بسم الله الرحمن الرحيمهل اختلاف الشيخان في الفتوى والإجتهاد أم أن هناك محملا للإتفاق في فتواهما أو اجتهادهما ؟
قال شيخ الاسلام (( ... بِأَنْ يَكُونَ الِاسْتِحْقَاقُ ثَابِتًا كَرَجُلٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مَالٌ فَجَحَدَهُ إيَّاهُ وَعَجَزَ عَنْ خَلَاصِ حَقِّهِ , أَوْ ظَلَمَهُ السُّلْطَانُ مَالًا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذَا مُحْتَالٌ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ لَكِنْ إذَا احْتَالَ بِأَنْ يَغُلَّ بَعْضَ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ , لِأَنَّ الْغُلُولَ وَالْخِيَانَةَ حَرَامٌ مُطْلَقًا , وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّوَصُّلَ إلَى حَقِّهِ كَمَا أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ وَالْكَذِبَ حَرَامٌ , وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّوَصُّلَ إلَى حَقِّهِ , وَلِهَذَا { قَالَ بَشِيرُ بْنُ الْخَصَاصِيَةِ قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لَنَا جِيرَانًا لَا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إلَّا أَخَذُوهَا فَإِذَا قَدَرْنَا لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَنَأْخُذُهُ , فَقَالَ : أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ } بِخِلَافِ مَا لَيْسَ خِيَانَةً لِظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ وَالتَّبَذُّلِ وَالتَّبَسُّطِ فِي مَالِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَأَخْذِ الزَّوْجَةِ نَفَقَتَهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا فَإِنَّهَا مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ إعْلَانِ هَذَا الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ , وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ غُلُولًا وَلَا خِيَانَةً ...))إقامة الدليل على إبطال التحليل (1/ 135)
وفي زاد المعاد لابن قيم الجوزية (3/ 350)
(( ومنها: جوازُ كذب الإنسانِ على نفسه وعلى غيره، إذا لم يتضمَّن ضرَر ذلك الغير إذا كان يُتوصل بالكذب إلى حقه، كما كذب الحجَّاحُ بن عِلاط على المسلمين، حتى أخذَ مالَه مِن مكة مِن غير مضرَّة لحقت المسلمين من ذلك الكذب، وأما ما نال مَن بمكة من المسلمين من الأذى والحزن، فمفسدةٌ يسيرة فى جنب المصلحة التى حصلت بالكذب، ولا سيما تكميلَ الفرح والسرور، وزيادةَ الإيمان الذى حصل بالخبرِ الصَّادِق بعد هذا الكذب، فكان الكذبُ سبباً فى حصول هذه المصلحة الراجحة، ونظيرُ هذا الإمامُ والحاكمُ يوهِمُ الخصمَ خلافَ الحق لِيتوصل بذلك إلى استعلام الحقِّ، كما أوهم سليمانُ بن داود إحدى المرأتين بِشَقِّ الولد نِصفين حتى توصَّل بذلك إلى معرفة عَيْن الأُم. ))