تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    23

    افتراضي هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    هل صحيح أن كل الأحاديث الواردة في تحريم الغناء فيها مقال؟
    ليس هذا صحيحا، ولكن هذا إنما هو رأي لأبي محمد علي بن حزم ولأبي بكر محمد بن العربي ولغيرهما وذلك بحسب علمهم، وقد طعن ابن حزم في واحد وعشرين حديثا ذكرها في المحلى تحرم الغناء، وابتدأها بالحديث الذي أخرجه البخاري في الصحيح وهو حديث أنه سيكون في آخر الزمان أقوام يمسخون قردة وخنازير لأنهم يستحلون الخمر والحر والمعازف، فهذا الحديث لم يستطع ابن حزم الطعن في دلالته، وإن كان هو أصوليا بارعا لم يستطع الطعن في دلالته، ولم يستطع كذلك الطعن في إسناده فالحديث لا يمكن أن يضعف من ناحية الإسناد لكنه طعن فيه فقط من جهة واحدة هي من جهة كونه زعم أنه معلق، والمعلق عند المحدثين معناه ما حذف بعض إسناده من أوله، معناه مما يلي المحدث منه، والبخاري قال في هذا الحديث: قال هشام ابن عمار حدثنا صدقة، هشام بن عمار شيخ البخاري، وهو ثقة من أئمة أهل العلم ومن الأثبات، وهو حدث بهذا الحديث عن صدقة وصرح فيه بالتحديث، فإذن البخاري قطعا لم يكن ليجزم بأن هشام بن عمار قال هذا إلا إذا كان سمعه منه، فإذن الحديث إسناده متصل ولا إشكال فيه وليس فيه سقط، وما زعم ابن حزم من أن البخاري حذف فيه شخصا بينه وبين هشام بن عمار ليس واردا، وإن كان احتمالا فهو احتمال ضعيف جدا، فلذلك فإن أهل التوسط من أهل الحديث ذهبوا إلى أن القول الذي يقول فيه البخاري قال فلان وينسب ذلك إلى شيخه فإنه يكون بمثابة المعنعن، والمعنعن في الحديث هو ما ذكره المحدث بصيغة (عن فلان)، وهذا إن كان المحدث مدلسا لا يقبل إلا إذا صرح بالسماع، وإن كان غير مدلس فليست العنعنة علة للحديث، ولذلك فإن كثيرا من الأحاديث التي في الصحيحين تأتي بلفظ العنعنة ولا يأتي فيها التصريح بالسماع لأن رواتها غير مدلسين، إذن رد العراقي في الألفية على ابن حزم في زعمه أن هذا الحديث معلق فقال في المعلق في الألفية:
    .
    وإن يكن أول الاسناد حذف** مع صيغة الجزم فتعليقا عرف
    ولو إلى آخره أما الذي** لشيخه عزا بقال فكذي
    عنعنة كخبر المعازف** لا تصغ لابن حزم المخالف
    .
    إذن نصيحة الحافظ العراقي لطلاب العلم أن لا يصغوا لابن حزم المخالف في هذه المسألة، ونصيحة العراقي ليست نصيحة له وحده، بل قد سبقه إليها النووي وكذلك ابن الصلاح وأيضا أخذ بها من بعده أئمة المسلمين كالحافظ بن حجر وغيره، فالراجح إذن أن الحديث الذي في البخاري ليس فيه إشكال، ولو كان فيه إشكال فقد ورد أيضا عند أبي داود نفس الحديث بإسناد ليس فيه قال هشام بن عمار فبذلك انتفت الريبة فالحديث صحيح، وأيضا ثمة أحاديث أخرى صحيحة لا يتطرق إليها احتمال ولا شك وفيها ما يدل على تحريم الغناء، سواء منها ما كان في حكم الرفع وكان موقوفا كالأثر الثابت عن عبد الله بن مسعود أنه أقسم بالله الذي لا إله إلا هو الذي يحلف به ابن مسعود أن قول الله تعالى : {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم} أنها المعازف فهذا لا يمكن أن يعرف إلا بالتوقيف، ولا يمكن أن يقسم ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو الذي يحلف به ابن مسعود على أمر لم يسمعه من الرسول r في تفسير القرآن وهو الذي كان يخاف كثيرا من تفسير القرآن.
    أما الأحاديث التي طعن فيها ابن حزم وأورد مجموعة منها، فكثير منها يمكن أن نوافقه في طعنه وبعضها لا نوافقه، فمثلا ابن حزم طعن في ثلاثة أحاديث من أحاديث تحريم الغناء بأن في إسنادها عبد الملك بن حبيب، وعبد الملك بن حبيب من أئمة المالكية وهو مؤلف كتاب الواضحة الذي هو من أهم كتب المالكية، وقد ذكر الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب ترجمة لطيفة لعبد الملك بن حبيب وعبد الملك ليس من رجال الكتب الستة، ولكنه يذكر في رجال الكتب الستة تمييزا، والتمييز معناه أن يشترك الشخص في اسمه واسم أبيه مع رجل من رجال الكتب الستة، فيذكر لينبه إلى أنه ليس من رجالها، ولذلك تجدون كتب الرجال يذكرون فلانا ويقولون تمييز، تمييز لم يرمز له بحرف من الحروف المعروفة، مثلا الشخص إذا رمز له بالعين معناه أنه روى له الجماعة كلهم، إذا رمز له بالخاء والميم معناه أخرج له البخاري ومسلم في الصحيحين، إذا رمز له بالميم فقط معناه مسلم فقط، إذا رمز له بالميم ورقم 4، معناه مسلم والسنن الأربعة، إذا رمز له بالدال معناه أبو داود، بجه معناه ابن ماجه، بالنون معناه النسائي، وهكذا بالتاء معناها الترمذي، إذن هؤلاء الرموز إذا وجدتم شخصا من الرجال رمز له بأحد هذه الرموز تعرفون من أخرج له، أما إذا لم يذكر له رمز من هذه الرموز وكتب عنده تمييز، فمعناه أنه ليس من رجال الكتب الستة ولكن ذكر لاشتراكه في اسمه واسم أبيه مع رجل من رجال الكتب الستة، لما ترجم الحافظ في تهذيب التهذيب لعبد الملك بن حبيب قال: وقد رماه ابن حزم بالكذب ولم يكن أحد يتجرأ عليه به غير ابن حزم فلا يسلم له، فابن حزم وحده هو أول من تجرأ على ابن حبيب بأن رماه بالكذب، وإلا فابن حبيب من أئمة المالكية الأعلام وكان موازيا وموازنا لسحنون بن سعيد، وسحنون تعرفون أنه من أئمة الدين المتفق على إمامتهم لدى الجميع، وهو الذي روى المدونة عن ابن القاسم وهو الذي ولي قضاء القيروان سبعين سنة لم يأخذ عليها درهما واحدا ولا دينارا، ولي القضاء سبعين سنة لم يأخذ دينارا واحدا ولا درهما من بيت المال، ولما كان يولي القضاة كان يأخذ لهم الأرزاق لكن يشترط أن يأخذ الجزية من اليهود مباشرة يأخذها هو بيده ليعلم أنها خالصة وأنه لم يظلمهم ولم يأخذ منهم إلا الحق الواجب عليهم، فلذلك فإن ابن حبيب كان موازيا لسحنون سحنون في القيروان وابن حبيب في الأندلس، فلا يمكن الجراءة عليه بما تجرأ عليه به ابن حزم، ولذلك يقول الشيخ محمد سالم بن عدود في نظم له لرجال الكتب الستة يقول فيه:
    ابن حبيب قد رمى بالكذب** أبو محمد بن حزم وأبي
    إذ لم يكن من قبله من يجتري** به عليه قاله ابن حجر
    فابن حجر ذكر أنه لم يتجرأ عليه أحد بهذا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    جزاكم الله خيرا
    وجزى الله الشيخ عنا خير الجزاء
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    5

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    جزاك الله خيرا
    قال الإمام الشافعي رحمه الله :- إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأنى رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جزاهم الله خيرا حفظوا لنا الأصل فلهم علينا الفضل.
    السير ( 10/60 )

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا
    وجزى الله الشيخ عنا خير الجزاء
    وجزاكم الله خيرا
    نشكر لك حضورك مشرفنا الكريم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    أخى مغترب هل تقصد الغناء فحسب أم تقصد معه المعازف أظن أن الأمر مختلف بين هذا وذاك
    فإن قصدت الغناء
    فلا حاجة لنا لذكر حديث البخارى فيه لأنه يتحدث عن المعازف وليس عن الغناء
    ثملا تنسى أن هناك أحاديث أخرى صحيحه ورد فيها ذكر الغناء
    كحديث المرأة التى كانت قد نذرت أن تضرب وتتغنى إن رجع النبى منتصرا من غزوة الخندق
    وقال لها الرسول إن كنت نذرت فوفى وإلا فلا
    واله الموفق
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  6. #6

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    الدكتور محمد عمارة له مقال فى مجلة الازهر أظنه قبل عدد او ا الشهر

  7. #7

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    706

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    أخوتي عليكم بكتاب
    أحاديث المعازف والغناء دراسة حدثية نقدية ((رسالة ما جستير)) محمد عبد الكريم عبد الرحمن
    دار ابن حزم 1427,,
    تكلمة عن كل الاحاديث ووصل ولله الحمد لما وصل إليه إجماع الائمة العلماء بتحريمها..
    وكذلك كتاب ((الرد على الجديع))
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات خ,م
    قلت: إنما تفيد الحصر

  9. #9

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بسام الحربي مشاهدة المشاركة
    أخوتي عليكم بكتاب
    أحاديث المعازف والغناء دراسة حدثية نقدية ((رسالة ما جستير)) محمد عبد الكريم عبد الرحمن
    دار ابن حزم 1427,,
    تكلمة عن كل الاحاديث ووصل ولله الحمد لما وصل إليه إجماع الائمة العلماء بتحريمها..
    وكذلك كتاب ((الرد على الجديع))
    بل كتاب الشيخ الجديع أفضل ما ألف في الباب، زكاه محدث العصر شيخنا الألباني في حاشية صفحة سبع وثلاثين من كتابه (تحريم آلات الطرب):
    (...فوجدته كتاباً قيّماً جامعاً لأحاديث هذا الباب وآثاره جمعاً لم يسبق إليه- فيما علمت- مع النقد العلمي الحديثي لكل فرد من أفرادها...).
    طبعا لا أقصد كتابه المردود عليه، وإنما كتابه الماتع (( أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان).
    قال يونس الصدفي : ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة ؟!

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,091

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    ولذلك يقول الشيخ محمد سالم بن عدود في نظم له لرجال الكتب الستة يقول فيه:
    ابن حبيب قد رمى بالكذب** أبو محمد بن حزم وأبي
    إذ لم يكن من قبله من يجتري** به عليه قاله ابن حجر
    فابن حجر ذكر أنه لم يتجرأ عليه أحد بهذا
    هل هذا النظم موجود على الشبكة ؟!

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    706

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عائشة المغربي مشاهدة المشاركة
    بل كتاب الشيخ الجديع أفضل ما ألف في الباب، زكاه محدث العصر شيخنا الألباني في حاشية صفحة سبع وثلاثين من كتابه (تحريم آلات الطرب):
    (...فوجدته كتاباً قيّماً جامعاً لأحاديث هذا الباب وآثاره جمعاً لم يسبق إليه- فيما علمت- مع النقد العلمي الحديثي لكل فرد من أفرادها...).
    طبعا لا أقصد كتابه المردود عليه، وإنما كتابه الماتع (( أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان).
    أهلا بك أخي,,
    لقد أخطأت في هذا ((حفظك الله))
    فإن الالباني رحمة الله توفى قبل خروج الكتاب , وهو له كتاب يذهب فيه الى مسلك اهل العلم في تحريم الات الطرب التي هي المعازف...
    والامر في ذلك منتهي ولله الحمد فقد أجمع الائمة الاربعة واصحابهم على حرمة المعازف ولم يحكى خلاف في هذا...
    فلا نحتاج بعد ذلك لبحث وجمع...
    وأما الرد على الجديع , فأنا اطلب منك قرائته ثم أحكم انت بنفسك على كتاب الجديع
    وهذا رابط الكتاب حتى لا تتعب نفسك..
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات خ,م
    قلت: إنما تفيد الحصر

  12. #12

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بسام الحربي مشاهدة المشاركة
    أهلا بك أخي,,
    لقد أخطأت في هذا ((حفظك الله))
    فإن الالباني رحمة الله توفى قبل خروج الكتاب , وهو له كتاب يذهب فيه الى مسلك اهل العلم في تحريم الات الطرب التي هي المعازف...
    والامر في ذلك منتهي ولله الحمد فقد أجمع الائمة الاربعة واصحابهم على حرمة المعازف ولم يحكى خلاف في هذا...
    فلا نحتاج بعد ذلك لبحث وجمع...
    وأما الرد على الجديع , فأنا اطلب منك قرائته ثم أحكم انت بنفسك على كتاب الجديع
    وهذا رابط الكتاب حتى لا تتعب نفسك..
    عذرا أيها الحبيب أنت المخطئ ولم تدقق في كلامي, كتاب الشيخ الجديع (أحاديث ذم الغناء والمعازف) قديم جدا قبل وفاة الشيخ الألباني بزمن بعيد، وليس هو الكتاب الحديث الذي رد عليه الرادون،والظاهر أنك أخي لم تطلع على كتاب الشيخ الألباني وإنما سمعت به،لانك لو اطلعت عليه لوجدته يثني على كتاب الجديع، والكتاب موجود على الشبكة،فلم لم تعن نفسك بالبحث قبل التخطئة،مع أني قد أحلتك على الصفحة التي ورد بها النص ، فلا تكن متعجلا وفقك الله ورعاك.
    ومما يدل على عجلتك أخي أنك لم تتنبه لما أشرت إليه من ان هذا الكتاب هو غير الكتاب الذي تعرف،لا في موضوعه ولا عنوانه، ومع ذلك خلطت بينهما .
    أما كتاب الجديع والردود عليها فقد قرأتها ولست بصدد مناقشتها .
    وفقك الله
    قال يونس الصدفي : ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة ؟!

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    706

    افتراضي رد: هل كل الأحاديث التي وردت في الغناء فيها مقال؟!

    أخي كلام الالباني قاله قبل خروج الكتاب وهذا معروف.. وتأكد انت بنفسك
    وعلى العموم الذي ذهب اليه الجديع باطل مخالف لكلام الائمة..
    وفقنا الله وإياك لكل خير
    وهذا كللام للالباني في الجديع ((تدبره جيدا))

    3327- (من قرأ حرْفاً من كتاب الله ؛ فله به حسنة، والحسنة بعشْرِ أمثالها ، لا أقول : (الم ) حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف، وميم حرف).
    أخرجه البخاري في "التاريخ " (1/216/679)، والترمذي (8/115/2910) كلاهما بإسناد واحد قالا- والسياق للترمذي- : حدثنا محمد بن بشار: حدثنا أبو بكر الحنفي: حدثنا الضحاك بن عثمان عن أيوب بن موسى قال: سمعت محمد ابن كعب القُرَظي قال: سمعت عبدالله بن مسعود يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :... فذكره. وقال الترمذي:
    "ويروى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن مسعود، ورواه أبو الأحوص عن ابن مسعود؛ رفعه بعضهم، ووقفه بعضهم عن ابن مسعود. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ".
    قلت: وإسناده جيد، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الضحاك بن عثمان، احتج به مسلم، وهو مختلف فيه، قال الذهبي في "الميزان ":
    " صد وق ".
    وقال الحافظ في "التقريب ":
    "صدوق يهم ".
    وكأن البخاري أشار إلى هذا بقوله عقب الحديث في ترجمة القرظي:
    "لا أدري حفظه أم لا؟ ".
    قلت: لكن الأصل في مثل هذا المتكلم فيه تمشية حديثه؛ إذا لم يتبين وهمه فيه كما هنا " وإلا لزم التوقف عن قبوله حديث كثير من رواة البخاري الذين يتكلم فيه بعض الحفاظ كأبي بكر بن عياش ونحوه، ولذلك رأينا تلميذه الترمذي قد قوّى هذا الحديث، وأقره جماعة من الحفاظ ، منهم المنذري في "الترغيب " (2/205)، وابن تيمية في "الفتاوى" (12/13 و 23/282) وغيرهم- لو تتبع- كثير، مثل الضياءالمقدسي كما كنت نقلته من جزء له في "الصحيحة".
    وخالفه موسى بن عبيدة فقال : حدثنا محمد بن كعب عن عوف بن مالك الأشجعي مرفوعاً به نحوه.
    أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (10/461/9982)، والطبراني في "المعجم الأوسط " (1/213- 214). وموسى هذا: هو الربذي؛ ضعيف.
    وله طريق أخرى من رواية عطاء بن السائب عن أبي الأحوص عن ابن مسعود به مرفوعاً.
    أخرجه ابن منده في جزء "الرد على من يقول: (الم ) حرف " (رقم 4 و5 و 6)
    من طريق حماد بن زيد وسفيان الثوري وغيرهما عنه " وهما رويا عنه قبل الاختلاط، فهو إسناد صحيح، وقد كنت خرجت قديماً رواية سفيان في "الصحيحة" (660) من رواية الخطيب، والآن وجدتها من رواية ابن منده أيضاً عنه وعن حماد في كتابه المذكور تحقيق الأخ الباحث المحقق عبدالله الجديع.
    لكني رأيته قد ذهب إلى إعلال هذين الطريقين الصحيحين وغيرهما مما رواه
    ابن منده وغيره- بالوقف- بحجة أن أكثر الطرق الصحيحة عن ابن مسعود هي
    موقوفة، ولست أشك في أصحية كثير من الطرق الموقوفة، وقد ساق بعضها الطبراني في "المعجم الكبير" (9/139- 140)، ولكني رأيته متكلفاً في نصب التعارض بينها وبين الطرق المرفوعة من جهة، ومغالياً في ادعاء الانقطاع بين محمد بن كعب القرظي وعبدالله بن مسعود من جهة أخرى.
    أما التكلف؛ فإني لا أرى أي تعارض بين المرفوعات والموقوفات حتى يصار
    إلى ترجيح هذه على تلك؛ ذلك لأن الموقوف هنا في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بمجرد الرأي كما هو ظاهر، وهذا هو ملحظ الترمذي ومن وافقه حين صححوه، وهم على علم بالطرق الموقوفة دون ريب، وكذلك الحافظ ابن منده الذي أقام جزءه على الطرق المرفوعة، وساق الطرق الكثيرة الموقوفة، فلم يعل تلك بهذه لما ذكرت.
    وأما المغالاة؛ فقد تشبث في إثبات الانقطاع المزعوم بقول البخاري المتقدم:
    "لا أدري حفظه أم لا؟ "! فقال:
    "أراد قوله: سمعت عبدالله ".
    وأقول: إن كان أراد ذلك؛ فليس إلا شكاً في السماع، وليس نفياً له، ولو صرح بالنفي؛ فغيره قد أثبته، وأعني به الترمذي، فإن تصحيحه للحديث يستلزم صحة اتصال إسناده كما هو ظاهر، بل قد صرح أبو داود بسماعه منه فقال.
    "سمع من علي ومعاوية، وابن مسعود".
    ومعلوم من علم الأصول أن المثبت مقدم على النافي، وهذا أمر لا يخفى عليه
    إن شاء الله. ولكن لننظر كيف رد الإثبات بطرق ملتوية هزيلة:
    لقد نقل عن الترمذي قوله عقب تصحيحه المذكور:
    "سمعت قتيبة يقول: بلغني أن محمد بن كعب القرظي ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
    قلت: ومع أن الترمذي لم يصحح هذا- كيف وهو قد ذكره بلاغاً وهو نقل عن مجهول- " فهو شاذ غير مقبول كما قال (الجديع) نفسه؛ ومع ذلك فهو يقول في قول الترمذي:
    "ولعل هذا القول هو عمدته في تصحيح الحديث، ولذا ذكره، ووافق الترمذي
    أبو داود في نقله عن قتيبة، لكن في رواية أبي داود:
    سمعت قتيبة يقول: "بلغني أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ". قلت: واعتمد هذا القول
    أبو داود فقال في محمد بن كعب: سمع من علي، ومعاوية، وابن مسعود". فأقول: أما قوله: "ولعل... " إلخ فيقال له: اجعل ( لعل) عند ذاك الكوكب، وكذلك قوله: "واعتمد هذا القول أبو داود... " فهو مثله أو أسوأ؛ لأنه مجرد دعوى لا دليل عليها، فسبيلها أن يضرب بها عرض الحائط، لا سيما وهي في صدد ردّ حقيقة ثابتة، وهي تصريح الراوي الثقة بالسماع، بل واتهام لحافظين من حفاظ الأمة أنهما يصححان الأحاديث بناء على بلاغ منقطع لا يخفى على المبتدئ في هذا العلم ضعفه. وإني- والله- لأعجب من جرأة هذا الباحث على مثل هذه الدعوى الهدامة التي لم يسبق إليها، وليس هذا فقط، بل ولا يقيم وزناً لبعض الأقوال التي تؤيد الاتصال من بعض الحفاظ من أئمة الجرح والتعديل المطلعين على أقوال الحفاظ السابقين من الناقدين، كالحافظ العسقلاني الذي رد البلاع الذي تقدم عن قتيبة بقوله:
    "لاحقيقة له ".
    ومع ذلك؛ فإنه لم يرد قول أبي داود الصريح بسماع القرظي من ابن مسعود والآخرين معه، بل إنه أشار إشارة قوية إلى تمريض القول المخالف له؛ فإنه لما ذكر في مطلع ترجمته جماعة من الصحابة الذين روى عنهم، وفيهم هؤلاء الثلاثة؛ عقب على ذلك بقوله:
    "يقال: إن الجميع مرسل ".
    وهو قول الحافظ المزي في "تهذيبه "، ولذلك رأيت الحافظ العلائي في "جامع التحصيل " (ص 329) يعقب على قول أبي داود الصريح بالسماع بقوله:
    "وهذا هو الصحيح... "
    ثم احتج له بهذا الحديث، مشيراً إلى صحته، ومبطلاً لقول من قد يقول بانقطاع إسناده!
    ويخطر في البال أن المخالف شعر أن ما تشبث به لا يكفي لإثبات الانقطاع، فلجأ إلى شيء بديع لم يتنبه له أولئك الحفاظ! ألا وهو الاحتجاج بما ذكروه من تاريخ ولادة (محمد بن كعب القرظي)، وهو سنة (40) على أكثر ما قيل، وما ذكروه في وفاة ابن مسعود، وهي سنة (33) على أكثر الأقوال؛ وعليه قال (ص 99):
    "وأي ذلك كان الصواب؛ فإنه ولد قطعاً بعد موت ابن مسعود"!
    فأقول: أثبت العرش ثم انقش؛ فإن الأقوال التي قيلت في تاريخ ولادته هي أقوال معلقة لا زمام لها ولا خطام، فالاعتماد عليها فاسد الاعتبار في مثل هذا المجال، وأتعجب منه! لقد رد قول قتيبة: بلغني.. المتقدم بأنه عن مجهول فهو شاذ غير مقبول، رده لأنه يثبت اتصال سند الحديث الذي رفضه، والآن تشبث بالتاريخ الذي لا سند له؛ لأنه يؤيد الانقطاع الذي زعمه!! وأعل به رواية الثقة
    الذي قال عن محمد بن كعب: سمعت عبدالله بن مسعود... فاعتبروا يا أولي الأبصار!
    لقد ذكرني صنيع هذا الباحث بما فعله بعض الحنفية بحديث أبي هريرة الصحيح: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر أو العصر، فسلم في ركعتين...- الحديث- وفيه قصة ذي اليدين وإتمامه - صلى الله عليه وسلم - الصلاة بعد قوله: "أصدق ذو اليدين؛ ". متفق عليه، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (923). فأعله بعض الحنفية انتصاراً لمذهبه بقول الزهري: إن صاحب القصة- يعني: ذا اليدين- استشهد ببدر، وأبو هريرة أسلم عام خيبر. فأعل الصحيح بقول الزهري المعضل، فهذا كذاك! انظر "فتح الباري " (3/96- 97). *
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات خ,م
    قلت: إنما تفيد الحصر

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •