بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذه مناقشةٌ حديثيةٌ مع محدِّثٍ جليلٍ هو الشيخ محمد ناصر الدين الألباني-رحمه الله تعالى-، حيث ذهب إلى تصحيح حديث" النوم أخو الموت، ولا ينام أهل الجنة".
وقد ظهر لي أنَّ في هذا التصحيح نظر، وهذه الدراسة المختصرة ستبين ما ذهبتُ إليه، والله الموفق.
أقول وما توفيقي إلا بالله:
جاء هذا الحديث من رواية صحابيينِ جليلينِ:
أولًا: حديث جابر رضي الله عنه.
ومداره على محمد بن المُنكَدِر ، وقد رواه عنه ثلاثةٌ من الرواة:
الأول: سفيان الثوري.
وقد اختلف عليه على وجهين:
الوجه الأول: سفيان عن محمد بن المُنكَدِر عن جابر مرفوعًا.

رواه جملة من الرواة:
الأول: عبد الله بن المغيرة.
أخرج ذلك العقيلي في الضعفاء(2/406) والطبراني في المعجم الأوسط(8/342) وتمام في الفوائد(1/74)، وابن جُميع في معجم الشيوخ(1/73)، وأبو نُعيم في حلية الأولياء(7/90) وصفة الجنة (1/262) كلهم عن الْمِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ، وأخرجه ابن عدي في الكامل(4/218) عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي، وهما( المقِدام، والبرقي) عن ابن المغيرة به.
الثاني: معاذ بن معاذ العنبري
أخرجه البيهقي في شعب الإيمان(4/183) والآداب(2/439) والبعث(1/452) عن عبد الله بن محمد بن الحسن الشرقي عن عبد الله بن هاشم عن معاذ به.
الثالث: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ
واختلف عليه على وجهين:
الوجه الأول: عن سفيان عن ابن المُنكَدِر عن جابر مرفوعًا
كما أخرجه البزار في مسنده-كشف الأستار(4/193)-قال: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ به.
الوجه الثاني: عن سفيان عن ابن المُنكَدِر مرسلًا.
كما أخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(1/453) قال: حدثنا أبو الحسن، أنبأ عبد الله بن محمد بن الحسن، ثنا محمد بن يحيى، ثنا محمد بن يوسف، عن سفيان، عن محمد بن المُنكَدِر، قال : قال رجل : يا رسول الله ، أينام أهل الجنة ؟ قال : « النوم أخ الموت ، ولا يموت أهل الجنة ».


دراسة الأسانيد والصواب في هذا الاختلاف
إسناد البزار لا بأس به، وأما إسناد البيهقي ففيه عبد الله بن محمد الشرقي، وسأذكر ما وقفت عليه من كلام النقاد حول روايته.
جاء في تاريخ الإسلام في ترجمة ابن الشرقي(7/551): (قال الحاكم: تُوُفّي في ربيع الآخر، وله اثنتان وتسعون سنة، وقد رأيته: شيخ طوال، أسمر، له أُذُنان كأنهما مرَوْحتان، وأصحاب المحابر بين يديه، ولم أرزق السماع منه، وكان أوحد وقته في معرفة الطّبّ، ولم يدع الشرب إلى أن مات، فذلك الّذي نقموا عليه، وكان أخوه لا يرى لهم السماع منه لذلك).
وقال الخليلي في الإرشاد(3/838): (أخو أبي حامد وهو أكبر سنًا منه، سمع عبد الله بن هاشم ومحمد بن يحيى وأبا الأزهر وأقرانهم، ليس بالقوي عندهم مات قبل أخيه بمديدة سمع منه الكبار الذين سمعوا من أخيه، حدثني محمد بن أحمد بن عبدوس عنه عن أبي الأزهر الحديث الذي أنكروه على أبي الأزهر عن عبد الرزاق، لم أر أحدًا ذكره بالشرِّ إلا أنه ليس بمحل أخيه في العلم والديانة).
وقال السمعاني في الأنساب(3/419): ( أخو أبي حامد أحمد بن محمد، وظني أنه إنما قيل له الشرقي لأنه يسكن الجانب الشرقي بنيسابور، وعبد الله هو الأكبر، سمع محمد بن يحيى الذهلي وعبد الله بن هاشم، وعبد الرحمن بن بشر وغيرهم، وروى عنه أبو بكر بن إسحاق، وأبو علي الحافظ، ولد سنة ست وثلاثين ومائتين، وكان متقدما في صناعة الطب، ولم يدع الشرب إلى أن مات، وهو الذي نقموا عليه، وهو في الحديث ثقة مأمون، مات في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة).
هنا أمران:
الأول: أنَّ كلام السمعاني أشار إلى الشراب، وهو غير صريح في الخمر، فلعل ابن الشرقي كان يشرب النبيذ المختلف فيه.
ثانيًا: ظاهر من كلام السمعاني انفكاك الجهة عنده بين مسألة الشرب والرواية عند أبي محمد، فهو أشار إلى مسألة الشرب لكنه لم يرَ هذه المسألة مؤثرةً في الضبط ولذا قال:
( وهو في الحديث ثقة مأمون).
الخلاصة أنَّ ظاهر كلام السمعاني والحاكم ينصرفُ إلى النبيذ المختلف فيه، وبسببه تكلَّم النقاد في ابن الشرقي.
وأما كلام الخليلي فليس فيه إشارة إلى مسألة الشرب، بل ظاهره يتَّجه إلى الضبط والرواية وحسب، مع نفي علمه أنَّ ابن الشرقي ذُكِرَ بشرٍّ.
وجاء في لسان الميزان(4/569): (عبد الله بن محمد بن الشرقي أبو محمد
أخو الحافظ أبي حامد، سماعاته صحيحة من مثل الذهلي وطبقته، ولكن تكلموا فيه لإدمانه شرب المسكر. انتهى.
وقال الحاكم في التاريخ: كان قد اختلف في صباه إلى أيوب الرهاوي طبيب عبد الله بن طاهر فكان لأجل ذلك أوحد أهل نيسابور في وقته في معرفة الطب.
سمعت الحسن بن سابور الطبري الوراق يقول: كنت أقرأ على عبد الله بن الشرقي أحاديث عبد الله بن هاشم فتقدمت امرأة تسأله من عليل فنظر في الدليل فقال: قد قلت غير مرة اسقوا عليلكم هذا الخمر العتيق.
قال: فوضعت الكتاب من يدي وقلت: ألا تستحي حولك أصحاب الحديث تسمع منك حديث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت تأمر بهذا فقال: يا جاهل هذه إنما تسألني عن الطب فأجبتها بما عندي من العلم وهؤلاء يسألوني أن أحدثهم بما سمعت من الحديث فأحدثهم به.
وقد روى عنه أبو علي الحافظ وأبو بكر بن إسحاق وأبو محمد بن سعد وأحمد بن الخضر الشافعي وجماعة، وقال الحاكم: رأيته ولم أسمع منه، مات قبل الثلاثين وثلاثة مِئَة).
والظاهر من كلام الذهبي حيال مسألة الشرب أنه يأتي بالمعنى الذي تم تقريره من كلام السمعاني والحاكم؛ لأنه لو كان يشربُ الخمر لسقطت عدالته ولا كرامة، وأمَّا عن الحادثة التي رواها الحسن بن سابور الوراق، فإني لم أجد له ترجمة، ولم أرَ من تكلَّم فيه جرحًا ولا تعديلًا، كما أنَّ كلام الذهبي يتوافق مع كلام السمعاني من انفكاك الجهة عنده بين رواية ابن الشرقي وسماعه ومسألة شربه، ومع هذا فهو لا يبلغ شأو أخيه أبي حامد، وهو بلا شكٍ دونه بمراتب.
الوجه الراجح عن الفريابي
لا يبعدُ أنَّ الفريابي روى كلا الوجهين، إلا أني أميل إلى أنَّ الإرسال -وهو ما رواه الإمام الذهلي- هو الأخير عنه؛ لأنه هو الذي رواه الحفاظ الأثبات عن الثوري، فوجه الإرسال متابع عليه من الحفاظ الكبار كالقطان، وابن مهدي، ووكيع وغيرهم.
الرابع: الحسين بن حفص
أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان(3/35)حدثنا أبو أسيد قال ثنا النضر قال ثنا الحسين بن حفص به.
الخامس: عبد الله بن حيان.
أخرجه النجيرمي في " الفوائد "-كما في الصحيحة للألباني(3/161)- من طريق عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي حدثنا عبد الله بن
حيان به .
السادس: عبد الله بن جبلة بن أبي رواد.
أخرج ذلك البيهقي في" البعث والنشور"(1/454) قال: حدثنا أبو الحسن العلوي ، وأبو القاسم عبد الواحد ، أنبأ أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي ، ثنا عبد الوهاب الخوارزمي ، ثنا عبد الله بن جبلة بن أبي رواد به.
السابع: الحسين بن الوليد القرشي.
أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية(2/931) عن عبد الله بن محمد بن الحسن الشرقي قال نا فطر بن ابراهيم النيسابوري قال نا الحسين بن الوليد به.
الوجه الثاني: سفيان عن ابن المُنكَدِر مرسلًا.
أخرجه عن ابن المبارك نُعيم بن حمَّاد -زوائد الزهد-(1/79) وعبد الله بن أحمد- في زوائده على الزهد-(1/9) عن جرير الضبي ووكيع، والعقيلي في الضعفاء (2/406) عن قطبة بن العلاء ، وعبيد الله بن موسى، والبيهقي في البعث(1/453) عن قبيصة،كلهم( ابن المبارك، جرير، وكيع، قطبة، عبيد الله، قبيصة بن عقبة، القطان([1])، ابن مهدي([2]) الأشجعي([3])) عن سفيان به.
دراسة الأسانيد:
أولًا: إسناد عبد الله بن المغيرة، لا يصحُّ، قال ابن عدي عن ابن المغيرة:( وسائر أحاديثه عامتها مما لا يتابعُ عليه، ومع ضعفه يكتبُ حديثه).
ثانيًا: إسناد معاذ بن معاذ العنبري، قال البيهقي: هذا الحديث غريب بهذا الإسناد، والإسناد ظاهره الصحة.
ثالثًا: إسناد الفريابي، والراجح عنه وجه الإرسال.
رابعًا: إسناد الحسين بن حفص، وهذا إسنادٌ لا بأس به.
خامسًا: إسناد عبد الله بن حيان، ذكره ابن أي حاتم في الجرح والتعديل(5/41) ولم يحكِ فيه جرحًا ولا تعديلًا.
حيان به .
سادسًا: عبد الله بن جبلة بن أبي رواد.
في إسناده عبد الوهاب الخوارزمي، ولم أعرفه، كما أنَّ عبد الله لم أعرفه أيضًا.
سابعًا: الحسين بن الوليد القرشي.
الراوي عنه لم أعثر له على ترجمة.

