الأصل في آنية الكفار الطهارة, كآنية المسلمين تمامًا, وهو قول الجمهور من أهل العلم, وهو الصواب؛ إلا أن يُتيقن حلول نجاسة فيها, فيُحكَم بنجاستها, مثلها كمثل آنية المسلمين تمامًا؛ والدليل علىٰ أن الأصل في آنية الكفار الطهارة: ما جاء في «الصحيحين» من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما, الطويل, وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب, واستسقىٰ, وأمر صحابيًا أن يغتسل من الجنابة من مزادة امرأة مشركة([1]).
وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَسْقِيَتِهِم ْ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا، فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْنَا([2]).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من شاة مسمومة أهدتها له امرأة يهودية بخيبر([3]).
وأما ما جاء في «الصحيحين», عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه, قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا([4])».
فقد بينت الرواية الأخرىٰ, أن ذلك لتلوثها بالخمر ولحم الخنزير, ولفظها: إنَّ أَرْضَنَا أَرْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِنَّهُمْ يَأْكُلُونَ لَحْم الْخِنْزِيرِ وَيَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِآنِيَتِهِمْ وَقُدُورِهِمْ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ وَاطْبُخُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا([5])».
[1])) متفق عليه: أخرجه البخاري (344)، ومسلم (682).
[2])) أخرجه أحمد (15053)، وأبو داود (3838), وصححه الألباني في «الإرواء» (1/ 79).
[3])) متفق عليه: أخرجه البخاري (2617)، ومسلم (2190).
[4])) متفق عليه: أخرجه البخاري (5488)، ومسلم (1930).
[5])) أخرجه أحمد (17737)، وصححه الألباني في «الثمر المستطاب» (8).