تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 9 من 24 الأولىالأولى 12345678910111213141516171819 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 161 إلى 180 من 480

الموضوع: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

  1. #161

    افتراضي الحديث ( 38 )

    وكذلك كل بيع فيه جهالة ظاهرة
    يتفاوت فيها المقصود؛
    فإنها داخلة في بيع الغرر،

    كبيعه ما في بيته من المتاع،
    أو ما في دكانه،
    أو ما في هذا الموضع،
    وهو لا يدري به ولا يعلمه،

    أو بيع الحصاة التي هي مثال من أمثلة الغرر،
    كأن يقول:
    ارم هذه الحصاة، فعلى أيّ متاع وقعت،
    فهو عليك بكذا،

    أو ارمها في الأرض فما بلغته من المدى،
    فهو لك بكذا،

    أو بيع المنابذة أو الملامسة،
    أو بيع ما في بطون الأنعام،
    وما أشبه ذلك:
    فكل ذلك غرر واضح.


    ومن حكمة الشارع:

    تحريم هذا النوع؛
    لما فيه من المخاطرات،
    وإحداث العداوات
    التي قد يغبن فيها أحدهما الآخر
    غبناً فاحشاً مضراً.
    الحمد لله رب العالمين

  2. #162

    افتراضي الحديث ( 38 )

    ولهذا اشترط العلماء للبيع:
    العلم بالمبيع، والعلم بالثمن.


    واشترطوا أيضاً:
    أن يكون العاقد جائز التصرف،
    بأن يكون بالغاً عاقلاً رشيداً؛
    لأن العقد مع الصغير أو غير الرشيد
    لا بد أن يحصل به غبن مضر.
    وذلك من الغرر.

    وكذلك اشترطوا:
    العلم بالأجل،
    إذا كان الثمن أو بعضه،
    أو المبيع في السلم مؤجلاً؛
    لأن جهالة الأجل
    تصيِّر العقد غرراً.
    الحمد لله رب العالمين

  3. #163

    افتراضي الحديث ( 38 )

    وكما يدخل في النهي عن بيع الغرر،
    الغررُ الذي يتفقان عليه.

    فمن باب أولى أن يدخل فيه التغرير،
    وتدليس أحدهما على الآخر
    شيئاً من أمور المعاملة:
    من معقود به، أو عليه،
    أو شيء من صفاته.

    والغش كله داخل في التغرير،

    وأفراد الغش وتفاصيله،
    لا يمكن ضبطها.
    وهي معروفة بين الناس.

    وحاصل بيع الغرر يرجع إلى بيع المعدوم،
    كحبَل الحبَلة،
    والسنين،
    أو بيع المعجوز عنه،
    كالآبق ونحوه،
    أو بيع المجهول المطلق في ذاته،
    أو جنسه، أو صفاته.
    الحمد لله رب العالمين

  4. #164

    افتراضي رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    الحديث التاسع والثلاثون

    عن عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه
    عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

    " الصلح جائز بين المسلمين،
    إلا صلحاً حرم حلالاً،
    أو أحل حراماً.

    والمسلمون على شروطهم،
    إلا شرطاً حرم حلالاً،
    أو أحل حراماً"

    رواه أهل السنن إلا النسائي.

    جمع في هذا الحديث الشريف بين أنواع الصلح والشروط
    صحيحها وفاسدها
    بكلام يشمل من أنواع العلم وأفراده ما لا يحصى،
    بحد واضح بيِّن.

    فأخبر أن الأصل في الصلح:
    أنه جائز لا بأس به،
    إلا إذا حرم الحلال، أو أحل الحرام.

    وهذا كلام محيط،
    يدخل فيه جميع أقسام الصلح.

    والصلح خير؛
    لما فيه من حسم النزاع،
    وسلامة القلوب،
    وبراءة الذمم.


    فيدخل فيه:
    الصلح في الأمور في الإقرار،
    بأن يقرَّ له بدين، أو عين، أو حق،
    فيصالحه عنه ببعضه أو بغيره.


    الحمد لله رب العالمين

  5. #165

    افتراضي الحديث ( 39 )

    وصلح الإنكار،
    بأن يدعي عليه حقاً من دين، أو عين، فينكر.
    ثم يتفقان على المصالحة على هذا بعين أو دين،
    أو منفعة أو إبراء، أو غيره:
    فكل ذلك جائز.


    وكذلك الصلح عن الحقوق المجهولة،

    كأن يكون بين اثنين معاملة طويلة،
    اشتبه فيها ثبوتُ الحق على أحدهما أو عليهما،
    أو اشتبه مقداره،
    فيتصالحان على ما يتفقان عليه،
    ويتحريان العدل.


    وتمام ذلك :
    أن يحل كل منهما الآخر،
    أو يكون بين اثنين مشاركة في ميراث أو وقف،
    أو وصية أو مال آخر:
    من ديون، أو أعيان،
    ثم يتصالحان عن ذلك
    بما يريانه أقرب إلى العدل والصواب.


    وكذلك يدخل في ذلك :
    المصالحة بين الزوجين في حق من حقوق الزوجية:
    من نفقة أو كسوة أو مسكن أو غيرها،
    ماضية أو حاضرة،

    وإن اقتضت الحال أن يغض أحدهما عن بعض حقه:
    لاستيفاء بقيته، أو لبقاء الزوجية،
    أو لزوال الفضل،
    أو لغير ذلك من المقاصد،

    فكل ذلك حسن.

    كما قال تعالى في حقهما:

    { فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا
    أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا
    وَالصُّلْحُ خَيْرٌ }(1).
    ******************
    (1) سورة النساء – آية 128 .

    الحمد لله رب العالمين

  6. #166

    افتراضي الحديث ( 39 )

    وكذلك

    الصلح عن القصاص في النفوس،
    أو الأطراف بمال يتفقان عليه،

    أو المعاوضة عن ديات النفوس والأطراف والجروح
    أو يصلح الحاكم بين الخصوم بما تقتضيه الحال،
    متحرياً في ذلك مصلحتهما جميعاً.

    فكل هذا داخل في قوله صلى الله عليه وسلم :
    "الصلح جائز بين المسلمين".

    فإن تضمن الصلح

    تحريم الحلال،
    أو تحليل الحرام،

    فهو فاسد بنص هذا الحديث،

    كالصلح على رق الأحرار،
    أو إباحة الفروج المحرمة،
    أو الصلح الذي فيه ظلم.

    ولهذا قيده الله بقوله تعالى:
    { فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ
    وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }(2)

    أو صلح اضطرار كالمكره،
    وكالمرأة إذا عضلها زوجها ظلماً لتفتدي منه،
    وكالصلح على حق الغير بغير إذنه
    وما أشبه ذلك،

    فهذا النوع صلح محرم
    غير صحيح.


    ******************
    (2) سورة الحجرات – آية 9 .
    الحمد لله رب العالمين

  7. #167

    افتراضي الحديث ( 39 )

    وأما الشروط :

    فأخبر في هذا الحديث أن المسلمين على شروطهم،
    إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً،
    وهذا أصل كبير.

    فإن الشروط هي التي يشترطها أحد المتعاقدين على الآخر
    مما له فيه حظ ومصلحة،
    فذلك جائز.
    وهو لازم إذا وافقه الآخر عليه،
    واعترف به.


    وذلك مثل

    إذا اشترط المشتري في المبيع وصفاً مقصوداً،
    كشرط العبد كاتباً،
    أو يحسن العمل الفلاني،
    أو الدابة هملاجة أو لبوناً،
    أو الجارح صيوداً،
    أو الجارية بكراً أو جميلة
    أو فيها الوصف الفلاني المقصود.


    ومثل أن يشترط المشتري:

    أن الثمن أو بعضه مؤجل بأجل مسمى،
    أو يبيع الشيء ويشترط البائع:
    أن ينتفع به مدة معلومة،

    كما باع جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما
    للنبي صلى الله عليه وسلم جمله،
    واشترط ظهره إلى المدينة.

    ومثل
    أن يشترط سكنى البيت،
    أو الدكان مدة معلومة،
    أو يستعمل الإناء مدة معلومة،
    وما أشبه ذلك.
    الحمد لله رب العالمين

  8. #168

    افتراضي الحديث ( 39 )

    وكذلك
    شروط الرهن والضمان والكفالة
    هي من الشروط الصحيحة اللازمة.

    ومثل الشروط
    التي يشترطها المتشاركان في مضاربة،
    أو شركة عنان، أو وجوه أو أبدان،
    أو مساقاة، أو مزارعة:
    فكلها صحيحة،
    إلا شروطاً تحلل الحرام، وعكسه،
    كالتي تعود إلى الجهالة والغرر.


    ومثل شروط
    الواقفين والموصين في أوقافهم ووصاياهم
    من الشروط المقصودة:
    فكلها صحيحة،
    ما لم تدخل في محرم.


    وكذلك الشروط بين الزوجين ،

    كأن تشترط دارها أو بلدها،
    أو نفقة معينة أو نحوها.
    فإن أحق الشروط أن يوفى به هذا النوع.

    الحمد لله رب العالمين

  9. #169

    افتراضي رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    الحديث الأربعون

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    "مَطْل الغنيِّ ظلم.
    وإذا أُتْبع أحدكم على مَلِئٍ فليَتْبع"

    متفق عليه.


    تضمن هذا الحديث الأمر بحسن الوفاء،
    وحسن الاستيفاء
    والنهي عما يضاد الأمرين أو أحدهما.

    فقوله:
    "مطل الغني ظلم"

    أي: المعاسرة في أداء الواجب ظلم؛
    لأنه ترك لواجب العدل؛
    إذ على القادر المبادرة إلى أداء ما عليه،
    من غير أن يحوج صاحب الحق
    إلى طلب وإلحاح، أو شكاية.

    فمن فعل ذلك مع قدرته على الوفاء فهو ظالم.

    "والغني"
    هو الذي عنده موجودات مالية يقدر بها على الوفاء.


    ومفهوم الحديث:

    أن المعسر لا حرج عليه في التأخير.
    وقد أوجب الله على صاحب الحق إنظاره إلى الميسرة.
    الحمد لله رب العالمين

  10. #170

    افتراضي الحديث ( 40 )

    ونفهم من هذا الحديث:

    أن الظلم المالي لا يختص بأخذ مال الغير بغير حق،
    بل يدخل في كل اعتداء على مال الغير،
    أو على حقه بأي وجه يكون.

    فمن غصب مال الغير، أو سرقه،
    أو جحد حقاً عنده للغير، أو بعضه،
    أو ادعى عليه ما ليس له
    من أصل الحق أو وصفه،
    أو ماطله بحقه من وقت إلى آخر،
    أو أدى إليه أقل مما وجب له في ذمته
    وصفاً أو قدراً

    فكل هؤلاء ظالمون بحسب أحوالهم.
    والظلم ظلمات يوم القيامة على أهله.
    الحمد لله رب العالمين

  11. #171

    افتراضي الحديث ( 40 )

    ثم ذكر في الجملة الأخرى
    حسن الاستيفاء،

    وأن من له الحق
    عليه أن يَتْبَع صاحبه بمعروف وتيسير،
    لا بإزعاج ولا تعسير،

    ولا يرهقه من أمره عسراً،
    ولا يمتنع عليه إذا وجهه إلى جهة
    ليس عليه فيها مضرة ولا نقص.

    فإذا أحاله بحقه على ملئ
    أي: قادر على الوفاء غير مماطل ولا ممانع
    فليحتل عليه؛
    فإن هذا من حسن الاسيتفاء والسماحة.

    ولهذا ذكر الله تعالى الأمرين في قوله:
    { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ
    فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ
    وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ }(1)

    فأمر صاحب الحق أن يتبع من عليه الحق بالمعروف،

    والمستحسن عرفاً وعقلاً،
    وأن يؤدي من عليه الحق بإحسان.

    وقد دعا صلى الله عليه وسلم
    لمن اتصف بهذا الوصف الجميل،
    فقال:

    "رحم الله عبداً سَمْحاً إذا باع،
    سمحاً إذا اشترى،
    سمحاً إذا قضى،
    سمحاً إذا اقتضى".


    فالسماحة في مباشرة المعاملة،
    وفي القضاء، والاقتضاء،
    يرجى لصاحبها كل خير:
    ديني ودنيوي،
    لدخوله تحت هذه الدعوة المباركة
    التي لا بد من قبولها.

    وقد شوهد ذلك عياناً.
    فإنك لا تجد تاجراً بهذا الوصف
    إلا رأيت الله قد صبّ عليه الرزق صباً،
    وأنزل عليه البركة.

    وعكسه صاحب المعاسرة والتعسير،
    وإرهاق المعاملين.
    والجزاء من جنس العمل.

    فجزاء التيسير التيسير.


    ******************
    (1) سورة البقرة – آية 178 .
    الحمد لله رب العالمين

  12. #172

    افتراضي الحديث ( 40 )

    وإذا كان مطل الغني ظلماً:
    وجب إلزامه بأداء الحق إذا شكاه غريمه.

    فإن أدى وإلا عُزر حتى يؤدي،
    أو يسمح غريمه.

    ومتى تسبب في تغريم غريمه بسبب شكايته:
    فعليه الغرم لما أخذ من ماله،
    لأنه هو السبب،
    وذلك بغير حق.


    وكذلك
    كل من تسبب لتغريم غيره ظلماً
    فعليه الضمان.


    وهذا الحديث أصل في باب الحوالة،
    وأن من حُوِّلَ بحقه على مليء فعليه أن يتحول،
    وليس له أن يمتنع.


    ومفهومه:
    أنه إذا أحيل على غير مليء
    فليس عليه التحول،
    لما فيه من الضرر عليه.


    والحق الذي يتحول به:

    هي الديون الثابتة بالذمم،
    من قرض أو ثمن مبيع،
    أو غيرهما.


    وإذا حوله على المليء فاتبعه:
    برئت ذمة المحيل،
    وتحوَّل حق الغريم إلى من حُوِّلَ عليه.
    والله أعلم.

    الحمد لله رب العالمين

  13. #173

    افتراضي رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    الحديث الحادي والأربعون

    عن سمرة بن جُنْدب رضي الله عنه قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    "على اليد ما أخذت، حتى تؤدِّيَه"

    رواه أهل السنن إلا النسائي.



    وهذا شامل لما أخذته من أموال الناس بغير حق
    كالغضب ونحوه،
    وما أخذته بحق، كرهن وإجارة.

    أما القسم الأول:

    فهو الغصب.
    وهو أخذ مال الغير بغير حق بغير رضاه.
    وهو من أعظم الظلم والمحرمات؛

    فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
    "من غصب قيد شبر من الأرض
    طُوِّقه يوم القيامة من سبع أرضين
    ".


    وعلى الغاصب
    أن يرد ما أخذه،
    ولو غَرَم على رده أضعاف قيمته،
    ولو صار عليه ضرر في رده،

    لأنه هو الذي أدخل الضرر على نفسه.
    فإن نقص ردَّه مع أرش نقصه.
    وعليه أجرته مدة بقائه بيده،
    وإن تلف ضمنه.

    الحمد لله رب العالمين

  14. #174

    افتراضي الحديث ( 41 )

    وأما إذا كانت اليد أخذت مال الغير برضى صاحبه،
    بإجارة، أو رهن، أو مضاربة،
    أو مساقاة، أو مزارعة،
    أو غيرها:

    فصاحب اليد أمين؛
    لأن صاحب العين قد ائتمنه،


    فإن تلفت وهي بيده،
    بغير تعدٍّ ولا تفريط:
    فلا ضمان عليه.

    وإن تلفت بتفريط في حفظها أو تعدٍّ عليها:
    ضمنها
    ومتى انقضى الغرض منها
    ردها إلى صاحبها.

    ودخل في هذا الحديث :
    "على اليد ما أخذت حتى تؤديه".


    وكذلك العارية

    على المستعير أن يردها إلى صاحبها
    بانقضاء الغرض منها،
    أو طلب ربها؛
    لأن العارية عقد جائز لا لازم.

    فإن تلفت العارية بغير تعد ولا تفريط.
    فمن العلماء من ضَمَّنه،
    كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد.
    ومنهم من لم يضمنه كسائر الأمناء.


    ومنهم من فصَّل:
    فإن شرط ضَمَانَها ضمِنَها،
    وإلا فلا.

    وهو أحسن الأقوال الثلاثة.

    الحمد لله رب العالمين

  15. #175

    افتراضي الحديث ( 41 )

    ولكن لو وجد المال بيد مجنون،
    أو سفيه، أو صغير،
    فأخذه ليحفظه،
    فتلف بيده بغير تعدّ ولا تفريط:
    فإنه محسن،
    وما على المحسنين من سبيل.


    ولو أخذ اللقطة التي يجوز التقاطها،
    فعليه تعريفها عاماً كاملاً.

    فإن لم تعرف: فهي لواجدها.

    فإن وجد صاحبها بعد ذلك ووصفها:
    سلمها إليه إن كانت موجودة،
    وضمنها إن كان قد أتلفها
    باستعمال أو غيره.


    وإن تلفت في حول التعريف بغير تفريط ولا تعد:
    فلا ضمان على الملتقط؛
    لأنه من جملة الأمناء،
    وهي حينئذ لم تدخل في ملكه.

    والله أعلم.
    الحمد لله رب العالمين

  16. #176

    افتراضي رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    الحديث الثاني والأربعون

    عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:

    "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
    بالشفعة في كل ما لم يقسم.
    فإذا وقعت الحدود،
    وصُرفت الطرق،
    فلا شفعة"

    رواه البخاري.


    يؤخذ من هذا الحديث:

    أحكام الشفعة كلها،
    وما فيه شفعة، وما لا شفعة فيه.

    والشفعة إنما هي في الأموال المشتركة.
    وهي قسمان: عقار وغيره.

    فأثبت في هذا الحديث الشفعة في العقار.

    ودلَّ على أن غير العقار لا شفعة فيه،

    فالشركة في الحيوانات، والأثاثات،
    والنقود، وجميع المنقولات
    لا شفعة فيها،
    إذا باع أحدهما نصيبه منها.
    الحمد لله رب العالمين

  17. #177

    افتراضي الحديث ( 42 )

    وأما العقارات:

    فإذا أفرزت وحددت الحدود،
    وصرفت الطرق
    واختار كل من الشريكين نصيبه
    فلا شفعة فيها،

    كما هو نص الحديث
    لأنه يصير حينئذ جاراً،
    والجار لا شفعة له على جاره.


    وأما إذا لم تحد الحدود
    ولم تصرف الطرق،
    ثم باع أحدهم نصيبه:
    فللشريك أو الشركاء الباقين الشفعة،
    بأن يأخذوه بالثمن الذي وقع عليه العقد،
    كُلٍّ على قدر ملكه.


    وظاهر الحديث:

    أنه لا فرق بين العقار الذي تمكن قسمته
    والذي لا تمكن
    وهذا هو الصحيح؛

    لأن الحكمة في الشفعة
    وهي إزالة الضرر عن الشريك
    موجودة في النوعين.
    والحديث عام.

    وأما ما استدل به على التفريق بين النوعين:
    فضعيف.
    الحمد لله رب العالمين

  18. #178

    افتراضي الحديث ( 42 )

    واختلف العلماء

    في شفعة الجار على جاره،
    إذا كان بينهما حق من حقوق الملكين،
    كطريق مشترك،
    أو بئر أو نحوهما.

    فمنهم:

    من أوجب الشفعة في هذا النوع،

    وقال:
    إن هذا الاشتراك في هذا الحق
    نظير الاشتراك في جميع الملك،
    والضرر في هذا كالضرر هناك.
    وهو الذي تدل عليه الأدلة.


    ومنهم:
    من لم يثبت فيه شفعة،
    كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد.

    ومنهم:
    من أثبت الشفعة للجار مطلقاً.
    وهذه الصورة عنده من باب أولى،
    كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة.


    والنبي صلى الله عليه وسلم
    أثبت للشريك الشفعة:

    إن شاء أخذ،
    وإن شاء لم يأخذ،
    وهو من جملة الحقوق،
    التي لا تسقط إلا بإسقاطها صريحاً،
    أو بما يدل على الإسقاط.
    الحمد لله رب العالمين

  19. #179

    افتراضي الحديث ( 42 )

    وأما اشتراط المبادرة جداً إلى الأخذ بها،
    من غير أن يكون له فرصة
    في هذا الحق المتفق عليه:
    فهذا قول لا دليل عليه.

    وما استدلوا به من الحديثين اللذين أوردهما:
    "الشفعة كحل العقال
    "الشفعة لمن واثَبَها"(1)


    فلم يصح منهما
    عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء.


    فالصحيح:
    أن هذا الحق كغيره من الحقوق
    من خيار الشرط، أو العيب أو نحوها
    الحق ثابت
    إلا إن أسقطه صاحبه
    بقول أو فعل

    والله أعلم.


    ******************
    (1) طلبها حين علم بالبيع ولم يتراخ في طلبها.
    الحمد لله رب العالمين

  20. #180

    افتراضي رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    الحديث الثالث والأربعون

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    "يقول الله تعالى:
    أنا ثالث الشريكين،
    ما لم يَخُن أحدهما صاحبه.
    فإن خانه خرجت من بينهما
    "

    رواه أبو داود.



    يدل هذا الحديث بعمومه
    على جواز أنواع الشركات كلها:
    شركة العنان، والأبدان،
    والوجوه، والمضاربة،
    والمفاوضة
    وغيرها من أنواع الشركات
    التي يتفق عليها المتشاركان.


    ومن منع شيئاً منها
    فعليه الدليل الدال على المنع،
    وإلا فالأصل الجواز،
    لهذا الحديث، وشموله.

    ولأن الأصل الجواز في كل المعاملات.
    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •