العمل المستقبح إذا أبصر ضرره صاحبه ، يتحول إلى عملٍ يُفتَخرُ به .
ـ قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ).
ـ وفي الحديث المتفق عليه ... الثلاثة الذين سد عليهم الغار ( ... وَقَالَ الآخَرُ : اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ وَكَانَتْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ فَأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا ، فَطَلَبَتْ مِنِّي عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ ، فَلَمَّا قَدَرْتُ عَلَيْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ ، قَالَتْ : إِنِّي لا أَحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلا بِحَقِّهِ ، قَالَ : فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ رَحْمَتِكَ ، وَمَخَافَةَ عَذَابكَ ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ ، فَانْفَرَجَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ انْفِرَاجًا لا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهُ " ).
إن الشرع الحنيف يعرض مشهد المعصية ليثني على من قام وتركه ، بل ويجعل هذا المشهد عملا صالحا يتقرب به إلى الله في الشدائد ( اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ رَحْمَتِكَ ، وَمَخَافَةَ عَذَابكَ ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ )...
ـ فهل سيترك المغني الغناء والتكسب به وهو في نفس الوقت يشتهر ويرمز له في المجتمع بالفن والإبداع !!
ـ وهل سترك المرأة المغنية والممثلة عملها الغير لائق بها وبمن تتزوجه من تعرضها لنزع حجابها وحيائها .. وهي مشتهرة به !!
ـ وهل سيترك المدخن وبجيبه علبة السجائر ، فيقلع عنها .. ويدرك الضرر الحاصل له ولمن حوله !!
ـ وهل سيترك المتعاطي للمخدرات وهي تسري في جسده ، في الوقت الذي تعود عليها .. فيندم على تعاطيها !!
ـ وهل سيترك المرتشي الرشوة وقت اعتيادها وسهولة أخذها من الناس ، ويتوقف عن ذلك ، ويرضى بالحلال المبارك فيه !!
ـ وهل سيترك المتعامل بالربا ويخرج ماله من البنوك الربوية ، وهو يتعاطى الفوائد والأموال الكثيرة بدون أدنى تعب ولا عناء !!
ـ وهل سيترك الناظر للمحرمات هذه المناظر المخزية ويقلع عنها ويتوقف عن اعتياد مشاهدتها !!
إن الذي يتوقف عن إكمال المعصية الواقع فيها .. يرجع إليه عقله ، ويتحكم في هواه ، ويبصر بعد أن عمي ، وينتبه بعد أن غفل ، ويحمد فعله الشارع الحنيف .. بل ويجعل عمله هذا عملا يستحق به أن يفرج الله عنه همه وقت الشدة ( فَانْفَرَجَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ انْفِرَاجًا ) ... وهذه من صفات المتقين ..

__________________