قال ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية.ط. قرطبة" (7/182):
"فصل قال الرافضي البرهان الحادي و الثلاثون قوله تعالى و من عنده علم الكتاب من طريق أبي نعيم عن ابن الحنفية قال هو علي بن أبي طالب و في تفسير الثعلبي عن عبد الله بن سلام قال قلت من هذا الذي عنده علم الكتاب قال ذلك علي بن أبي طالب و هذا يدل على انه افضل فيكون هو الإمام.


*و الجواب من وجوه...
أحدها: المطالبة بصحة النقل عن ابن سلام و ابن الحنفية.


الثاني: انه بتقدير ثبوته ليس بحجة مع مخالفة الجمهور لها.


الثالث: أن هذا كذب عليهما.


الرابع: أن هذا باطل قطعا و ذلك أن الله تعالى قال قل كفى بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب و لو أريد به علي لكان المراد أن محمدا يستشهد على ما قاله بابن عمه علي و معلوم أن عليا لو شهد له بالنبوة و بكل ما قال لم ينتفع محمد بشهادته له و لا يكون ذلك حجة له على الناس و لا يحصل بذلك دليل المستدل و لا ينقاد بذلك أحد لأنهم يقولون من أين لعلي بذلك و إنما هو استفاد ذلك من محمد فيكون محمد هو الشاهد لنفسه و منها أن يقال أن هذا ابن عمه و من أول من آمن به فيظن بهالمحاباة والمداهنة والشاهد أن لم يكن عالما بما يشهد به بريئا من التهمه لم يحكم بشهادته ولم يكن حجة على المشهود عليه فكيف إذا لم يكن له علم بها إلا من المشهود له ومعلوم انه لو شهد له بتصديقه فيما قاله أبو بكر وعمر وغيرهما كان انفع له لان هؤلاء ابعد عن ا لتهمة ولان هؤلاء قد يقال انهم كانوا رجالا وقد سمعوا من أهل الكتاب ومن الكهان أشياء علموها من غير جهة محمد بخلاف على فانه كان صغيرا فكان الخصوم يقولون لا يعلم ما شهد به إلا من جهة المشهود له و أما أهل الكتاب فإذا شهدوا بما تواتر عندهم عن الأنبياء وبما علم صدقه كانت تلك شهادة نافعة كما لو كان الأنبياء موجودين وشهدوا له لان ما ثبت نقله عنهم بالتواتر وغيره كان بمنزلة شهادتهم أنفسهم ولهذا نحن نشهد على الأمم بما علمناه من جهة نبينا كما قال تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا فهذا الجاهل الذي جعل هذا فضيلة لعلى قدح بها فيه وفي النبي الذي صار به على من المؤمنين وفي الأدلة الدالة على الإسلام ولا يقول هذا إلا زنديق أو جاهل مفرط في الجهلفان كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة اعظم.

الخامس: أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر الاستشهاد بأهل الكتاب في غير آية كقوله تعالى قل ارأيتم أن كان من عند الله ثم كفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل علي مثله افترى عليا هو من بني إسرائيل وقال تعالى فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك فهل كان على من الذين يقرؤون الكتاب من قبله وقال وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر فهل أهل الذكر الذين يسألونهم هل أرسل الله إليهم رجالا هم علي بن أبي طالب.


السادس: انه لو قدر أن عليا هو الشاهد لم يلزم أن يكون افضل من غيره كما أن أهل الكتاب الذين يشهدون بذلك مثل عبد الله بن سلام وسلمان وكعب الأحبار وغيرهم ليسوا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كابي بكر وعمر وعثمان وعلى وجعفر وغيرهم" اهـ.