بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نصيحة الشيخ طلبة العلم باحترام العلماء والتأدب معهم
وذكر قصة أبي موسى الأشعري مع عبدالله بن مسعود في ذلك

الشيخ محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله

الشيخ : ... الحديث ذو شجون وقد تأخر الوقت أكثر من المفروض ولكن في هذه القصة ما أردت الاستنباط منها مما يتعلق بأدب طالب العلم لقد روى الإمام الدارمي في سننه المعروف المسند بالسند الصحيح أن أبا موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه جاء صباح يوم إلى دار بن مسعود في الكوفة فوجد أصحابه ينتظرونه فقال أخرج أبو عبد الرحمن قالوا لا فجلس ينتظره إلى أن خرج فقال أبو موسى يا أبا عبد الرحمن لقد رأيت آنفا في المسجد شيئا أنكرته ومع ذلك والحمد لله لم أر إلا خيرا أرجو الانتباه إلى الجمع بين النقيضين في الظاهر ولا تناقض قال رأيت شيئا أنكرته ولم أر إلا خيرا كيف ذلك سيأتيكم البيان في تضاعيف القصة

قال ماذا رأيت قال فإن عشت فستراه رأيت أناس حلقا حلقا في المسجد وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لمن حوله سبحوا كذا احمدوا كذا كبروا كذا ومع كل رجل منهم حصى يعد به التسبيح والتحميد والتكبير قال ابن مسعود أفا أنكرت عليهم هنا الشاهد قال لا انتظار أمرك أو انتظار رأيك

هذا هو الأدق أبو موسى هو من كبار أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ومن علماءهم لكنه يعلم أنه ليس بمثابة ابن مسعود في الفقه بالكتاب وبالسنة فقال لا ما أنكرت عليهم انتظار أمرك أو انتظار رأيك قال أفلا أنكرت عليهم وأمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم ألا يضيع من حسناتهم شيء

ثم دخل داره وخرج متنقبا متلثما حتى دخل المسجد ورأى تلك الحلقات كما وصفها له أبو موسى فكشف اللثام عن وجهه وقال ويحَكم ما هذا الذي تصنعون أنا عبد الله بن مسعود صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا أبا عبد الرحمن وهذا لسان كل المبتدعة لسان كل المبتدعة أنهم يقولون كما ستسمعون

قالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير قال وهذا جوابنا للمبتدعة كلهم وكم من مريد للخير لا يصيبه وكم من مريد للخير لا يصيبه إن محمدا صلى الله عليه وسلم حدثنا ( إن أقواما يقرؤون القرآن يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية )

قال شاهد هذه القصة فلقد رأينا أولئك الأقوام أصحاب الحلقات أصحاب الذكر غير المشروع ولقد رأينا أولئك الأقوام يقاتلوننا يوم النهر أي صاروا من الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقاتلوه وقاتلهم حتى استأصل شأفتهم ولم ينج منهم إلا القليل

هذه هي القصة والعبرة منها أن أبا موسى لم يتقدم بين يدي بن مسعود لينكر ذلك المنكر الذي وصفه بأنه لم ير إلا خيرا لماذا ؟؟ لأنه تسبيح وتحميد وتكبير وهذا خير ولكن الإنكار إنما جاء لما انضم إلى هذا الذكر من زيادات وإضافات جعلت هذا الذكر بدعة كما يقول الإمام أبو إسحاق الشاطبى إضافية هذه بدعة إضافية فبسبب هذه الإضافات أنكر أبو موسى ذلك لكن خشي أن يكون واهما مخطئا فجاء إلى أبى مسعود وأخذ رأيه فاتفق رأيه مع رأيه وتوجه ابن مسعود وتولى بنفسه إنكار ذلك

فأنا أرجو ما إخواننا من طلاب العلم أن يقدروا لأهل العلم قدرهم وجهدهم ومنزلتهم وأن لا يتقدموا بين أيديهم وأنا أعرف في كثير من المجالس يتوجه سؤال لكن يكون المجلس عادة فيه وحدة حال فيه يعني ما فيه تكلف ما فيه رسميات فيتوجه السؤال إلى أحد المشايخ فينبري أحدهم ويقول الجواب كذا هذا قلة أدب فلا يجوز لطلاب العلم أن يقعوا في مثله لأننا رأينا أبا موسى وهو بعيد عن أبي مسعود كيف خطر في باله وأن هناك من هو قريب منه من هو أفقه وأعلم منه إذن ينبغي عليه هو أن يأخذ رأيه في مثل هذا الأمر الحادث لأنه ليس أمرا معروفا بإنكاره أو بأنه معروفا في الشرع فتأدب بمثل هذا الأدب ولما قال له ابن مسعود أنكرت عليهم قال لا في انتظار أمرك أو انتظار رأيك هذا أدب أأكد توصيتي إخوانا الطلاب أن يضعوه دائما نصب أعينهم وأن يتأدبوا مع علماءهم وهذا مما أشار إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه )
وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
من سلسلة الهدى والنور
الشريط رقم : 397
الشيخ محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله
http://www.albaidha.net/vb/showthrea...271#post184271