فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا
أبو يونس العباسي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ,سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
في مثل هذه الوقت الذي يمر بغزة ما يمر وفي ظل هذا الصمت العالمي, كان لزاما علينا أن ننصر أهل غزة بما نستطيع أن ننصرهم به ,ولو بالكلمة لمن لا يستطيع غيرها ,حتى يمن الله علينا بالجهاد مع المجاهدين والرباط مع المرابطين , فنقول لشعبنا المسلم في غزة ,ولكل من ينتمي لهذه الأمة ,فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا.
ونبتدأ كلمتنا هذه بالتساؤل التالي:
لماذا خلقنا الله سبحانه وتعالى؟ولنعلم أن هذا سؤال لا بد أن نذكر به الناس دوما ونذكر به أنفسنا ألا فلتعلموا أيها الإخوة أننا خلقنا لعبادة ربنا سبحانه وتعالى ,ودليل هذا قوله تعالى "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"ولكن عبادة بمفهومها الشامل والكامل الذي يسع الحياة بأسرها ,تلكم العبادة التي أشار إليها الله عز وجل إليها بقوله"قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين""
ومن الجدير ذكره أن العبادة مستلزمة للابتلاء وأن سنة الله في عباده المخلصين أن يبتليهم بالمشاق والصعوبات وما تكرهه النفس ويضر بها,ولا يحصل الإنسان على ثواب العبادة إلا إذا صبر على لأوائها,مصداقا لقوله تعالى "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"
ولا بد أيها الإخوة الكرام ان نعرف طبيعة حياة الإنسان في هذه الدار كما يراها الله تعالى,
ومن المعروف أن الحياة بالنسبة للإنسان هي دار تعب ونصب ومشقة وهذه حقيقة شرعية دل عليها كتاب ربنا كما في قوله تعالى "لقد خلقنا الإنسان في كبد" أي في تعب ومشقة وكما في قوله "ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه""
إذن فلاراحة للإنسان في الدنيا وإنما راحته في الآخرة ,ولقد سأل الإمام أحمد رحمه الله عن الراحة فقال :عندما أضع أول قدم لي في الجنة ,فهذه هي حقيقة الحياة فاعرفوا ذلك فإنه يهون عليكم المصاب ,قال الله تعالى: "وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور"
ولكن ما الذي بدل حال أمتنا منيسر إلى عسر ؟
والجواب أن ابتعادنا عن منهج ربنا هو ما بدل حالنا ويل على ذلك ذلكم الحديث الذي أخرجه ابن ماجه والبزار وصححه الألباني عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا معشر المهاجرين خصال خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم .
إذن فداؤنا معروف ودواؤنا معروف فمتى نضع الدواء على موضع الداء فنبرأ
ولعلي أسمع صوتا يخرج من بواطن المخلصين من المسلمين ,هل سيدوم هذا الحال المزري الذي تمر به الأمة اليوم؟
فأقول نحن الذين نحدد هل سيدوم هذا الحال أم لن يدوم ,فإن رجعنا إلى ديننا كانت الثانية وإلا فالأولى,وستكون الثانية بإذن الله وذلك لقوله تعالى "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا"
وقوله "سيجعل الله من بعد عسر يسرا"وقوله"ومن يتق الله يجعل له مخرجا"وقوله:" ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا
وقول ابن مسعود:والله لو كان العسر في جحر ضب لأدركه اليسر:,ولن يغلب عسر يسرين وكما فال الشاعر: ضاقت حتى إذا استحكمت حلقاتها ..... فرجت وكنت أظنها لا تفرج
وهنا نحب أن نوجه نصيحة لإخواننا المضطهدين المقهورين في الأرض وعلى رأسهم الإخوة في غزة فنقول لهم:ياصاحب الهم ان الهم منفرج ........ابشر بخير فان الفارج الله
اذا بليت فثق بالله وارض به.......ان الذي يكشف البلوى هوالله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج........ابشر بخير فان الفارج الله
اليأس يقطع احيانا بصاحبه ...........لاتيأسن فان الفارج الله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج........ابشر بخير فان الفارج الله
الله حسبك مماعذت منه به.........وأين امنع ممن حسبه الله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج........ابشر بخير فان الفارج الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة..........لاتجز عن فان الكافي الله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج ......ابشر بخير فان الفارج الله
والله مالك غير الله من احد .......فحسبك الله في كل لك الله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج......ابشر بخير فان الفارج الله
الحمدلله شكرا لاشريك له........ماسرع الخيرجدا حين يشاالله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج .....ابشر بخير فان الفارج الله
وهنا نود أن نذكر إخواننا إلى دعاء تفريج الهموم كما علمنا إياه محمد صلى الله عليه وسلم:فقد أخرج أحمد والبزار والحاكم في مستدركه وصححه الألباني في صحيح الجامع عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه وأبدله مكان حزنه فرحا
قالوا يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات قال أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن
ونود بهذه المناسبة ان نذكر الإخوة بأهمية التضرع لله في مثل هذه الأوقات ودعائه وسؤاله الاستعانة به فهذه مظاهر من مظاهر العبودية لله في مثل هذه الأوقات ووبمثل هذه المظاهر كان ينصر الله عباده على مر الدهور والأزمان,قال الله تعالى" ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون"وقال جل جلاله" "ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسن تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون"
وأما عن الأسباب التي ييسر بها الله لليسرى أو للعسرى فقد قال ربنا العظيم "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى"
وهذا باب عظيم غفلت عنه الأمة فوصلها بدل اليسر عسرا والله المستعان.
ونحن نتكلم عن البلاء الذي ألم بإخواننا في غزة نتساءل هل في قضاء الله وقدره ما هو شرللمسلم؟
والجواب لا وألف لا فمن اعتقادنا نحن أهل السنة أن كل ما قدر الرحمن محمود وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما عتد البخاري ومسلم من حديث صهيب الرومي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبا لأمر المؤمن إن أمره له كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له
ونحن نبشر أهلنا في غزة أن الله لن يترككم وسيبقى معكم ما تمسكتم بدينه وقاتلتم في سبيله مصداقا لقوله سبحانه وتعالى"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين"وقوله كذلك"إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات,والسلا عليكم ورحمة الله وبركاته.