فضائل الصحابة فى القرآن والسنة
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ ، وإِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ. فإن الصحابة رضي الله عنهم هم خير جيل عرفته البشرية ، وهم أفضل رجال هذه الأمة بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، فما أحوج شباب اليوم إلى أن يتعرف على هذا الجيل الفريد ليكونوا لهم خير أسوة وقدوة فى زمان أصحبنا نفتقد فيه لهذه القدوة ، فهيا بنا نتعرف على فضائلهم من القرآن والسنة فى هذه المقالة المتواضعة. أولاً : فضائل الصحابة فى القرآن الكريم : جاءت آيات كثيرة فى القرآن الكريم تبين فضل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلو شأنهم ، ورفعة مكانتهم ، ورضوان الله تبارك وتعالى عليهم ومنها: 1-قال تعالى : (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (سورة الفتح : الآية : 29 ). قال ابن الجوزي رحمه الله :وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور . وقال مالك رحمه الله : من أصبح وفى قلبه غيظ على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد أصابته الآية . قال الإمام القرطبي رحمه الله معلقاً على كلام الإمام مالك رحمه الله : لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله. فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين ، وأبطل شرائع المسلمين 0 ثم قال رحمه الله :فالصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله. هذا مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة. وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم ، فيلزم البحث عن عدالتهم ، ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال : إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء ، فلا بد من البحث. وهذا مردود ، فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم رضي الله عنهم ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى : {مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}، وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخباره لهم بذلك. وذلك غير مُسقط من مرتبتهم وفضلهم ، إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد ، وكل مجتهد مصيب.(الجامع لأحكام القرآن : 16صـ 297- 299).
2- وقال تعالى :(لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)( سورة الحشر : الآيات : 8- 10).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهذه الآيات تتضمن الثناء على المهاجرين والأنصار ، وعلى الذين جاءوا من بعدهم يستغفرون لهم ويسألون الله أن لايجعل فى قلوبهم غلاً لهم ، وتتضمن أن هؤلاء الأصناف هم المستحقون للفئ ، ولا ريب أن هؤلاء الرافضة خارجون من الأصناف الثلاثة ، فإنهم لم يستغفروا للسابقين الأولين ، وفى قلوبهم غل عليهم ، ففى الآيات الثناء على الصحابة وعلى أهل السنة الذين يتولونهم ، وإخراج الرافضة من ذلك ، وهذا نقيض مذهب الرافضة "( منهاج السنة : جـ2 صـ18 وما بعدها). وقال الإمام ابن أبى العز الحنفى رحمه الله: " فمن أضل ممن يكون فى قلبه غل على خيار المؤمنين وسادات أولياء الله تعالى بعد النبيين ؟ بل قد فضلهم اليهود والنصارى بخصلة قيل لليهود : من خير أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب موسى ، وقيل للنصارى : من خير أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب عيسى ، وقيل للرافضة من شر أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب محمد لم يستثنوا منهم إلا القليل ، وفيمن سبوهم من هو خير ممن استثنوهم بأضعاف مضاعفة "( شرح الطحاوية : صـ47). 3-وقال تعالى:(وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (سورة الحديد : الآية :10). استدل الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى بقوله تعالى : (وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) أن جميع الصحابة بدون استثناء من أهل الجنة مقطوع لهم بذلك(الفصل فى الملل والنحل : جـ4صـ148).
4- وقال سبحانه وتعالى :(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)(سورة الفتح:الآية:18).
5- وقال تعالى :(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )(سورة التوبة:الآية:100). قال الإمام البغوي رحمه الله : قال أبو صخر حميد بن زيادة : أتيت محمداً بن كعب القرظى فقلت له : ما قولك فى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجنة محسنهم ومسيئهم ، فقلت : من أين تقول هذا ؟ قال : اقرأ قول الله تعالى:(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ )إلى أن قال : (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ)(تفسير البغوى :جـ2صـ271). " فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما فى قلوبهم ورضى عنهم وأنزل السكينة عليهم فلا يحل لأحد التوقف فى أمرهم ولا الشك فيه ألبتة "( الفصل فى الملل والنحل : 4 / 148). 6- وقال تعالى :( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)(سورة آل عمران : الآية: 110). وقال تعالى :(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)( سورة البقرة : الآية: 143). فمن المخاطب وقت نزول الآيتين غير الصحابة ؟ فهم المخاطبون بذلك خطاباً أولياً ، فثبت خيريتهم رضى الله عنهم على كافة الناس غير الأنبياء ،وجعلهم الله شهداء على الناس يوم القيامة لفضلهم وشرفهم وعلو منزلتهم0 7 – وقال تعالى :(يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِ مْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(سورة التحريم:الآية:8). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وفى الجملة كل ما فى القرآن من خطاب المؤمنين والمتقين والمحسنين ومدحهم والثناء عليهم ، فهم ( أى الصحابة ) أول من دخل فى ذلك من هذه الأمة ، وأفضل من دخل فى ذلك من هذه الأمة.(منهاج السنة : جـ2صـ49-50). ثانياً : فضائل الصحابة فى السنة النبوية : جاءت أحاديث كثيرة عن النبى صلى الله عليه وسلم تبين لنا فضل الصحابة رضى الله عنهم وتبين علو مكانتهم وشرفهم ومنها : عن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ، ذهبا ما بلغ مد أحدهم ، ولا نصيفه "(رواه البخارى ومسلم). قال الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله : والذي ذهب إليه الجمهور أن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل لمشاهدة رسول الله صلى الله عليه و سلم وأما من اتفق له الذب عنه والسبق إليه بالهجرة أو النصرة وضبط الشرع المتلقي عنه وتبليغه لمن بعده فإنه لا يعدله أحد ممن يأتي بعده لأنه ما من خصلة من الخصال المذكورة إلا وللذي سبق بها مثل أجر من عمل بها من بعده فظهر فضلهم(فتح البارى : جـ7صـ7). وقال الإمام النووي رحمه الله : ومعناه: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مداً ولا نصف مد (شرح النووي على صحيح مسلم : جـ16 صـ93). وقال الإمام البيضاوي رحمه الله :معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهبا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص وصدق النية،قلت : وأعظم من ذلك في سبب الأفضلية عظم موقع ذلك لشدة الاحتياج إليه وأشار بالأفضلية بسبب الإنفاق إلى الأفضلية بسبب القتال كما وقع في الآية من أنفق من قبل الفتح وقاتل فإن فيها إشارة إلى موقع السبب الذي ذكرته وذلك أن الإنفاق والقتال كان قبل فتح مكة عظيما لشدة الحاجة إليه وقلة المعتني به بخلاف ما وقع بعد ذلك لان المسلمين كثروا بعد الفتح ودخل الناس في دين الله أفواجاً فإنه لا يقع ذلك الموقع المتقدم والله أعلم(فتح الباري: جـ 7 صـ 34). وأخرج الإمام مسلم فى صحيحه عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم ، ثم الذين يلونهم " والله أعلم أذكر الثالث أم لا ، قال : " ثم يخلف قوم يحبون السمانة ، يشهدون قبل أن يستشهدوا ". قال الإمام الآجرى رحمه الله :" ومن سبهم فقد سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم استحق اللعنة من الله عز وجل ، ومن الملائكة ومن الناس أجمعين )(الشريعة:صـ712). وقال أيضاً : " لقد خاب وخسر من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه خالف الله ورسوله ولحقته اللعنة من الله عز وجل ومن رسوله ومن الملائكة ومن جميع المؤمنين ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ، لا فريضة ولا تطوعاً ، وهو ذليل فى الدنيا وضيع القدر ، كثر الله بهم القبور ، وأخلى منهم الدور(الشريعة:صـ 716). وعن واثلة بن الأسقع رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزالون بخير مادام فيكم من رآنى وصاحبنى ، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآنى وصاحب من صاحبنى والله لا تزالون بخير مادام فيكم من رأى من رأى من رآنى وصاحب من صاحب من صاحبنى "( مصنف ابن أبي شيبة - كتاب الفضائل- ما ذكر في الكف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - حديث:‏31777‏). وعن أبي بردة عن أبيه قال: قال النبي e : (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد, وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون, وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)(رواه مسلم). وعن عبد الله بن مسعود t أن النبي e قال: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته)(رواه البخاري). ثالثاً : عدالة الصحابة عند السلف الصالح رضوان الله عليهم : عن عائشة رضى الله عنها قالت : ( أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فسبوهم )(رواه مسلم). وقال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه :(من كان متأسياً فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً ، وأقومها هدياّ وأحسنها حلاً ؛ قوماً اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم فى آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم )( جامع بيان العلم وفضله : صـ1810). وقال الإمام أبو زرعة الرازى رحمه الله :(إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله r فاعلم أنه زنديق, لأن الرسول r عندنا حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله r وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهو زنادقة)( الكفاية فى علم الراوية : صـ97). وقال الإمام أحمد رحمه الله : " إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام " (البداية والنهاية : جـ8صـ142). وقال أيضاً : " من شتم أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون قد مرق من الدين "( السنة : للخلال:صـ 493). وقال سهل بن عبد الله التسترى رحمه الله : " لم يؤمن بالرسول من لم يوقر أصحابه ولم يعز أوامره "( الشفا : جـ2صـ618). وقال الإمام النووي رحمه الله : " واعلم أن سب الصحابة رضى الله عنهم حرام من فواحش المحرمات ، سواء من لابس الفتنة منهم وغيره لأنهم مجتهدون فى تلك الحروب متأولون " ( شرح صحيح مسلم : جـ16صـ93). وقال الإمام الآجري رحمه الله : فمن صفة من أراد الله عز وجل به خيراً ، وسلم له دينه ، ونفعه الله الكريم بالعلم ، المحبة لجميع الصحابة ، ولأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والاقتداء بهم ، و لايخرج بفعل و لابقول عن مذاهبهم ، ولا يرغب عن طريقتهم وإذا اختلفوا فى باب من العلم ، فقال بعضهم : حلال ، وقال الآخر : حرام، نظر أى القولين أشبه بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسأل العلماء عن ذلك إذا قصر علمه ، فأخذ به ، ولم يخرج عن قول بعضهم ، وسأل الله عز وجل السلامة ، وترحم على الجميع(الشريعة : صـ435). وقال الإمام الطحاوي رحمه الله :ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ، ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم أولا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه تفضيلا له وتقديما على جميع الأمة ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم لعثمان رضي الله عنه ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون ، وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه و سلم وبشرهم بالجنة نشهد لهم بالجنة على ما شهد لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم وقوله الحق وهم : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح وهو أمين هذه الأمة رضي الله عنهم أجمعين ، ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق. ( شرح العقيدة الطحاوية : لابن أبى العز الحنفى جـ 1 صـ 307 ).
وقال ابن أبي زيدالقيرواني المالكي رحمه الله في مقدمة رسالته المشهورة: وأن خير القرون الذين رأوا رسول اللهصلى الله عليه وسلم وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر ثم عمر ثمعثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول صلى الله عليهوسلم إلا بأحسن ذكر والإمساك عما شجر بينهم وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسنالمخارج ويظن بهم أحسن المذاهب(قطف الجنى الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني : جـ 1 صـ 41). وقال الإمام أحمد رحمه الله :ومن السنة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين والكف عنالذي جرى بينهم فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحدا منهم فهو مبتدعرافضي، حبهم سنة والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة. وقال أيضاً : لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم فمن فعل ذلكفقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ثم يستتيبه فإنتاب قبل منه وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة وخلَّده في الحبس حتى يتوب ويرجع(السنة : للإمام أحمد صـ 17). وقال الشافعي رحمه الله في رسالته البغدادية التي رواها عنه الحسن بن محمد الزعفراني :أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل وسبق لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم فرحمهم الله وهنأهم بما أتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين أدوا إلينا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاما وخاصا وعزما وإرشادا وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا ومن أدركنا ممن يرضى أو حكى لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم ليعلموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا وهكذا نقول ولم نخرج عن أقاويلهم وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله. (إعلام الموقعين عن رب العالمين : جـ 1 صـ 79).
وقال الإمام البيهقي رحمه الله :"وإذا ظهر أن حب الصحابة من الإيمان فحبهم أن يعتقد فضائلهم ويعترف لهم بها ويعرف لكل ذي حق منهم حقه، ولكل ذي عنا في الإسلام عناه ولكل ذي منزلة عند الرسول صلى الله عليه وسلم مزلته، وينشر محاسنهمويدعو بالخير لهم ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم ولا يتتبع زلاتهم وهفواتهم ولا يتعمد تهجين أحد منهم ببث ما لا يحسن عنه، ويسكت عما لا يقع ضرورة إلى الخوض فيه فيما كان بينهم وبالله التوفيق "( شعب الإيمان : جـ2صـ191).
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده ، وما كان من خطأ أو نسيان فمن نفسى ومن الشيطان.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل
كتبه
أبو معاذ أحمد بن عرفة
محاضر بوزارة الأوقاف
ومعيد بقسم الفقه المقارن جامعة الأزهر
وعضو الجمعية الفقهية السعودية
00201119133367