تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى:" وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم" وفي هذه الآية الكريمة ما يلي:قال تعالى:" ولا طائر يطير بجناحيه "
1-قرأ الحسن وعبد الله بن أبي إسحاق " ولا طائرٌ " بالرفع عطفا على الموضع ، و " من " زائدة ، التقدير : وما دابة ، وقراءة الجر أبلغ وآكد في المعنى لأنها على إرادة معنى "من" التي تفيد التوكيد ، فالقارئ يقرأ ويتحكم بعلامات المنزلة والمكانة المانعة من اللبس كما يريد وبحسب المعنى الذي يريده وبحسب الأهمية المعنوية .
2- لماذا وصف الله تعالى الطائر بأنه "يطير بجناحيه "والطائر لا يطير بغير جناحين ؟ فما الفائدة من هذا الوصف؟ دعت الحاجة المعنوية إلى قوله تعالى:" يطير بجناحيه " تأكيدا وإزالة للإبهام ، فإن العرب تستعمل الطيران لغير الطائر ، تقول للرجل : طر في حاجتي ، أي : أسرع ، فذكر بجناحيه ليتمحض القول في الطير ، وهو في غيره مجاز ، وقيل : إن اعتدال جسد الطائر بين الجناحين يعينه على الطيران ، ولو كان غير معتدل لكان يميل ، فأعلمنا أن الطيران بالجناحين، وقيد الطيران بالجناح تأكيدا كما يقال: نظرت بعيني وأخذت بيدي ، وكذلك وصف " طائر " بقوله "يطير بجناحيه" قصد به الشمول والإحاطة ، لأنه وصف آيل إلى معنى التوكيد ، لأن مفاد يطير بجناحيه أنه طائر ، كأنه قيل : ولا طائر ولا طائر ، والتوكيد هنا يؤكد معنى الشمول الذي دلت عليه ( من ) الزائدة في سياق النفي ، فحصل من هذين الوصفين تقرير معنى الشمول الحاصل من نفي اسمي الجنسين ، ونكتة التوكيد أن الخبر لغرابته عندهم وكونه مظنة إنكارهم أنه حقيق بأن يؤكد .