تبادل التقديم بين شهادة الرسول الكريم وشهادة الأمة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى :"وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ(الحج 78)حيث تقدمت شهادة الرسول الكريم على شهادة الأمة لأن الرسول الكريم سيشهد عليهم فيما إذا امتثلوا للأوامر ،وجاهدوا في الله حق جهاده أم لا ،وسيشهد على أعمالهم خيرها وشرها ،كما تأخرت شهادتهم لأن الحديث عنهم ،وإذا تغيرت مواقع الشهادتين اختل نظم الآية الكريمة .
وقال تعالى :"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ(البقرة 143)حيث تقدمت شهادة الأمة على شهادة الرسول -صلى الله عليه وسلم -لأن الحديث عن الأمة الإسلامية ووسطيتها، ومن أجل أن يرتبط السبب مع المسبب ،كما تأخر الحديث عن شهادة الرسول الكريم ليتصل بما بعده والحديث عنه ،وإذا تغيرت مواقع الشهادتين اختل نظم الآية الكريمة .
كما تـأخرت صلة الشهادة في هذه الآية وتقدمت آخرا ،لأن الغرض في الأول إثبات شهادتهم على الأمم ،وفي الآخر اختصاصهم بكون الرسول شهيدا عليهم .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي ،وأن الإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس .