من متشابهات القرآن الكريم
الولدان المخلدون وقوارير الفضة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال
في قوله تعالى:"*ويُطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا*قوارير من فضة قدروها تقديرا"*
وقال تعالى بعده"ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا "*
للسائل أن يسأل عن قوله "ويُطاف عليهم"وهو فعل ما لم يسم فاعله ،وبعده"ويطوف عليهم"وهو فعل سُمي فاعله،وعن اختصاص كل من المكانين بواحد منهما وعن الفائدة فيه؟
والجواب أن يقال:إن القصد في الأولى إلى وصف ما يُطاف به من الأواني دون وصف الطائفين ، فلما كان المعتمد بالإفادة ذاك بُنِي الفعل مقصودا به ذكر المفعول لا الفاعل ، فقال تعالى"بآنية من فضة...............فضة"ف لذلك لم يسم فاعل "ويطاف"، ولهذا بني الفعل للمجهول لأن المتكلم لا حاجة به إليه ،والحاجة منصبَّة على المفعول ،لأن الصفة متعلقة به ، فوجب ذكره، وأما في الموضع الثاني الذي سمي فيه الفاعل وهو قوله" ويَطوف عليهم ولدان مخلدون"فإن القصد فيه إلى وصف الفاعلين الذين يطوفون بهذه الآنية فوجب ذكرهم لتعلق الصفة بهم ، والحاجة منصبَّة عليهم ، فقال تعالى" ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ".
وإذا كان كذلك أوجب ما بني عليه الكلام أن لا يسمى الفاعل في الأول ويسمى في الثاني كما جاءت عليه الآيتان .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ،وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل .