أيا وطنا كم به أفسدوا...

قصيدة للشاعر اليمني اﻷستاذ محمد عبدالله المطري

راجعها د.صادق البيضاني
( 1 )
أيا وطنا كم به أفسدوا *** وكم باسمه فوقنا عربدوا
وكم لوثوه وكم دنسوه *** وكم شتتوه وكم شردوا
يمنوه فجرا بميلاده *** وفي كل فجر لهم موعد
وكم حلم قد جثوا فوقه *** وكم من أمانٍ له تؤد
ومرت عقود به خمسة *** ومن سيد يعقب السيد
أهذا الذي قد كفرتم به *** وقلتم لنا كاهن بائد
وقلتم لنا إنه ظالم *** وتاريخه مظلم أسود
وقلتم لنا إنها ثورة *** لنحيا وإلا سنستشهد
وقلتم لنا إننا بعدها *** بكل تفاصيلها نسعد
كذبتم فما فيكم صادق *** ولا فيكم مؤمن راشد
فأصدقكم كاذب سارق *** وأشرفكم مارق ملحد
وأطهركم ماجن سافل *** وأفضلكم فاسد مفسد
فلا تذكروا بعهدها ثورة *** فقد عرف القصد والمقصد
( 2 )
وهذا الذي قد أتى غازيا *** على كل أحلامنا يحقد
وثار على كل أجيالنا *** ليطغى علينا و يستعبد
ولا رأي يخرج عن رأيه *** فذلكم القائد المرشد
فإما ندين له أو لنا *** جحيم ونار بها نخلد
يريد نكون له سخرة *** وجسرا على ذاتنا يصعد
يريد يسفه أحلامنا *** ويبغي علينا ويستأسد
ومن حوله عصبة شرعنت *** له ما يريد وما ينشد
فكم بجلوه وكم قدسوه *** وكم عظموه وكم مجدوا
ولو عاش عقدا لقاموا له *** "بإياك يا سيدي نعبد"
وأجرم أشياعه باسمه *** وكل على جرمهم يشهد
سل الأرض كم باسمه دمروا *** بيوتا ودورا وكم أبعدوا
وكم من مدارس حفظ بغوا *** عليها ولم يُحفظ المسجد
وكم حرمة هتكوا سترها *** وصارت تضج و تستنجد
وحتى اليتيم تجنوا عليه *** ولم يسلم الشيخ والمقعد
وتلك المدارس قد صيرت *** متارس للجهل قد وطدوا
وقاموا هناك بما لم يقم *** به جاهل أحمق أقرد
يريدون إشعالها فتنة *** ونارا على أرضنا توقد
وتلك المسيرة أكذوبة *** يميزها الجاهل الأرمد
وليس بها للهدى آية *** وليس بها سورة تحمد
فقولوا لنا أين أخلاقكم *** وكيف سيشرق فينا الغد
وانتم أحطتم بآفاقه *** وأجهضتموه فهل يولد
( 3 )
خذوها كما قيل من ناصح *** له رأيه عند ما يعقد
إذا شئتموا دولة فانبذوا *** جميع الشعارات ثم ابتدوا
بنصح العقيدة مما بها *** من الموبقات التي تحصد
ولا تجعلوا بيننا فرقة *** فهذا مسود وذا سيد
فنحن جميعا بأنسابنا *** عبيد وسيدنا أحمد
ولا تحملوا وزر أسلافكم *** من البغي شيئا و لا تعتدوا
وردوا المظالم لا تغفلوا *** وكونوا عيونا ولا ترقدوا
ولا تسمعوا النصح من خائن *** ولا من يريد بكم يصعد
وإياكمو أن تكونوا غدا *** ملاذ العصاة ومن أفسدوا
وصونوا الحقوق لأصحابها *** وقوموا بعزم و لا تقعدوا
ولا تحملوا حقد ما قد مضى *** فلن يبلغ المجد من يحقد
تحلوا بأخلاق أهل التقى *** فذلكم الملك و السؤدد
( 4 )
وقل للخيانة لن تسلمي *** وإن غدا بينا موعد
ففيه الجزاء بلا رحمة *** لمن دبروها ومن ساندوا
وإن كان للبغي يوما يد *** ستقطع بالعدل تلك اليد
وسوف تدور رحى غدركم *** عليكم ولن يسعف المنجد
فلا تحسبوا أنها نزهة *** أتيحت لكم و انتهى المشهد
غدا سوف تهوي مشاريعكم *** و يعصفها ثائر مارد