رمضان < شهر البذل والعطاء ، وتذكر الضعفاء > ..
أرقامٌ فلكية من الأموال يصرفها أهل الترف في بلاد الإسلام وغيرها على توافه المفاخر ،وكماليات الأشياء التي هي طريق التخمة والمرض ، والقسوة والهم ..
وبجوار أغنيائنا المترفين : أمةٌ من الناس لا يجدون لحافــاً دافئــاً ، ولباساً ساتراً ، ولا كسرةَ خبزٍ تُسكت الجوع الذي في داخلهم .. فهل تشعر < أيها الغني > حينما تجوع في رمضان وغيره بحال فقير لا يجد طعامــاً يكفيه ، ولا بيتــاً محترمـاً يأويه ..
هل تذكره يوم تشتري لطفلك فاخر الثياب ، ولزوجك جميل الحلي واللباس .. تذكر طفلاً لا يستطيع أبوه أن يشتري له حذاءً ممزقاً ، أو لباساً بالياً قديماً .. وزوجةً على فراش المرض تتلوى ، وزوجها البائس لا يجد ثمنَ دواءٍ يوقف ذلك الألم والأنين !! ..
هناك في الزمن الأول من تاريخنا الجميل : نماذج في التكافل الاجتماعي ، من أناس يعيشون ألم المحتاجين ، والفقراء .. وهذه النماذج لم تكن صادرةً من طبقة عوام المسلمين ؛ بل من كبار عِلية القوم الذين أنعم الله تعالى عليهم بالمنصب والجاه ؛ فكانوا من الشاكرين ، ولمساكين زمانهم من المهتمين بهم وبحالهم ..
في سيرة الوزير العادل ظهير الدين أبي شجاع محمد بن الحسين ، وزير المقتدي بالله المولود سنة 437 - رحمه الله تعالى - : أنه عُرضت عليه رقعة من بعض الصالحين يذكر فيها: أن امرأة معها أربعة أطفال أيتام ، وهم عراة جياع ، فقال للرجل : امض الآن إليهم ، واحمل معك ما يصلحهم ، ثم خلع أثوابه ، فقال : والله لا لبستها ولا دفئت حتى تعود وتخبرني أنك كسوتهم وأشبعتهم ، فمـضى وعــــاد فأخـــبره ، وهو يرعد من البرد !! ..
وحكى حاجبه الخاص به قال : استدعاني ليلةً ، وقال : إني أمرت بعمل قطائف ، فلما حضرت بين يدي < ذكرت نفوساً تشتهيها !! > فلا تقدر عليها ، فنغص ذلك علي أكلها ، ولم أذق منها شيئـاً ، فاحمل هذه الصحون إلى أقوام فقراء ، فحملها الفراشون معه ، وجعل يطرق أبواب المساجد ، ويدفعها إلى المساكين والفقراء ..
فهل يهتم ، ويتذكر أمراؤنا الفضلاء ، وأغنياؤنا الكرام ، ومن لهم فضلُ مالٍ حالَ المسكين والمحتاج والفقير في شهر الخير < رمضان ، وغيره > .. نتمنى ونرجو ، والله يخلف لهم كل خير ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) .. وفي الحديث : ( من فطر صائماً كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ) ..
حسن الحملي