الفصل بين "لولا" والفعل
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى عن حادثة الإفك:
قال تعـــالى:" *لولا إذ سمعتموه ظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين"
وقال تعالى:"*ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم"*

والأصل هو مجيء الفعل بعد لولا بحسب الأهمية المعنوية ،ولكنه عدل عن الأصل و فصل بين "لولا" والفعل "ظن" وتقدم الظرف"إذ سمعتموه" نحو "لولا"بحسب الأهمية المعنوية ، لبيان أنه كان الواجب عليهم أول ما سمعوا بالإفك أن يتفادوا الظن السيء وأن يبادروا إلى الظن الحسن ،فلما كان ذكر الوقت أهم وجب التقديم ، وتأخير هذا الظرف يضعف العلاقة المعنوية بينه وبين لولا ، كما تأخر فعل الظن ليتصل بما بعده بحسب الأهمية المعنوية.
كما فصل بين "لولا" وبين الفعل"قلتم" وتقدم الظرف "إذ سمعتموه" نحو "لولا" بحسب الأهمية المعنوية، لبيان أنه كان الواجب عليهم أن يتفادوا أول ما سمعوا بالإفك عن التكلم به ،فلما كان ذكر الوقت أهم وجب التقديم ، وتأخير هذا الظرف يضعف العلاقة المعنوية بينه وبين لولا، كما تأخر فعل القول ليتصل بجملة مقول القول بحسب الأهمية المعنوية .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس ،وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل .