قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع)) (4/ 303، 304): ((ويمكن أن يُؤخذ مِن كلام المؤلِّف: أنَّ هذا الطَّاق الذي هو المِحراب ليس بمكروه وهو كذلك، فاتخاذ المحراب ليس بمكروه، وإن كان بعضُ العلماء استحبَّه؛ لما فيه مِن الدلالة على القِبْلة، وعلى مكانِ الإِمامِ.
وبعضُهم كَرِهَه، وقال: إنَّه غيرُ معروف في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وإنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم نَهى عن اتِّخاذِ المساجدِ مذابحَ مثلَ مذابحِ النَّصارى يجعلون لها الطَّاق؛ فهذا يقتضي كراهته.
والصَّحيحُ: أنَّه مباحٌ، فلا نأمرُ به ولا ننهى عنه، والقول بأنه مستحبٌّ أقربُ إلى الصَّوابِ مِن القول بأنه مكروه، لأنَّ الذي وَرَدَ النَّهيُ عنه مذابح كمذابح النصارى، أي: أن نتخذَ المحاريبَ كمحاريب النَّصارى، أما إذا كانت تختلِفُ عنهم فلا كراهة؛ لأن العِلَّةَ في المحاريب المشابهة لمحاريب النَّصارى هي التشبُّه بهم، فإذا لم يكن تشبُّه فلا كراهة.
فلو قال قائل: إذا كان الرَّسولُ صلّى الله عليه وسلّم لم يفعلْها فما بالُنا نفعلها؟
فالجواب: أن النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يفعلْها إما لعدمِ الحاجةِ إليها، أو لأن ذلك قد يكلِّفُ في البناء في ذلك الوقت، أو لغير ذلك مِن الأسبابِ، فما دامت ليست متَّخذة على وَجْهِ التعبُّدِ، وفيها مصلحةٌ؛ لأنَّها تبين للنَّاسِ محلَّ القِبْلة فكيف نكرهها؟!
ولو أنَّ المسجدَ لا مِحراب فيه ثم دَخَلَ رَجُلٌ غريبٌ فسوف تشتبه عليه القِبْلة، ولهذا قالوا في باب استقبالِ القبلة: إنَّه يُستدلُّ عليها بالمحاريبِ الإِسلاميةِ))اهـ .