تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    معجزة الدماغ بين العلم والدين
    محاضرة للدكتور أمل العلمي
    ألقيت لأول مرة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الأخوين بإيفران يوم الأربعاء 26 نوفمبر 1997 على الساعة الثامنة مساء. وألقيت بجامعة محمد الخامس - كلية الطب والصيدلة بالرباط صبيحة يوم الجمعة 18محرم 1424هـ / 21 مارس 2003. بدعوة من جمعية طلبة الصيدلة بمناسبة يوم الطالب السنوي. وألقيت بدعوة من المدرسة العليا للتجارة والإعلاميات بفاس مساء يوم الأربعاء ‏25‏ رمضان‏، 1424 الموافق 17 نوفمبر 2003.
    [CENTER] معجزة الدماغ بين العلم والدين
    The Miracle of the BrainFrom Neurobiology to the Religion

    Le Miracle du Cerveau de la Neurobiologie à la Religion

    بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


    مدخل
    :
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته... أيها الحضور الكريم، بادئ ذي بدء أريد أن أشكر المدرسة العليا للتجارة بفاس على هذه الدعوة الكريمة التي وجهتها لي ؛ ولحرصها على تنظيم هذا اللقاء بمناسبة شهر رمضان العظيم. وهي بذلك تسن سنة حسنة وتساهم في نشر الثقافة الدينية وإبراز حقائق علمية جديرة بترسيخ الإيمان لدى المسلم المؤمن، وبتنوير سبيل الهدى "لمن يشاء" الهداية... ففي الذكر الحكيم "إن الله يهدي من يشاء" والضمير هنا يعود على الإنسان، فالشخص الذي "يشاء الهداية" ييسر الله له ذلك بوسيلة أو أخرى. ولأن يهدي الله بك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس ... فأتمنى للمدرسة المذكورة وللقيمين عليها أن ينالوا أجر ذلك ... ولهذا العبد الفقير أن يجعل الله عمله خالصا لوجهه الكريم... وأستهل حديثي تيمنا بهذا الدعاء : ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ...إخواني أخواتي، إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن أتناول موضوع كلمتي باللغة العربية الفصحى لغة القرآن التي شرف الله بها أمتنا الإسلامية... فهل نحن في مستوى هذا التشريف والتكريم ونحن نقصيها ونحاول أن نستبدلها بلسان أعجمي هجين ودخيل... فلا بأس أن يفسح المجال لمن أراد مثلي أن يذكرنا من فينة لأخرى أن لغتنا هي اللغة العربية وأن نضعها في المكانة اللائقة بها في منتدياتنا ولقاءاتنا الثقافية والعلمية. ويوما سؤل جولفرن لماذا كتب في قصته الشهيرة : "رحلة إلى مركز باطن الأرض" أن فريق الرحالة عندما بلغ المركز المنشود وضع صفيحة تذكارية مكتوبة باللغة العربية... فأجاب لأنها لغة المستقبل...هذا، وسأحاول في حديثي إليكم عرض بعض الارتسامات الشخصية حول الدماغ ومظاهر إعجازه بين العلم والدين : بالتفكر في شكله وحجمه وكذلك حول مدة نموه وما يتجلى من ذلك من مظاهر الإعجاز وغير ذلك من الأمور. فيَظهر الحق جليا وتتبدد الصدفة ويزهق الباطل بالحجج العلمية ومِحَكِّ الرياضيات وقوانين حساب الافتراضات وحساب الإحصاء.لقد سنحت لي فرصة تدوين بعض مظاهر هذا الإعجاز في عدة مناسبات فتجمع لدي مادة كتاب تحت عنوان "معجزة الدماغ بين العلم والدين". وآخر مناسبة كانت لما استدعيت لإلقاء محاضرة بمدرج من مدرجات كلية الطب بالرباط وقبلها بجامعة الأخوين بإفران تحت عنوان «Le Miracle du cerveau de la Neurobiologie à la Religion» وتناولت فيها كيف أن الدماغ الإنساني مفطور على التوحيد وكذلك علاقة الدماغ بالقلب وبعض مظاهر الفزلجة العصبية وما يمكن الاستدلال به في حكمة الحجاب الإسلامي من خلال نظرة تشريحية لبعض الانعكاسات العصبية وتحدثت عن الدماغ والبعد الزمني الإحيائي وعن الدماغ وما له من أثر على القدرة العلاجية إلى غير ذلك من الأمور. هذه الأمور وغيرها تشكل موضوع حديثي إليكم حسب ما يسعف به الوقت.إخواني أخواتي، إنه ليحيرني أن أتناول موضوع الدماغ ... وكيف لا والدماغ أعقد شيء على هذه البسيطة وقوانينه جد غامضة وجهلنا به مثل جهلنا بالعالم الكوني وعالم الذرة. يقول بيير تيلار دو شاردان ما معناه : إن مع دماغ الإنسان يظهر بعد لانهائي ثالث هو اللانهاية في التعقيد. بالإضافة للبعدين اللانهائيين للكبر والصغر. وكلما تقدمت البحوث والتجارب حول الدماغ وازداد علمنا به كلما اكتشفنا مدى عجزنا ومدى جهلنا المطبق به كمن يخطو خطوة إلى الأمام وخطوات إلى الوراء في عالم مجهول... وأضيف للبعد الثالث الذي يذكره بيير تيلار دو شاردان بعدا رابعا : هو اللانهاية في جهلنا بالدماغ ... فبكل صراحة يقف أخصائيوا الدماغ وأقصد بهم العلماء الباحثون في العشرات من الاختصاصات الأساسية التي تتناول الدماغ بالدرس موقف من يكتشف مدى جهله بالدماغ ... فما بالك أن يكون موقف جراح أعصاب مثلي الذي لا يلامس الحقائق العلمية مباشرة في مختبرات البحث العلمي. وحسبي أن يكون ذا عذري وأن تتجاوزوا عن هفوات لساني.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    مرحلة تكوين الدماغ : نمو الجهاز العصبي عند "الجنين" ودور الرضاع

    تصعب دراسة نمو الجهاز العصبي بمعزل عن نمو باقي جسم الإنسان أو الحيوان. فالجهاز العصبي، في آخر المطاف، يتكون من مجموع خلايا الجسم التي تتولى شؤون تصرف الحيوان أو الإنسان ؛ غير أن الجنين ليس لديه تصرف خاص، لسيما في بداية وجوده ؛ ولا توجد قرائن توحي بأن نمو الجهاز العصبي يغاير جوهريا نمو أي عضو آخر. زد على ذلك، أن الجهاز العصبي لا ينمو بمفرده : حيث أنه يتأثر بالأعضاء الحواسية (العين، الأذن...) والحركية (العضلات، الأوتاد...) التي تمكن الكائن من الفعل والتفاعل، وكذا، فإن الجهاز العصبي يؤثر على تكوين تلك الأعضاء. وفي الأخير فإن نمو الجهاز العصبي يرتبط بظروف أيضية وهرمونية، وبيئة كيميائية التي توفرها له أعضاء أخرى. ويبدو الدماغ مثل رئيس جوق بالنسبة للجسم، لكن دور الرئيس يتضاءل إذا لم يتوفر على فرقة الجوق.
    وللرضاع الطبيعي المباشر من ثدي الأم دور أساسي في تكوين الدماغ ؛ والحيلولة دونه جريمة في حق الطفل والأم على السواء. فعدم الاستجابة للفطرة بالرضاع الطبيعي يعرض صحة الأم وطفلها لمخاطر كثيرة، إذ علاوة على ارتكاب ظلم في حق الطفل الرضيع تعرض الأم نفسها لخطر سرطان الثدي كما تعرض طفلها لأمراض بحرمانه من الحصانة الطبيعية الناشئة عن الرضاع الفطري. وكذا هو الشأن كلما عارض الواقع الفطرة السليمة مثل الحيلولة دون الزواج المبكر أو الدعوى لعدم الحمل. كل هذا يتنافى مع فطرة الإنسان وطبيعته ومن ثم تترتب عليه أضرار.ولنتعرض هنا فقط لموضوع الرضاع وأثره على التكوين الطبيعي والأساسي لدماغ الإنسان. فما هو يا ترى دور الرضاع الطبيعي في تكوين دماغ الإنسان ؟يقرر العلم أن خصائص اللبن تختلف من حيوان لآخر وبالنسبة للبن البشري. وكل لبن يناسب نمو وحاجيات النوع الحيواني أو البشري الذي ينتمي إليه. إذ أن لبن كل نوع يناسب نمو صغار هذا النوع بحيث لا توجد نفايات أيضية، أو بمعنى آخر، يمكن بمعرفة تركيب الحليب التعرف على نوع الحيوان الذي ينتمي إليه ولنسق بعض الأمثلة لتوضيح هذا المفهوم :الفأر والأرنب يضاعفان وزنيهما الولادي في ستة أيام. ويضاعف العجل الرضيع الوزن في شهرين. أما الطفل الرضيع فيتطلب منه ذلك ستة أشهر. فيمكن أن نستخلص من هذا أن حاجات نمو القامة والوزن عند الفأر والأرنب والعجل أكبر بكثير منها عند الطفل ولاسيما من البروتينات والأملاح المعدنية. وبالعكس من ذلك فإن دماغ العجل الصغير ينمو بسرعة أقل مرتين من سرعة نمو دماغ الطفل. إذن تكون حاجات العجل للمواد الضرورية لنمو الجهاز العصبي أقل بكثير منها عند الطفل : (كلاكتوز - لاكتوز والأحماض الدسمة غير المشبعة AGNS الضرورية لتوليف المييلين المكون الأساسي للخلايا العصبية). فالتحليل الكيميائي للألبان يؤكد هذا الافتراض.وعندما نراقب مختلف الحيوانات، نتبين أن فحوى الألبان من بروتينات وأملاح معدنية مناسبة لسرعة مضاعفة وزن الولادة.فإن فحوى لبن البقر من بروتينات وأملاح معدنية تبلغ ثلاث مرات منها ما يوجد في لبن المرأة إذ العجول تضاعف وزنها ثلاث مرات أسرع من الأطفال. وعلى عكس ذلك فإن لبن المرأة الغني باللاكتوز والأحماض الدسمة غير المشبعة يناسب نمو دماغ الرضيع."هذا، وهناك كذلك أهمية فطرية أخرى للرضاع وما له من أثر على الجهاز التناسلي عند المرضع. إذ يبين علم فزلجة الولادة والنفاس أنه مباشرة بعد خلاص الجنين يتقلص الرحم فيصير صلبا ومتكورا ويكون الرحم في البداية منثنيا إلى الأمام وكروي الشكل. فيحدث بالتناوب تقلص وارتخاء أثناء الأيام الأولى ثم ينخفض عدد التقلصات إلى أن تتوقف. وأثناء الاثنا عشر يوما يكون الرحم بطني ؛ فيصل مستوى قعره في أول يوم ما فوق السرة بقدر حجم أصبع. وفي اليوم السادس يهبط المستوى إلى نصف المسافة ما بين السرة والتصاق عظم العانة. ويصير من جديد داخل الحوض ما بعد اليوم الثاني عشر. ويحدث مغص شديد عند المرأة الولود بسبب تقلصات الرحم المتقطعة والمؤلمة. ويكون هذا بحدوث ألم شديد بالرحم أثناء يومين أو ثلاثة أيام بعد الولادة يصطحبه نزف أو طرد للدم المتكبد. وكل ذلك له علاقة بمص الرضيع للثدي فيتكاثر به بواسطة انعكاسات عصبية. ويكون عنق الرحم مفتوحا، مرتخيا ومتشنجا في البداية فينكمش بسرعة. وتصير جدرانه صلبة، سمكة وينخفض طوله... وكذلك يحدث انكماش وتصاغر بالمسالك الولادية السفلى...وعلى هذا النحو يتبين من كل ما سبق مدى ما تحرم المرأة نفسها في فترة النفاس بعدم استجابة نداء الفطرة بإرضاع طفلها. لذا فمن أجل رشاقة جسمك يا سيدتي وللمحافظة على جمالك وصحتك يتعين عليك أن ترضعي طفلك. تلكم بعض ما يمكن تسجيله في هذا الصدد بعدم الرضاع الفطري.قلنا فيما سبق أن من مزايا حليب الأم ما يقوم به من دور في إغناء دماغ الرضيع ببروتينات خاصة تساعد تكوين مادة المييلين الأساسية للنمو الطبيعي المناسب لدماغ الصنف البشري. والميلنة myélinisation هي المرحلة التي تقوم فيها بعض خلايا الدماغ المسماة خلايا شفان بتلفيف محاور الخلايا العصبونية وتغطيتها لتمكنها من أداء دورها على غرار الأسلاك الكهربائية التي تكون عارية من كل غشاء عازل فتقوم المييلين مقام عازل كهربائي لمحور الخلية العصبية عن المحيط الذي يمتد فيه.ومن المدهش أن نسجل هنا أن المدة الزمنية التي تتطلبها هذه المرحلة الأساسية لما سميناه "الميلنة" لا تتم كاملة إلا بعد سنتين من الولادة مصداقا للآية الكريمة الواردة في سورة البقرة ورقمها 233 : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة... صدق الله العظيم.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    شكل الدماغ وحجمه

    من نعم الله على الإنسان أنه زوده بالعقل. يفسر بن كثير الآية القرآنية :...وكرمنا بني آدم ؛ أن وجه التكريم هنا هو تزويد الإنسان بالعقل. ويقول شوبنهاور وهو يفسر الفرق بين الإنسان والحيوان بقولته الشهيرة : الإنسان ذلك الحيوان العاقل. والذي يميز دماغ الإنسان عن دماغ الحيوانات الأخرى هو وجود ثنايات أكثر وأخاديد على القشرة الدماغية مع أكبر حجم. مما يجعل مساحة القشرة الدماغية التي تغطي المادة الرمادية تفوق مترا مربعا ونصف مكمشة طي جمجمة الإنسان. وغير خاف أنه كلما زاد حجم المادة الرمادية يزيد ذكاء النوع. ولتمتد القشرة الدماغية عند تكوينها، عليها أن تنثني وبذلك تتكون التلافيف المخية circonvolutions والأخاديد sillons المحيطة بها. ونتيجة لهذا نجد أن ثلثي القشرة الدماغية متوارية غور الأخاديد.

    لقد قدر Donaldson (1895) بالحساب مساحة القشرة الدماغية على حد التقريب بـ 2350 سنتمتر مربع لدماغ وزنه 1360 غرام. ووجد Hennequin (1910) 2200 سنتمتر مربع معدل مساحة القشرة الدماغية.وتقدر حاليا القشرة الدماغية بمجملها بـأكثر من متر مربع ونصف. وبالمقارنة مع مساحة القشرة الدماغية للغوريلا وهي 540 سنتمر مربع نجد أن مساحة القشرة الدماغية للإنسان هي أضعاف ما هي عليه عند هذا الصنف من القردة. أما سمك القشرة الدماغية فلا يتعدى ثلاث ملمترات وحجمها تقريبا 300 ملمتر مكعب.وتكمن الحكمة كذلك في جمالية خلقة الإنسان ولم يكن في الإمكان أن يكون الإنسان خير مما هو عليه : إذ لو افترضنا أنه لم تكن هنالك ثنايات وطيات بالقشرة الدماغية للإنسان لكان حجم رأسه أضعاف ما هو عليه. ولتبسيط هذا بحساب رياضي بسيط لقلنا أن مساحة متر مربع ونصف S لو غلفت شكلا كرويا لكان قطر الكرة (D) يناهز 70 سنتمرا ؛ حسب المعادلة :وبذلك لكان رأس الإنسان أضعاف ما هو عليه ليحتوي المساحة الكاملة للقشرة الدماغية ممددة على دماغ بدون ثنايا وأخاديد. !فكيف لا نستحضر هنا الآية الكريمة مصداقا لقوله عز وجل : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم سورة التين الآية : 4 صدق الله العظيم.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    الدماغ الموحد

    يتساءل العلماء هل الدماغ الإنساني كيان متكامل غير قابل للتجزئة والتقسيم أو هو كما يوحي بذلك علم الأعصاب مجموعة من الوحدات المستقلة ؟ والفكر هل هو مثل هذا التكثل حيث يطلب منه باستمرار تفسير وتأويل المتناشزات ؟

    تناول العالم ميكائيل س. كزنك Michael S. Gazzaniga بالبحث والدراسة هذا الموضوع ونشر كتابه " The social brain " الدماغ الاجتماعي مبسطا فيه نظرته. وميكائيل كزنك هذا عالم أعصاب أمريكي مشهور يرأس قسم علم الأعصاب الإدراكي بالجامعة الطبية كورنيل بنيويورك ومحصل على كرسي علم النفس العصبي. تتلمذ عن روجي سبيري الذي قلب مفاهيم علم الأعصاب بدراسة الدماغ الإنساني المقسم. ففي السنوات الخمسينية كانت تجرى عمليات لبعض المصابين بداء الصرع عند استعصاء العلاج الطبي حيث يقوم جراحو الجهاز العصبي بقطع في مكان من الدماغ فيفصل هذا إلى شطرين. مما جعل سبيري يكتشف أن كل نصف من كرة الدماغ لهؤلاء المرضى والذي يبدو سالما ؛ يظهر استقلالا تاما عن الآخر. فالشطر الأيسر كانت له موهبة لأداء الكلام والأيمن على الخصوص موهبة للتعرف على الأشكال.هذا الاكتشاف المهم والأساسي أينع أقلام الكتاب والباحثين حيث كتب الكثير حول الدماغ الأيمن والدماغ "الأيسر". فمدد كزنك وأثرى أبحاث سبيري وكتب حول هذا الموضوع من خلال تجربته كباحث وطبيب وبين أن المفاهيم حول هذه المسألة أعقد مما كان يبدو لأول وهلة. فالدماغ بالتقريب مكون من أنظمة وحداوية مستقلة نسبيا وتتفاعل كل منها بتأثير من المحيط. فنظام واحد من تلك الأنظمة على الأقل، الموجود في اليسار له مهمة تأويل الأجوبة والتي قد تكون متباينة مع غيرها. أثناء ذلك يقوم نظام آخر من نفس الجهة بالترجمة إلى كلمات نتيجة هذا التأويل.هكذا عوضا، أن يكون الدماغ جهازا واحدا، كما كنا نتصوره، يبدو كمجموعة من الأجهزة إلى حد جاز تشبيهه مجازا بدماغ إجتماعي. مما حدا بكزنك أن ينشر خلاصة أبحاثه وأفكاره تحت العنوان المذكور...لقد غير هذا الاكتشاف مفاهيمنا حول الفكر الإنساني على حد قول الباحث وأوضح له مدى أثر ذلك على الأنظمة الاجتماعية والمعتقدات الدينية.وخلاصة القول في هذا المجال أن الشق الأيمن من الدماغ يبحث عن توحيد الأشياء وتجميعها في مجموعات تلو الأخرى بكيفية هرمية منطلقا من القاعدة إلى سنم الهرم ؛ محاولا بذلك الفهم المادي والروحي للإنسان والكون والبحث عن ما هو أكبر من ذلك ... عن الخالق.وفي نظر كزنكا أن المعتقدات الدينية حتمية تفرض نفسها على الإنسان من حيث طبيعته المجبول عليها.إذن نستخلص أن الدماغ بشقه الأيمن الموحد Uniciste وبكيفية فطرية يميل لمعرفة الله الواحد القهار... ونفس وما سواها ألهمها فجورها وتقواها...صدق الله مولانا العظيم.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    بين الدماغ والقلب

    من الاعتقادات المسلم بها في الطب بدون مبرر علمي أن الفكر والنشاط الذهني يتعلقان بالدماغ فقط.

    ونربط عموما كل ما هو روحي بهذا العضو المتميز ولا نعد القلب إلا كمضخة له دور آلي في ضخ الدم وتوزيعه على الجسم. غير أنه مع تقدم الاكتشافات العلمية والبحث ضمن علوم جديدة تدرس الفزلجة العصبية والكيمياء العصبية والهندسة الوراثية وغير ذلك بدأ يتبين للعلماء والمتخصصين ما لتلك النظرة من بعد عن واقع الأمر ؛ إذ للدماغ علاقات كثيرة بكل أعضاء الجسم تجعل من تلك الأعضاء أنها تتفاعل مع نشاط الدماغ وتأثر عليه وتتأثر به وغالبا ما يحدث ذلك بتقلبات عصبية أو بإفرازات لمواد هرمونية ولمواد كيماوية تسمى بالوسائط العصبية (نعرف منها ما يفوق الخمسين مادة). من هذا المنطلق نرى أن للقلب علاقة وطيدة بالدماغ وذلك في الاتجاهين. مما حدا بالعالم الكبير والطبيب الشهير الحائز على جائزة نوبل الأستاذ أليكسيس كريل أن يصرح في كتابه "الإنسان ذلك المجهول" أن الإنسان لا يفكر بعقله فقط ولكن بكل أعضائه. ومما يعزز هذا الزعم بعض المشاهدات السريرية منها ما يثير حقا الدهشة والاستغراب مثل وقائع القصة التالية :حدث ذلك عندما قام أحد الجراحين للقلب وهو الدكتور كابا الشهير الأستاذ بالجامعة الطبية بشيكاغو الهندوسي الأصل والمسلم عقيدة بزرع قلب لامرأة مسلمة سورية كانت تشتكي من مرض قلبي معضل مستعصي على العلاج بالعقاقير والوسائل الطبية ويستدعي تبديله كليا.فحدث شيء غريب للمريضة من شأنه أن يقلب كل المفاهيم العلمية حول علاقة القلب بالدماغ ؛ مما حدا بالجراح أن يقوم بمحاضرة في هذا الشأن بثت على أمواج القناة التلفزية 12 p.b.c وذلك في شهر فبراير 1994. والجدير بالذكر أن هذا الجراح يعد من أمهر جراحي القلب بالولايات المتحدة وله شعبية كبيرة في الأوساط الأمريكية التي تتلقف محاضراته وكذا عدد من القناوات التلفزية الأمريكية. يقول كابا في مطلع حديثه للتلفزة : أنه سبق له أن ألقى محاضرة في موضوع علاقة القلب بالروح وها هو ذا اليوم يقدم حالة مريضته السورية التي كانت شديدة الإيمان والتقوى ولا تفوتها صلاة الفجر، وأنه كان يباشرها لمرضها القلبي المعضل في انتظار قلب ملائم.غير أن الفصيلة النسيجية للعضو الملائم كانت نادرة في هذه الحالة. فأدرج إسم المريضة ببنك الأعضاء على رأس قائمة المرضى الذين ينتظرون زرع القلب. وذات يوم عثر على القلب المنشود عندما توفي صاحبه على إثر حادثة سير بدراجته النارية. ويتعلق الأمر بشاب يبلغ من العمر 26 سنة وينتمي لأحد أندية الدراجات المشهور (هارلي دافيدسون).يقول الجراح أنه بعد إجراء عملية زرع القلب في ظروف عادية وبعد مرحلة الانعاش والرعاية الطبية المكثفة، سمح لعائلة المريضة بزيارتها في اليوم الثامن زيارات جد قصيرة. وعند إحدى الزيارات سأل الابن الصغير أمه المريضة : هل تريدين أكل شيء ؟فأجابت : إي والله يا ابني... وهي تلح في طلبها.كاد الابن أن يطير فرحا وبادرها مستعجلا بالسؤال :- ماذا؟...ماذا تريدين أكله يا أمي ؟فأجابت على الفور وبإلحاح : نبيذ ودجاج ! .لا تسأل عن دهشة الجميع عند سماع ذلك. فأثارت هذه الحادثة الغريبة فضول الطاقم الطبي الذي أجرى بحثا دقيقا خصيصا في الموضوع : تبين على إثره أن صاحب القلب الهالك كان يعيش على النبيذ والدجاج! .أما مريضتنا فخضعت لمدة شهور لجلسات طبية نفسانية حتى تسترجع شخصيتها وضميرها العاديان كما كانت عليهما قبل العملية.فهل من تعليق على هذا ؟...ألا يستحضر المؤمن في معرض هذه الواقعة الآيات القرآنية الكثيرة التي تتعرض للقلب أو النفس ومنها قوله تعالى في سورة الحج الآية رقم 46 ) فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.. صدق الله العظيم.وفي صحيح البخاري من كتاب الإيمان عن حديث الرسول "... ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" (رقم الحديث 50). صدق الرسول الكريم، الأمي، المعصوم، الذي لا ينطق عن الهوى بالنبوءة منذ أربعة عشر قرنا. والعلم ما يزال إلى يومنا هذا يجهل كنه علاقة الدماغ بالقلب ...

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    من مظاهر الفزلجة العصبية

    إن علم التشريح العصبي يكشف لنا من بين الأعداد الهائلة للمسارات العصبية والتشابكات ما يربط بين أعضاء الحواس ومراكز بالدماغ وباحات لها جميعها علاقة مع مركز جنسي من شأنه الإثارة عندما يكون انقلاب عصبي ، قد يحدث عند الرؤيا أو الشم أو السمع أو اللمس.

    وكل هذا من شأنه أن يبين لنا حكمة المشرع ومدى روعة مبادئ الإسلام الحنيف في تنظيم الأسرة والمجتمع وعلاقة الأفراد وإقامة الحدود. فكيف ذلك ؟قد يبدو تطبيق الحجاب غريبا على منطق الماديين وغيرهم ممن لم يفقهوا حقيقة الأشياء وبعد نظرة الإسلام للكون والكائنات بكيفية شمولية ومتكاملة. فهذه النظرة تجعل بين كل العوامل التي تمت للإنسان أو المادة عموما بصلة، ترابطا وتفاعلا وثيقين. لهذا لا يقبل الإسلام تطبيقا غير كامل لما جاء به من تعاليم وأحكام. وما يقدمه الإسلام من نظام غالبا ما يطبعه الأسلوب الوقائي لكل ما يمكنه أن يدنس حياة البشر ويفسد نظامها ويحيد بها عن النهج الرباني.وإذا أردنا أن نناقش هؤلاء الماديين بمنطقهم حول هذا الموضوع ( من آداب وسلوك المسلم في المجتمع وأثره النفسي والمادي على الإنسان) وهم الذين يومنون بالانعكاس العصبي لبافلوف Réflexe de Pavlov ويبنون تصورهم على ذلك في إطار نظرية الانعكاسية La réflexologie لشرح بعض الظواهر الفزلجية physiologique - نقول لهم كما قال رسول الله وهو لا ينطق عن الهوى "النظرة سهم من سهام إبليس..." وهي مصدر وبداية كل شر جنسي. وليتيقن هؤلاء مما نقول نضيف أن العلم المادي المجرد الذي يؤمنون به يثبت هذا إذ أن هناك أليافا عصبية تربط داخل الجهاز العصبي بين البصر ومركز في الدماغ يتحكم في الغريزة الجنسية وآخر بين الشم واللمس (وربما كذلك السمع وسائر الحواس) ونفس المركز.ويحدث عن كل منها انعكاس عصبي ( شمي – جنسي) réflexe olfacto-sexuel أو ( بصري – جنسي)réflexe opto-sexuel قد يجعل من النظرة أو من الشم ( وربما من رنة الصوت) سببا للإثارة الجنسية.فسبحان العلي القدير الحكيم البصير على هذا التدبير ويا لعظمة ورونق وحكمة التشريع الإسلامي بفرض الحجاب وآداب السلوك للإنسان. وكان وعدا من الله أن يري للكافرين آياته في اللآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق... وخلاصة القول نتبين من الأمثلة التي سقناها بعض الأسس العلمية للأحكام الشرعية لما فيها من تناسق مع طبيعة الأشياء وفطرة الإنسان.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    الدماغ والبعد الزمني الأحيائي

    سبق أن تناولت هذا الموضوع ضمن كتابي المعنون "نحو طب إسلامي" عندما تعرضت على الخصوص في فصل من فصوله لخصائص ومقومات الطب الإسلامي والتي قسمتها إلى خمس : وهي طب فطري، طب شمولي، طب إنساني، طب وقائي وطب تعبدي.

    فماذا أقصد بالطب التعبدي ؟ ولمذا أثيره هنا ؟ فما هي يا ترى علاقته بالبعد الزمني والإحيائي للدماغ ؟لقد أضفيت صفة العبادة على الطب لما للعبادة في الإسلام من أثر على سلوك المسلم ونظام حياته من مأكل ومشرب وحمية وصيام. ويجب إخضاع كل ذلك حتى أوقات العمل أو الراحة والنوم لأوقات العبادة وظروفها.ولنضرب لذلك مثلا الإسلام يحث على النوم بعد صلاة العشاء فتكره الزيارة والحديث بعدها، ويحث كذلك على قيام الليل سيما الثلث الأخير منه. وبالتبكير في النشاط اليومي : " بورك لأمتي في بكورها". فلهذه التعاليم علاقة عجيبة وذات مساس قوي بحاجات الجسم تصادف أوقات الراحة المنصوص عليها واستعداد الجسم خارجها، يفطن لها من يدرس النظام الوظيفي للجسم وعلاقته بالنظام الشمسي وتعاقب الليل والنهار أو ما يسمى بـ "Rythme nycthéméral"أو "rythme circadien" وقد أجريت دراسات وأبحاث في موضوع هذا النظام أسس معها علم جديد هو علم النظام الأحيائي La chronobiologie يهتم بالتطورات التي تطرأ على الجسم بكيفية طبيعية أثناء ساعات اليوم واختلاف فصول السنة.ومما يثير انتباه الباحث هنا أهمية مادة الكورتيزول في حيوية الجسم ونشاطه. هذه المادة لها دورة طبيعية أثناء الأربع وعشرين ساعة تسمى بدورة الكورتيزول "Cycle du cortisol" وتتم بتحكم من الدماغ (وذلك بواسطة الغدة النخامية وتحت الهبطية) يكون معها مقدار افراز تلك المادة الهرمونية منخفضا ما بعد صلاة العشاء. ثم بعد راحة الجسم ونومه يطرأ تغيير بتنشيط غدد الجسم وافراز الكورتيزول لتصل نسبته إلى قمة عند الثلث الأخير من الليل فينشط الجسم من جديد ويسترجع قواه. إذن يكون وقت النوم الطبيعي والفطري والأحيائي هو ما نصت عليه السنة النبوية الكريمة من تبكير بالنوم وقيام بعد هزيع من الليل ويؤكد الاختصاصيون في البحوث حول النوم أن أفضل أوقاته تلك الساعات القلائل ما بعد صلاة العشاء إلى منتصف الليل أي الثلاث ساعات تقريبا الأولى من الليل.ومما يعزز ما نذهب إليه في هذا الصدد الطب الصيني الذي يبني نظرياته على فكرة الطاووسية "Taossisme" والتوازن بين العنصرين اليين واليانغ (القوى السالبة والقوى المجيبة). فيرى أن اليين يكون في أعلى مستوى عند منتصف الليل عند ذلك يبدأ اليانغ فيتزايد إلى أن يصل إلى حده الأعلى عند منتصف النهار حيث يبدأ من جديد اليين. فإذا تزايد اليين فإن اليانغ يأخذ في الانخفاض والعكس صحيح.وتجنبا للإطالة عليكم لا داعي لضرب أمثلة أخرى لأثر العبادة على الجسم وصحته ولمن يهمه الأمر عليه أن يراجع كتابا آخر لي باللغة الفرنسية تحت عنوان : "L'Islam et la culture médicale" وبه فصل يتناول أثر الصلاة على الجسم وعلاج حالات طبية مستعصية ومنها حالات سرطانية بالتوجه إلى الله والابتهال والدعاء (والدعاء كما هو معلوم مخ العبادة).ومن جهة أخرى ثبت علميا أن بالدماغ خلايا تفرز موادا هرمونية مخذرة شبيهة في مفعولها بالمرفين أطلق عليها اسم endorphines أي المرفينات الداخلية. فإذا انخفض افراز هذه المواد حدث توتر عصبي وربما تسبب كذلك في ارتفاع ضغط الدم. وهذه الحالات العصبية نظرا لكثرتها في عصرنا صارت سمة من سمات الحضارة الغربية وأمراضها. ونعلم بالتجربة وكما أخبرنا الله سبحانه وتعالى " ألا بذكر الله تطمإن القلوب" ما للذكر والصلاة والصيام من أثر على سكينة الجسم وإحداث طمأنينة وانشراح الصدر. مما يجعلنا نتساءل هل للعبادات في الإسلام أثر على افرازات هرمونية مثل مواد Endorphines أو مواد أخرى ؟ وهذا مجرد تساؤل. ومهما يكن التفسير العلمي والفزلجي لأثر الصلاة مثلا فإنه مما لا شك فيه أن للعبادة أثرا ملموسا روحيا وماديا على الجسم يجب البحث فيه لتفسير ظواهره الطبيعية.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    ظاهرة الدماغ والنوم

    استعراض لآيات قرآنية تتعلق بالنوم :

    يتعرض القرآن الكريم لذكر النوم في عدة آيات من الذكر الحكيم. فعند استعراضها نجد بها النوم وارد بلفظ النعاس مثل ما في الآيتين : { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْـأَقْدَامَ } (12 : الأنفال). { ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُم مِّنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِّنكُمْ ...} (154 : آل عمران). وفي آيات أخرى ورد النوم بلفظه كما يلي : { اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ... } (255 : البقرة). { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً } (47 : الفرقان). { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} (9 : النبإ). { أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ } (97 : الأعراف). { فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ } (19 : القلم). وعند استعراض كل الآيات الكريمة التي ورد بها ذكر النوم استوقفني إعجاز علمي يتعلق بظاهرة النوم والدماغ يتجلى في آيتين على الخصوص : الآية 23 من سورة الروم والآية 42 من سورة الزُّمَر. { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } (23 : الروم). { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } (42 : الزمر). فالآية 23 من سورة الروم تقرر أن الله سبحانه وتعالى جعل من آياته منامنا بالليل والنهار... فما هو يا ترى وجه الإعجاز العلمي هنا ؟أما ظاهرة نوم الإنسان بالليل فتبدو لنا بديهية وقد نمر عليها مرور الكرام بدون أن نستوعب الأسرار الكامنة وراءها وكيف تتم عمليتها، وعلاقة ذلك بنظام الليل والنهار وتعاقبهما. وكذلك علاقة النوم بدورات ونظم فزلجية هرمونية بجسم الإنسان... وذلك في حد ذاته يمثل إعجازات ينبغي التفطن لها ودراستها.ومن المدهش حقا أن القرآن يلفت نظرنا لأمرٍ وظاهرةٍ أكثر إعجازا من سابقاتها ألا وهي نوم الإنسان نهارا. فكيف ذلك ؟أقول بإيجاز : إن العلم الحديث يقر أن دماغ الإنسان تعتريه نهارا وأثناء اليقظة لحظات وجيزة من النوم لا تتعدى بضع ثوانٍ أو نصف الدقيقة بكيفية دورية كل الخمسين دقيقة تقريبا. ثم هناك دورات لنوم الدماغ أطول من ذلك والتي تُسَجل في اليوم الواحد بتردد كل ثلاث ساعات. إذن هناك دورات صغيرة طيلة اليوم ضمن دورات أكبر.{ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } صدق الله مولانا العظيم ... سبحانك ربنا ما خلقت هذا باطلا ...وهناك تمة علاقة من جهة أخرى بين النوم وظاهرة الموت المفاجئ أثناء النوم يحاول العلم أن يجد لها تفسيرا، وهي من الأمور المشاهدة. مصداقا للآية :{ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ولنشرح كل ذلك بشيء من التفصيل...

    نظرة للنوم من المنطلق العلمي الحديث
    :
    يعد النوم حالة دورية تتكرر في فترات نظامية، ويتميز بتوقيف العلاقات التي تربط كائنا ما مع محيطه. ويشكل عند الإنسان ثلث حياته. وهو ضروري. فالحرمان من النوم قد يترتب عليه اضطرابات نفسية وجسمية عضوية خطيرة. والنوم هو النَظم التواتري الإحيائي (rythme biologique) اليومي الأكثر تميزا في حياتنا. ونجد ضمن النُّظُم الإحيائية الأخرى على سبيل المثال وظيفة ضبط الحرارة، والإفرازات الهرمونية ...الخ. ويمكن القول أن شيئا مثل ساعة التوقيت يتحكم في توالي حالات اليقظة والنوم بانتظام.ولا تجري حالة النوم على نمط واحد. فهذا لوكريس منذ ألفين سنة يصف لنا حالتين للنوم : النوم الهادئ والنوم المضطرب. وبَيَّن تسجيل النشاط الكهربائي للدماغ أي مخطط كهربائية الدماغ (EEG)، أن النوم يتكون من حالتين يطلق على إحداها النوم البطيء والأخرى النوم السريع. وذلك لأن الأولى تتزامن مع بُطء بالنُّظم الكهربائية، والحالة الثانية تتزامن مع تسارعها.ويقسم النوم البطيء على أربع مراحل : المرحلة الأولى : مرحلة التنويم : تستغرق من خمس إلى خمسة عشر دقائق. وتتميز بتبطئ للنظم الكهربائي، 2 إلى 7 دورات في الثانية عوضا عن 8 إلى 12 في حالة اليقظة، وتتميز بانخفاض الفُلطِيَّة (القوة المحركة الكهربائية). المرحلة الثانية : مرحلة النوم الخفيف، تستغرق نصف ساعة بالتقريب، وتشكل 50 في المائة من المدة الكاملة للنوم. وتتميز بتبطيء نظم القلب وتبطيء تردد التنفس. والتخطيط الكهربائي به 2 إلى 7 دورات في الثانية مع تسجيل موجات على شكل مِغْزَلي ondes en fuseau من 14 إلى 16 دورة في الثانية. المرحلتين الثالثة والرابعة : هي مرحلتي النوم العميق اللتان تستغرقان 20 إلى 25 في المائة من مدة النوم بكاملها. وتظهران على شكل مخطط كهربائي دماغي من نوع دِلْتَا : موجات بطيئة جدا، 3 دورات ثم دورتين في الثانية ، ذات سعة كبيرة لِذرْوتها. النوم السريع : .....ركزت البحوث العلمية خلال الخمس عشر سنين الأخيرة على معرفة المسارات العصبونية وعلى وسائط تواصلها Neurotransmetteurs والتعرف عليها وعلى مجموعاتها الاتصالية وعلى دورها في حالات التيقظ. فصرنا نعرف أكثر من ذي قبل تلك المجموعات. وَاهتم الباحثون على الخصوص بدور الباحة aire préoptique في عملية التحكم في النوم البطيء sommeil lent وتبين أن هذا الدور مثل دور النواتات الرمادية القاعدية noyaux gris de la base على حد سواء. وبينت البحوث دور الوسائط العصبونية مثل l'histamine وGABA وl'adénosine وglycine ووضحت تلك البحوث أكثر فأكثر هذا الدور على مستوى البنيات التشريحية المذكورة سابقا ، مرورا بالتحكم الكابح والمانع الصادر عن بنيات بجذع الدماغ tronc cérébral مثل الرفاء الظهري raphé dorsal : وبدقة أكثر النواة السيروتونينية serotoninergique التي لها دور في تنظيم النوم البطيء وكبح ومنع النوم المتناقض sommeil paradoxal. وتعرف الباحثون كذلك على الموضع الأزرق locus coeruleus وهو أهم نواة نورأدرينيرجية noyau noradrenergique لها دور في عملية اليقظة وتعرف كذلك الباحثون على السقيفة الساقية الجسرية tegmentum pédunculopontin وهي تركيبة أو بنية كولينرجية لها دور مهم في حدوث مراحل النوم المتناقض.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    مقارنة بين الدماغ والكمبيوتر
    Le cerveau et l'ordinateur

    هل بإمكان الكمبيوتر أن يعوض في يوم من الأيام الدماغ مثل ما فعلت الآلة مع الطاقة العضلية في آخر القرن 19 الميلادي ؟ هل هناك ذكاء اصطناعي ؟
    إن تفكيرا سطحيا يدفع بنا لهذا الاعتقاد.التفكير هو تلك القدرة على جمع عدد من المعلومات المخزونة فنستنتج منها أفكارا وبرامج للعمل ؛ غير أن الآلة (الكمبيوتر) تستقبل معلومات وتعالجها حسب المسائل والحلول التي نزودها بها. لكن هذا غير كاف للقول بأن لديها فكرا بدائيا : إننا نعرفها بما أننا صنعناها ونعرف آليتها إذ برمجناها، لكننا في ذات الوقت لا نكاد نعرف شيئا عن كنه مكونات الدماغ وآليات الفكر ؛ ولا علم لنا ولو بمكمن المعلومات، أي الذاكرة ؛ هذا من جهة ومن جهة أخرى يحتوي الدماغ على برنامجه الخاص به، لكن الكمبيوتر يتطلب تَدَخل مُنَسِّقٍ قبل كل شيء لتزويده ببرنامج عمل.غير أنه بإمكاننا أن نضع برامج معلوماتية تدعى أنظمة خبيرة Systèmes experts نخزن فيها تجربة عالم أو خبير في موضوع ما... مثلا خبرة طبيب متخصص أو مهندس وما شاكل... فنستفيد من البرنامج المعلوماتي المذكور كما لو كنا نستشير خبيرا آدميا من بني البشر !...واستطاع كذلك الإنسان من صناعة الربوهات التي لا تكل في العمل في المصانع عوضت جهد وطاقة البشر... لكنها تبقى آلات تفتقر للإرادة والعقل والتفكير الذي يميز الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى بتزويده بالعقل...

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    الدماغ والصدفة

    خذ عشرة دراهم، كلا منها على حدة، وضع عليها أرقاما مسلسلة، من 1 إلى 10 ثم ضعها في جيبك وهزها هزا شديدا. ثم حاول أن تسحبها من جيبك حسب ترتيبها، من 1 إلى 10. إن فرصة سحب الدرهم رقم 1 هي بنسبة 1 إلى 10. وفرصة سحب رقم 1 ورقم 2 متتابعين، هي بنسبة 1 إلى 100. وفرصة سحب الدراهم التي عليها أرقام 1 و2 و3 متتالية، هي بنسبة 1 إلى 1000. وفرصة سحب 1 و2 و3 و4 متوالية هي بنسبة 1 إلى 10.000 وهكذا، حتى تصبح فرصة سحب الدراهم بترتيبها الأول، من 1 إلى 10، هي بنسبة 1 إلى 10 بلايين.

    والغرض من هذا المثل البسيط، هو أن نبين لك كيف تتكاثر الأعداد بشكل هائل ضد المصادفة.ويقول العالم أ. كريسي موريسون في كتابه "Man does not stand alone" (1944) وهو يتحدث عن المصادفة ما مفاده : «إن المصادفة تبدو شاردة، غير منتظرة، وغير خاضعة لأية طريقة من طرق الحساب، ولكن إذا كنا تدهشنا مفاجآتها فإنها مع ذلك خاضعة لقانون صارم نافذ. والبنس الذي يضرب به المثل قد يقلب فيه الرأس عشر مرات أثناء جريه، ولا تنتظر فرصة قلبه المرة الحادية عشرة، ولكنها لا تزال فرصة واحدة من اثنتين. أما فرصة جري عشرة رؤوس فإنها ضئيلة للغاية.ولنفرض أن معك كيسا يحوي مائة قطعة رخام، تسع وتسعون منها سوداء وواحدة بيضاء. والآن هزّ الكيس وخذ منه واحدة : إن فرصة سحب القطعة البيضاء هي بنسبة واحد إلى مائة. والآن أعد قطع الرخام إلى الكيس، وابدأ من جديد : إن فرصة سحب القطعة البيضاء لا تزال بنسبة واحد إلى مائة. غير أن فرصة سحب القطعة البيضاء مرتين متواليتين هي بنسبة واحد إلى عشرة آلاف (مائة مضروبة في مائة).والآن جرب مرة ثالثة : إن فرصة سحب تلك القطعة البيضاء ثلاث مرات متوالية هي بنسبة مائة مرة عشرة آلاف، أي بنسبة واحد من المليون. ثم جرب مرة أخرى أو مرتين، تصبح الأرقام فلكية.إن نتائج المصادفة مقيدة بقانون تقييدا وثيقا، كما أن اثنين واثنين يساويان أربعة.افرض أن جماعة يلعبون الورق، وأنه بعد أن خلط (فنّط) أعطي أحد اللاعبين الآس البستوني، وأعطي ثان آس القلوب، وثالث إسباتي، وأعطي الموزع الديناري، ثم تبع ذلك : الاثنان فالثلاثة وهكذا، حتى صار لدى كل لاعب المجموعة كلها بالترتيب العددي. لو حدث ذلك لما صدق أحد قط أن الورق لم يرتب من قبل على هذا الشكل.إن الفرص ضد حدوث ذلك كبيرة لدرجة أنه لم يحدث قط في جميع الألعاب منذ اخترعت لعبة الهويست، ولكن ربما يقال إن في الإمكان أن يحدث ذلك !! فهل من المعقول أن يحدث ؟!.افرض أن طفلا صغيرا طلب منه لاعب شطرنج ذو خبرة أن يحاول أن يغلبه بعد أربع وثلاثين حركة. وافرض أن الطفل بمجرد المصادفة قد أتى كل حركة كما ينبغي بالضبط ليقابل بها كل حركة من ذلك اللاعب ! لا شك أن الأخير سيظن أن ذلك حلم أو أنه قد فقد عقله ! ولكن ربما يقال إن ذلك ممكن أن يحدث !. فهل من المعقول أن يحدث ؟!.وهنا أكرر القول بأن قصدي من هذه المعالجة للمصادفة هو أن أبين للقارئ بطريقة علمية واضحة، تلك الحدود الضيقة التي يمكن الحياة بينها أن توجد على الأرض، وأن أثبت بالبرهان الواقعي أن جميع مقومات الحياة الحقيقية ما كان يمكن أن توجد على كوكب واحد في وقت واحد، بمحض المصادفة.». (بتصرف، عن : العلم يدعو للإيمان ترجمة الأستاذ محمود صالح الفلكي).وأضيف هنا أن هذه الملاحظات الوجيهة لكريسي موريسون لا تنطبق فقط على ظروف وجود الحياة والإنسان على الأرض بل تنطبق كذلك على تكوين دماغ الإنسان خصوصا لما يشكله من عالم لا متناهي التعقيدات والدقة. فهنا ذكر الصدفة يتلاشى ويبدو بعيدا عن منطق الرياضيات وحساب الافتراضات الذي يقر بلا مجال للشك أن الدماغ (وخصوصا دماغ الإنسان) ما كان له أن يوجد بمحض الصدفة.ولكل متعنت أو جاحد لا يقبل هذه الحقيقة أضيف له من البراهين على سبيل المثال لا الحصر ما يمكن دراسته في علم الوراثة وما يطلعنا عليه في مجال الجينات (المورثات) وتشفيرها. فكل خلايا الجسم وضمنها خلايا الدماغ تحتوي على الحامض النووي (ADN) الذي يمثل مؤشر حياة الإنسان من الوجهة الإحيائية. لقد بدأنا بالتعرف على مخزون هذا الحامض النووي الذي يحمل تاريخ السلالة البشرية وخصائص كل فرد فرد على حدة. وبإيجاز فكل ذلك مشفر ضمن الحامض النووي بتتالي بعض مكوناته من أحماض آمينية على أربعة أنواع. هذه الأحماض الآمينية تمثل حروف لغة تتخاطب خلايا وأعضاء الجسم بواسطتها. وهي لغة غنية جدا بالاشارات والوظائف وما تقوم به من معلومات تنظم نشاط خلايا الجسم وإفراز الغدد وغير ذلك من الوظائف المعقدة.فما سبيل الصدفة وسلطانها على هذا النظام المعقد جدا والكثير التشفيرات المرتبة بدقة لا يُقبل معها تغيير حامض آمني من موضعه. فإذا حصل ذلك تسبب في خلل كبير قد تستحيل معه حياة الفرد أو يصاب بعاهات وأمراض وراثية لا نعرف علاجها بكيفية ناجعة.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    الدماغ والقدرة على العلاج

    ليست الصلاة مجموعة من الأفعال والأقوال بدون معنى ولا فائدة. بل إن للصلاة دلالة سامية ومغزى جليل وقيمة نفسية حميدة كبيرة الشأن. فأثرها الطبي مع كونه محققا ما زال مجهولا لم تتناوله يد الدراسة. ويمكننا مع الدكتور أليكسيس كاريل أن نتهم في ذلك" حالة فكرنا العلمي". فمثلما قال كاتب "الإنسان ذاك المجهول" : إن فكرنا ليميل ميلا طبيعيا إلى رفض ما لا يدخل في إطار معتقدات عصرنا العلمية أو الفلسفية. وما العلماء في آخر الأمرإلا بشر. فهم متشبعون بآراء مكتسبة من وسطهم ومن زمانهم. ويعتقدون عن طيب خاطر أن ما لا يمكن تفسيره بالنظريات الشائعة لا وجود له.وعلاوة على آثار الصلاة النفسية أصبح اليوم تأثيرها العضوي حقيقة ثابتة مقررة. فقد تبين من بعض المشاهدات السريرية وقوع ما سمي بـ شفاءات معجزة" من أمراض بعضها عضال لا يرجى عادة شفاؤه وبعضها ينتهي دائما بأصحابه إلى الموت (مثل السرطان) وهي أمراض ما زال الطب الحديث أمامها أعزل.فجهلنا العلمي لهذه الوقائع لا ينبغي أن يجعلنا نرفضها أو ننكرها وبالأحرى أن يحملنا على أن نصفها بالشعوذة. فالشفاءات المعجزة بالصلاة وظاهرة الاسترفاع Lévitation التي تتحدى القوانين الطبيعية (النوتونية) ما زالتا في نظر العلم من قبيل الألغاز المستعصية والأسرار الخفية.الآثار الطبابية : الشفاءات المعجزة. لكي نفهم ما للصلاة من آثار فزلجية وطبابية ينبغي التذكير بمفهوم الإنسان في الديانات السماوية بصفة عامة وفي الديانة الإسلامية بصفة خاصة.فليس للإنسان جسما فقط بل هو عقل وروح أيضا فهو إذا كيان نفسي بدني يتركب من ثلاثة مركبات. ولكل مركب من المركبات الثلاثة حاجاته الخاصة به. فللجزء العضوي من جسم الإنسان حاجات فيزيائية بينما للعقل حاجات فكرية. أما الروح فعليها أن تستمد غذائها وحيويتها من الصلاة كما عبر عنه أليكسيس كاريل الذي قال أيضا : "إننا نواجه خطرا شديدا عندما نترك نشاطا أساسيا فينا يموت مهما كان هذا النشاط فزلجيا أو فكريا أو روحيا... فهناك أمثلة عديدة لعائلات منجبة وكثيرة التناسل لم تخلف سوى أرذالا أو انقرضت بعد تلاشي معتقداتها السلفية وزوال حرمة الشرف.ومن جهة أخرى فإن المركبات الثلاثة المختلفة التي تكون كلا لا يتجزأ ألا وهو الإنسان يؤثر بعضها في بعض تأثيرا مبرهنا عليه وذلك في الحالات العادية والمرضية : وذلك مما أفاض توفير الأدلة عليه الطب النفسي البدني : "فلقد تم اليوم الاقرار بأن للنفسانية طاقة قادرة على تغيير ردود الفعل الكهركيميائية في الجسم على حد قول الأستاذ روبير تورنير وهو عالم فيزيائي كبير معاصر.ونحن من جهتنا نقول "وكذلك الشأن فيما يخص الصلاة وآثارها الطبابية. يقول أليكسيس كاريل - "والآن ... في وسع كل طبيب أن يراقب المرضى النازلين بلورد وأن يمعن النظر في الملاحظات المدونة وفي وثائق المكتب الطبي، فهناك جمعية طبية دولية لها أعضاء كثيرون تعنى عناية خاصة بهذه الشفاءات. وما كتب عنها شيء ضاف مستفيض. ويزداد اشتغال الأطباء بها وكانت عدة حالات شفائية موضوع مناقشة في جمعية الطب ببوردو وشارك فيها أطباء بارزون. وختاما نقول أن لجنة الطب والدين في أكاديمية الطب بنيويورك التي يرأسها الدكتور فريديرك بيطرسون ارتأت من المفيد أن تبعث إلى لورد بأحد أعضائها مهمته أن يطلعها على الوقائع الملاحظة.وقد اهتم الدكتور أليكسيس كاريل (1873 - 1945) منذ سنة 1902 وهو عهد كانت فيه الوثائق نادرة، بدراسة الشفاءات المعجزة التي تمت بفضل حالات صوفية مثل حالة الصلاة. وبذل جهده لمعرفة هذه الطريقة في حصول الشفاء من الأمراض مثل حصوله بالطرائق المعهودة.فكتب بالانجليزية في بداية سنة 1941 للمجلة الأمريكية الشهيرة "ريداست ديجيست" مقالا عن قدرة الصلاة. ونشر بالفرنسية قبل وفاته بسنة كتابه "الصلاة" (سنة 1944).بعد هذه الديباجة نكتفي إذا بإيراد مقتطفات من أهم كتب هذا المؤلف تتعلق بهذا الموضوع. فإننا لا يمكننا أن نستشهد في هذا الصدد بكلام أفضل من كلام هذا المفكر الألمعي الذي هو في نفس الوقت قمة في الطب : جراح وفزلاج وحائز على جائزة نوبل للطب في سنة 1912 وصاحب عدة مخترعات.يقول في كتابه "الصلاة" : ... إن آثارها (الضمير يعود على الصلاة) عندما تحدث تخفى علينا في معظم الأحيان... والنتائج المادية للصلاة تبقى هي كذلك غامضة. وتختلط عادة بظواهر أخرى... والأطباء لعدم مبالاتهم بها يتركون الحالات الموجودة في متناولهم تمر من دون دراستها. وعلاوة على ذلك فإن الملاحظين كثيرا ما يضلهم أن النتيجة تأتي بعيدا عن النتيجة المنتظرة في غالب الأحيان. مثلا الشخص الذي يطلب الشفاء من مرض عضوي يمكث مريضا ولكنه يتلقى تحولا خلقيا عميقا لا يمكن تعليله... ومن آثارها التي لا تحصى تتاح الفرصة للطبيب أن يلاحظ أكثر الشيء ما يسمى بالآثار النفسية - الاحيائية والشفائية Les effets psychobiologiques et curatifs.ويستطرد أليكسيس كاريل قائلا : "... وحتى اليوم كثيرا ما يجري الحديث في الأوساط التي تقام فيها الصلاة عن شفاءات تمت بالتوسلات إلى الله أو إلى أوليائه. ولكن عندما يعني الأمر أمراضا جديرة بأن تشفى من تلقاء نفسها أو بواسطة أدوية عادية فإنها لا تصعب معرفة العامل الحقيقي على الشفاء. ولا يمكن مشاهدة نتائج الصلاة بكيفية يقينية إلا في الحالات التي لا تتسنى فيها الطبابة أو التي أخفقت فيها. وقد أسدى المكتب الطبي بلورد خدمة كبيرة للعلم عند ما أقام الدليل على حقيقة هذه الشفاءات. وللصلاة أحيانا أثر صارخ. فقد شفي مرضى على الفور تقريبا بكيفية آنية من ذأب الوجه والسرطان وأمراض الكلية والقرح والسل الرئوي أو العظمي أو الصفاقي.وتحدث الظاهرة في جل الأحيان على نحو واحد : ألم شديد يعقبه الشعور بالشفاء. وفي بضع دقائق أو بضع ساعات على الأكثر تختفي الأعراض وتنتفي الأمراض. وتتميزهذه الظاهرة الإعجازية بتعجيل السيرورة العادية للشفاء فتتم بأقصى سرعة. وحتى الآن لم يسبق قط أن لاحظ الجراحون والفزلاجون خلال تجاربهم مثل هذه السرعة في الشفاء.ولا يحتاج حدوث هذه الظواهر إلى أن يصلي المريض فقد شفي بلورد أطفال صغار عاجزون عن الكلام كما شفي مرضى غير مومنين لكن قربهم كان يدعو لهم أحد المصلين. فالدعاء للغير دائما أثمر من دعاء الداعي لنفسه ويبدو أن أثر الصلاة يكون حسب خشوعها وإتقانها... والذي أصبحنا نعلمه علم اليقين أن الصلاة تحدث آثارا ملموسة.وهذه الشفاءات المعجزة التي يتحدث عنها كاريل ليست خاصة بلورد. ففي كثير من الأوساط الإسلامية التي تقام فيها الصلاة وقعت شفاءات مثل هاته ولكنها لم تكن موضوع دراسة علمية كالتي قام به المكتب الطبي للورد، ونذكر من بينها حالة واحدة اطلعنا عليها بصفة شخصية : وهي حالة السيدة مهدية ( مادام كاترين دلورم) الفرنسية الجنسية التي أصيبت بالسرطان في ثديها بعد اعتناقها الإسلام (وتأكدت إصابتها بفحص العينة الحية (biopsie) والتي توجهت إلى الله بالصلاة والدعاء فشفيت نهائيا تمام الشفاء.كلام هذا العلامة الحائز على جائزة نوبل في الطب يذكرنا بالحديث القدسي "ادعوني بلسان لم تعصوني به...

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    افتراضي رد: معجزة الدماغ بين العلم والدين - بقلم الدكتور أمل العلمي

    في نفس الموضوع
    لماذا حرم الله النظر إلى النساء؟ العشق يدمر خلايا الدماغ!




الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •