نظرية التلقي: Reception theoryشبكة النبأ: لقد تطورت نظرية التلقي على يد منظرين مثل هانز روبرت جوس ولفنجانج أيزر، وكلاهما أستاذ بجامعة كونستانس في ألمانيا، إن خطا متوازياً يمكن أن يوجد بين نظرية المنفعة والبهجة Uses and gratification ونظرية التلقي Reception theory، حيث طور بعض منظري وسائل الإعلام الجماهيرية مفهوم المنفعة والبهجة، الذي لا يركز – فحسب – على تأثير وسائل الإعلام على الأفراد بل أيضاً على طريقة الاستخدام لهذه الوسائل وعلى المتعة التي يحصلون عليها من هذه الوسائل. وعلى نحو غامض أيضاً يذهب أصحاب نظرية التلقي في ذلك الأمر حين يركزون على الدور الذي يلعبه الجمهور المتلقي، حيث يفضون النصوص decoders of ****s في نظام الأشياء لا على النصوص ذاتها، وذلك على نحو ما ذهب إليه lsar (72/1988) حين كتب يقول:عند التفكير في العمل الأدبي، تركز النظرية الفينومينولوجية تركيزاً تاماً على الفكرة، التي تقول إن على المرء ألا يدخل في اعتباره النص الفعلي فحسب، بل كذلك – وبنفس القدر – يهتم بالأفعال المتضمنة في الاستجابة للنص، ولذلك يتصدى رومان إنجاردن لبنية النص الأدبي بالطرق التي يمكن بها أن يتحقق هذا النص. فالنص في ذاته يقدم زوايا تخطيطية Schematized views من خلالها يمكن للنص أن يتكشف ويتبدى، إلا ان الحضور الفعلي لا يتم إلا في فعل التحقق Konkretisation.ومن ثم فإن lser يلمح من ذلك إلى أن الجمهور المتلقي – في حالة عمل محدد مثل الرواية هو القراء – يلعب دوراً مهماً فيما يمكن أن نسميه (تحقق النص realiza – tion).فقد قام lsar بعمل تمييز بين قطبين: الأول فني ويشير إلى العمل الذي أبدعه الفنان، والآخر إستطيقي ويشير إلى العمل الذي يتم بواسطة القارئ (المتلقي)، ويبسط هذه بقوله:(إذا كان الأمر كذلك، فإن للعمل الفني – إذن قطبين، هما ما ينبغي أن نسميهما الفني artistic والإستطيقي aesthwtic: الفني يشير إلى النص الذي يبدعه المؤلف والإستطيقي يشير إلى التحقق الجمالي الذي ينجزه القارئ وينتج عن ذلك الاستقطاب أن العمل الأدبي لا يتطابق مع النص، أو مع تحقق النص، وإنما هو يقع في منتصف الطريق بين القطبين فالعمل الأدبي لا يزيد شيئاً على النص، ذلك لأن النص لا تدب فيه الحياة إلا عندما يكون موضوعاً للإدراك. ناهيك عن أن هذا التحقق له لا يكون غير مستقل البتة عن موقف القارئ وإن كان ذلك بدوره يتأثر بالأنماط المتغايرة للنص.فبمعنى من المعاني لا يكون للأعمال الأدبية وجوداً إلا متى كانت موضوعاً لإدراك قارئ. (وقد يرد إلى الذهن شعار باركلي القائل: الموجود هو المدرك to be is to bo perceived) فالنصوص حقيقة افتراضية virtuel Reality، أو كامنة وهي لا تتحقق تحققاً فعلياً إلا متى قام قارئ أو جمهور متلقي بقراءة أو رؤية أو سماع ذلك النص.في عام 1968 ذهب إنجاردن إلى انه لو قمنا بدفع الأمور بقدر كافٍ، فإن القارئ له إسهام مكافئ في الأهمية في إدراك النصوص. وعلى ذلك فإن العالم قد ينقلب رأساً على عقب بقدر اهتمامنا بإبداع المؤلف authorship، لأن النصوص لا يكون في مقدورها مواصلة التبدي والحدوث بذاتها، كما لم يعد في مقدور الفنانين والمؤلفين – الذين منحوا هذه النصوص الوجود – أن يدعوا الامتلاك الأحادي، إن جاز التعبير، لمعنى نصوصهم. فإن نحن قمنا بترجمة هذه الفكرة إلى مصطلحات نظرية الاتصال، فيمكن أن يصبح المتلقي في هذه الحال مساوياً، أو مكافئاً في الأهمية لمرسل الرسالة.نظرية الاتصال تؤكد على أننا يجب أن نكون أصحاب امتياز، وأن نعطي أهمية ملائمة للنص، كما يجب أن نأخذ في اعتبارنا دور القارئ (1984 Eco) ونهج القراء المختلفين (أو المشاهدين في حالة الوسائل المرئية) في تفسير النصوص.فبمعنى ما من المعاني أن النصوص لا يكون لها وجود أو بالأحرى لا يخلع عليها الوجود إلا بواسطة القراء. فالعديد من المؤلفين لا يستحبون الفكرة التي تذهب إلى القول بأن أعمالهم – كما في حكاية سندريلا – لا تدب فيها الحياة إلا بقبلة قارئ / فتنة أمير، ولكن lsar وآخرين من منظري التلقي يقبلون بوجهة النظر هذه.