الخلاف واقع بين العلماء في ألبان الإبل على قولين:

القول الأول: أنه ناقض للوضوء:


وقد استدل أصحاب هذا القول بحديثين:


عن أُسَيد بن حُضَير، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تتوضؤوا من ألبان الغنم، وتوضؤوا من ألبان الإبل)) . ضعيف: ابن ماجه 496، وأحمد 19097، وفيه حجاج بن أرطاة، والجمهور على ضعفه، وفيه عبدالرحمن بن أبي ليلى، لم يسمع من أسيد بن حضير، وُلِد عبدالرحمن في خلافة عمر بن الخطاب؛ أي نحو 17 هجريًّا، وتوفي أسيد سنة20 أو 21 هجريًّا، كما أن هناك اختلافًا في الحديث على عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال الترمذي 81: والصحيح عن عبدالله بن عبدالله الرازي، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب؛ انظر: المسند 21/443 - 444، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع 6279، وكذا محققو المسند.

عن عبدالله بن عمر، يقول: سمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((توضؤوا من لحوم الإبل، ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم، وتوضؤوا من ألبان الإبل، ولا توضؤوا من ألبان الغنم، وصلُّوا في مراح الغنم، ولا تصلُّوا في معاطن الإبل)) .

ضعيف: ابن ماجه 497، وفيه بقية بن الوليد، وقد عنعنه، وهو مشهور بالتدليس، وفيه عطاء بن السائب، وعطاء اختلط في آخر عمره، قال أحمد: من سمع منه قديمًا فهو صحيح، ومن سمع منه حديثًا لم يكن بشيء؛ الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 6/333، والراوي عنه هذا الحديث: خالد بن يزيد بن عمر الفزاري، وهو ممن رووا عنه بعد اختلاطه.
قال الحافظ: يحصل له من مجموع كلام الأئمة أن رواية شعبة، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وزائدة، وأبي أيوب، وحماد بن زيد، عنه قبل الاختلاط، وجميع مَن روى عنه غير هؤلاء، فحديثه ضعيف؛ لأنه بعد اختلاطه، إلا حماد بن سلمة فاختلف قولهم فيه؛ انظر: تحفة الأحوذي 1/224 - 227.كما أن خالد بن عمر هذا مجهول الحال؛ قاله في الزوائد، والحديث ضعفه الألباني في ضعيف الجامع 4496.

وكلاهما ضعيف لا يحتج بهما.

القول الثاني: أنه غير ناقض للوضوء:


وهو الراجح؛ لعدم وجود دليل صحيح، كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة العُرَنِيِّين، وهم قوم قدِموا المدينة فأصابهم مرض، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها . متفق عليه: البخاري 233، مسلم 1671، من حديث أنس بن مالك.
سميت هذه القصة بقصة العُرَنيِّين نسبة إلى قبيلة عُرَينة، وهي المكان الذي أتى منه الوفد، وكان عددهم ثمانية، ثلاثة من عكل، وأربعة من عُرَينة، وواحد من غيرهم؛ انظر: فتح الباري 1/337.



والثابت من فعله - صلى الله عليه وسلم - أنه يتمضمض من اللبن، ولم يفرِّق بين لبن وغيره؛ فعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرِب لبنًا فمضمض، وقال: ((إن له دسمًا)) . متفق عليه: البخاري 211، 5609، ومسلم 358.


وثبت من قولِه؛ فعن أم سلمة زوجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا شرِبتم اللبن فمضمضوا؛ فإن له دسمًا)) . صحيح: ابن ماجه 499، وابن أبي شيبة في مصنفه 630، والطبراني في المعجم الكبير 703، وصححه الألباني في الصحيحة 1360.