لماذا أحبهم الناس ؟ ..


إذا أحب الله عبداً وضع له القبول في الأرض ، فكلمته مسموعة ، ورأيه مقدر ، ويصدر الناس عن قوله وإرشاده ونصحه ، ومؤلفاته بركةٌ وخير ، يتسابق الناس في اقتنائها وشرائها .. قصة لغز وسر بحث فيه العقلاء ، وسعى إلى كشفه الفضلاء ..


وحديثنا عن قصة الإيمان وأثره في واقع الناس ، وليس الحديث عن أساليب التسويق المسلوكة في البيع والشراء ..


إنها قصة القبول للبعض دونَ العَــالَـمِين ، يكتب الواحد منهم أحرفاً فتبقى خالدةً أبد الدهر ، ويُسطر غيرُهم حملَ بعيرٍ من الطروس والكواغد ، فتزول بزواله من الدنيا ؛ بل لا يخرج لها ذكر من داره وبيته !! ..


هذه الحقيقة : أخبر بها من خلق تلك القلوب الشريفة ، وبــيَّـن صفاتها .. إنه الإخلاص ، وإتباع القول العمل ، إنه العيش للأمة إصلاحاً وتضحيةً وبذلاً وعطاءً ، تلك القلوب الربانية هي التي تستحق الذِكْـرَ والخلود ؛ لأنها علمت حقيقيةَ وجودها ، وسمعت خاطب الرحمن سبحانه يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) ..


فجمعت بين الإيمان والعمل الصالح ؛ فكان جزاء أصحابها : أنْ جعل لهم ربهم وداً، ومحبةً ووداداً في قلوب الناس أهل الصلاح والفلاح ، وأهل السماء والأرض، ويسر لهم كثيراً من أمورهم ، وحصل لهم من الخيرات والدعوات والإرشاد والقبول والإمامة ما لم يحصــل عليه كثير من أصحـاب التصنيـف والتــأليف ، والشــهادات والمنازل الرفيعة !! ..


لسان حالهم ومقالهم : كلام يُكتب ، ولفظٌ يقال ، ثم عمل يصدقه واقع فعَّــال بالخير لأنفسهم ، ولأمتهم التي تنظر إليهم اقتداءً وعملاً .. فعند ذلك تحيا الأمة مخلصةً لدينها ، صادقة في صناعة دنياها التي فيها معاشها ..


ومن غرائب الود والحب لبعض الناس والكتبة والمؤلفين ، مع ما بيننا وبينهم من مئات السنين : أننا نجد ضرورةَ حبٍّ قلبية عندما نقرأ لبعض الكتاب والمصنفين والأعلام .. ليس لها تفسير كلامي ؛ إلا أنَّ أولئك الرجال صدقوا في إخلاصهم ، وخدمة دينهم ، وأمتهم ،وأصَّلوا علوهم ونتاجهم بحجج العلم المقنعة لطالبه ، مع عمل صدَّقه واقعُ الحال والوجود .. ومن أولئك الأعلام < ابن تيمية ، وابن القيم، وابن الوزير ، والشوكاني > وغيرهم كثر الله جمعهم الكريم .. ورحم الله الإمام مالكاً ، صاحب تلك الكلمة المشهورة : < ما كان لله سيبقى > ..


حسن الحملي ..