تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تفصيل قيم لمسألة القضاء والقدر للعلامة ابن القيم رحمه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي تفصيل قيم لمسألة القضاء والقدر للعلامة ابن القيم رحمه الله

    قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
    ((وَقَدْ أَجْمَعَ الْعَارِفُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ خَيْرٍ فَأَصْلُهُ بِتَوْفِيقِ اللهِ لِلْعَبْدِ، وَكُلَّ شَرٍّ فَأَصْلُهُ خِذْلَانُهُ لِعَبْدِهِ.
    وَأَجْمَعُوا أَنَّ التَّوْفِيقَ: أَنْ لَا يَكِلَكَ اللهُ نَفْسَكَ، وَأَنَّ الْخِذْلَانَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ.
    فَإِذَا كَانَ كُلُّ خَيْرٍ فَأَصْلُهُ التَّوْفِيقَ - وَهُوَ بِيَدِ اللهِ لَا بِيَدِ الْعَبْدِ – فَمِفْتَاحُهُ: الدُّعَاءُ وَالِافْتِقَارُ وَصِدْقُ اللَّجَأِ وَالرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ إِلَيْهِ، فَمَتَى أَعْطَى الْعَبْدَ هَذَا الْمِفْتَاحَ فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ لَهُ، وَمَتَى أَضَلَّهُ عَنِ الْمِفْتَاحِ بَقِيَ بَابُ الْخَيْرِ مُرْتَجًا دُونَهُ.
    قَالَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: "إِنِّي لَا أَحْمِلُ هَمَّ الْإِجَابَةِ؛ وَلَكِنْ هَمَّ الدُّعَاءِ؛ فَإِذَا أُلْهِمْتُ الدُّعَاءَ فَإِنَّ الْإِجَابَةَ مَعَهُ".
    وَعَلَى قَدْرِ نِيَّةِ الْعَبْدِ وَهِمَّتِهِ وَمُرَادِهِ وَرَغْبَتِهِ فِي ذَلِكَ يَكُونُ تَوْفِيقُهُ سُبْحَانَهُ وَإِعَانَتُهُ؛ فَالْمَعُونَةُ مِنَ اللهِ تَنْزِلُ عَلَى الْعِبَادِ عَلَى قَدْرِ هِمَمِهِمْ وَثَبَاتِهِمْ وَرَغْبَتِهِمْ وَرَهْبَتِهِمْ؛ وَالْخِذْلَانُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ.
    فَاللهُ سُبْحَانَهُ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَعْلَمُ الْعَالِمِينَ يَضَعُ التَّوْفِيقَ فِي مَوَاضِعِهِ اللَّائِقَةِ بِهِ، وَالْخِذْلَانَ فِي مَوَاضِعِهِ اللَّائِقَةِ بِهِ، وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَمَا أُتِي مَنْ أُتِي إِلَّا مِنْ قِبَلِ إِضَاعَةِ الشُّكْرِ وَإِهْمَالِ الِافْتِقَارِ وَالدُّعَاءِ، وَلَا ظَفَرَ مَنْ ظَفَرَ بِمَشِيئَةِ اللهِ وَعَوْنِهِ إِلَّا بِقِيَامِهِ بِالشُّكْرِ وَصِدْقِ الِافْتِقَارِ وَالدُّعَاءِ))اه ـ([1]).



    [1])) ((الفوائد)) (141، 142)، طـ دار عالم الفوائد.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ – أَيْضًا - رحمه الله:
    ((فَإِنْ قِيلَ: فَالْمَعْصِيةُ عِنْدَكُمْ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، فَمَا وَجْهُ الْعَدْلِ فِي قَضَائِهَا، فَإِنَّ الْعَدْلَ فِي الْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ؟!
    قِيلَ: هَذَا سُؤَالٌ لَهُ شَأْنٌ، وَمِنْ أَجْلِهِ زَعَمَتْ طَائِفَةٌ أَنَّ الْعَدْلَ هُوَ الْمَقْدُورُ، وَالظُّلْمَ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ؛ قَالُوا: لِأَنَّ الظُّلْمَ هُوَ التَّصَرُّفُ فِي مُلْكِ الْغَيْرِ، وَاللهُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، فَلَا يَكُونُ تَصَرُّفُهُ فِي خَلْقِهِ إِلَّا عَدْلًا.
    وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلِ الْعَدْلُ أَنَّهُ لَا يُعَاقِبُ عَلَى مَا قَضَاهُ وَقَدَّرَهُ؛ فَلَمَّا حَسُنَ مِنْهُ الْعُقُوبَةُ عَلَى الذَّنْبِ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ؛ فَيَكُونُ الْعَدْلُ هُوَ جَزَاؤُهُ عَلَى الذَّنْبِ بِالْعُقُوبَةِ وَالذَّمِّ إِمَّا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا فِي الْآخِرَةِ.
    وَصَعُبَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَدْلِ وَبَيْنَ الْقَدَرِ؛ فَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ أَثْبَتَ الْقَدَرَ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ بِالْعَدْلِ، وَمَنْ قَالَ بِالْعَدْلِ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ بِالْقَدَرِ، كَمَا صَعُبَ عَلَيْهِمُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ؛ فَزَعَمُوا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُمْ إِثْبَاتُ التَّوْحِيدِ إِلَّا بِإِنْكَارِ الصِّفَاتِ؛ فَصَارَ تَوْحِيدُهُمْ تَعْطِيلًا، وَعَدْلُهُمْ تَكْذِيبًا بِالْقَدَرِ.
    وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَهُمْ مُثْبِتُونَ لِلْأَمْرَيْنِ، وَالظُّلْمُ عِنْدَهُمْ هُوَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ؛ كَتَعْذِيبِ الْمُطِيعِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ؛ وَهَذَا قَدْ نَزَّهَ اللهُ نَفْسَهُ عَنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ.
    وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَإِنْ أَضَلَّ مَنْ شَاءَ وَقَضَى بِالْمَعْصِيةِ وَالْغِيِّ عَلَى مَنْ شَاءَ، فَذَلِكَ مَحْضُ الْعَدْلِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَ الْإِضْلَالَ وَالْخِذْلَانَ فِي مَوْضِعِهِ اللَّائِقِ بِهِ؛ كَيْفَ وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى الْعَدْلُ؛ الَّذِي كُلُّ أَفْعَالِهِ وَأَحْكَامِهِ سَدَادٌ وَصَوَابٌ وَحَقٌّ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَوْضَحَ السُّبُلَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ وَأَزَاحَ الْعِلَلَ وَمَكَّنَ مِنْ أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ وَالطَّاعَةِ بِالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ وَالْعُقُولِ؛ وَهَذَا عَدْلُهُ، وَوَفَّقَ مَنْ شَاءَ بِمَزِيدِ عِنَايَةٍ، وَأَرَادَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يُعينَهُ وَيُوَفِّقَهُ؛ فَهَذَا فَضْلُهُ. وَخَذَلَ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِتَوْفِيقِهِ وَفَضْلِهِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ وَلَمْ يُرِدْ سُبْحَانَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يُوَفِّقَهُ، فَقَطَعَ عَنْهُ فَضْلَهُ وَلَمْ يَحْرِمْهُ عَدْلَهُ.
    وَهَذَا نَوْعَانِ:
    أَحَدُهُمَا: مَا يَكُونُ جَزَاءً مِنْهُ لِلْعَبْدِ عَلَى إِعْرَاضِهِ عَنْهُ، وَإِيثَارِ عَدُوِّهِ فِي الطَّاعَةِ وَاْلمُوَافَقَة ِ عَلَيْهِ، وَتَنَاسِي ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ؛ فَهُوَ أَهْلٌ أَنْ يَخْذُلَهُ وَيَتَخَلَّى عَنْهُ.
    وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَشَاءَ لَهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً؛ لِمَا يَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ قَدْرَ نِعْمَةِ الْهِدَايَةِ، وَلَا يَشْكُرُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُثْنِي عَلَيْهِ بِهَا، وَلَا يُحِبُّهُ؛ فَلَا يَشَاؤُهَا لَهُ؛ لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ مَحَلِّهِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ }، وَقَالَ: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسمعهم}))اهـ([1]).



    [1])) ((الفوائد)) (34- 36).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    لا يستغرب الكلام القيم من القيم ابن القيم رحمه الله.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •