الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم
وبعد
فنحمد الله أن بصرنا بصحيح دينه حمداً طيباً مباركا ونسأله سُبحانه أن يتوفنا مسلمين ويُلحقنا بالصالحين ، وهذا ما قاله نبي الله يوسف وقد حكاه الله تبارك وتعالي عنه " رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ " ، فإني قد شاهدت وعاينت من يحصر الموالاة الكُبري في محبة دين الكافرين أو محبة الكافرين أنفُسهم فقط ، وهذا مما لايقبله قلب الموحد ، حتي وصل الحال ببعضهم وقال لو قاتل أحد الناس سنين طوال في صف المُشركين لأجل المال أو الوطن أو العيال أو المنصب ( الدُنيا فقط ) فهو موحد وفعله كبيرة من الكبائر ، ولا أعلم إلي متي سيظل ترقيق الثوابت والأصول ؟ وإلي متي سيظل تمييع الدين ليوافق هوي البعض ؟ وإلي متي سيُتهم أئمة الدين بأن هذا هو منهجهم وعقيدتهم ؟ ، ونحن بفضل الله نضع بين أيدي الأخوة ما يُخالف هذا القول تبياناً للحق وإقامة للحُجة ودفاعاً عن الأئمة الذي نُسب لهم هذا المُعتقد زوراً وبُهتانا ، فنسأل الله التوفيق والتسديد والرشاد كما نسأله سُبحانه أن يكتُب البقاء لما ينفع الناس في أمر آخرتهم ( اللهم آمين ) .
-------------------------------------
قال الشيخ سلميان بن عبد الله آل الشيخ : " اعلم رحمك الله أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفا منهم، ومداراة لهم، ومداهنة لدفع شرهم، فإنه كافر مثلهم، وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ويحب الإسلام والمسلمين، هذا إذا لم يقع منه إلا ذلك، فكيف إذا كان في دار منعة واستدعى بهم ودخل في طاعتهم وأظهر الموافقة على دينهم الباطل وأعانهم عليه بالنصرة والمال ووالاهم وقطع الموالاة بينه وبين المسلمين، وصار من جنود القباب والشرك وأهلها بعد ما كان من جنود الإخلاص والتوحيد وأهله فإن هذا لا يشك مسلم أنه كافر من أشد الناس عداوة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستثنى من ذلك إلا المُكرَه وهو: الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له: اكفر أو افعل كذا وإلا فعلنا بك وقتلناك، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان ، وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلاً أنه يكفر، فكيف بمن أظهر الكفر خوفاً وطمعاً في الدنيا ". الدرر السنية
قُلتُ : ولو سلمنا بوجود المُكره لقتال المُسلمين فيجب قتله وقتاله مع المُشركين وأمره إلي الله ويُبعث علي نيته ولكنه في الظاهر لنا كافر ، يُعامل معاملة الكافرين ، لأن الله لم يستثن من الخسف المُكرهين هذا في الدُنيا أما الآخرة فأمرهم إلي الله وهم علي نياتهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((مجموع الفتاوى)) (19/ 224, 225):
((وَقَدْ يُقَاتِلُونَ وَفِيهِمْ مُؤْمِنٌ يَكْتُمُ إيمَانَهُ يَشْهَدُ الْقِتَالَ مَعَهُمْ وَلَا يُمْكِنُهُ الْهِجْرَةُ وَهُوَ مُكْرَهٌ عَلَى الْقِتَالِ وَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (يَغْزُو جَيْشٌ هَذَا الْبَيْتَ فَبَيْنَمَا هُمْ بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ إذْ خُسِفَ بِهِمْ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِيهِمْ الْمُكْرَهُ قَالَ: يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ), وَهَذَا فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَإِنْ قُتِلَ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِمَا يُحْكَمُ عَلَى الْكُفَّارِ فَاَللَّهُ يَبْعَثُهُ عَلَى نِيَّتِهِ))اهـ.، فانظُر رحمني الله وإياك لقول شيخ الإسلام الذي يُبيح فيه تكفير وقتل من لحق بهم من المُكرهين الذين لا يستطيعون الهجرة ، فكيف بالله عليكم يُأخذ هذا حُكما عاماً ويُسحب علي من قاتل لدُنيا يُصيبها ؟!!!!!!، فالمُستَثْنَي فقط هو المُكره والإكراه له ضابط يضبطه ونعود ونقول يُحكم عليه بحكمهم في الظاهر .