بيان الصواب في الاختلاف على الثوري
الخلاصة أنَّ المحفوظ عن الثوري هو الوجه الثاني-المرسل-، وقرائن ترجيح ذلك هي:
أن أثبت الرواة عن سفيان وأصحابه في الطبقة الأولى على ذلك، ****ع ناهيك عن القطان وعبد الرحمن بن مهدي.
أكثر الرواة على هذا.
أنَّ من روى الوجه المرسلَ قد خالف الجادَّة، ومن خالف الجادة أضبط ممَّن سلكها.
2- يحيى بن سعيد الأنصاري
أخرج ذلك الطبراني في المعجم الأوسط(1/282) و ابن عدي في الكامل(6/365) عن عمرو بن محمد الناقد قال حدثنا سليمان بن عبيد الله الرقي قال حدثنا مصعب بن إبراهيم قال حدثنا عمران بن الربيع الكوفي عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن المُنكَدِر عن جابر بن عبد الله قال * سئل نبي الله فقيل يا رسول الله أينام أهل الجنة فقال رسول الله النوم أخو الموت وأهل الجنة لا ينامون.
دراسة الإسناد
هذا الإسناد ساقط، فيه مصعب بن إبراهيم، قال عنه ابن عدي:( وهو مجهول ليس بالمعروف، وأحاديثه عن الثقات ليست بالمحفوظة).
3-نوح بن أبي مريم
أخرج الخطيب البغدادي في الموضح(1/502) وأبو نُعيم في حلية الأولياء(1/106) كلاهما عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم ، عن محمد بن المُنكَدِر به.
دراسة الإسناد
هذا إسناد تالف، فيه ابن أبي مريم، قال عنه البخاري في التاريخ الكبير(8/111): (ذاهب الحديث جدًا).
الثاني: حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه
أخرج أبو نُعيم في صفة الجنة(1/263) قال: حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن أبي حاتم ، ثنا محمد بن أبي الثلج ، ثنا يونس بن محمد ، ثنا أبو عبيدة سعيد بن زربي ، عن ثابت البناني ، عن نفيع بن الحارث ، عن ابن أبي أوفى ، قال : قال رجل : يا رسول الله ، إن النوم مما يقر الله عز وجل أعيننا في الدنيا ، فهل في الجنة نوم ؟ قال : لا ، ألا إن النوم شريك الموت ، وليس في الجنة موت ، قال : فما راحتهم ؟ قال : فأعظم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك وقال : ليس فيها لغوب ، كلُّ أمرهم راحة ، قوله : لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين.
دراسة الإسناد
هذا إسناد ضعيفٌ جدًا، فيه سعيد بن زَربِي قال عنه الحافظ: " منكر الحديث" كما في التقريب(1/235).
الخلاصة
أنَّ هذا الحديث لا يصحُّ مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنَّ الصواب فيه أنه مرسل.
وقفات مع تصحيح العلامة الألباني للحديث:
قال رحمه الله في السلسة الصحيحة(3/74):
((الخامس : الفريابي عن سفيان به أخرجه البزار في " مسنده " ص 318 من زوائده : حدثنا الفضل بن يعقوب حدثنا محمد بن يوسف الفريابي به .
و قال : " لا نعلم أسنده من هذا الطريق إلا سفيان و لا عنه إلا الفريابي" .
قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين و كذا من فوقه ، و لهذا قال الهيثمي في " المجمع " ( 60 / 415 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و البزار و رجال البزار رجال الصحيح " .
قلت : الفضل بن يعقوب هذا هو أبو العباس الرخامي ، و هو ثقة من شيوخ البخاري، و قد ترجم له الخطيب ( 12 / 316 ) و ذكر في شيوخه الفريابي هذا ، فصح الإسناد، و الحمد لله على توفيقه))

وسأقف مع كلام الشيخ هنا وقفتان:
الأولى: سبق أن ذكرتُ أن الفريابي قد اختلف عليه الرواة على وجهين، وذكرتُ أنَّ الوجه المرسل عنه هو الوجه الموافق لرواية الحفاظ الثقات من أصحاب الثوري.
الثاني: لو سلمنا بأن الوجه الموصول هو المحفوظ عن الفريابي فإن هذا مما لا يُفرح به؛ لأنَّ الفريابي متكلمٌ في روايته عن الثوري، قال ابن رجب في شرح العلل(2/170): (قال إسحاق بن هانئ : قلت لأبي عبد الله : أيما أثبت في سفيان الثوري : أبو نعيم أو وكيع ؟ قال : لا يقاس بوكيع، قلت أنا له: في الصلاح لا يقاس بوكيع ، فأيما أصح حديثًا ؟ فقال : أبو نُعيم أصح حديثًا، ثم ابتدأ فذكر الفريابي فقال : ما رأيتُ أكثر خطأ في الثوري من الفريابي.
وقال العجلي قال لي بعض البغدايين : أخطأ الفريابي في خمسين ومائة حديث من حديث سفيان ).
وجاء في تهذيب التهذيب(9/472): (قال ابن أبي خيثمة: سئل ابن معين عن أصحاب الثوري أيهم أثبت؟ فقال: هم خمسة: القطان، ووكيع، وابن المبارك، وابن مهدي، وأبو نُعيم، وأمَّا الفريابي وأبو حذيفة، وقبيصة، وعبيد الله بن أبي موسى، وأبو أحمد الزبيري، وعبد الرزاق، وأبو عاصم، والطبقة فهم كلهم في سفيان بعضهم قريب من بعض وهم ثقات كلهم، دون أولئك في الضبط والمعرفة).
والفريابي هنا مخالفٌ لمن هو أثبت منه في سفيان حيث أرسلوا الخبر.
قال الشيخ:
((فهذه طرق خمس عن سفيان الثوري ليس فيها متهم باستثناء الأولى منها يدل مجموعها على أن للحديث أصلا أصيلا ، لاسيما و الطريق الثانية و الخامسة، إسنادهما في الصحة كما عرفت)).

قد بان أنَّ هؤلاء الرواة لا ينفكُّ الضعف عنهم وعن بعض رواة الطرق إليهم، وهم لا يضارعون مجتمعين رواية وكيع-منفردًا- عن سفيان، فكيف بوكيع والقطان وابن مهدي وغيرهم من الحفاظ الثقات؟
قال الشيخ:
((ب - و أما المرسل فرواته خمسة أيضا :
الأول : عبد الله بن المبارك ، فقال في " الزهد " ( 279 ) : أنبأنا سفيان عن محمد بن المُنكَدِر أنه حدثهم : قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أينام أهل الجنة ؟ فقال : فذكره إلا أنه قال : " و لا يموت أهل الجنة ")).
في ثبوت هذا الطريق عن ابن المبارك نظر، لأنها من رواية نُعيم بن حماد، ونعيم متكلَّم في روايته، ولم أرَ واحدًا من الحفاظ أشار إلى رواية ابن المبارك هذه، فعدُّه مع من أرسلَ الخبر محلُّ نظر.

قال الشيخ:
((هؤلاء الخمسة كلهم ثقات غير قطبة بن العلاء ، و لا شك أن روايتهم المرسلة أقوى من رواية الذين أسندوه ، فلو كان الذي أسنده فردًا لكانت روايتهم تجعلنا نعتقد أنه وهم في إسناده ، أما وهم جمع أيضا ، فلا سبيل إلى توهيمهم ، فالصواب القول بصحته مسندا و مرسلا و لا منافاة بينهما ، فإن الراوي قد ينشط أحيانا فيسنده ، و لا ينشط تارة فيرسله)).
كلام الشيخ بحفظ كلا الوجهينِ يتَّجه لو كان رواة الوجه المرسل والمسند متقاربون في الضبط والإتقان عن الثوري، أما أن يكون الثقات الأثبات المقدمون في الثوري يروون الإرسال، كما أنَّ في روايتهم مخالفة للجادة فهذا يُرجِّح حفظ الإرسال دون المسند عن الثوري.
ولهذا صحَّح جمع من الحفاظ المتقدمين إرسال الخبر، وهم:
أبو حاتم الرازي في علل الحديث(2/219).

العُقيلي في الضعفاء (2/406).

الدارقطني في العلل (13/337).

والله أعلم.



[1] ذكر روايته الدارقطني في العلل(13/337).

[2] أعلاه.

[3] ذكر روايته العُقيلي في الضعفاء(2/406).