تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قصة حياة قارىء القرآن الشيخ محمد رفعت

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    1,334

    افتراضي قصة حياة قارىء القرآن الشيخ محمد رفعت

    قصة حياة قارىء القرآن الشيخ محمد رفعت :

    وُلِد محمد رفعت، واسمه مركب، في حي "المغربلين" بالدرب الأحمر بالقاهرة يوم الاثنين (9-5-1882)، وكان والده "محمود رفعت" ضابطًا في البوليس،وترقّى من درجة جندي - آنذاك - حتى وصل إلى رتبة ضابط، وحينها انتقل إلى السكن في منزل آخر في "درب الأغوات"، بشارع "محمد علي"، وكان ابنه "محمد رفعت " مبصرًا حتى سن سنتين، إلا أنه أصيب بمرض كُفّ فيه بصره،وهناك قصة لذلك، فقد قابلته امرأة، وقالت عن الطفل: إنه ابن ملوك - عيناه تقولان ذلك، وفي اليوم التالي استيقظ الابن وهو يصرخ من شدة الألم في عينه،ولم يلبث أن فقد بصره.ووهب "محمود بك" ابنه "محمد رفعت" لخدمة القرآن الكريم، وألحقه بكتاب مسجد فاضل باشا بـ"درب الجماميز"، فأتم حفظ القرآن وتجويده قبل العاشرة،وأدركت الوفاة والده- مأمور قسم الخليفة في تلك الفترة- فوجد الفتى نفسه عائلا لأسرته، فلجأ إلى القرآن الكريم يعتصم به، ولا يرتزق منه، وأصبح يرتل القرآن الكريم كل يوم خميس في المسجد المواجه لمكتب فاضل باشا،حتى عُيِّن في سن الخامسة عشرة قارئًا للسورة يوم الجمعة، فذاع صيته،فكانت ساحة المسجد والطرقات تضيق بالمصلين ليستمعوا إلى الصوت الملائكي، وكانت تحدث حالات من الوجد والإغماء من شدة التأثر بصوته الفريد،وظلَّ يقرأ القرآن ويرتله في هذا المسجد قرابة الثلاثين عامًا؛ وفاءً منه للمسجد الذي بدأ فيه.لم يكتفِ الشيخ محمد رفعت بموهبته الصوتية الفذَّة بل عمق هذا بدراسة علم القراءات وبعض التفاسير، واهتم بشراء الكتب، وامتاز محمد رفعت بأنه كان عفيف النفس زاهدًا في الحياة، فلم يكن طامعًا في المال لاهثًا خلفه، وإنما كان ذا مبدأ ونفس كريمة، فكانت مقولته: "إن سادن القرآن لا يمكن أبدًا أن يهان أو يُدان"، ضابطة لمسار حياته، فقد عرضت عليه محطات الإذاعة الأهلية أن تذيع له بعض آيات الذكر الحكيم، فرفض وقال: "إن وقار القرآن لا يتماشى مع الأغاني الخليعة التي تذيعها إذاعتكم".وعندما افتُتحت الإذاعة المصرية الخميس (31-5-1934) كان الشيخ أول من افتتحها بصوته العذب، وقرأ: "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا"، وقد استفتى قبلها الأزهر وهيئة كبار العلماء عما إذا كانت إذاعة القرآن حلالا أم حراما؟ فجاءت فتواهم بأنها حلال حلال، وكان يخشى أن يستمع الناس إلى القرآن وهم في الحانات والملاهي.وقد جاء صوت الشيخ رفعت من الإذاعة المصرية نديًّا خاشعًا، وكأنه يروي آذانا وقلوبًا عطشى إلى سماع آيات القرآن، وكأنها تُقْرأ لأول مرة، فلَمَع اسم الشيخ، وعشقت الملايين صوته، بل أسلم البعض عندما سمع هذا الصوت الجميل، ففي ذات يوم التقى "علي خليل" شيخ الإذاعيين، وكان بصحبته ضابط طيَّار إنجليزي- بالشيخ رفعت، فأخبره "علي خليل" أن هذا الضابط سمع صوته في "كندا"، فجاء إلى القاهرة ليرى الشيخ رفعت، ثم أسلم هذا الضابط بعد ذلك.وقد تنافست إذاعات العالم الكبرى، مثل: إذاعة برلين، ولندن، وباريس، أثناء الحرب العالمية الثانية؛ لتستهل افتتاحها وبرامجها العربية بصوت الشيخ محمد رفعت؛لتكسب الكثير من المستمعين، إلا أنه لم يكن يعبأ بالمال والثراء، وأبى أن يتكسَّب بالقرآن، فقد عُرض عليه سنة 1935 أن يذهب للهند مقابل (15) ألف جنيه مصري، فاعتذر، فوسّط نظام حيدر آباد الخارجية المصرية، وضاعفوا المبلغ إلى (45) ألف جنيه، فأصرَّ الشيخ على اعتذاره، وصاح فيهم غاضبًا:"أنا لا أبحث عن المال أبدًا، فإن الدنيا كلها عَرَضٌ زائل".وقد عرض عليه المطرب "محمد عبد الوهاب" أن يسجِّل له القرآن الكريم كاملا مقابل أي أجر يطلبه، فاعتذر الشيخ خوفًا من أن يمسَّ أسطوانة القرآن سكران أو جُنُب.الشيخ الإنسان ومع تمتع الشيخ بحس مرهف ومشاعر فياضة، فقد كان - أيضًا - إنسانًا في أعماقه، ، وتفيض روحه بمشاعر جياشة لا تجد تعبيرًا عن نفسها إلا في دموع فقد حدث أن ذهب لزيارة أحد أصدقائه المرضى، وكان في لحظاته الأخيرة،وعند انصرافه أمسك صديقه بيده ووضعها على كتف طفلة صغيرة، وقال له:"تُرى، من سيتولى تربية هذه الصغيرة التي ستصبح غدًا يتيمة؟"،فلم يتكلم محمد رفعت، وفي اليوم التالي كان يتلو القرآن في أحد السرادقات،وعندم ا تلا سورة الضحى، ووصل إلى الآية الكريمة: "فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَر"،ارتفع صوته بالبكاء وانهمرت الدموع من عينيه كأنها سيل؛ لأنه تذكر وصية صديقه،ثم خصص مبلغًا من المال لهذه الفتاة حتى كبرت وتزوجت.شاء الله أن يُصاب الشيخ محمد رفعت بعدة أمراض لاحقته وجعلته يلزم الفراش،وعندما يُشفى يعاود القراءة، حتى أصيب بمرض (الزغطة) الذي منعه من تلاوة القرآن، بل ومن الكلام أيضًا؛ حيث تعرَّض في السنوات الثمانية الأخيرة من عمره لورم في الأحبال الصوتية، منع الصوت الملائكي النقي من الخروج،ومنذ ذلك الوقت حُرم الناس من صوته، فيما عدا ثلاثة أشرطة، كانت الإذاعة المصرية سجلتها قبل اشتداد المرض عليه، ثم توالت الأمراض عليه،فأصيب بضغط الدم، والتهاب رئوي حاد، وكانت أزمة(الزغطة) تستمر معه ساعات.وقد حاول بعض أصدقائه ومحبيه والقادرين أن يجمعوا له بعض الأموال لتكاليف العلاج، فلم يقبل التبرعات التي جُمعت له، والتي بلغت نحو (20) ألف جنيه،وفضَّل بيع بيته الذي كان يسكن فيه في حي "البغالة" بالسيدة زينب،وقطعة أرض أخرى؛ لينفق على مرضه. عندئذ توسط الشيخ "أبو العنين شعيشع"لدى "الدسوقي أباظة" وزير الأوقاف آنذاك، فقرَّر له معاشًا شهريًّا.وشاء الله أن تكون وفاة الشيخ محمد رفعت في يوم الإثنين 9 مايو 1950،نفس التاريخ الذي وُلد فيه، عن ثمانية وستين عامًا قضاها في رحاب القرآن الكريم.

    وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    رحمه الله رحمة واسعة، كم أمتعنا بتلاواته الرائعة
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •