ 188).
ولم تذكرها طبعة دار التأصيل (2/214) (463)- لكنها مثبتة في الهامش كزيادة في بعض النسخ- وطبعات أخرى لـ«صحيح مسلم»، ولم يذكرها الألباني في طبعته لـ«مختصر صحيح مسلم» للمنذري (ص93).
وإذا قلنا بسقوطها، فالدليل الآتي:
1- أنها مثبتة في نسخة لـ«صحيح مسلم» اطلع عليها الشيخ أحمد شاكر رحمه الله.
2- ولعله يقصد نسخة ابن خير- وهي نسخة جيدة- فهي مثبتة فيها، ورقة (73)، وهي مرفقة، أو نسخة مكتبة الإسكوريال، كما في التعليق على «صحيح مسلم»، طبعة دار التأصيل (2/214).
3- أنها ثابتة في ثلاث نسخ لـ«مختصر صحيح مسلم» للمنذري (328)، ومنها نسخة مقروءة على المنذري، وعليها خطه، وهي مرفقة.
4- أنها ثابتة في «الجمع بين الصحيحين» للإشبيلي (1/324) (654) دون خلاف بين نسخه.
5- أخرج هذا الحديث ابن حزم في (4/78، 170) من طريق الإمام مسلم، وذكرها في الموضعين.
6- قال أحمد شاكر في تحقيقه لـ«المحلى»: «كلمة: «وجلسته» هذه سقطت من «صحيح مسلم» المطبوع في بولاق (1/136)، والمطبوع في الأستانة (2/44- 45)، وإثباتها هو الصواب، وهي ثابتة في نسخة مخطوطة صحيحة من مسلم، وأيدها ثبوتها في الأصلين هنا».
وقال في الموضع الآخر: «إثبات كلمة «وجلسته» هو الصواب، كما حققنا في المسألة (452) السابقة في هذا الجزء، وتأيد أيضًا بإثباتها هنا، فالحمد لله».
7- أخرج الحديث البيهقي (2/123) بدونها، ثم أخرجه من طريق الإمام مسلم بإثباتها، وقال: «وكأن ذكر إحدى الجلستين سقط من روايتنا».
على أن ذكر القيام هنا قد عدَّه بعض العلماء من الأوهام. ينظر «إكمال المعلم» (2/386- 387)، و«المفهم» (2/ 80- 81)، و«فتح الباري» (2/ 288).
وهل يكون ذكر الجلوس أيضًا خطأ؛ لرواية «الصحيحين» لهذا الحديث: «كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع رأسه من الركوع- ما خلا القيام والقعود- قريبًا من السواء»؟ ينظر: «صحيح البخاري» (792، 801، 820)، و«صحيح مسلم» (471/ 194).
وهو ما علَّل به مَن قال بتوهيم ذكر القيام، والله أعلم.