وأخبرني قحنويه مرفوعا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال بينما رجل يصلي إذ مرت به أمرأة فنظر إليها فاتبعها بصره فذهبت عيناه.
ماصحة هذا الحديث؟
وأخبرني قحنويه مرفوعا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال بينما رجل يصلي إذ مرت به أمرأة فنظر إليها فاتبعها بصره فذهبت عيناه.
ماصحة هذا الحديث؟
لعلَّك إذا أوردتَ السند كلَّه أو المصدر المنقول منه الحديث يجد لك بعضُ إخواننا الحل.
بارك الله فيك . لوكان عندي السند لذكرته.
رواه أبو اسحاق الثعلبي [الكشف والبيان 7/87] قال:
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبة قال: حدّثنا الحضرمي قال: حدّثنا سهل بن صالح الأنطاكي قال: حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "بينما رجل يصلّي إذ مرّت به امرأة فنظر إليها وأتبعها بصره فذهب عيناه"
ابن فنجويه حافظ مشهور، وقد روى عن ابن شَنَبة هذا عددا من الاحاديث
وقد تكلم الحافظ أبو الفضل ابن الفلكي في سماع ابن فنجويه من ابن شنبة فنفى سماعه منه فبلغ ذلك ابن فنجويه "فخرج من همذان ساخطا فتبعه أبو الفضل ورجع عن مقالته واعتذر فما قبل عُذره" فكان يدعو ابن فنجويه على ابن الفلكيّ بعد ذلك [التقييد لابن نقطة 1/248] و[تاريخ الذهبي 9/234]
قال شيرويه: "كان ثقة صدوقا كثير الرواية للمناكير حسن الخط كثير التصانيف" [التقييد لابن نقطة 1/248]
وهو يقول هنا وفي غير موضع "حدثنا" ويصرح بالسماع ولم أر من رماه بالكذب
واسم ابن شَنَبَة عبد الله بن محمد بن شنبة وقيل عبيد الله بن محمد (بالتَّصغير) قيل بن شَنْبة بِسُكُون النُّون [توضيح المشتبه 5/378] أبو محمد الدينوري القاضي
وقيل أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن شنبة وقيل بل هذا حفيده
قال الامام ابن حجر:
"عبد الله بن أحمد بن عُبَيد الله بن شنبة الدينوري: قال المستغفري : سألت عنه أبا محمد السني فقال : ليس بذاك كان أبي ينهانا عنه.
قال ابن ماكولا : لو كان المستغفري ضبطه فلعله حفيد عُبَيد الله بن محمد بن شنبة الدينوري"
وجاء في [توضيح المشتبه 5/379] : "أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن شنبة الدينوري ذكره المستغفري فيما حكاه الامير وقال: ولعله ابن عبيد الله بن محمد بن شنبة الذي تقدم ذكره إن كان المستغفري ضبطه وما اظنه ضبطه " اهـ
وقد جاء عند البعض "شيبة" بالياء بدل النُّون وهو تصحيف والله أعلم
ويظهر أن الرجل مجهول الحال فقد فتَّشتُ عن حاله فلم أر مَن وثَّقه ، وقد قال ابن المبارك السقطي -وليس هو بثقة- في حديث يرويه (عبد الله بن عطاء الإبراهيمي حدثنا عبد الرحمن بن محمد العبدي حدثنا الحسين بن محمد بن عنبة الدينوري -ابن فنجويه- حدثنا عبيد الله بن محمد بن شنبة حدثنا أبو جعفر محمد بن موسى بن زياد الأصفهاني حدثنا الحسن بن محمود بن وكيع حدثنا سفيان بن وكيع عن أبيه عن هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا: "أدوا الزكاة وتحروا بها أهل العلم فإنهم آمر وأتقى"
قال: " كَانَ -أي الابراهيمي- يركب الْأَسَانِيد على متون رُبمَا كَانَت مَوْضُوعَة مِنْهَا هَذَا الحَدِيث"
وقال: "وَابْن عُتْبَة لَا يعرف وَلا ابْن شَنبة وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم مَجَاهِيل والمتن لَا يعرف فِي كِتَاب وَإِنَّمَا وَضعه مستطعما للعوام" اهـ وقد تصرَّفت في النقل بإصلاح التصحيف في اسم الحسين ابن فنجويه وابن شنبة، وانظر [الموضوعات لابن الجوزي 2/150] و [لسان الميزان 3/121 ر:2401]
قال الحافظ أبو سعد بن السمعاني: "أما قوله إن رجال الإسناد مجاهيل فليس كذلك بل أكثرهم معروفون فإن شيخ الإبراهيمي هو أبو القاسم بن منده وشيخه هو الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن فنجويه حافظ كبير مصنف ولعل عنبة في نسبه.
وابن شنبة شيخ لابن فنجويه أكثر عنه في تصانيفه.
وأما محمد بن موسى ، والحسن بن محمود : فمجهولان والمتن باطل" [لسان الميزان 3/121 ر:2401]
قلتُ: والراجح جهالته وإن أكثر عنه ابن فنجويه فليس إكثاره عنه برافع من أمره ولا يُحتمل منه ذلك
وشيخُه -ابن شنبة- هنا الحضرميّ هو مُطَيَّن الحافظ المشهور فكيف يروي عن مثله وعن غيره من الحفاظ ومشاهير الرُّواة ثمَّ لا نجد من يُوثِّقه إلا وهو مجهول الحال حقّاً وكيف يتفرَّد بهذا عن مثل مُطيَّن (وله أحاديث أخرى يتفرَّد بها عن مشاهير) !
وبقيَّة السند:
(...حدّثنا سهل بن صالح الأنطاكي قال: حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير ...)
وكُلُّهم ثقات -على تفاوت درجاتهم-
...(عن أبي جعفر عن أبي هريرة)
وهذا هو أبو جعفر المُؤذِّن الانصاري واختُلف في اسمه والرَّاجح أنه لا يُعرف -اسمه- كما قال التِّرمذي
وهو قليل الحديث ومع قلة حديثه فقد جاء بما يُنكر كحديث بُطلان صلاة المُسبل إزاره عند أبي داود، لكنه ممن يُعتبر بحديثه فإن تفرَّد أو خالف رُدَّ حديثه
والخلاصة أن الحديث بالإسناد الذي ذكرناه "لا يصحّ"
وقد تقدَّم قول شيرويه في ابن فنجويه: "كان ثقة صدوقا كثير الرواية للمناكير حسن الخط كثير التصانيف" [التقييد لابن نقطة 1/248]
والله أعلم
طَوَّلْتَ الغيبة.. وملأت العيبة
قال الخطيب البغدادي في "تاريخه" 2 /588-589
(أخبرني أبو بكر محمد بن المظفر بن علي بن حرب المقرئ الدينوري، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن شنبة القاضي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الحسين بن عثمان بن حبيب بن زياد بن ضبة البغدادي، قال: حدثنا صالح بن زياد السوسي أبو شعيب، قال: حدثنا حسين بن أحمد البلخي، عن الفضل بن موسى السيناني، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنين المريض تسبيح، وصياحه تهليل، ونفسه صدقة، ونومه على الفراش عبادة، وتقلبه من جنب إلى جنب كأنما يقاتل العدو في سبيل الله، يقول الله لملائكته: اكتبوا لعبدي أحسن ما كان يعمل في صحته، فإذا قام ثم مشى كان كمن لا ذنب له ".
قلت: أبو شعيب ومَنْ فوقه كلهم معروفون بالثقة، إلا البلخي فإنه مجهول.) انتهى
ومن طريق الخطيب أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية 2 /381
قلت: شيخ الخطيب ترجمه في التاريخ 4 /430 قال: "كتبنا عنه، وكان شيخا صالحا، فاضلا، صدوقا.ومات في سنة خمس عشرة وأربع مائة." اهـ والحافظ ابن فنجويه-المكثر عن ابن شنبة- مات سنة 414هـ
العَيْبة وِعاءٌ من أَدَم يكون فيها المتاع والجمع عِيابٌ وعِيَبٌ فأما عِيابٌ فعلى القياس. [لسان العرب]
والعَيْبة: ما يُجعل فيه الثياب، وفي الحديث: "الأنصار كَرِشي وعيْبَتي". والجمع عِيَب، مثل بَدْرة وبِدر، وعِيابٌ وعَيْبات.[الصحاح للجوهري]
وقد سمّى الحافظ ابن رُشيد السبتي-من سبتة المغربية أرجعها الله إلى بلاد الإسلام- رحلته: "ملء العيبة بما جمع بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى الحرمين مكة وطيبة."
نفع الله بك .
وجاء في المشتبه للذهبي 2 / 403 :
شيبة : عدة.
وبنون محركة : يعقوب بن إسحاق بن شنَبَة الأصبهاني ، عن أحمد بن الفرات.
وعبيد الله بن محمد بن شنَبَة القاضي ، روى عنه ابن قنجويه ، وقِيل : هذا بسكون النون.أهـ
وتبعه الحافظ في تبصير المنتبه 2 / 794 .
الأخوين الحبيبين مُصطفى وأبا مالك: بارك الله فيكما ونفع بكما
وقفت على هذا أثناء البحث لكني أعرضت عنه إذ أن قوله "ومن فوقه" يعني من شيخ أبي شعيب إلى أبي هريرة -ثمَّ استثنى شيخ أبي شعيبٍ بعد ذلك- ففوقُ الاسناد وأعلاه = من المُتأخِّر إلى المُتقدِّم / وتحته وأسفلُه = عكسُ ذلك ، كما قال ابن سيرين: "إن الرجل ليحدثني فما أتهمه، ولكن أتهم من فوقه"
والله أعلم
حسن ابن عساكر لابن شنبة هذا
معجم ابن عساكر (ج1/ص307) أخبرنا حمد بن منصور بن حمد أبو نصر الصوفي الهمذاني الدوغي بقراءتي علي ببغداد أبنا أبو بكر محمد بن الحسين بن فنجويه أبنا والدي أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن فنجويه الثقفي ثنا عبيد الله بن محمد بن شنبة ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ثنا الحكم بن موسى ثنا الوليد بن مسلم ثنا إسحاق بن عبيد الله سمعت ابن أبي مليكة سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للصائم عند فطره دعوة لا ترد.
حسن غريب.
هناك فرق بين القول بأنه كثير الرواية للمناكير وبين أن يروي المناكير.
فلا يشترط أن تكون المناكير من شيخه مباشرة سيما كما ذكرت أن ابن فنجويه كان كثير الرواية عنه، وإلا رددنا كثيرا من روايات البيهقي التي في كتبه التي يرويها عن شيوخ لم يوجد من وثقهم.
وأرى أن النكارة يكون من جهة أبي داود الطيالسي فإنه موصوف بكثرة الأخطاء والأغاليط سيما أنه لم نجده في مسنده أو ما وصلنا منه.
قال الجوهري: "أخطأ في ألف حديث"، وقال أبو حاتم: "محدث صدوق كان كثير الخطأ"، وقال عنه ابن عدي: " وكان في أيامه أحفظ من بالبصرة مقدم على أقرانه لحفظه ومعرفته ...
وليس بعجب من يحدث بأربعين ألف حديث من حفظه أن يخطىء في أحاديث منها يرفع أحاديث يوقفها غيره ويوصل أحاديث يرسلها غيره وإنما أتى ذلك من حفظه ". اهـ.
ومن دلالة نكارته أيضا أنه أعرض أصحاب الكتب الستة والمصنفين للأحاديث عن هذا الحديث.
ومخرج الحديث حديثان منه ما خرجه أبو داود الطيالسي [1282]، فقال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ مُحَمَّدٍ أَبِي سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يُطَالِعُ امْرَأَةً مِنْ فَوْقِ إِجَّارٍ، يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم !، فَقَالَ:
إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِذَا أَلْقَى اللَّهُ عز وجل فِي قَلْبِ أَحَدِكُمْ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ، فَلا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا ". اهـ.
وفي رواية عند أبي نعيم في المعرفة (620)، من طريق المعافى، عن ثور بن يزيد، عن مطعم بن المقدام: "أن محمد بن مسلمة كان على أنجار له فمرت به امرأة فأتبعها بصره". اهـ.
والحديث الأخر ما خرجه أبو داود السجستاني في سننه [4086]، فقال:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
بَيْنَمَا رَجُلٌ يُصَلِّي مُسْبِلًا إِزَارَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ»، ... إلى آخر الحديث.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلَمُ أحَدًا رواه فأسنده إلاَّ أَبَان بن يزيد، ولاَ عَن أَبَان إلاَّ موسى بن إسماعيل.
وقد رَواه غير من سمَّينا موقُوفًا، ولاَ نعلم روى أَبُو جعفر، عَن عَطاء بن يسار، عَن أبي هُرَيرة، إلاَّ هذا الحديث، وَإنَّما يحدث أَبُو جعفر عن أبي هُرَيرة". اهـ.
قلتُ: قال البيهقي: هَكَذَا رَوَاهُ أَبَانُ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى وَخَالَفَهُ حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ فِي إِسْنَادِهِ فَرَوَاهُكَمَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا ابْنُ رَجَاءٍ،
ثنا حَرْبٌ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَدَنِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُ قَالَ: فذكره.
والله أعلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أتراحع عما ذكرته وأقول بما ذكره الأخ أبو القاسم البيضاوي جزاه الله خيرا.
قلتُ: هذا التحسين ليس لأجل ابن شنبة؛ إذ المدار ليس عليه بل هو عند ابن عساكر متابع فيما خرجه في تاريخ دمشق [8 : 256]، فقال:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُرَيْحٍ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، نا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ،
نا أَبُو أَيُّوبَ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فذكر مثل الحديث السابق.
والله أعلم.