الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبده و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين أما بعد فليعلم الطلاب الذين تعلموا القواعد و بلغوا مرتبة الترجيح أن الخلاف منه ما هو ضعيف و القول الراجح كثير القرائن كالخلاف في المعازف فهذا يبين ضعف المرجوح فيه و منه ما هو قوي و منه ما يكون الترجيح فيه بالقشة كما يذكر بن رشد و تكون المسألة من عضل المسائل فإذا كان الخلاف من النوعين السابقين فعلى الطلاب إدراك أحقية المخالف له فالمخالف خالف عن علم و اجتهاد و قواعد و علمه ظني لا قطعي كما علمك أنت ظني و لا يمكن الوصول إلى العلم القطعي اليقيني فلتترك مساحة لرحابة صدرك و حسن فهمك و إعذار عثرة أخيك و قد تصير إلى قوله بعد زمن و سأذكر مثالا أفصح فيه عن مقصودي في مسألة روى البخاري زيادة ثقة و ردها مالك قبل و الزيادة ينبني عليها حكم فقهي فعلى الطالب أن يدرك أحقية مالك في رد الزيادة و أنها شاذة و أنه من أنقد الرجال و أعلمهم بالسنن و أحقية البخاري في ذلك لرسوخ قدمه في الحديث فلا يرد طالب قول مالك لحفظ البخاري و لا يردن آخر زيادة البخاري لتقدم مالك و لكن العلم بحر و كل يدرك شيئا و العلم كله لله و بعض الطلاب ينافح عن حق أدركه كما القسورة و يرى المخالف له كالجيفة المنكرة لا أُخي كلما زاد المرء علما زاد بعدا للنظر و إمعانا للفكر و رحابة في الصدر فصمت عن الشرر سكوت مترو فاهم للعبر متبصرا بمواقع النظر