في العدد الجديد (82) من المجلة الفصلية مجلة الأدب الإسلامي نشرت لي قصيدة

(فِـيْ قُلوبِنَا الإِخَاء...وإنْ جَرَّحَتْنَاْ الأَيَّامُ )

أطـيبُ العـيشِ أن يدومَ الإخـاءُ
أنْ يَـحِـلَّ الهنا , ويفنى العِداءُ

أن نعـيشَ الـحياةَ حُـبّـاً نقـيّاً
لا نفاقاً قـد اعـتـراه الـرياءُ

أَوَ نرْضـى بـأنْ نعـيـشَ بِلُـجٍّ
في سوادٍ تَحُفُّـهُ الـظَّـلماءُ ؟!

جرَّحتْـنـا أيـامُـنـا بسهـامٍ
مـن قِسِيٍّ أوتـارُهـا شحناءُ

أمطرتْنا حـمـائمُ الأيْك دمـعاً
فاسألوها : علامَ ذاك الـبكاءُ ؟

هل أتـاهـا بأننا فـي شـقـاءٍ
نقطعُ العُمر , والـوِدادُ جـفاءُ ؟

كم سمعنا بلابلَ الدَّوْحِ تشــدو !
فشجانا نشـيـدُهـا والـغِنَاءُ

ورأينا بـراءةَ الطـفـل نـاءَتْ
والْمُحَيّـا يـلـوحُ منه الشّقاءُ

عُمْرُنا فـي خِضَمِّ الـزّمان يَجري
كسرابٍ , وليـس فـيه ارتواءُ

مـا لأَخلاقنا تـموتُ رويـداً ؟!
...فغرورٌ , تـكبُّـرٌ , وازدراءُ

لم يزلْ فـي مسامـع الرّوح يَهمي
وابلُ الحرف , والسُّطورُ ظِـماءُ

قد يُميتُ القـلـوبَ يأسٌ , ولكنْ
من ظلام الدُّجـى يَشـعُّ الضياءُ

...مَرْتَعي فـي الصِّبا, وسِرُّ شَبابي
..وهْي دومـاً بِمُـقْلَتَـيَّ سماءُ

يتراءى طـيفُ البـتولِ كبــدرٍ
فـي سَماهـا , ومريَمُ العذراءُ

علّمتْـنا بـأن نُحِـبَّ بصـدقٍ
ملؤُهُ الوُدُّ والصّـفـا والنّقـاءُ

علّمتـنـا بـأنْ نكونَ شـموساً
فـي ظـلامٍ لكـي يعمَّ السّناءُ

علّمتـنـا بأنْ نَمـوتَ ليَـحـيا
غيرُنا , والتُّقـى كـساهُ البَهاءُ

في رياضٍ من الأمانـةِ فـاحـتْ
فـي رُبـاهـا مـودَّةٌ وإخاءُ

... إنها الأرضُ قد حوتْنا جـميعاً
وتُظِلُّ الأنامَ تـلـكَ السَّمـاءُ

إنَّهـا الأرضُ أنبـتـتْـنـا كزَهْرٍ
وعلى ظهـرهـا يكون الفَنَاءُ
كم أناسٍ فـي باطن الأرض , لكنْ
رَغم مَرِّ الـدُّهور هُمْ أحيـاءُ
من أبٍ واحـدٍ خُلقنا جـميـعاً
مـن تـرابٍ ..وأُمُّـنـا حواءُ

علمتْـنـا سنـابـلُ القـمحِ أنّا
نتـسـاوى , وكَـفُّنـا مِعْطاءُ

..أنا أرضي جذُورُها فـي ضميري
ولـهـا من دَمي وروحي غِذاءُ

كنْ ـ أَخِيْ ـ في الحياة خِلاً وفـيّاً
فـي زمـان يَموْتُ فـيه الوفاءُ

عامـلِ الناسَ بالسماحة , واصبـرْ
..واعفُ عمّن إليك يومـاً أساؤوا

لا تكنْ للـورى حـسوداً بغـيضاً
كـلُّ شـيءٍ بـذي الحياةِ قضاءُ

مذهبـي فـي الـحياة دِينٌ عظيمٌ
وسَبِيْلـي مَحَـجَّـةٌ بـيضـاءُ

عَلَّمَانـي أن أغـرسَ الـعُمْرَ حُبّاً
ومن الـروح أن يكـونَ السِّقَاءُ

شعر : مصطفى قاسم عباس