تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 5 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 100 من 139

الموضوع: كتاب: (الشريعة) للآجري ... وقفات وتنبيهات

  1. #81
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    72 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا خلاف ما قالته القدرية من كلام الأنبياء-: (ثم نذكر ما قالته الأنبياء عليهم السلام خلاف ما قالته القدرية قال نوح عليه السلام لقومه لما قالوا: {يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون} وقال شعيب لقومه: قال الله تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا} الآية وقال شعيب أيضًا لقومه: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب} [هود: 88] وقال تعالى في قصة يوسف عليه السلام: {ولقد همت به، وهم بها، لولا أن رأى برهان ربه، كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء، إنه من عبادنا المخلصين} [يوسف: 24] وقال يوسف عليه السلام: {رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه، وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن، وأكن من الجاهلين} [يوسف: 33] قال الله عز وجل: {فاستجاب له ربه، فصرف عنه كيدهن، إنه هو السميع العليم} [يوسف: 34] وقال إبراهيم عليه السلام: {رب اجعل هذا البلد آمنا، واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} [إبراهيم: 35] وقال موسى عليه السلام لما دعا على قومه فقال: {ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا، ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم، واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما} [يونس: 89] وقال تعالى فيما أخبر عن أهل النار: {وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [إبراهيم: 21]
    قال محمد بن الحسين:
    فقد أقر أهل النار أن الهداية من الله لا من أنفسهم.(صـ 151 - 152).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #82
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    73 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا وجوب الإيمان بالقدر والبراهين على ذلك-: (اعتبروا رحمكم الله قول الأنبياء عليهم السلام وقول أهل النار، كل ذلك حجة على القدرية، واعلموا رحمكم الله أن الله عز وجل بعث رسله، وأمرهم بالبلاغ، حجة على من أرسلوا إليهم، فلم يجبهم إلى الإيمان إلا من سبقت له من الله تعالى الهداية، ومن لم يسبق له من الله الهداية، وفي مقدوره أنه شقي من أهل النار لم يجبهم، وثبت على كفره، وقد أخبركم الله تعالى يا مسلمون بذلك، نعم، وقد حرص نبينا صلى الله عليه وسلم، والأنبياء من قبله، على هداية أممهم، فما يقع حرصهم، إذا كان في مقدور الله أنهم لا يؤمنون، فإن قال قائل: بين لنا هذا الفصل من كتاب الله تعالى، فإنا نحتاج إلى معرفته، قيل له: قال الله تعالى في سورة النحل: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله، ومنهم من حقت عليه الضلالة، فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين} [النحل: 36] ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل، وما لهم من ناصرين} [النحل: 37] ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم، وقد أحب هداية بعض من يحبه، فأنزل الله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم أيضًا: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا، إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، وما مسني السوء، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} [الأعراف: 188] وقال تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه، ليبين لهم، فيضل الله من يشاء، ويهدي من يشاء، وهو العزيز الحكيم} [إبراهيم: 4]
    قال محمد بن الحسين رحمه الله:
    كل هذا بين لكم الرب تعالى به أن الأنبياء إنما بعثوا مبشرين ومنذرين، وحجة على الخلق، فمن شاء الله تعالى له الإيمان آمن، ومن لم يشأ له الإيمان لم يؤمن، قد فرغ الله تعالى من كل شيء، قد كتب الطاعة لقوم، وكتب المعصية على قوم، ويرحم أقواما بعد معصيتهم إياه، ويتوب عليهم، وقوم لا يرحمهم، ولا يتوب عليهم: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} [الأنبياء: 23] (صـ 152 - 153).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #83
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    74 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا حكمه في القدرية-: (قد ذكرنا الحجة من كتاب الله تعالى فيما ابتدأنا بذكره من أمر القدر، ثم نذكر الحجة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الحجة إذا كانت من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس لمخالف حجة، ونحن نزيد المسألة فنقول: ومن سنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين لهم بإحسان، وقول أئمة المسلمين من التابعين وغيرهم.
    قال محمد بن الحسين: لقد شقي من خالف هذه الطريقة، وهم القدرية، فإن قال قائل: هم عندك أشقياء؟ قلت: نعم.
    فإن قال قائل: بم ذا؟ قلت: كذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسماهم مجوس هذه الأمة، وقال: (إن مرضوا، فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم) -حسنه الألباني في صحيح أبي داود: (4691)- وسنذكر هذا في بابه إن شاء الله تعالى). (صـ 153 - 154).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #84
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    75 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا للقدري المنهج الصحيح وكيفية الاستدلال-: (ويقال لمن خالف هذا المذهب الذي بيناه في إثبات القدر من كتاب الله تعالى: اعلم يا شقي أنا لسنا أصحاب كلام، والكلام على غير أصل لا تثبت به حجة، وحجتنا كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا ما حضرنا ذكره من كتاب الله تعالى، وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]
    فقد بيَّن صلى الله عليه وسلم لأمته ما فرضه الله تعالى عليهم، من أداء فرائضه، واجتناب محارمه، ولم يدعهم سدى لا يعلمون، بل بيَّن لهم شرائع دينهم، فكان مما بينه لهم:
    إثبات القدر على نحو مما تقدم ذكرنا له، وهي سنن كثيرة سنذكرها أبوابًا، لا تخفى عند العلماء قديمًا ولا حديثًا، ولا ينكرها عالم، بل إذا نظر فيها العالم إن شاء الله تعالى زادته إيمانًا وتصديقًا، وإذ نظر فيها جاهل بالعلم، أو بعض من قد سمع من قدري جاهل بكتاب الله عز وجل، وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم، وسنن أصحابه ومن تبعهم بإحسان وسائر علماء المسلمين رضي الله عنهم، فإن أراد الله عز وجل به خيرًا كان سماعه لها سببًا لرجوعه عن باطله، وإن تكن الأخرى فأبعده الله وأسحقه). (صـ 155).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #85
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    76 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا المنهج في كيفية فهم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم-: (حسبنا الله ونعم الوكيل، والحمد لله على كل حال، قد ذكرنا ما احتججنا به من كتاب الله، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الردِّ على القدرية، وأنا أذكر ما روي عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن الصحابة أجمعين من ردِّهم على القدرية على معنى الكتاب والسنة، ثم أذكر عن التابعين لهم بإحسان، وعن أئمة المسلمين من ردِّهم على القدرية، وتحذيرهم للمسلمين سوء مذاهبهم). صـ (183).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #86
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    77 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا المنهج في التعامل مع القدرية-: (هذه حجتنا على القدرية: كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسنة أصحابه والتابعين لهم بإحسان وقول أئمة المسلمين، مع تركنا للجدال والمراء، والبحث عن القدر فإنا قد نهينا عنه، وأمرنا بترك مجالسة القدرية، وأن لا نناظرهم، ولا نفاتحهم على سبيل الجدل، بل يهجرون ويهانون ويذلون، ولا يصلى خلف واحد منهم، ولا تقبل شهادتهم ولا يزوج، وإن مرض لم يُعَدْ وإن مات لم يُحْضَرْ جنازته، ولم تُجِبْ دعوته في وليمة إن كانت له، فإن جاء مسترشدًا أرشد على معنى النصيحة له، فإن رجع فالحمد لله، وإن عاد إلى باب الجدل والمراء لم نلتفت عليه، وطرد وحذر منه، ولم يُكَلَّم ولم يُسَلَّم عليه). (صـ 215).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  7. #87
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    78 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا الحجة في ترك مجالسة القدرية-: (فهذا طريق أهل العلم: الإيمان بالقدر خيره وشره، واقع من الله بمقدور جرى به، يضل من يشاء ويهدي من يشاء {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]
    وأما الحجة في ترك مجالسة القدرية ولا يفاتحون بكلام، ولا بمناظرة إلا عند الضرورة وإثبات الحجة عليهم وتبكيتهم، أو يسترشد منهم مسترشد للاسترشاد فيرشد، ويوقف على طريق الحق، ويحذر طريق الباطل، فلا بأس بالبيان على هذا النعت، وسأذكر في ذلك ما يدل على ما قلت إن شاء الله، فالله الموفق لكل رشاد).
    (صـ 219).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  8. #88
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    79 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أئمة القدرية-: (فإن قال قائل: من أئمة القدرية في مذاهبهم؟
    قيل له: قد أجل الله تعالى المسلمين عن مذاهبهم، وأئمتهم في مذاهبهم القدرية: معبد الجهني بالبصرة، وقد رد عليه الصحابة والتابعون ما قد تقدم ذكرنا له، وقبله رجل من أهل العراق كان نصرانيا فأسلم، ثم تنصر، فأخذ عنه معبد الجهني القدر،
    كذا قال الأوزاعي رحمه الله، وأخذ غيلان عن معبد، وقد تقدم ذكرنا لقصة غيلان، وما عجل الله له من الخزي في الدنيا، وما له في الآخرة أعظم، وعمرو بن عبيد وما ذمه العلماء وهجروه وكفروه، هؤلاء أئمتهم الأنجاس والأرجاس). (صـ 22 - 223).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  9. #89
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    80 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا بعضًا من فساد مذهبهم-: (ثم اعلموا رحمنا الله وإياكم أن القدري لا يقول: اللهم وفقني، ولا يقول: اللهم اعصمني، ولا يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأن عنده أن المشيئة إليه، إن شاء أطاع وإن شاء عصى، فاحذروا مذاهبهم لا يفتنوكم عن دينكم).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  10. #90
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    81 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا الدليل على فساد مذهبهم- : (يقال للقدري: يا من لعب به الشيطان، يا من ينكر أن الله تعالى خلق الشر، أليس إبليس أصل كل شر؟ أليس الله خلقه؟ أليس الله تعالى خلق الشياطين وأرسلهم على من أراد ليضلوهم عن طريق الرشد؟ فأي حجة لك يا قدري؟ يا من قد حرم التوفيق، أليس الله تعالى قال: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} إلى قوله {إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ}[فصلت: 25]
    وقال تعالى:
    {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُم ْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 37] وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83] (صـ 225).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  11. #91
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    82 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا فساد أفهام القدرية-: (فإن اعترض بعض هؤلاء القدرية بتأويله الخطأ، فقال: قال الله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]
    فيزعم أن السيئة من نفسه، دون أن يكون الله تعالى قضاها وقدرها عليه، قيل له:
    يا جاهل، إن الذي أنزلت عليه هذه الآية هو أعلم بتأويلها منك، وهو الذي بين لنا جميع ما تقدم ذكرنا له من إثبات القدر، وكذلك الصحابة الذين شاهدوا التنزيل رضي الله عنهم، هم الذين بينوا لنا ولك إثبات المقادير بكل ما هو كائن من خير وشر، وقيل: لو عقلت تأويلها لم تعارض بها، ولعلمت أن الحجة عليك لا لك فإن قال: كيف؟ قيل له: قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}
    [النساء: 79]
    أليس الله تعالى أصابه بها: خيرا كان أو شرًا؟
    فاعقل يا جاهل، أليس قال الله تعالى: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ}[يوسف: 56]
    وقال تعالى:
    {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوَ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأعراف: 100] وقال تعالى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا، إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]
    وهذا في القرآن كثير، ألا ترى أن الله تعالى يخبرنا أن كل مصيبة تكون بالعباد من خير أو شر فالله يصيبهم بها، وقد كتب مصابهم في علم قد سبق، وجرى به القلم على حسب ما تقدم ذكرنا له،
    فاعقلوه يا مسلمون فإن القدري محروم من التوفيق، وقد روي أن هذه الآية التي يحتج بها القدري في قراءة عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَنَا كَتَبْتُهَا عَلَيْكَ). (صـ 227).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  12. #92
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    82 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا المذهب الحق في القدر-: ( اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الله تعالى ذكره أمر العباد باتباع صراطه المستقيم، وأن لا يعوجوا عنه يمينا ولا شمالا، فقال تعالى ذكره {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ، فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153]
    ثم قال تعالى:
    {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 28]
    ففي الظاهر أنه جل ذكره أمرهم بالاستقامة واتباع سبيله وجعل في الظاهر إليهم المشيئة، ثم أعلمهم بعد ذلك: إنكم لن تشاءوا إلا أن أشاء أنا لكم ما فيه هدايتكم، وإن مشيئتكم تبع لمشيئتي، فقال تعالى:
    {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} فأعلمهم أن مشيئتهم تبع لمشيئته عز وجل وقال عز وجل: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[البقرة: 142]
    وقال عز وجل: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً، فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ} إلى قوله:
    {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 213]
    قال محمد بن الحسين رحمه الله: انقطعت حجة كل قدري قد لعب به الشيطان فهو في غيه يتردد، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به، وبعد فقد اجتهدت وبينت في إثبات القدر بما قال الله عز وجل وبما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، المبين عن الله عز وجل ما أنزله في كتابه، وذكرت قول الصحابة رضي الله عنهم، وقول التابعين، وكثيرا من أئمة المسلمين، على معنى الكتاب والسنة فمن لم يؤمن بهذا فهو ممن قال الله تعالى فيهم: {لَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: 111] (صـ 228 - 229).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  13. #93
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    83 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أحوال أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأعظم نعيم أهل السعادة- (الحمد لله على جميل إحسانه، ودوام نعمه حمد من يعلم أن مولاه الكريم يحب الحمد، فله الحمد على كل حال، وصل الله على محمد النبي وأصحابه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، أما بعد: فإن الله تعالى جل ذكره وتقدست أسماؤه، خلق خلقه كما أراد لما أراد، فجعلهم شقيًا وسعيدًا، فأما أهل الشقوة فكفروا بالله العظيم وعبدوا غيره، وعصوا رسله، وجحدوا كتبه، فأماتهم على ذلك، فهم في قبورهم يعذبون وفي القيامة عن النظر إلى الله تعالى محجوبون، وإلى جهنم واردون، وفي أنواع العذاب يتقلبون، وللشياطين مقاربون، وهم فيها أبدا خالدون، وأما أهل السعادة: فهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى، فآمنوا بالله وحده، ولم يشركوا به شيئًا، وصدقوا القول بالفعل، فأماتهم على ذلك، فهم في قبورهم ينعمون، وعند المحشر يبشرون، وفي الموقف إلى الله تعالى بأعينهم ينظرون، وإلى الجنة بعد ذلك وافدون، وفي نعيمها يتفكهون، وللحور العين معانقون، والولدان لهم يخدمون، وفي جوار مولاهم الكريم أبدا خالدون؛ ولربهم تعالى في داره زائرون، وبالنظر إلى وجهه الكريم يتلذذون، وله مكلمون، وبالتحية لهم من الله تعالى؛ والسلام منه عليهم يكرمون: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21]
    فإن اعترض جاهل ممن لا علم معه، أو بعض هؤلاء الجهمية الذين لم يوفقوا للرشاد، ولعب بهم الشيطان وحرموا التوفيق فقال: المؤمنون يرون الله يوم القيامة؟
    قيل له: نعم؛ والحمد لله تعالى على ذلك، فإن قال الجهمي: أنا لا أؤمن بهذا.
    قيل له: كفرت بالله العظيم.
    فإن قال: وما الحجة. قيل: لأنك رددت القرآن والسنة وقول الصحابة رضي الله عنهم، وقول علماء المسلمين، واتبعت غير سبيل المؤمنين، وكنت ممن قال الله تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: 115] , فأما نص القرآن فقول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23]
    وقال تعالى وقد أخبرنا عن الكفار أنهم محجوبون عن رؤيته فقال تعالى ذكره:
    {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المطففين: 15]
    فدل بهذه الآية: أن المؤمنين ينظرون إلى الله، وأنهم غير محجوبين عن رؤيته، كرامة منه لهم، وقال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]
    فروي أن الزيادة هي النظر إلى الله تعالى، وقال تعالى:
    {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِين َ رَحِيمًا تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} [الأحزاب: 43] (صـ 231 - 232).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  14. #94
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    84 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا اللُّقَى والرؤيا- (واعلم رحمك الله أن عند أهل العلم باللغة أن اللُّقَى هاهنا لا يكون إلا معاينة يراهم الله تعالى ويرونه، ويسلم عليهم، ويكلمهم ويكلمونه.
    قال محمد بن الحسين: وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]
    وكان مما بينه لأمته في هذه الآيات: أنه أعلمهم في غير حديث:
    (إنكم ترون ربكم تعالى)، روى عنه جماعة من صحابته رضي الله عنهم، وقبلها العلماء عنهم أحسن القبول، كما قبلوا عنهم علم الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وعلم الحلال والحرام، كذا قبلوا منهم الأخبار: أن المؤمنين يرون الله تعالى لا يشكون في ذلك، ثم قالوا: من ردَّ هذه الأخبار فقد كفر). (صـ 232 - 233).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  15. #95
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    85 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا ما أُعدَّ للمؤمنين في الجنة من الكرامات-: (قد ذكر الله عز وجل ما أعدَّ للمؤمنين من الكرامات في الجنة في غير موضع من كتابه عز وجل، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فكان مما أكرمهم به أنه قال عز وجل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحَسَنُ مَآبٍ} [الرعد: 29]
    وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم عن شجرة طوبى، ومما أعدَّ الله عز وجل فيها من كرامات المؤمنين مما يكرمهم به من زيارتهم لربهم عز وجل على النجب من الياقوت قد نفخ فيها الروح، فيزورون الله عز وجل فيتجلى لهم وينظر إليهم وينظرون إليه، ويكلمهم ويكلمونه، ويُسلَّم عليهم، ويزيد من فضله، وأنا أذكره لَيُقِرَّ الله تعالى به أعين المؤمنين، وتَسْخَنُ به أعين الملحدين، والله ولي التوفيق).
    (صـ 248 - 249).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  16. #96
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    86 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أدلة رؤية الله، والردِّ على شبه المنكرين لها- (هذه الأخبار كلها يصدق بعضها بعضا مع ظاهر القرآن يُبَيِّنُ أن المؤمنين يرون الله عز وجل، فالإيمان بهذا واجب، فمن آمن بما ذكرنا؛ فقد أصاب حظه من الخير إن شاء الله في الدنيا والآخرة، ومن كذَّب بجميع ما ذكرنا، وزعم أن الله عز وجل لا يُرى في الآخرة فقد كفر، ومن كفر بهذا، فقد كفر بأمور كثيرة مما يجب عليه الإيمان بها، وَسَنُبَيِّنُ جميع ما يكذِّب به الجهمي في كتاب غير هذا الكتاب إن شاء الله.
    فإن اعترض بعض من قد استحوذ عليهم الشيطان فهم في غيهم يترددون، ممن يزعم أن الله عز وجل لا يرى في القيامة , واحتج بقول الله عز وجل: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ , وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ , وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرِ} [الأنعام: 103]
    فجحد النظر إلى الله عز وجل بتأويله الخاطئ لهذه الآية،
    قيل له: يا جاهل إن الذي أنزل الله عز وجل عليه القرآن، وجعله الحجة على خلقه، وأمره بالبيان لما أنزل عليه من وحيه هو أعلم بتأويلها منك يا جهمي، هو الذي قال لنا: (إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون هذا القمر)، فقبلنا عنه ما بشرنا به من كرامة ربنا عز وجل على حسب ما تقدم ذكرنا له، من الأخبار الصحاح عند أهل الحق من العلم، ثم فسَّر لنا الصحابة رضي الله عنهم بعده، ومن بعدهم من التابعين: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22]
    فسَّروه على النظر إلى وجه الله عز وجل، وكانوا بتفسير القرآن وبتفسير ما احتججت به من قوله عز وجل:
    {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]
    أعرف منك، وأهدى منك سبيلًا، والنبي صلى الله عليه وسلم فسَّر لنا قول الله عز وجل:
    {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]
    وكانت الزيادة: النظر إلى وجه الله تعالى، وكذا عند صحابته رضي الله عنهم، فاستغنى أهل الحق بهذا ، مع تواتر الأخبار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى وجه الله عز وجل، وقبلها أهل العلم أحسن قبول وكانوا بتأويل الآية التي عارضت بها أهل الحق أعلم منك يا جهمي.
    فإن قال قائل: فما تأويل قوله عز وجل: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]
    قيل له: معناها عند أهل العلم: أي: لا تحيط به الأبصار، ولا تحويه عز وجل، وهم يرونه من غير إدراك ولا يشكون في رؤيته، كما يقول الرجل: رأيت السماء وهو صادق، ولم يحط بصره بكل السماء، ولم يدركها وكما يقول الرجل: رأيت البحر، وهو صادق ولم يدرك بصره كل البحر، ولم يحط ببصره، هكذا فسره العلماء، إن كنت تعقل). (صـ 252 - 253).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  17. #97
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    86 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات، وإثبات صفة الضحك لله-: (اعلموا وفقنا الله وإيَّاكم للرشاد من القول والعمل أن أهل الحق يصفون الله عز وجل بما وصف به نفسه عز وجل، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما وصفه به الصحابة رضي الله عنهم، وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع، ولا يقال فيه: كيف؟ بل التسليم له، والإيمان به أن الله عز وجل يضحك، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن صحابته، ولا يُنْكِرُ هذا إلا من لا يُحْمَدُ حاله عند أهل الحق وسنذكر منه ما حضرنا ذكره، والله الموفق للصواب، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). صـ 253 - 254).

    وقال أيضًا:
    (هذه السُّنن كلها نؤمن بها، ولا نقول فيها: كيف؟ والذين نقلوا هذه السُّنن: هم الذين نقلوا إلينا السنن في الطهارة، وفي الصلاة، والزكاة، والصيام، الحج، والجهاد، وسائر الأحكام من الحلال والحرام، فقبلها العلماء منهم أحسن قبول، ولا يَرُدُّ هذه السُّنن إلا من يَذْهب مذهب المعتزلة، فمن عارض فيها أو رَدَّها، أو قال: كيف؟ فَاتَّهِمُوهُ وَاحْذَرُوهُ). (صـ 260).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  18. #98

    افتراضي

    شرح ماتع ٌ موسوم بــــ:" الذريعة إلى بيان مقاصد كتاب الشريعة".

  19. #99
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    87 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا ومحذرًا من مذهب الحلولية-: (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله على كل حال، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
    أما بعد: فإني أحذر إخواني من المؤمنين مذهب الحلولية: الذين لعب بهم الشيطان، فخرجوا بسوء مذهبهم عن طريق أهل العلم.
    مذاهبهم قبيحة لا تكون إلا في كل مفتون هالك؛ زعموا أن الله عز وجل حالٌ في كل شيء، حتى أخرجهم سوء مذهبهم إلى أن تكلموا في الله عز وجل بما ينكره العلماء العقلاء، لا يوافق قولهم كتاب ولا سنة ولا قول الصحابة ولا قول أئمة المسلمين، وإني لأستوحش أن أذكر قبيح أفعالهم تنزيها مني لجلال الله عز وجل وعظمته، كما قال ابن المبارك رحمه الله: (إنا لنستطيع أن نحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية).
    ثم إنهم إذا أنكر عليهم سوء مذهبهم قالوا: لنا حجة من كتاب الله عز وجل فإذا قيل لهم: ما الحجة؟ قالوا: قال الله عز وجل:
    {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7] وبقوله عز وجل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] إِلَى قَوْلِهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد: 4]
    فلبَّسوا على السامع منهم بما تأولوا، وفسَّروا القرآن على ما تهوى نفوسهم فضلوا وأضلوا، فمن سمعهم ممن جهل العلم ظن أن القول كما قالوه، وليس هو كما تأولوه عند أهل العلم.
    والذي يذهب إليه أهل العلم: أن الله عز وجل سبحانه على عرشه فوق سماواته، وعلمه محيط بكل شيء، قد أحاط علمه بجميع ما خلق في السماوات العلا، وبجميع ما في سبع أرضين وما بينهما وما تحت الثرى، يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم الخطرة والهمة، ويعلم ما توسوس به النفوس يسمع ويرى، ولا يعزب عن الله عز وجل مثقال ذرة في السماوات والأرضين وما بينهنَّ، إلا وقد أحاط علمه به فهو على عرشه سبحانه العلي الأعلى ترفع إليه أعمال العباد، وهو أعلم بها من الملائكة الذين يرفعونها بالليل والنهار.
    فإن قال قائل: فإيش معنى قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] الآية التي بها يحتجون؟
    قيل له: علمه عز وجل والله على عرشه، وعلمه محيط بهم، وبكل شيء من خلقه، كذا فسَّره أهل العلم، والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم.
    فإن قال قائل: كيف؟ قيل: قال الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى آخر الآية {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7] فابتدأ الله عز وجل الآية بالعلم، وختمها بالعلم، فعلمه عز وجل محيط بجميع خلقه، وهو على عرشه، وهذا قول المسلمين). (صـ 261 - 261).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  20. #100
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    88 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا ومجيبًا على شبهات الحلولية-(ومما يحتج به الحلولية مما يلبسون به على من لا علم معه , يقول الله عز وجل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] وقد فسَّر أهل العلم هذه الآية: هو الأول: قبل كل شيء من حياة وموت، والآخر: بعد كل شيء، بعد الخلق، وهو الظاهر: فوق كل شيء يعني ما في السماوات، وهو الباطن: دون كل شيء يعلم ما تحت الأرضين، ودلَّ على هذا آخر الآية {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3] كذا فسَّره مقاتل بن حيان ومقاتل بن سليمان وبينت ذلك السنة.

    ومما يلبسون به على من لا علم معه احتجوا بقوله عز وجل: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} وبقوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]
    وهذا كله إنما يطلبون به الفتنة كما قال الله تعالى:
    {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7]
    وعند أهل العلم من أهل الحق
    {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} فهو كما قال أهل العلم: مما جاءت به السنن: إن الله عز وجل على عرشه، وعلمه محيط بجميع خلقه {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة: 77] {يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ} [الأنبياء: 110] وقوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]
    فمعناه: أنه جل ذكره إله من في السماوات، وإله من في الأرض، إله يعبد في السماوات، وإله يعبد في الأرض، هكذا فسَّره العلماء.
    فيما ذكرته وبينته مقنع لأهل الحق؛ إشفاقًا عليهم، لئلا يداخل قلوبهم من تلبيس أهل الباطل ممن يميل بقبيح مذهبه السوء إلى استماع الغناء من الغلمان المرد يتلذذ بالنظر إليهم، ولا يحب الاستماع من الرجل الكبير، ويرقص ويُزَمِّر، قد ظفر به الشيطان فهو يلعب به مخالفًا للحق، لا يرجع في فعله إلى كتاب ولا إلى سنة ولا إلى قول الصحابة ولا من تبعهم بإحسان ولا قول إمام من أئمة المسلمين، وما يخفون من البلاء مما لا يحسن ذكره أقبح، ويدَّعون أن هذا دين يدينون به، نعوذ بالله من قبيح ما هم عليه، ونسأله التوفيق إلى سبيل الرشاد، إنه سميع قريب). (صـ 269 - 271)، بتصرف بسيط.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •