تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: ما صحة أثر : لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي ما صحة أثر : لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى

    منقول من أبوعاصم البركاتي


    سؤال يقول : هل ثبت قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى؛ ولا في هدى تركه حسبه ضلالة؛ فقد بينت الأمور؛ وثبتت الحجة وانقطع العذر"

    الجواب:
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
    فإن القول المنسوب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى ..... "
    منقطع:
    أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه(386) وابن بطة في الإبانة الكبرى برقم 162 كل بسنده إلى الأوزاعي أنه بلغه أن عمر بن الخطاب, قال: وذكر الحديث.
    وهو ضعيف لم يثبت عن عمر رضي الله عنه؛ للإنقطاع بين عمر والأوزاعي.
    وأخرجه محمد بن نصر المروزي في السنة برقم (95) حدثنا أبو حفص الباهلي ثنا شريح بن النعمان ثنا المعافى ثنا الأوزاعي قال قال عمر بن عبد العزيز: "لا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها يحسب أنها هدى"
    وإسناده صحيح.
    فالقول لعمر بن عبد العزيز وليس عن عمر بن الخطاب.
    والله أعلم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ما صحة أثر : لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى

    منقول من الشيخ ربيع
    وقال عمر بن الخطاب رحمه الله ((لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى , ولا في هدى حسبها ضلالة , فقد بينت الأمور وثبتت الحجة وانقطع العذر ))


    قول هذا الأثر عن عمر -رضي الله عنه- لم يسق له المؤلف إسنادا ،وقد أورده أبو القاسم التيمي في كتاب الحجة في بيان المحجة (2/444) برقم (460) بقوله:
    (وروي عن عمر رضي الله عنه ) هكذا , بدون إسناد.
    وأخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى(1/322)بإسناده إلى الأوزاعي، أنه بلغه أنّ عمر بن الخطاب قال : به , وهو إسناد منقطع.
    وعلى كلٍ فهذا الأثر لم يثبت عن عمر – رضي الله عنه – كما ترى.
    فإن ثبت عنه، فيحمل علي المُعرض الذي لا يريد أن يعلم الحق من الباطل والهدى من الضلال.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ما صحة أثر : لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

    أما بعد :

    فقد روي عن عمر بن الخطاب أنه :" لا عذر لأحد في ضلالة ركبها؛ حسبها هدى، ولا في هدى تركه؛ حسبه ضلالة؛ فقد بُينت الأمور، وثبتت الحجة"

    وروي عن الشافعي أنه قال :" لو عُذر الجاهل لأجل جهله؛ لكان الجهل خيراً من العلم؛ إذ كان يحط عن العبد أعباء التكليف، ويريح قلبه من ضروب التعنيف؛ فلا حجة للعبد في جهله بالحكم بعد التبليغ والتمكين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل"

    يستدل بهذه الآثار من لا يرى العذر بالجهل مطلقاً في أمور التبديع والتعليق على هذا الاستدلال من وجوه

    أولها : أن هذا المستدل نفسه لو طرد القول بالأخذ بظاهر هذه الآثار لما عذر أحداً ممن وقع في البدع المكفرة ، وكفره وهو لا يقول بهذا بل يريد التبديع فقط ويلزمه طرد هذا الكلام

    قال الإمام اللالكائي في السنة 285 - أخبرنا محمد بن المظفر المقرئ ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن حبش المقرئ ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، قال : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين ، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار ، وما يعتقدان من ذلك ، فقالا : أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم ...

    فذكرا عقيدة طويلة ومنها قولهم : من شك في كلام الله عز وجل فوقف شاكا فيه يقول : لا أدري مخلوق أو غير مخلوق فهو جهمي . ومن وقف في القرآن جاهلا علم وبدع ولم يكفر.

    وبدعة الواقفة عندهم مكفرة فبدعوهم فقط ولم يكفروهم عذراً لهم بالجهل

    قال ابن مفلح في الفروع (12/ 450) :" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ كَفَّرْنَا فِيهَا الدَّاعِيَةَ فَإِنَّا نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فِيهَا ، كَمَنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ، أَوْ أَنَّ أَلْفَاظَنَا بِهِ مَخْلُوقَةٌ ، أَوْ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ ، أَوْ أَنَّ أَسْمَاءَهُ مَخْلُوقَةٌ ، أَوْ أَنَّهُ لَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ ، أَوْ يَسُبَّ الصَّحَابَةَ تَدَيُّنًا ، أَوْ أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الِاعْتِقَادِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَمَنْ كَانَ عَالِمًا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْبِدَعِ يَدْعُو إلَيْهِ وَيُنَاظِرُ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ ، نَصَّ أَحْمَدُ صَرِيحًا عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ"

    فعذر الجاهل الواقع في بدعة مكفرة ، واكتفوا بتبديعه دون تكفيره

    وقال شيخ الإسلام في الرد على الأخنائي ص283 :" وأما البدع التي لم يرعها بل نهى عنها وإن كانت متضمنة للغلو فيه والشرك به والإطراء له كما فعلت النصارى فانه لا يحصل بها أجر لمن عمل بها فلا يكون للرسول فيها منفعة بل صاحبها إن عذر كان ضالا لا أجر له فيها وإن قامت عليه الحجة استحق العذاب"

    فتأمل قوله (وإن قامت عليه الحجة استحق العذاب )

    وقال أيضاً في ص213 :" أما بدع أهل الشرك وعبادة القبور والحجاج اليها فهذا ما كان يظهر في القرون الثلاث لكل أحد مخالفته للرسول فلم يتجرأ أحد أن يظهر ذلك في القرون الثلاثة وبسط هذا له موضع آخر ولكن نبهنا لى ما به يعرف ما وقع فيه مثل هذا المعترض وأمثاله من الضلال والجهل ومعاداة سنة الرسول وتبعيها وموالاة أعداء الرسول وغير ذلك مما يبعدهم عن الله ورسوله
    ثم من قامت عليه الحجة استحق العقوبة وإلا كانت أعماله البدعية المنهي عنها باطلة لا ثواب"

    فصرح شيخ الإسلام أنه لا يستحق العقوبة إلا إذا قامت عليه الحجة ، وله كلام آخر يصرح فيه بكفر المفرط بالعلم

    قال شيخ الإسلام في الأخنائية ص105 :" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في السنن عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة رجل قضى للناس على جهل فهو في النار ورجل عرف الحق وقضى بخلافه فهو في النار ورجل علم الحق فقضى به فهو في الجنة فهذا الذي يجهل وأن لم يتعمد خلاف الحق فهو في النار"

    وقال شيخ الإسلام في الرد على البكري ص253 :" و أيضا فإن تكفير الشخص المعين و جواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها و إلا فليس كل من جهل شيئا من الدين يكفر
    ولهذا لما استحل طائفة من الصحابة و التابعين كقدامة بن مظعون و أصحابه شرب الخمر و ظنوا أنها تباح لمن عمل صالحا على ما فهموه من آية المائدة اتفق علماء الصحابة كعمر و علي و غيرهما على أنهم يستتابون فإن أصروا على الاستحلال كفروا و إن أقروا به جلدوا فلم يكفروهم بالاستحلال ابتداء لأجل الشبهة التي عرضت لهم حتى يتبين لهم الحق فإذا أصروا على الجحود كفروا
    وقد ثبت في الصحيحين حديث الذي قال لأهله إذا أنا مت فأسحقوني ثم ذروني في اليم فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا من العالمين فأمر الله البر فرد ما أخذ منه و أمر البحر فرد ما أخذ منه وقال ما حملك على ما فعلت قال خشيتك يا رب فغفر له فهذا اعتقد أنه إذا فعل ذلك لا يقدر الله على إعادته و أنه لا يعيده أو جوز ذلك و كلاهما كفر لكن كان جاهلا لم يتبين له الحق بيانا يكفر بمخالفته فغفر الله له
    و لهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية و النفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش لما وقعت محنتهم أنا لو وافقتكم كنت كافرا لأني أعلم أن قولكم كفر و أنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال وكان هذا خطابا لعلمائهم و قضاتهم و شيوخهم وأمرائهم و أصل جهلهم شبهات عقلية حصلت لرؤوسهم في قصور من معرفة المنقول الصحيح و المعقول الصريح الموافق له وكان هذا خطابنا"

    فتأمل قول شيخ الإسلام (فليس كل من جهل شيئا من الدين يكفر ) فهل تراه بذلك موافقاً للجهمية الذين يحصرون الكفر بالتكذيب ، وعلو الله عز وجل على خلقه الذي يكفر فيه شيخ الإسلام مخالفيه لا يمكن أن يقال أنه من المسائل الخفية مطلقاً ، بل الأصل فيها أنها ظاهرة وإنما تخفى في بعض الأمكنة والأزمنة لانتشار الجهل وعلماء السوء

    وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (12/490) :" ثم إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره ممن ضربه وحبسه واستغفر لهم وحللهم مما فعلوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر ولو كانوا مرتدين عن الاسلام لم يجز الاستغفار لهم فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والاجماع وهذه الاقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية الذين كانوا يقولون القرآن مخلوق وان الله لا يرى في الآخرة وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه كفر به قوما معينين فأما أن يذكر عنه في المسألة روايتان ففيه نظر أو يحمل الأمر على التفصيل فيقال من كفر بعينه فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه ومن لم يكفره بعينه فلنتفاء ذلك في حقه هذا مع اطلاق قوله بالتكفير على سبيل العموم"

    قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (12/ 496) :" فإن الايمان بوجوب الواجبات الظاهرة المتواترة وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة هو من أعظم اصول الايمان وقواعد الدين والجاحد لها كافرا بالاتفاق مع ان المجتهد في بعضها ليس بكافر بالاتفاق مع خطئه"

    ومن الواجبات الظاهرة الصلاة ، ومع ذلك عذر أهل العلم من أنكر وجوبها لحدوث عهده بالإسلام أو عيشه في بادية بعيدة وهذا عين العذر بالجهل

    قال ابن قدامة في المغني (19/ 462) :" ( 7097 ) مَسْأَلَةٌ : قَالَ : وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ ، دُعِيَ إلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنْ صَلَّى ، وَإِلَّا قُتِلَ ، جَاحِدًا تَرْكَهَا أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ قَدْ سَبَقَ شَرْحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : فِي بَابٍ مُفْرَدٍ لَهَا ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كُفْرِ مَنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا ، إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَجْهَلُ مِثْلُهُ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ الْوُجُوبَ ، كَحَدِيثِ الْإِسْلَامِ ، وَالنَّاشِئِ بِغَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْأَمْصَارِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ ، لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ ، وَعُرِّفَ ذَلِكَ ، وَتُثْبَتُ لَهُ أَدِلَّةُ وُجُوبِهَا ، فَإِنْ جَحَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَفَرَ "

    بل نقل شيخ الإسلام الاتفاق على هذا

    قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (11/410) :" وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَكَانَ حَدِيثَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فَأَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَة ِ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَتَّى يَعْرِفَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ {يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَعْرِفُونَ فِيهِ صَلَاةً وَلَا زَكَاةً وَلَا صَوْمًا وَلَا حَجًّا إلَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ يَقُولُ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ صَلَاةً وَلَا زَكَاةً وَلَا حَجًّا. فَقَالَ: وَلَا صَوْمَ يُنْجِيهِمْ مِنْ النَّارِ} . وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {قَالَ رَجُلٌ - لَمْ يُعَجِّلْ حَسَنَةً قَطُّ - لِأَهْلِهِ إذَا مَاتَ فَحَرَقُوهُ ثُمَّ أَذَرُّوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ. فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ: لِمَ فَعَلْت هَذَا؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِك يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ؛ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ} وَفِي لَفْظٍ آخَرَ {أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ: إذَا أَنَا مُتّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ أَذْرُونِي فِي الْبَحْرِ. فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا. قَالَ: فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ. فَقَالَ لِلْأَرْضِ: أَدِّ مَا أَخَذْت فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ. فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْت. قَالَ: خَشْيَتُك يَا رَبِّ. أَوْ قَالَ: مَخَافَتُك فَغُفِرَ لَهُ بِذَلِكَ} وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ {قَالَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا: أَدِّ مَا أَخَذْت مِنْهُ} . قَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَعُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَيْضًا عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {كَانَ رَجُلٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ. فَقَالَ لِأَهْلِهِ: إذَا أَنَا مُتّ فَخُذُونِي فذروني فِي الْبَحْرِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَفَعَلُوا فَجَمَعَهُ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: مَا حَمَلَك عَلَى الَّذِي فَعَلْت؟ فَقَالَ: مَا حَمَلَنِي إلَّا مَخَافَتُك. فَغُفِرَ لَهُ} . وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ: {أَنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَلَمَّا يَئِسَ مِنْ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ إذَا أَنَا مُتّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا وَأَوْقِدُوا فِيهِ نَارًا حَتَّى إذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَوَصَلَتْ إلَى عَظْمِي فَامْتَحَشَتْ فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا ثُمَّ اُنْظُرُوا يَوْمًا فذروني فِي الْيَمِّ. فَجَمَعَهُ اللَّهُ فَقَالَ: لَهُ لِمَ فَعَلْت ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِك. فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ} قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو أَنَا سَمِعْته - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ ذَلِكَ. وَكَانَ نَبَّاشًا. فَهَذَا الرَّجُلُ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إذَا تَفَرَّقَ هَذَا التَّفَرُّقَ فَظَنَّ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهُ إذَا صَارَ كَذَلِكَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ إنْكَارِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْكَارِ مَعَادِ الْأَبْدَانِ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ كَفَرَ. لَكِنَّهُ كَانَ مَعَ إيمَانِهِ بِاَللَّهِ وَإِيمَانِهِ بِأَمْرِهِ وَخَشْيَتِهِ مِنْهُ جَاهِلًا بِذَلِكَ ضَالًّا فِي هَذَا الظَّنِّ مُخْطِئًا. فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ. وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرَّجُلَ طَمِعَ أَنْ لَا يُعِيدَهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَأَدْنَى هَذَا أَنْ يَكُونَ شَاكًّا فِي الْمَعَادِ وَذَلِكَ كُفْرٌ - إذَا قَامَتْ حُجَّةُ النُّبُوَّةِ عَلَى مُنْكِرِهِ حُكِمَ بِكُفْرِهِ - هُوَ بَيِّنٌ فِي عَدَمِ إيمَانِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى"

    هذا مع أن شيخ الإسلام انتقد قول من يقول ( الأصول المسائل الاعتقادية التي يكفر مخالفها ) و ( الفروع المسائل العملية التي لا يكفر مخالفها )

    واعترض على ذلك بأن بعض المسائل العملية أظهر وأوضح من بعض المسائل العقدية

    قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (23/ 347) :" وما قسموا المسائل الى مسائل أصول يكفر بانكارها ومسائل فروع لا يكفر بانكارها
    فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع فهذا الفرق ليس له اصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم باحسان ولا أئمة الاسلام وانما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء فى كتبهم وهو تفريق متناقض فانه يقال لمن فرق بين النوعين ما حد مسائل الأصول التى يكفر المخطىء فيها وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع فان قال مسائل الأصول هى مسائل الاعتقاد ومسائل الفروع هى مسائل العمل قيل له فتنازع الناس فى محمد هل رأى ربه أم لا وفى أن عثمان افضل من على أم على افضل وفى كثير من معانى القرآن وتصحيح بعض الأحاديث هى من المسائل الاعتقادية العلمية ولا كفر فيها بالاتفاق ووجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج وتحريم الفواحش والخمر هى مسائل عملية والمنكر لها يكفر بالاتفاق"

    وقد بين شيخ الإسلام أن القطع والظن يختلف من شخص إلى آخر

    فقال بعد هذا الكلام :" وان قال الأصول هى المسائل القطعية قيل له كثير من مسائل العمل قطعية وكثير من مسائل العلم ليست قطعية وكون المسألة قطعية أو ظنية هو من الأمور الاضافية وقد تكون المسألة عند رجل قطعية لظهور الدليل القاطع له كمن سمع النص من الرسول وتيقن مراده منه وعند رجل لا تكون ظنية فضلا عن أن تكون قطعية لعدم بلوغ النص اياه أو لعدم ثبوته عنده أو لعدم تمكنه من العلم بدلالته
    وقد ثبت فى الصحاح عن النبى صلى الله عليه و سلم حديث الذى قال لأهله اذا أنا مت فاحرقونى ثم اسحقونى ثم ذرونى فى اليم فوالله لئن قدر الله على ليعذبنى الله عذابا ما عذبه أحدا من العالمين فامر الله البر برد ما أخذ منه والبحر برد ما أخذ منه وقال ما حملك على ما صنعت قال خشيتك يا رب فغفر الله له فهذا شك فى قدرة الله وفى المعاد بل ظن أنه لا يعود وأنه لا يقدر الله عليه اذا فعل ذلك وغفر الله له وهذه المسائل مبسوطة فى غير هذا الموضع"

    ولكن ليعلم أن العذر بالجهل لا يدفع العقوبة الدنيوية إذ لا تلازم بين العقوبة الدنيوية والأخروية ، فربما عوقب المعذور حفاظاً على الشريعة العامة

    قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (10/ 377) :" وَكَذَلِكَ نُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ وَإِنْ كَانُوا قَوْمًا صَالِحِينَ فَتَدَبَّرْ كَيْفَ عُوقِبَ أَقْوَامٌ فِي الدُّنْيَا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ بَيِّنٍ فِي الدِّينِ أَوْ الدُّنْيَا وَإِنْ كَانُوا مَعْذُورِينَ فِيهِ لِدَفْعِ ضَرَرِ فِعْلِهِمْ فِي الدُّنْيَا كَمَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ تَابَ بَعْدَ رَفْعِهِ إلَى الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَابَ تَوْبَةً نَصُوحًا وَكَمَا يَغْزُو هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ مِنْ النَّاسِ فَبَيْنَمَا هُمْ بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ إذْ خُسِفَ بِهِمْ وَفِيهِمْ الْمُكْرَهُ فَيُحْشَرُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ، وَكَمَا يُقَاتِلُ جُيُوشُ الْكُفَّارِ وَفِيهِمْ الْمُكْرَهُ كَأَهْلِ بَدْرٍ لَمَّا كَانَ فِيهِمْ الْعَبَّاسُ وَغَيْرُهُ، وَكَمَا لَوْ تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُ الْكُفَّارِ إلَّا بِقِتَالِهِمْ فَالْعُقُوبَاتُ الْمَشْرُوعَةُ وَالْمَقْدُورَة ُ قَدْ تَتَنَاوَلُ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا فِي الْآخِرَةِ وَتَكُونُ فِي حَقِّهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَصَائِبِ كَمَا قِيلَ فِي بَعْضِهِمْ: الْقَاتِلُ مُجَاهِدٌ وَالْمَقْتُولُ شَهِيدٌ. وَعَلَى هَذَا فَمَا أَمَرَ بِهِ آخِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ دَاعِيَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ يُهْجَرُ فَلَا يُسْتَشْهَدُ وَلَا يُرْوَى عَنْهُ وَلَا يُسْتَفْتَى وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّ هَجْرَهُ تَعْزِيرٌ لَهُ وَعُقُوبَةٌ لَهُ جَزَاءً لِمَنْعِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ الَّذِي هُوَ بِدْعَةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَائِبًا أَوْ مَعْذُورًا"

    ثانيها : أن الأثر المروي عن عمر بن الخطاب إنما هو عن عمر بن العزيز ، ولا يصح عن عمر بن الخطاب بحال

    قال الخطيب في الفقيه والمتفقه 385 - أنا القاضي أبو العلا ، محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب الواسطي ، أنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، نا بشر بن موسى ، نا معاوية بن عمرو ، نا أبو إسحاق ، عن الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : قال عبد الله : « القصد في السنة خير من اجتهاد في بدعة »
    386 - وقال حدثنا أبو إسحاق ، عن الأوزاعي ، أنه بلغه أن عمر بن الخطاب ، قال : « يا أيها الناس ، لا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها حسبها هدى ، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة ، قد بينت الأمور ، وثبتت الحجة ، وانقطع العذر »

    وخالفه المروزي في السنة فذكره عن عمر بن عبد العزيز

    قال المروزي في السنة 95 - حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْبَاهِلِيُّ، ثنا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، ثنا الْمُعَافَى، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ «لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ بَعْدَ السُّنَّةِ فِي ضَلَالَةٍ رَكِبَهَا يَحْسَبُ أَنَّهَا هُدًى»

    ولفظه لا يدل مراد ذلك المتكلم فإنه يقول ( بعد السنة ) وهذا يعني بعد بلوغ السنة له

    فربما أنكر شخص اسماً ثابتاً لله عز وجل أو صفة ثابتة لعدم بلوغ الدليل ، أو بلوغه إياه من طريق ضعيف كما حصل مع شريح القاضي لما أنكر صفة العجب

    فمثل هذا وإن زل في العقيدة لا يبدع ولا يضلل إن لم تبلغه الحجة ، ولا يقاس عليه من ينكر ما دلت النصوص المتواترة كعلو الله عز وجل على خلقه أو ينكر زيادة الإيمان ونقصانه ، أو من يقول بمقالات القرامطة في أسماء الله الحسنى

    وحتى لفظ الخبر الأول ( لا عذر لأحد في ضلالة ركبها؛ حسبها هدى، ولا في هدى تركه؛ حسبه ضلالة؛ فقد بُينت الأمور، وثبتت الحجة)

    فقوله ( فقد بُينت الأمور، وثبتت الحجة) فهذا واضح في أنه يعني المسائل التي اتضحت فيها الحجة سواءً عقدية أو فقهية

    وقد صرح الإمام محمد بن عبد الوهاب بالتفريق بين المسائل الجلية والمسائل الخفية في باب المعتقد في مسألة العذر بالجهل

    قال الإمام محمد بن عبد الوهاب كما في الدرر السنية (10/93) :" بسم الله الرحمن الر حيم
    إلى الإخوان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    وبعد: ما ذكرتم من قول الشيخ: كل من جحد كذا وكذا، وقامت عليه الحجة، وأنكم شاكون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم، هل قامت عليهم الحجة؟ فهذا من العجب، كيف تشكون في هذا وقد أوضحته لكم مرارا؟! فإن الذي لم تقم عليه الحجة، هو الذي حديث عهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف، فلا يكفر حتى يعرف.
    وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هو القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة؛ ولكن أصل الإشكال، أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وبين فهم الحجة، فإن أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين، لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}"

    واستحضر ما قدمنا نقله عن شيخ الإسلام في هذا الباب

    ثالثها : ما نقل عن الشافعي لا يعلم ثبوته عنه

    بل ثبت عن الشافعي خلافه


    قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (20/ 494) :" وَأَخْرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِيّ عَنْ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول : لِلَّهِ أَسْمَاء وَصِفَات لَا يَسَعُ أَحَدًا رَدُّهَا ، وَمَنْ خَالَفَ بَعْد ثُبُوت الْحُجَّة عَلَيْهِ فَقَدْ كَفَرَ ، وَأَمَّا قَبْل قِيَام الْحُجَّة فَإِنَّهُ يُعْذَر بِالْجَهْلِ ؛ لِأَنَّ عِلْم ذَلِكَ لَا يُدْرَك بِالْعَقْلِ وَلَا الرُّؤْيَة وَالْفِكْر ، فَنُثْبِتُ هَذِهِ الصِّفَات وَنَنْفِي عَنْهُ التَّشْبِيه كَمَا نَفَى عَنْ نَفْسه"

    فتأمل قوله ( بعد ثبوت الحجة عليه )

    وهذا الكلام الذي ينقلونه عن الشافعي إنما انفرد بنقله الزركشي في المنثور في القواعد ولا يوثق بنقله فإنه في البحر المحيط له نسب الإمام أحمد إلى تأويل الصفات

    وأما متن الخبر فيجاب عليه بأن يقال : أن العلم أفضل من الجهل على كل حال ، ولا شك أن علم الحق واتبعه خير ممن جهل الحق وخالفه

    ومن علم الحق وخالفه فهذا جاهل بالله جهلاً لا يعذر به ، وإن كان عالماً بالمسألة

    قال الله تعالى { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }
    أقول : فمن لم يخشَ الله لم يكن عالماً , ولا تتم خشيته إلا بمعرفته سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته , ولا سبيل إلى ذلك إلا بدراسة العقيدة السلفية المستقاة من الكتاب والسنة وأقاويل الصحابة .
    قال الترمذي [ 2247 ]: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ خَبَّابٍ عَنْ سَعِيدٍ الطَّائِيِّ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ الْأَنَّمَارِيُ ّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ .
    قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
    أقول : فسمى العمل بالعلم علماً فتأمل .
    قال عبد الله بن أحمد [ في زوائد الزهد ص 327 ] : حدثنا يوسف بن يعقوب أبو يعقوب الصفار مولى بني أمية حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن عمران القصير قال : جاء رجل إلى الحسن فسأله عن مسائل فأجابه فقال يا أبا سعيد إن الفقهاء يقولون كذا وكذا فقال له الحسن : وهل رأيت بعينك فقيهاً ؟ إنما الفقيه الزاهد فالدنيا الراغب في الآخرة البصير بذنبه المداوم على عبادة ربه .
    أقول : إسناده صحيح وقد غلط محقق رسالة بيان فضل علم السلف على علم الخلف الأستاذ محمد بن ناصر العجمي حيث عزا هذا الأثر إلى الزهد لأحمد وإنما هو في زوائد ابنه عليه كما ترى وليس من الأصل الذي صنفه الإمام .
    وقال الشاطبي في [ الموافقات 1/ 103ط دار ابن عفان وإليها العزو في بقية المقال ]:" فإن علماء السوء هم الذين لا يعملون بما يعلمون ، وإذا لم يكونوا كذلك ، فليسوا في الحقيقة من الراسخين في العلم ، وإنما هم رواة - والفقه فيما رووا أمرٌ آخر - أو ممن غلب عليهم هوىً غطى على القلوب والعياذ بالله , على أن المثابرة على طلب العلم ، والتفقه فيه ، وعدم الإجتزاء باليسير منه ، يجر إلى العمل ويلجيء إليه ، كما تقدم بيانه ، وهو معنى قول الحسن : - [ كنا نطلب العلم للدنيا فجرنا إلى الآخرة ] "
    قال شيخ الإسلام كما في [ مجموع الفتاوى 14/290 ] " فَأَصْلُ مَا يُوقِعُ النَّاسَ فِي السَّيِّئَاتِ : الْجَهْلُ ، وَعَدَمُ الْعِلْمِ بِكَوْنِهَا تَضُرُّهُمْ ضَرَرًا رَاجِحًا ، أَوْ ظَنُّ أَنَّهَا تَنْفَعُهُمْ نَفْعًا رَاجِحًا . وَلِهَذَا قَالَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " كُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ " وَفَسَّرُوا بِذَلِك قَوْله تَعَالَى { إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ } كَقَوْلِهِ { وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } وَلِهَذَا يُسَمَّى حَالُ فِعْلِ السَّيِّئَاتِ : الْجَاهِلِيَّةَ . فَإِنَّهُ يُصَاحِبُهَا حَالٌ مِنْ حَالٍ جَاهِلِيَّةٍ . قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : سَأَلْت أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ؟ { إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ } فَقَالُوا : كُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ . وَمَنْ تَابَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ : فَقَدْ تَابَ مِنْ قَرِيبٍ . وَعَنْ قتادة قَالَ " أَجْمَعَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ عَصَى رَبَّهُ فَهُوَ فِي جَهَالَةٍ ، عَمْدًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ . وَكُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ " وَكَذَلِك قَالَ التَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ . قَالَ مُجَاهَدٌ : مَنْ عَمِلَ ذَنْبًا - مِنْ شَيْخٍ ، أَوْ شَابٍّ - فَهُوَ بِجَهَالَةٍ . وَقَالَ : مَنْ عَصَى رَبَّهُ فَهُوَ جَاهِلٌ . حَتَّى يَنْزِعَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ . وَقَالَ أَيْضًا : هُوَ إعْطَاءُ الْجَهَالَةِ الْعَمْد . وَقَالَ مُجَاهَدٌ أَيْضًا : مَنْ عَمِلَ سُوءًا خَطَأً ، أَوْ إثْمًا عَمْدًا : فَهُوَ جَاهِلٌ . حَتَّى يَنْزِعَ مِنْهُ . رَوَاهُنَّ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ . ثُمَّ قَالَ : وَرُوِيَ عَنْ قتادة ، وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، وَالثَّوْرِيِّ ، وَنَحْوِ ذَلِك " خَطَأٌ ، أَوْ عَمْدًا " . وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهَدٍ وَالضَّحَّاكِ قَالَا : لَيْسَ مِنْ جَهَالَتِهِ أَنْ لَا يَعْلَمَ حَلَالًا وَلَا حَرَامًا . وَلَكِنْ مِنْ جَهَالَتِهِ : حِينَ دَخَلَ فِيهِ . وَقَالَ عِكْرِمَةُ : الدُّنْيَا كُلُّهَا جَهَالَةٌ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ : هُمْ قَوْمٌ لَمْ يَعْلَمُوا مَا لَهُمْ مِمَّا عَلَيْهِمْ . قِيلَ لَهُ : أَرَأَيْت لَوْ كَانُوا قَدْ عَلِمُوا ؟ قَالَ : فَلْيَخْرُجُوا مِنْهَا . فَإِنَّهَا جَهَالَةٌ . قُلْت : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِك : قَوْله تَعَالَى { إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } وَكُلُّ مَنْ خَشِيَهُ ، وَأَطَاعَهُ ، وَتَرَكَ مَعْصِيَتَهُ : فَهُوَ عَالِمٌ . كَمَا قَالَ تَعَالَى { أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } . وَقَالَ رَجُلٌ لِلشَّعْبِيِّ : أَيُّهَا الْعَالِمُ . فَقَالَ : إنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ . قَوْله تَعَالَى { إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ عَالِمٌ . فَإِنَّهُ لَا يَخْشَاهُ إلَّا عَالِمٌ . وَيَقْتَضِي أَيْضًا : أَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ . كَمَا قَالَ السَّلَفُ . قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ " كَفَى بِخَشْيَةِ اللَّهِ عِلْمًا ، وَكَفَى بِالِاغْتِرَارِ جَهْلًا " . انتهى كلامه رحمه الله
    هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    كتبه عبد الله الخليفي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ما صحة أثر : لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى

    منقول من أبو موسى السلفي بتصرف يسير :


    نقول: هذا الأثر صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مشهور عنه ولا يستريب في هذا من له دراية

    روي عن عمر من طرق

    - منها: قال سعيد بن منصور كما في الإحكام (6/215): حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهرى حدثنا موسى بن عقبة قال : (هذه خطبة عمر بن الخطاب يوم الجابية : أما بعد فإنى أوصيكم بتقوى الله الذى يبقى ويفنى ما سواه ، الذى بطاعته يكرم أولياؤه ، وبمعصيته يضل أعداؤه ، فليس لهالك هلك معذرة فى فعل ضلالة حسبها هدى ، ولا فى ترك حق حسبه ضلالة..)

    وهذا الإسناد رجاله ثقات عدول إلا أن موسى بن عقبة من صغار التابعين ولم يسمع عن عمر

    لكنه سمع عن أهل بيته وأصحابه ونسب هذه الخطبة إلى عمر جازما بهذه النسبة فتأمل!

    وقاله عمر يوم الجابية يوم الاجتماع الكبير للصحابة ولم ينكر قوله عليه منهم أحد فصار إجماعا!

    - منها ما رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة (3/800) وابن بطة في الإبانة الكبرى (162) والخطيب في الفقيه والمتفقه (253) وغيرهم كلهم بطرقهم عن الإمام الأوزاعي عن عمر بن الخطاب

    و إسناد بن شبة صحيح إلى الأوزاعي وبين الأوزاعي وعمر انقطاع ظاهر لأن الأوزاعي من تابعي التابعين لم يسمع عن أحد من الصحابة

    لكن نقول:

    أولا كونه فيه انقطاع لا يمنعنا من أن نقوي به الطريق الأول

    ثانيا قال الأوزاعي في رواية ابن شبة: " كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ.." فتأمل!! هاهنا الإمام العظيم والمحدث الكبير أثبته من قول عمر وزاد أنه كان من كلامه المشهور المتكرر كما يدل عليه قول (كان عمر يقول) ومن المعلوم من أصول الفقه واللغة أن صيغة (كان فلان يفعل أو يقول..) تدل على الاستمرار والتكرار

    - منها ما رواه أبو يوسف رحمه الله في الخراج (23) قال: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْكِلاعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي يَبْقَى وَيَهْلِكُ مَنْ سِوَاهُ، الَّذِي بِطَاعَتِهِ يَنْتَفِعُ أَوْلِيَاؤُهُ، وَبِمَعْصِيَتِه ِ يُضَرُّ أَعْدَاؤُهُ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِهَالِكٍ هَلَكَ مَعْذِرَةٌ فِي تَعَمُّدِ ضَلالَةٍ حَسِبَهَا هُدًى، وَلا فِي تَرْكِ حَقٍّ حَسِبَهُ ضَلالَةً

    وهذا الإسناد فيه رجل مبهم وأيضا عثمان بن عطاء وأبوه لم أهتد إلى أقوال الأئمة فيهم من ناحية الجرح والتعديل

    إلا أن ابن عساكر قال في تاريخ دمشق (5/300) : " عطاء الكلاعي شهد خطبة عمر بالجابية.." والله أعلم

    - منها ما رواه ابن الجوزي سيرة عمر ص88-89، وأبو نعيم في الحلية 5/346-353 واللفظ لأبي نعيم قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق السراج ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام ثنا محمد بن بكر البرساني ثنا سليم بن نفيع القرشي عن خلف أبي الفضل القرشي عن كتاب عمر بن عبدالعزيز إلى النفر الذين كتبوا إلى بما لم يكن لهم بحق في رد كتاب الله تعالى وتكذيبهم بأقداره النافذة في علمه السابق الذي لا حد له إلا إليه وليس لشيء منه مخرج وطعنهم في دين الله وسنة رسوله القائمة في أمته أما بعد فانكم كتبتم إلي بما كنتم تستترون منه قبل اليوم في رد علم الله والخروج منه إلى ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتخوف على أمته من التكذيب بالقدر وقد علمتم أن أهل السنة كانوا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة وسيقبض العلم قبضا سريعا وقول عمر بن الخطاب وهو يعظ الناس إنه لا عذر لأحد عند الله بعد البينة بضلالة ركبها حسبها هدى ولا في هدى تركه حسبه ضلالة قد تبينت الأمور وثبتت الحجة وانقطع العذر فمن رغب عن أنباء النبوة وما جاء به الكتاب تقطعت من يديه أسباب الهدى ولم يجد له عصمة ينجو بها من الردى.." إلخ الأثر

    وقال ابن الجوزي: "وهذه رسالة مروية عن عمر بن عبد العزيز في الأول، وجدت أكثر كلماتها لم تضبطها النقلة على الصحة، فانتقيت منها كلمات صالحة.." فذكره بهذا اللفظ

    وفي إسناده من أبهم ومن لا يعرف لكنه جاء عن عمر بن عبد العزيز بالإسناد الصحيح من قوله قال ابن نصر المروزي في سنته (95) قال: " حدثنا أبو حفص الباهلي ثنا شريح بن النعمان ثنا المعافى ثنا الأوزاعي قال قال عمر بن عبد العزيز لا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها يحسب أنها هدى" وإسناده صحيح

    وهذا كله يدل على أن هذا كلام عمر بن الخطاب كان معروفا عند السلف منتشرا بينهم وكانوا يصوبونه فيه ويتبعونه عليه

    - وله طرق أخرى لم تصل إلينا كاملة

    - منها ما ذكره الهندي في كنز العمال 29349 أن عن الاحوص بن حكيم بن عمير العنسي قال : كتب عمر بن الخطاب إلى أمراء الاجناد : تفقهوا في الدين فانه لا يعذر أحد باتباع باطل وهو يرى انه حق ولا يترك حق وهو يرى أنه باطل"

    ثم قال: "(رواه) آدم بن أبي اياس في العلم" وكتاب العلم لم يصل إلينا كاملا وما وصل منه فمخطوطه في الإمارات لا سبيل لي إليه

    والأحوص في حفظه شيء من ضعف

    - منها ما ذكره ابن الجوزي في المناقب قال:" وعن عدي بن سهيل الأنصاري قال: "قام عمرفي الناس خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله ويفني ما سواه، والذي بطاعته ينفع أولياءه، وبمعصيته يضرّ أعداءه، فإنه ليس لهالك هلك عذر في بعض ضلالة حسبها هدى، ولا ترك حقّ حسب ضلالة، قد ثبتت الحجة وانقطع العذر.."

    وعدي بن سهيل صحابي لكن ابن الجوزي لم يذكر الإسناد فدل على أن للقصة طريقا آخر لم يصل إلينا أيضا

    والخلاصة أن لهذه القصة طرقا كثيرة منها ما ضعفه خفيف فيقوى بعضها بعضا ومثل هذا يحتمل عند العلماء المحققين في الآثار الموقوفة خاصة أن هذا الكلام كان مشهورا عن عمر بن الخطاب عند السلف من قوله ونسبوه إليه واحتجوا به حتى أنهم أوردوه في مصنفاتهم في العقيدة كما فعل قوام السنة وابن بطة والبربهاري وقال (ص 88) (وجميع ما وصفت لك في هذا الكتاب فهو عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه و سلم وعن التابعين وعن القرن الثالث إلى القرن الرابع فاتق الله يا عبد الله وعليك بالتصديق والتسليم والتفويض والرضى بما في هذا الكتاب ولا تكتم هذا الكتاب احدا من أهل القبلة فعسى الله أن يرد به حيرانا من حيرته أو صاحب بدعة من بدعته أو ضالا عن ضلالته فينجو به فاتق الله وعليك بالأمر الأول العتيق وهو ما وصفت لك في هذا الكتاب فرحم الله عبدا ورحم والديه قرأ هذا الكتاب وبثه وعمل به ودعا إليه واحتج به فإنه دين الله ودين رسوله وأنه من استحل شيئا خلافا لما في هذا الكتاب فإنه ليس يدين الله بدين وقد رده كله كما لو أن عبدا آمن بجميع ما قال الله عز و جل إلا أنه شك في حرف فقد جميع ما قال الله وهو كافر)

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: ما صحة أثر : لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى

    مفيد ، نفع الله بكم .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي

    جزاك الله خيرا شيخنا أبو مالك المديني.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    الدولة
    ماليزيا
    المشاركات
    10

    افتراضي

    ما سند قول الشافعي رحمه الله تعالى:
    " لو عُذر الجاهل لأجل جهله؛ لكان الجهل خيراً من العلم؛ إذ كان يحط عن العبد أعباء التكليف، ويريح قلبه من ضروب التعنيف؛ فلا حجة للعبد في جهله بالحكم بعد التبليغ والتمكين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل"

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •