بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
وبعد : من منا لم يسمع بتلك القصـــــة المروية الكتب عن تلك المرأة المتكلمة بالقرآن , وهي قصـــة مشــــهورة لما لها من مميزات خاصة ، كون صاحبة القصة لم تتكلم بغير القرآن الكريم منذ أربعيـــن سنة كما يقال ،وهذه القصة ذكـــرها إبن حبان عليه رحمة الله في كتابه روضة العقلاء في صفحة أربعين كذا من الكتاب والله أعلم.
فابن حبان رحمه الله لما روى القصة جاء فس سلسلة الرواة راو إسمه محمد ابن زكرياء الغلابي ، وهذا الرجل قال فيه المحدثون أنه واه يروي المناكير متهم بالوضع ، وقد قال فيه الدارقطني رحمه الله أنه متهم بالوضع كما ذكر ذلك الشيخ الألباني رحمه الله في تخريجاته لكتاب المراجعات - الكتاب شيعي رافضي لعلمكم ، وابن حبان نفسه قال عنه يروي عن المجاهيل ، ولعل هذه المســــائل تحتاج إلى أهل الفن ليوضحوها أكثر ومن الذين نعرفهم معنا الشيخ السكري. حفظه الله ، وأستاذنا الحمادي صاحب الماجستير في علم الحديث يحفظهم الله جميعا أتمنى أن يفيدونا كثيرا عن هذا الراوي -محمد بن زكرياء الغلابي -
نص القصة بالسند : قال الإمام ابن حبان : أنبأنا عمرو بن محمد الأنصاري ، حدثنا الغلابي ، حدثنا ابرهيم بن عمرو بن حبيب ، حدثنا الأصمعي قال : بينا أنا أطوف بالبادية إذا بأعرابية تمشي وحدها على بعير لها ، فقلت : يأ أمة الجبار ، من تطلبين ؟ فقالت: {من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له}. قال: فعلمت أنها قد أضلت أصحابها، فقلت لها: كأنك قد أضللت أصحابك؟ فقالت: {ففهمناها سليمان وكلا أتينا حكماً وعلماً} فقلت لها: يا هذه، من أين أنت؟ قالت: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} فعلمت أنها مقدسية ، فقلت لها: كيف لا تتكلمين؟ قالت: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} فقال أحد أصحابي: ينبغي أن تكون هذه من الخوارج! فقالت: { ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسؤولاً} فبينما نحن نماشيها، إذ رفعت لنا قباب وخيم، فقالت: {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} قال: فلم أفطن لقولها، فقلت: ما تقولين؟ فقالت: {وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام} قلت: بمن أصوت وبمن أدعو؟ قالت: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة}{يا زكريا إنا نبشرك}{يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض}، قال فإذا نحن بثلاثة إخوة كاللآلىء، فقالوا: أمنا ورب الكعبة، أضللناها منذ ثلاث، فقالت: {الحمد لله الذي ذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} فأومأت إلى أحدهم فقالت: {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه} فقلت: إنها أمرتهم أن يزودونا، فجاؤوا بخبز وكعك، فقلت: لا حاجة لنا في ذلك، فقلت للفتية: من هذه منكم؟ قالوا: هذه أمنا، ماتكلمت منذ أربعين سنة إلا من كتاب الله، مخافة الكذب، فدنوت منها، فقلت: يا أمة الله أوصني، فقالت: {ما أسألكم عليه أجرأً إلا المودة في القربى}، فعلمت أنها شيعية، فانصرفت .أ.هـ ،
علق الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتنع على هذه القصة بقوله : يحرم جعل القرآن بدلاً من الكلام، - إشارة منه إلى القصة - ثم يقول :وأنا رأيت زمن الطلب قصة في جواهر الأدب، عن امرأة لا تتكلم إلا بالقرآن، وتعجب الناس الذين يخاطبونها، وقالوا لها: أربعون سنة لا تتكلم إلا بالقرآن، مخافة أن تزل، ويغضب عليها الرحمن، نقول هي زلت، فالقرآن لا يجعل بدلاً من الكلام، لكن لا بأس للإنسان أن يستشهد بالآية على قضية وقعت .إنتهى كلامه رحمه الله .
فالقصة حتما هي من تركيبات الغلابي هذا ، فكذب فيها على الأصمعي .
ولعلمكم أن كتب الرافضة يكثر فيها ذكر هذه القصة وبطلها الغلابي في إسنادهم
ولاحول ولاقوة إلا بالله
أخوكم أبو مروة الأثري الجزائري