للشاملة: https://ia601406.us.archive.org/16/i...elm-hallal.rar

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:




فإن أصول الفقه من أهم علوم الدين وثمرته في الحقيقة فهم للدين وتفقه فيه فإن "من لم يعرف أصول معاني الفقه لم ينج من مواقع التقليد وعد من جملة العوام " كما قال أبو المظفر السمعاني الشافعي رحمه الله

ومع أهميته هذه فهو من أشد علوم الإسلام تشويها وتحريفا من قبل المتأخرين من أهل الكلام وغيرهم فقد أدخلوا فيه كفرياتهم وزندقاتهم وبدعهم

قال أبو المظفر السمعاني في مقدمة قواطع الأدلة: "وما زلت طول ايامي أطالع تصانيف الأصحاب في هذا الباب وتصانيف غيرهم فرأيت أكثرهم قد قنع بظاهر من الكلام ورائق من العبارة لم يداخل حقيقة الأصول على ما يوافق معاني الفقه وقد رايت بعضهم قد أوغل وحلل وداخل غير أنه حاد عن محجة الفقهاء في كثير من المسائل وسلك طريق المتكلمين الذين هم أجانبُ عن الفقه ومعانيه بل لا قبيل لهم فيه ولا وفير ولا نقير ولا قطمير ومن تشبع بما لم يعطه فقد لبس ثوبى زور وعادته السوء وخبث النشوء قطاع لطريق الحق وصم عن سبيل الرشد وإصابة الصواب "

وهذا في وقته وهو متوفى في سنة 489 فما بالك بما أحدث في الإسلام بعد الرازي وغيره من الزنادقة؟

فإذا كان ذلك كذلك فمن المتعين في هذا الباب الرجوع إلى كتب قليلة وصلت إلينا في هذا الباب عن المؤلفين من أهل السنة أو القاربين من أهل السنة كالرسالة للشافعي وصفة الأمر والنهي للمزني والفقيه والمتفقه للخطيب والقواطع للسمعاني والمدخل للبيهقي وجامع بيان العلم لابن عبد البر وإعلام الموقعين لابن القيم والمسودة لآل تيمية وما أشبه ذلك والحرص على جمع كلام السلف في أبواب أصول الفقه وعدم الاغترار بدعاوى المتأخرين وكلامهم

والكتب التي وصلت إلينا قليلة فإن أكثر ما ألفه أهل السنة من سلف الأمة وأئمتها في أصول الفقه مفقود! فأين كتب المزني وابن خزيمة وابن سريج وأمثالهم من متقدمي الشافعية من أهل السنة والأثر؟ كلها فقدوها بل وأفقدوها استبدالا كتب أهل السنة والأثر بالمستصفى والبرهان والمعتمد وما أشبه ذلك!! ولم يفقدوا كتب أئمتهم الجهمية الزنادقة بل حفظوها بكثرة النسخ!

وكذلك الحنابلة المتأخرون ضيعوا جامع الخلال والخلال أعلم أهل الأرض برواية أبي عبد الله ومذهبه وقد طاف الأرض في جمع أقوال أبي عبد الله وبذل جهودا عظيمة في تحرير مذهبه والتمييز بين رواياته صحيحها من سقيمها محفوظها من شاذها جديدها من قديمها مقيدها من مطلقها فألف جامع علوم الإمام أحمد الذي لا نظير له

ومما ألفه الخلال كتاب العلم جمع فيه أقوال الإمام أحمد وكتبه في أصول الفقه

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " كِتَابَهُ فِي الْعِلْمِ أَجْمَعَ كِتَابٍ يُذْكَرُ فِيهِ أَقْوَالُ أَحْمَد فِي الْأُصُولِ الْفِقْهِيَّةِ"

ولما رأيت كلام شيخ الإسلام هذا حرصت على الاطلاع على هذا الكتاب النفيس فلم أتعجب بعد أن علمت أن الخلوف ضيعوه أيضا!

فحرصت على الوقوف على ما نُقل من هذا الكتاب فما وجدت إلا بعض النقولات اليسيرة هنا وهناك فقررت جمعها في مقال صغير وتركتها كما هي ولم أعلق عليها في الغالب

ولا شك أن ما حُفظ منه أكثر لكن أصحاب الكتب في كثير من الأحيان يقولون: "قال الخلال.." دون الإشارة على اسم كتاب ينقل عنه فقد ينقلون من العلم وقد ينقلون من الجامع وقد ينقلون من أخلاق الإمام أحمد أو من الورع أو من غير ذلك من كتب الخلال فتوقفت في إلحاق هذه النقولات إلى هذا الجمع وإن كانت في معناه

1. قال العطار في حاشيته 3/356: ] وَذَكَرَ الْخَلَّالُ مِنْ الْحَنَابِلَةِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ مَرْفُوعَانِ فَقَدْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ فِي الْخَطَأِ الْكَفَّارَةَ [

2. وقال ابن أبي يعلى في طبقاته 1/36 ] وقال أحمد بن الحسن الترمذي سألت أبا عبد الله وقلت: له أكتب كتب الشافعي فقال ما أقل ما يحتاج صاحب حديث إليها رواه أبو بكر الخلال في العلم عن محمد بن المنذر عن أحمد بن الحسن الترمذي[

}تعليق يسير: قد تواتر عن الإمام أحمد الثناء على الإمام الشافعي رحمه الله والدعاء له ومدح كتبه انظر على سبيل المثال "موسوعة أقوال الإمام أحمد في الجرح والتعديل 7/65 وما بعده

وإنما مراده رحمه الله في هذه الرواية أن من حفظ الحديث وأتقنه وتفقه فيه فقد استغنى عن التقليد والنظر في الكتب وهذا المعنى مشهور عن الإمام سواء كان في الشافعي أو غيره من الأئمة. قال عثمان بن سعيد: قال لي أحمد بن حنبل: لا تنظر في كتب أبي عُبيد، ولا فيما وَضع إسحاق، ولا سُفيان، ولا الشافعي، ولا مالِك، وعَليك بالأصل" وكلامه في هذا الباب كثير لا يسع الموضع لنقله

قلت: وإنما قال هذا فيمن تعلم وأتقن الحديث والتفقه فيه وعلم الإجماع من الخلاف وعلم أقاويل السلف ومذاهب الصحابة فأما من كان دون ذلك فعليه بالرجوع إلى أقوال أهل العلم من السلف حتى لا يخطأ في فهمه ولا يخفى عليه النص ولا يحدث قولا يخالف ما أجمع عليه السلف{

3. قال ابن أبي يعلى في طبقاته 1/246 ]ذكر أبو بكر الخلال في كتاب العلم أخبرني سعيد بن مسلم الطوسي حدثنا محمد بن الهيثم قال: سمعت أبا عثمان عمرو بن معمر قال: قال أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله إذا رأيت الرجل يجتنب أبا حنيفة ورأيه والنظر فيه ولا يطمئن إليه ولا إلى من يذهب مذهبه ممن يغلو ولا يتخذه إماماً فأرجو خيره[

4.قال ابن تيمية ف المسودة ص. 281 ] وكذلك تفضيله لعلماء المدينة على الكوفيين ودلالته فى الفتوى الى خلق المدنيين وقوله انهم أعلم بالسنة وانه لا يرد عليهم بخلاف العراقيين ومثل هذا كثر وقد ذكر الخلال فى العلم منه طرفا[

5.قال ابن مفلح في الآداب الشرعية 1/365: ] وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُنْقِرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ الْخَطَّابُ قَالَ : لَقِيَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ يَا أَبَا ثَابِتٍ ؟ قُلْتُ : أَشْتَرِي دَقِيقًا لِأَبِي سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيّ ِ ، فَقَالَ : تَشْتَرِي لِأَبِي سُلَيْمَانَ دَقِيقًا ؟ فَقُلْتُ : وَمَا بَأْسٌ ؟ فَقَالَ : مَا يَحِلُّ لَك قَالَ : فَقُلْتُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ يَا أَبَا عَبْد اللَّه ؟ قَالَ : لَا يَحِلُّ ، تَشْتَرِي دَقِيقًا لِرَجُلٍ يَرُدُّ أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[

6. قال أبو يعلى في العدة 5/1537: ] وقد قال أبوبكر الخلاَّل في كتاب العلم: "لم أجد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثاً متضاداً إلا وله وجهان، أحدهما إسناد جيد، والآخر إسناد ضعيف"[

7. قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى 6/83-84 ] قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ مَرْوَانَ كَانَتْ امْرَأَةٌ هَاهُنَا تَمُرُّ وَأَرَادَتْ أَنْ تَخْتَلِعَ مِنْ زَوْجِهَا فَأَبَى زَوْجُهَا عَلَيْهَا، فَقِيلَ: لَهَا لَوْ ارْتَدَدْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ لَبِنْتِ مِنْ زَوْجِكِ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ - وَقِيلَ لَهُ: إنَّ هَذَا كِتَابُ الْحِيَلِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ وَضَعَ هَذَا الْكِتَابَ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ سَمِعَ بِهِ فَرَضِيَ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ حَمَلَهُ مِنْ كُورَةٍ إلَى كُورَةٍ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَرَضِيَ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، عَنْ شَفِيقِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ إنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ فِي قِصَّةِ بِنْتِ أَبِي رَوْحٍ حَيْثُ أُمِرَتْ بِالِارْتِدَادِ وَذَلِكَ فِي أَيَّامِ أَبِي غَسَّانَ فَذَكَرَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَهُوَ مُغْضَبٌ: " أَحْدَثُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَمَنْ كَانَ أَمَرَ بِهَذَا فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ كَانَ هَذَا الْكِتَابُ عِنْدَهُ، أَوْ فِي بَيْتِهِ لِيَأْمُرَ بِهِ، أَوْ هَوِيَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ ". ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا " أَرَى الشَّيْطَانَ كَانَ يُحْسِنُ مِثْلَ هَذَا حَتَّى جَاءَ هَؤُلَاءِ فَأَفَادَهَا مِنْهُمْ فَأَشَاعَا حِينَئِذٍ، أَوْ كَانَ يُحْسِنُهَا وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُمْضِيهَا حَتَّى جَاءَ هَؤُلَاءِ ". وَقَالَ إِسْحَاقُ الطَّالَقَانِيّ ُ قِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنَّ هَذَا وَضَعَهُ إبْلِيسُ يَعْنِي كِتَابَ الْحِيَلِ، فَقَالَ إبْلِيسُ مِنْ الْأَبَالِسَةِ وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: فِي كِتَابِ الْحِيَلِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ، أَوْ ثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً كُلُّهَا كُفْرٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: قَالَ شَرِيكٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَاضِيَ الْكُوفَةِ الْإِمَامَ الْمَشْهُورَ - وَذُكِرَ لَهُ كِتَابَ الْحِيَلِ - قَالَ: مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ كِتَابُ الْفُجُورِ. وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَاضِيَ الْكُوفَةِ أَيْضًا - كِتَابُكُمْ هَذَا الَّذِي وَضَعْتُمُوهُ فِي الْحِيَلِ كِتَابُ الْفُجُورِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ سَابُورٍ: إنَّ الرَّجُلَ لَا يَأْتِي الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِ الْحِيَلِ فَيُعَلِّمُهُ الْفُجُورَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ سَمِعْت أَيُّوبَ يَقُولُ: وَيْلَهُمْ مَنْ يَخْدَعُونَ - يَعْنِي أَصْحَابَ الْحِيَلِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ سَمِعْت يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: لَقَدْ أَفْتَى - يَعْنِي أَصْحَابَ الْحِيَلِ - فِي شَيْءٍ لَوْ أَفْتَى بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى كَانَ قَبِيحًا أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إنِّي حَلَفْتُ أَنْ لَا أُطَلِّقَ امْرَأَةً بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِنَّهُمْ قَدْ بَذَلُوا إلَيْهِ مَالًا كَثِيرًا قَالَ فَقَبِّلْ أُمَّهَا، قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: يَأْمُرُهُ بِأَنْ يُقَبِّلَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً. وَقَالَ جَيْشُ بْنُ سِنْدِي سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي جَارِيَةً ثُمَّ يُعْتِقُهَا مِنْ يَوْمِهِ وَيَتَزَوَّجُهَ ا أَيَطَؤُهَا مِنْ يَوْمِهِ، قَالَ: كَيْفَ يَطَؤُهَا مِنْ يَوْمِهِ هَذَا وَقَدْ وَطِئَهَا ذَلِكَ بِالْأَمْسِ هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْحِيلَةِ وَغَضِبَ وَقَالَ هَذَا أَخْبَثُ قَوْلٍ. رَوَاهُنَّ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ فِي الْعِلْمِ[

8. قال ابن القيم في الطرق الحكمية 1/372 : ] وَقَالَ الْخَلَّالُ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : أَهْلَكَهُمْ وَضْعُ الْكُتُبِ ، تَرَكُوا آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْبَلُوا عَلَى الْكَلَامِ .
وَقَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ وَاصِلٍ الْمُقْرِي قَالَ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ - وَسُئِلَ عَنْ الرَّأْيِ ؟ - فَرَفَعَ صَوْتَهُ ، قَالَ : لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الرَّأْيِ ، عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْآثَارِ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُشَيْشٍ : إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : أَكْتُبُ الرَّأْيَ ؟ فَقَالَ : مَا تَصْنَعُ بِالرَّأْيِ ؟ عَلَيْك بِالسُّنَنِ فَتَعَلَّمْهَا وَعَلَيْك بِالْأَحَادِيثِ الْمَعْرُوفَةِ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ : سَمِعْت أَبِي يَقُولُ : هَذِهِ الْكُتُبُ بِدْعَةٌ وَضْعُهَا .
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : لَا يُعْجِبُنِي شَيْءٌ مِنْ وَضْعِ الْكُتُبِ ، مَنْ وَضَعَ شَيْئًا مِنْ الْكُتُبِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيِّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَوْنٍ : يَا حَمَّادُ ، هَذِهِ الْكُتُبُ تُضِلُّ .
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ : ذَاكَرْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ خَطَأَ النَّاسِ فِي الْعِلْمِ ، فَقَالَ : وَأَيُّ النَّاسِ لَا يُخْطِئُ ؟ وَلَا سِيَّمَا مَنْ وَضَعَ الْكُتُبَ ، فَهُوَ أَكْثَرُ خَطَأً .
وَقَالَ إِسْحَاقُ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ - وَسَأَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَرْدَبِيلَ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ : عَبْدُ الرَّحِيمِ ، وَضَعَ كِتَابًا - فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : هَلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَا ؟ أَوْ أَحَدٌ مِنْ التَّابِعِينَ ؟ وَأَغْلَظَ وَشَدَّدَ فِي أَمْرِهِ ، وَقَالَ : انْهَوْا النَّاسَ عَنْهُ ، وَعَلَيْكُمْ بِالْحَدِيثِ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ : مَا كَتَبْتُ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ الْمَوْضُوعَةِ شَيْئًا قَطُّ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الْمُسْتَمْلِي : سَأَلَ أَحْمَدَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : أَكْتُبُ كُتُبَ الرَّأْيِ ؟ قَالَ : لَا تَفْعَلْ ، عَلَيْك بِالْحَدِيثِ وَالْآثَارِ ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ : إنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَدْ كَتَبَهَا ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ : ابْنُ الْمُبَارَكِ لَمْ يَنْزِلْ مِنْ السَّمَاءِ ، إنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نَأْخُذَ الْعِلْمَ مِنْ فَوْقٍ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ : سَمِعْت أَبِي - وَذَكَرَ وَضْعَ الْكُتُبِ - فَقَالَ : أَكْرَهُهَا ، هَذَا أَبُو فُلَانٍ وَضَعَ كِتَابًا ، فَجَاءَهُ أَبُو فُلَانٍ فَوَضَعَ كِتَابًا ، وَجَاءَ فُلَانٌ فَوَضَعَ كِتَابًا ، فَهَذَا لَا انْقِضَاءَ لَهُ ، كُلَّمَا جَاءَ رَجُلٌ وَضَعَ كِتَابًا ، وَهَذِهِ الْكُتُبُ وَضْعُهَا بِدْعَةٌ ، كُلَّمَا جَاءَ
رَجُلٌ وَضَعَ كِتَابًا ، وَتَرَكَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ ، لَيْسَ إلَّا الِاتِّبَاعُ وَالسُّنَنُ ، وَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ ، وَعَابَ وَضْعَ الْكُتُبِ وَكَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : يَضَعُونَ الْبِدَعَ فِي كُتُبِهِمْ ، إنَّمَا أُحَذِّرُ عَنْهَا أَشَدَّ التَّحْذِيرِ ، قُلْت : إنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ بِمَالِكٍ : أَنَّهُ وَضَعَ كِتَابًا ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : هَذَا ابْنُ عَوْنٍ وَالتَّيْمِيُّ وَيُونُسُ وَأَيُّوبُ : هَلْ وَضَعُوا كِتَابًا ؟ هَلْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مِثْلُ هَؤُلَاءِ ؟ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ ، فَكَيْفَ الرَّأْيَ ؟ وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا ، قَدْ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ [

9. قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة 1/119: ] وذكر الخلال عنه في كتاب العلم نصوصا كثيرة في تفضيل العلم ومن كلامه فيه الناس الى العلم احوج منهم الى الطعام والشراب[

10. قال ابن مفلح في أصول الفقه 2/805: ] في "العلم " للخلال؛ فإِن بعضهم احتج عند أحمد على مسألة بقوله: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إِلى ميسرة)، فأجاب: بأن هذا إِنما ورد في ربائين[

11. قال ابن القيم في رفع اليدين ص. 275: ]وفي كتاب العلم للخلال قيل لأحمد إن ترك الرفع يكون تاركا للسنة ؟ ؟ قال : لا تقل هكذا ، ولكن قد رغب عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم[

12. قال ابن القيم في رفع اليدين ص. 276: ] قال الخلال كتاب العلم: "سئل أحمد عن رجل يؤم قوما يخالف في صلاته أحاديث جائت عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل رفع اليدين قال أخبره وعلمه قيل أخبرته ولم ينته قال إن أخبرته عن النبي فلم يقبل فاهجره
وقيل لأحمد: عندنا قوم يأمرونا برفع اليدين في الصلاة وقوم ينهونا عنه فقال لا ينهاك إلا مبتدع فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ابن عمر يحصب من لا يرفع[

13. قال أبو يعلى في كتاب التوكل: ] نقلت من خط أبي بكر من كتاب العلم بإسناده عن قتادة أنه أنه كان يقول في هذه الآية (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّه ُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) قال هذا ميثاق أخذه الله على أهل الكتاب فمن علم علما فليعلمه

وبإسناده عن أبي هريرة أنه قال والله لو لا آيتان في كتاب الله ما حدثت عنه يعني النبي شيئا إنه لولا قوله (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ) إلى آخر الآيتين[

وهذا ما تيسر لي جمعه والله أعلم

فمن كان له شيء من الزيادة فليرسله إلي حتى ألحقه بهذا البحث


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

جمع ما وصل إلينا من كتاب العلم للخلال رحمه الله تعالى