قال حفظه الله تعالي
وعلى وجه العموم فمسألة تكفير المعيَّن مسألة كبيرة من مسائل الاجتهاد التي تختلف فيها أنظار المجتهدين، وللعلماء فيها أقوال وتفصيلات ليس هذا موضع بسطها.
ولهذا ينبغي للمسلم أن لا يتعجل في الحكم على الشخص المعين أو الجماعة المعينة بالكفر حتى يتأكد من وجود جميع شروط الحكم عليه بالكفر، وانتفاء جميع موانع التكفير في حقه، وهذا يجعل مسألة تكفير المعين من مسائل الاجتهاد التي لا يحكم فيها بالكفر على شخص معين أو جماعة أو غيرهم من المعيَّنين إلا أهل العلم الراسخون فيه، لأنه يحتاج إلى اجتهاد من وجهين:
الأول: معرفة هل هذا القول أو الفعل الذي صدر من هذا المكلف مما يدخل في أنواع الكفر الأكبر أم لا؟.
والثاني: معرفة الحكم الصحيح الذي يحكم به على هذا المكلف، وهل وجدت جميع أسباب الحكم عليه بالكفر وانتفت جميع الموانع من تكفيره أم لا؟.
والحكم على المسلم بالكفر وهو لا يستحقه ذنب عظيم؛ لأنه حكم عليه بالخروج من ملة الإسلام، وأنه حلال الدم والمال، وحكم عليه بالخلود في النار إن مات على ذلك، ولذلك ورد الوعيد الشديد في شأن من يحكم على مسلم بالكفر، وهو ليس كذلك، فقد ثبت عن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك ".
ولذلك كله فإنه يجب على المسلم الذي يريد لنفسه النجاة أن لا يتعجل في إصدار الحكم على أحد من المسلمين بالكفر أو الشرك.
كما أنه يحرم على العامة وصغار طلاب العلم أن يحكموا بالكفر على مسلم معيَّن أو على جماعة معيَّنة من المسلمين أو على أُناس معينين من المسلمين ينتسبون إلى مذهب معيَّن دون الرجوع في ذلك إلى العلماء.
كما أنه يجب على كل مسلم أن يجتنب مجالسة الذين يتكلمون في مسائل التكفير وهم ممن يحرم عليهم ذلك لقلة علمهم؛ لأن كلامهم في هذه المسائل من الخوض في آيات الله، وقد قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 68] .
ا.هـ
من كتاب مختصر تسهيل العقيدة الاسلامية صفحة 81،80،97