تبادل الأهمية المعنوية بين المتشابهات
تبادل الأهمية المعنوية بين الأحوال المتعددة والصفات المتعددة

الكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية عند المتكلم في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وتقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في تبادل الأهمية المعنوية بين الأحوال المتعددة والصفات المتعددة ، فمرة يقدم المتكلم صفة المفرد على شبه الجملة على الجملة وتارة يحصل العكس حيث تتقدم شبه الجملة أو الجملة على المفرد ،وتقديم هذا أو ذاك يكون بحسب الأهمية المعنوية عند المتكلم ،قال تعالى" وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا " وقال تعالى" وجاء رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه "وقال تعالى :كمثل جنة بربوة أصابها وابل " وهذا هو الأصل والكثير في كلام العرب وفي القرآن الكريم ،حيث يبدأ بالمفرد يليه شبه الجملة ثم الجملة لأن المفرد أثبت وأهم ،فمثلا وصف الجنة أولا بأنها بربوة وهذا وصف ثابت ثم جاء بالوصف العارض ،ووصف الرجل أولا بأنه مؤمن ،وهذا الوصف أهم وأثبت وأقرب إليه من كونه من آل فرعون أو يكتم إيمانه ......إلخ ، إلا أن هذا الأمر ليس دائما ،فقد تتقدم شبه الجملة أو الجملة على المفرد بحسب الأهمية المعنوية عند المتكلم ،قال تعالى :"وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه " لمَّا كان الوصف بالإنزال أهم وآكد من الوصف بالبركة قدَّمه لأن الكلام مع من ينكر رسالة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وكان الوصف بالفعل المسند إلى نون العظمة أولى من الوصف بالاسم ،لما يدل الإسناد إلى الله تعالى من التعظيم والتشريف ،وقال تعالى:ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدِّق لما معهم "قدَّم الوصف شبه الجملة على صفة المفرد لأن الوصف بكينونته من عند الله آكد ،وقال تعالى "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى " فقدم الجملة على شبه الجملة لأن الحديث عن الإرسال والوحي فكان وصف الرجال بنزول الوحي أهم من كونهم من أهل القرى ،فقدم الوصف الأهم ليكون ألصق بالرجال وأدل عليهم .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي ،وأنَّ الكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس .