بسم الله الرحمن الرحيم



الحلقة السادسة من : قراءة شيخنا أبي عُبُود - عبد الله بن عبود باحمران - لكتاب ( الجامع في العلل والفوائد / للدكتور ماهر الفحل ) .



قال الشيخ الفاضل أبو عُبُود عبدالله بن عبود باحمران حفظه الله ووفقه - ومن خطه نقلتُ - :



(( الحلقة السادسة :


7) ردّ إعلال النسائي للفظ : (( وتوضئي )) لتفرّد حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة بها . فقال في (4/61) : (( بل قالها غير واحد ، قالها حماد بن سلمة .. وقالها أبو حنيفة ، ويحيى بن هشام ثلاثتهم عن هشام بن عروة ... )) أهـ .
8) وعندما يفعل غير المفرِّقين ما فعله الدكتور تجد الدكتور يستحضر حفظ واطلاع الأئمة المتقدمين – وهذه إحدى سمات كل المفرِّقين – فقد قال الدكتور في (4/483) : (( وهذا بعيدٌ جداً ؛ لأنَّه يستبعد عن الأئمة الحفاظ السابقين الذين حفظوا مئات الألوف من الأسانيد أنَّهم لم يطّلعوا على هذه المتابعة ، فأصدروا هذا الحكم . )) أهـ .
ب) ردُّ الدكتور حكم الأئمة بالغرابة للمتابعة :
1) نقل الدكتور قول أبي نعيم : (( غريب من حديث خالد ، تفرد به عيسى عن ثور )) ؛ فردَّه الدكتور فقال في (2/261) : (( قلت : تابعه عتبة بن السكن ... )) أهـ .
2) نقل الدكتورُ قولَ البيهقي : (( وهذا غريب من حديث زهير )) ؛ فردَّه الدكتور فقال في (3/198) : (( زهير ثقة ، وقد تابع إسرائيل على هذه الرواية ، فلا أدري ما وجه الغرابة ؟ اللهم إلا أن يكون البيهقي رحمه الله وصف هذا السند بالغرابة كون الحديث مشهوراً من طريق إسرائيل ، وكما هو معروف في اصطلاحات المحدثين ، فإن الغريب يقابله المشهور )) أهـ .
أهذا تعقب يصحُّ ممَّن ألف في الجامع في العلل ؟ .
3) نقل الدكتورُ قولَ الترمذي : (( هذا حديث غريب لا نعلم أحداً أسنده غير محمد بن سلمة الحراني )) ، وردَّه بإظهار الترمذي أنه لا يُميِّز بين الرواية المتصلة والرواية المرسلة اعتماداً من الدكتور على مستدرك الحاكم ، وختم قوله في (3/341) : (( فبهذا لم يتفرد به محمد بن سلمة بل تابعه يونس بن بكير )) .
وزاد الدكتور - الذي يُعل على طريقة المتقدمين - في إظهار الإمام الترمذي بما لا يليق على طريقة الإعادة إلى منهج المتقدمين فقال في (3/341) : (( قد تقدم في كلام الترمذي أنه أعل الرواية الموصولة بالرواية المرسلة من طريق يونس بن بكير على وجه الخصوص ، إلا أن هذه الرواية بينت أن رواية يونس موصولة وليست مرسلة ولما كان كتاب (( المستدرك )) حافلاً بالتحريف والتصحيف والأخطاء فلم أثبت هذا السند إلا بعد ما رجعت إلى (( إتحاف المهرة )) ... فوجدت هذا السند سليماً مما ذكرت ، والحمد لله . )) أهـ .
وأين أوهام الرواة وأوهام الحاكم خاصة ؟ .
وقد وهَّم الدكتورُ نفسه الحاكمَ كما في (5/31) .
وأين أنَّ هذه المتابعة في الوصل وُجدت بعد زمن الترمذي بسبب وَهم أحد رواتها ولا تُعرف في زمن الترمذي غير رواية يونس بن بكير المرسلة ؟ .
أهكذا يكون تعامل مَن يُعل على طريقة المتقدمين مع إمام من أئمة العلل النقاد المتقدمين ؟ .
ألا يكفي الدكتورَ أن يُمسك قلمَه عن تسطير ما كتبه في حقِّ الإمام الترمذي قولُه : (( هذا حديث غريب )) مع التنصيص على تفرُّد محمد بن سلمة بالوصل الذي هو بمعنى لا وجود لرواية في زمن الترمذي فيها متابعة لمحمد بن سلمة على وصله ، ورواية يونس بن بكير – وغيره – المرسلة هي المعروفة في زمنه ؛ لذلك أعلَّ بها الرواية الموصولة ؛ فحكم عليها بالغرابة ، فقال : (( هذا حديث غريب )) أي : ضعيف كما هو عند الدكتور نفسه في غير موضع من كتابه ( الجامع ) ، فكيف إذا قُرِن في قول الترمذي بيان يوضح فيه نفي المتابعة لمحمد بن سلمة في وصله ، وذلك عندما قال – ونقله الدكتور - : (( لا نعلم أحداً أسنده غير محمد بن سلمة الحراني )) ؟ .
4) نقل الدكتور في (3/380) قول الدارقطني في تفرّد سفيان بن عيينة ، وتفرّد عبد الله بن عمران العابدي ، عن ابن عيينة متصلاً ، ثم قال : (( وتابعه على هذا القول أبو نعيم في " الحلية " ... إذ قـــال : " غــريب من حديث ابن عيينة ، عن زياد عن الزهري ، تفـــــــــرَّد به العابدي ، عن ابن عيينة عنه " )) أهـ .
فردَّ حكمهما ؛ فقال : (( كلام الدارقطني وأبي نعيم فيه نظر ؛ إذ لم يتفرّد عبد الله العابدي به ، فقد تابعه إسحاق بن عيسى الطباع وهو صدوق ، عن ابن عيينة به ... )) أهـ .
والصواب مع الدارقطني وأبي نُعيم .
5) نقل الدكتور في (4/394) قولَ ابن خزيمة : (( هذا حديث غريب لم يسنده أحد أعلمه غير محبوب بن الحسن ، ورواه أصحاب داود ؛ فقالوا : عن الشعبي ، عن عائشة خلا محبوب بن الحسن )) أهـ .
فردَّ حكمه بالتفرّد والنكارة ، وفسَّره بالشذوذ على قاعدة ابن حجر ، فقال في (4/40) : (( وظاهر كلام ابن خزيمة أنَّه حكم بالشذوذ على هذه الرواية ، إلا أنَّ قوله : (( لم يسنده أحد أعلمه غير محبوب ... )) هذا كلام فيه نظر فقد توبع محبوب ... )) أهـ .
والصواب مع ابن خزيمة ، وقول الدكتور فيه نظر ، الدكتور وقف على هذه المتابعات ، وإمام الأئمة في عصره لم يقف عليها ؛ فيكون هذه المتابعات معلومة معروفة ولكن لا تصلح أن تجعل رواية محبوب المتصلة محفوظة ؛ فلا يُعترض ويُتعقَّب قول ابن خزيمة بمثل قول الدكتور : (( هذا كلام فيه نظر . )) .
7) من اعتراضات وتعقبات وردود الدكتور هذه لحكم الأئمة وخاصة الترمذي وأبي نعيم بالغرابة ، أضع سؤالاً لكل المفرِّقين الداعين إلى طريقة المتقدمين في التصحيح والتضعيف والإعلال ، وهو : إمام من الأئمة المتقدمين وبخاصة الترمذي وأبي نعيم ، حَكَمَ على حديث أو طريق بأنه : (( غريب )) وقَرَنَ مع حكمه بالغرابة التنصيص على التفرُّد – كما في النقولات السابقة – فهل يصح من الدكتور ردّ الحكم بالمتابعة ؟ .
إذا كان جوابهم بـ (( لا يصح )) فصنيع الدكتور هذا على طريقة المتقدمين أم على طريقة المتأخرين ؟.
ج) الإمام المتقدم يذكر متابعة لراوٍ ، فيردَّها الدكتور ؛ لأنه لم يقف عليها ولا يعلم صحتها إلى المتابِع :
1) نقل الدكتور في (3/391) عن الدارقطني : (( أن مالكاً توبع على روايته المرسلة ، تابعه محمد بن الوليد )) ؛ فلم يعتمده فقال : (( و لم أقف على تخريجه ، ولا نعلم صحة الإسناد إلى محمد بن الوليد ؛ لذلك فإنَّ هذه المتابعة لا تعضد رواية مالك ... )) أهـ .
2) نقل الدكتور في (4/456) عن الدارقطني أنه (( ذكر متابعة سعيد بن زَرْبي لحماد بن سلمة )) ؛ فردَّها بقوله : (( لم أقف عليها مسندةً فلا تقوم بها حجة ؛ إذ لا نعلم صحة الإسناد إلى سعيد ، فلعلَّ السند لا يصح إليه ، ... )) أهـ .
د) الدكتور يردّ حديث المبتدع الذي يروي ما يؤيد بدعته؛ فقد ذكر الدكتور في (5/215) حديثاً في فضل علي رضي الله عنه من طريق الحارث بن حصيرة ، فردَّه بقوله : (( فظاهر هذا الإسناد أنَّه حسن إلا أنَّ الحارث بن حصيرة أتى بما يوافق بدعته ، فيرد الحديث ويتهم به ، قال ابن حجر في التقريب : " صدوق ، يخطئ ، ورمي بالرفض " . )) أهـ .
وصرَّح بذلك قبلُ في (5/175) .
والدكتور نفسه صرَّح وجزم أنَّ المتأخرين – ولا سيما المعاصرين لا يقبلون رواية المبتدع ، بخلاف المتقدمين فهم يقبلون روايته مطلقاً ، فإنه – عند تباين منهج المتقدمين والمتأخرين – مما قاله الدكتور في (1/126) : (( وهكذا رواية المبتدع ، فالمتأخرون – ولا سيما المعاصرين – لا يقبلون رواية المبتدع ، بخلاف المتقدمين فهم يقبلون روايته مطلقاً . )) أهـ .
وبهذا شهد الدكتور على نفسه وشهد عليه كذلك الشيخ سليمان ناصر العلوان – الذي عزى إليه القول السابق – أنه على منهج المتأخرين ، وأنه أحد المعاصرين الذين خالفوا المتقدمين وردّوا رواية المبتدع .
وهنا أُذكِّر بما قلتُه إنَّ هذا الكتاب فيه نفس وروح المفرِّقين ، ونفس وروح غير المفرِّقين ، ونفس وروح الكاتب ، فأية نفسٍ هذه جمعت هذه الأنفس في ( الجامع في العلل والفوائد )) ؟ .
هـ ) تعطيل الدكتور قول الإمام المتقدم ؛ لأنَّه قوَّى ما صعَّفه غيره من الأئمة ، والدكتور مع المضعِّفين :
1) نقل الدكتور قول الإمام البخاري في تقويته حديث عثمان في تخليل اللحية ، وصدَّره بغمز في هذه التقوية :
2) فقال في (2/226) : (( ومع كل هذا ، نجد بعض أهل العلم قد قوَّى حديث عامر بن شقيق ، عن أبي وائل ، عن عثمان رضي الله عنه ، فقد نقل الترمذي في " العلل الكبير " ... عن شيخه البخاري بعد أنْ ساق الحديث ، فقال : " قال محمد : أصح شيئ عندي في التخليل حديث عثمان . قلت : إنهم يتكلمون في هذا الحديث ، فقال : هو حسن " . )) أهـ .
3) فبدل أن يعلِّل الدكتورُ حكمَ الإمام البخاري عطَّله وسلب حق الإمام البخاري أن يكون له حكم مستقل صريح في مخالفة غيره من الأئمة ، فقال : (( وقول البخاري : " هو حسن " لعله يعني به : المعنى اللغوي لا الاصطلاحي )) .
4) وأكَّد هذا التعطيل ولِمَ سلب حق الإمام البخاري أن يكون له اجتهاد غير اجتهاد الأئمة الآخرين ، وأسماه الدكتورُ تأويلاً ؛ ليكون وقع صنيعه في النفوس خفيفاً إن لم يكن مقبولاً ، فقال في (2/226- الحاشية " 2 " ) : (( هكذا تأولته ليكون احتمال الجمع بين قوله وقول من ضعفه وبين من ضعف أحاديث الباب قائماً ؛ وكذلك لأن إطلاق كثير من المتقدمين للحسن فإنما يرادُ به المعنى اللغوي . )) أهـ .
5) أتذاكر مع الدكتور هل قول : (( هو حسن )) هنا (( يرادُ به المعنى اللغوي )) ؟ .
*أ) قول الإمام البخاري : (( أصح شيئ عندي في التخليل حديث عثمان )) ، أي : أصح شيئ في أحاديث باب تخليل اللحية عندي هو حديث عثمان .
*ب) أسأل الدكتور وكل المفرِّقين : إذا قال إمام متقدم : (( أصح شيئ في الباب )) ؛ فهل يريد المعنى اللغوي أم المعنى الاصطلاحي ؟ .
*ج) الإمام البخاري يعلم قول غيره المخالف له في اجتهاده ، فأشار إلى هذا فقال : ( عندي )) ، أهذا يريد به المعنى اللغوي ؟ .
*د) أكّد دفع المعنى اللغوي تلميذُهُ وخريجُهُ الإمام الترمذي فقال : (( إنهم يتكلمون في هذا الحديث )) .
وأسأل الدكتور وكلَّ المفرِّقين : عندما يقول إمام متقدم : (( يتكلمون فيه : أي الحديث )) ، أو (( يتكلمون فيه : أي الراوي )) أَلا يكون فيه إشارة أو تصريح بتضعيف الحديث أو بجرح الراوي ؟ .
والتاريخ الكبير والتاريخ الأوسط والضعفاء كلها للبخاري نجد فيها : (( يتكلمون فيه )) ، أهذا معنى لغوي أم اصطلاحي ؟ .
*ه) فأكّد البخاري هذا وأنه عالم بهذا التكلُّم فيه ، والذي أشار إليه قبلُ بقوله : (( عندي )) فقال : (( هو حسن )) . أي : الكلام الذي فيه لا ينزل به عن درجة الحسن .
و) ثم أتى " تلميذ البخاري وخريجه " – قاله الدكتور في (2/129) – ليُثْبِت تعطيل الدكتور لمراد شيخه وسلبه حق الاجتهاد في مخالفة غيره من الأئمة ، أَلاَ وهو الإمام الناقد الجهبذ الترمذي ، فقد ذكر حديث عثمان هذا في جامعه ، وصححه فقال : (( هذا حديث حسن صحيح )) ونقل هذا الدكتور نفسه في (2/226) .
و*) وكذلك عطَّل الدكتورُ قولَ الترمذي : (( حديث حسن )) في صحيفة واحدة في موضعين متتاليين ، فقال في (2/499) : (( .. لا بد من التنبيه على ملاحظة بسيطة وهي : إنَّ قول الترمذي : (( هذا حديث حسن )) لا يقتضي أنَّه حسن بالمعنى الاصطلاحي ، وإنما هي من الإطلاقات التي عُرف بها الترمذي ، ولو أنَّه كان يقصد المعنى الاصطلاحي لما أعقبه بقوله : (( سمعت محمداً يقول ما روى ابن أبي ليلى حديثاً أعجب إليَّ من هذا ، ولا أروي عنه شيئاً )) ، ولعل ما يشهد لقولي هذا أنَّه رحمه الله قال عقب حديث (315) : (( حديث فاطمة حديث حسن ، وليس إسناده بمتصل )) وهذا يعني أنَّه حكم بانقطاع السند فكيف يحكم بانقطاعه ثم يقول عنه حديث حسن ؟ ... )) أهـ .
1) الدكتور في ذهنه أنَّ الترمذي مقلد للبخاري ، وليس إماماً له اجتهاده ورأيه المستقل ، فبما أن البخاري قال ما تقدم ؛ فلا يجوز للترمذي أن يحسّن لابن أبي ليلى مع أن حال ابن أبي ليلى لا ينقض تحسين الترمذي ، لماذا ؟
2) لأنه غاب عن ذهن الدكتور ما يعلمه من مراد الترمذي بقوله : (( حديث حسن )) فقط والذي لا ينقضه ضعف ابن أبي ليلى بل يؤكد ضعفه .
3) غاب عن ذهن الدكتور ما يعلمه من بيان الترمذي في العلل آخر الجامع مراده عندما يقول : (( حديث حسن )) ؛ فجعله الدكتور هنا ليس بالمعنى الاصطلاحي وإنَّما هي الإطلاقات التي عُرف بها الترمذي .
4) غاب عن ذهن الدكتور ما يعلمه من أن قول الترمذي : (( حديث حسن )) هو مصطلح خاص به بيَّنه ، فسأل الدكتور سؤالاً غريباً : (( فكيف يحكم بانقطاعه ، ثم يقول عنه حديث حسن )) ؟ .
5) وقد يكون الأمرُ أنَّ الدكتور مستحضر ومنتبه لكل ما تقدم ، ولكن الاستقراء والتتبع والسبر أوصله إلى عدم التسليم بتصريح وبيان الترمذي بمراده عند قوله : (( حديث حسن )) فقط فقد قال في كتاب العلل آخر الجامع : (( وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن ، فإنَّما أردْنا به حُسن إسناده عندنا كل حديث يُروى لا يكون في إسناده من يُتَّهم بالكذب ، ولا يكون الحديث شاذًّا ، ويُروى من غير وجهٍ نحو ذاك ؛ فهو عندنا حديث حسن )) أهـ .
6) في قول الترمذي :
*أ) عندما يقول في جامعه : (( حديث حسن )) فقط بدون أن يقرنه بصفة أخرى كقول : (( حديث حسن صحيح )) ، أو قول : (( حديث حسن غريب )) ، أو قول : (( حديث حسن صحيح غريب )) .
*ب) أراد به حُسن إسناده عنده أي :اصطلاح خاص به .
*ج) وقد يكون قول الترمذي : (( حُسن إسناده عندنا )) جعل الدكتور يسأل السؤال الغريب السابق وهو : (( فكيف يحكم بانقطاعه ، ثم يقول عنه حديث حسن )) .
*د) على الدكتور الفاضل لزاماً أن يتدبَّر التالي :
الأول : قول : (( حُسن إسناده عندنا )) ؛ لماذا : (( عندنا )) ؛ لأن له اصطلاحاً خاصاً به غير المتعارف عليه من قول : (( إسناده حسن )) ، وهو الإسناد الفرد .
الآخر : فبيَّن أنَّ مصطلحه الخاص به في جامعه ليس المراد به الإسناد الفرد فقال : (( ويُروى من غير وجهٍ نحو ذاك )) ؛ فيكون حسَّنه مع انقطاع سنده عنده لمجيئه من وجه آخر أو أكثر فيعتضد بهذا ؛ فيقول : (( حديث حسن ) ، أو لمجيئ شاهدٍ له نحوه ؛ فيقول : (( حديث حسن )) .
*ه) وإذا كان الدكتور الفاضل بالاستقراء والتتبع لقول الترمذي في جامعه : (( حديث حسن )) خَرَجَ بنتيجة لا تلتقي مع بيان مراد الترمذي بقوله : (( حديث حسن )) ؛ فقال ما تقدم ؛ فالنتيجة تُلَفُّ ويُرمى بها في وجه صاحبها كائناً من كان ، وكفى غروراً الذي يصنعه الجهل .
وأُذكِّر الدكتور أنَّ الذي صنعه الترمذي صنيعة غيره من الأئمة المتقدمين ، وأُمثِّل هنا بالنسائي فقط :
في باب (( موضع الإبهامين عند الرفع )) من ( السنن الكبرى ) ، أخرج حديث عبد الجبار بن وائل ، عن أبيه ، ثم قال : (( عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه ، والحديث في نفسه صحيح )) أهـ ، ثم اجتباه في المجتبى برقم (882) .
2)في باب (( الصفُّ بين القدمين )) من ( السنن الكبرى ) ، أخرج حديث أبي عبيدة ، عن عبدالله ، ثم قال : (( وأبو عُبيدة لم يسمع من أبيه ، والحديث جيد )) أهـ ، ثم اجتباه في المجتبى برقم (892 ، 893 ) .
ز*) ردّ إعلال إمام المعلِّلين البخاري بطريقة وأسلوب الفقهاء وبعض من يرميهم المفرِّقون بمخالفة أحكام المتقدِّمين :
1) ذكر الدكتور في (1/343) : حديث سيف بن سليمان ، عن قيس بن سعد ، عن عمرو بن دينار ، عن بن عباس ، مرفوعاً .
2) ثم ذكر في (1/345) : حديث عبد الرزاق ، وأبي حذيفة ، كلاهما عن محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، به .
3) ثم ذكر حديث عبد الله بن محمد بن ربيعة ، عن محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، وعقبه قال : (( هذه الرواية منكرة فيها عبد الله بن محمد بن ربيعة ... )) اهـ .
4) ثم في (1/346) نقل قول البخاري في هذا الحديث : (( عمرو بن دينار لم يسمع عندي من ابن عباس هذا الحديث )) أهـ .
5) فردَّ الدكتورُ قولَ البخاري هذا ؛ فقال : (( فهذا الكلام إما أن يكون اعتماداً على رواية عبد الله بن محمد بن ربيعة التي مر ذكرها سلفاً ، فإن الإعلال حينئذ غير صحيح ، ولا وجه له ، وإما أن يكون اعتماداً على ما ترجح للإمام البخاري من عدم سماع عمرو بن دينار لهذا الحديث من ابن عباس بمرجح خفي اطلع عليه ، فحينئذ لا يمكننا أن نُعِلَّ حديثاً ونُسقطَه من أجل كلام غير مفسر . )) أهـ .
6) لو أنَّ الدكتور دَرَسَ هذه الأسانيد دراسة متأنية ، وكذلك فتّش جيداً في حال محمد بن مسلم الطائفي ، ثم تدبَّر أيُّهما أيسر على الضعيف : أن يُسقط راوياً أم يزيده وكيف إذا كانوا أكثر من واحد ، ثم كم روى عمرو بن دينار عن ابن عباس بوساطة ، وخاصة من طريق محمد بن مسلم الطائفي عنه ، وغير ذلك ؛ لَعَلِمَ صواب إعلال إمام المعلِّلين في وقته الإمام البخاري .
7) ثم في موضع آخر من الجامع عامل إعلال الإمام ابن المبارك بغير ما عامل به إعلال البخاري هنا ؛ فلماذا ؟ .
*أ) ففي (5/147-150) ذكر حديث عاصم بن ضمرة ، عن علي مرفوعاً ،
*ب) ثم نقل تضعيف ابن المبارك لهذا الحديث .
ج*) ثم قال في (5/150) : (( إنْ كان ابن المبارك ضعَّف الحديث بسبب عاصم بن ضمرة فإنه اجتهاد قاده لهذا التضعيف ، على أنَّ عاصماً وثقه بعض أهل الحديث ... وإنْ كان ابن المبارك قد اطَّلع على علةٍ خفية ضعَّف بها لأجلها الحديث فهذا واردٌ و محتملٌ إذ هو أحد أكابر هذا الفن ، وليس بغريبٍ أنْ يّطلع على ما لم يطلع عليه غيره ، والله أعلم )) أهـ .
د*) وأحد أكابر هذا الفن لم يذكره الدكتور في مسرد أئمة العلل في (1/41-49) ؛ لماذا ؟ لأنه استفاد في هذا المسرد من كتاب (( جهود المحدثين )) للدكتور علي الصياح ، والدكتور علي الصياح لم يذكر ابن المبارك في مبحث : (( ذكر أئمة العلل والمضعفين فيه )) (ص30-41) ؛ وكذلك لم يذكره في (( سرد تفصيلي لأئمة العلل ..)) (ص42-175) .
تنبيه :
عبد الله بن محمد بن ربيعة هذا لم يعرفه الدكتور بعد عدة صحيفات من هنا وذلك في (5/419) حين نُسِب إلى جَدِّه فجاء اسمه : عبد الله بن ربيعة .


..... يتبع



لمشاهدة الحلقات السابقة ؛ أنقر على رقم الحلقة بأدناه :






ولتحميل الحلقات أنقر هنا