دور منزلة المعنى في الوصل والفصل
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في موضوع الوصل والفصل.
أولا :الوصل
الوصل:عطف بعض الجمل على بعض بالواو، ،وتتحكم منزلة المعنى وأهميته في وصل الجمل ، كما في الأمثلة التالية:
قال تعالى:"والله يقبض ويبسط"عطف "يبسط" على "يقبض"،لأن الهدف هو إثبات الخبرين لله تعالى،وإن فصلنا الجملة الثانية عن الأولى صار المعنى وكأننا نتراجع عن الخبر الأول ونريد إثبات الخبر الثاني،مما يحدث اللبس، فالهدف هو الجمع بين الخبرين،وهذا كقولنا:هو ينفع ويضر،فإن فصلنا صارت الثانية هي المثبتة والأولى منفية،ومُتراجع عنها.
وقال تعالى:"وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا"عطف "وبالوالين إحسانا"على "لا تعبدون إلا الله"لأن المتعاطفات أجزاء من الميثاق،وإن لم يعطف انفصلت الجملة الثانية عن (المبني عليه) وهو الميثاق فصارت وكأنها ليست منه.
وإذا سئلت:هل شربت العسل؟،فتقول:لا وسقاني الله منه، فلو أسقطت الواولفهم خلاف المراد،إذ عندها ستتصل "سقاني"مع "لا"وتصبح الجملة الثانية وكأنها دعاء على النفس،لأن "سقاني " صارت مبنية على "لا بحسب الأهمية المعنوية بين أجزاء التركيب.
وهكذا تتحكم منزلة المعنى في وصل الجمل بعضها ببعض.
ثانيا:الفصل
والفصل:أن تذكر الجملة بعد الجملة دون عطف،
وكذلك تتحكم منزلة المعنى وأهميته في فصل الجمل ، كما في الأمثلة التالية:-
*قال تعالى:وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون*الله يستهزئ بهم" لم يعطف "الله يستهزئ بهم" على "إنا معكم"،لأن الجملة الثانية ليست مبنية على الفعل :قالوا،وليس لها به علاقة،فالجملة الثانية ليست من مقول المنافقين، ولو تم العطف لكانت منه ،مما يحدث اللبس.
وقال تعالى:الم*ذلك الكتاب لا ريب فيه* فصل الجملة الثانية "لا ريب فيه" عن الأولى،لأن الثانية توكيد للأولى،والتوكيد لا يحتاج إلى رابط يربطه بالمؤكد بسبب قوة العلاقة المعنوية بينهما،ولوجاء بالواو لصارت الثانية لا علاقة لها بالأولى .
وقال تعالى:أمدكم بما تعلمون.أمدكم بأنعام وبنين*فصل لأن الثانية بدل بعض من كل من الثانية والعلاقة بين البدل والمبدل منه لا تحتاج إلى رابط،ولو جاء بالرابط لما كانت الثانية بدلا بل شيء آخر، ولصار عندنا إمدادان.
وقال تعالى:اتبعوا المرسلين.اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون*فصل لأن الثانية بدل اشتمال من الأولى،والبدل لا يحتاج إلى رابط يربطه بالمبدل منه،ولو جاء بالواو لصارت الثانية شيء آخر، ولصار عندنا متَّبعان.
وقال تعالى:فوسوس إليه الشيطان قال يا اّدم" فصل الثانية عن الأولى لأن الثانية تفسير للوسوسة ،والتفسير له قوة علاقة معنوية مع المفسر ولا يحتاج إلى رابط يربطه معه،ولو جاء بالواو لصارت الوسوسة غير القول.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس.