الصحيح أن النوم اليسير الذي يشعر الإنسان فيه بنفسه لا ينقض الوضوء.
ودليل ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونَ العِشاءَ الآخرة حتَّىٰ تَخفِقَ رؤوسُهُم، ثمَّ يُصَلُّون ولا يَتَوضَّؤون([1]).
وذلك لأن النوم ليس حدثًا في نفسه؛ فإذا نام الإنسان نومًا يسيرًا بحيث يشعر بنفسه أنه أحدث أو لا؛ فإنه لا ينتقض وضوؤه بسبب النوم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «النَّوْمُ الْيَسِيرُ مِنَ الْمُتَمَكِّنِ بِمَقْعَدَتِهِ، فَهَذَا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ؛ فَإِنَّ النَّوْمَ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِحَدَثِ فِي نَفْسِهِ لَكِنَّهُ مَظِنَّةُ الْحَدَثِ؛ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي السُّنَنِ: «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ؛ فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ »، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ »: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنَامُ حَتَّى يَنْفُخَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، فَكَانَ يَقْظَانَ؛ فَلَوْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَشَعَرَ بِهِ؛ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ بِحَدَثِ فِي نَفْسِهِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ حَدَثًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَرْقٌ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَحْدَاثِ([2])»اهـ.
[1])) أخرجه أبو داود (200)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (195).
[2])) «مجموع الفتاوىٰ» (21/ 229).