المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد مسفر العتيبي
جزاك الله كل خير اخي الفاضل وبارك فيك
ما صحة من ينسب لعائشة رضي الله عنها القول بجواز نمص المراه بنية التزين لزوجها
الروايات عن عائشة في الباب هي اربع روايات
الطريق الأولى : رواية العالية بنت أيفع ، عن عائشة رضي الله عنها
أخرجها ابن الجعد في مسنده [1/80] [ رقم 451 ] فقال : أخبرنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: دَخَلَتِ امْرَأَتِي عَلَى عَائِشَةَ ... وَسَأَلَتْهَا امْرَأَتِي عَنِ الْمَرْأَةِ تَحُفُّ جَبِينَهَا : فَقَالَتْ: « أَمِيطِي عَنْكِ الْأَذَى مَا اسْتَطَعْتِ»
وهذا [ اسناد صحيح ] الى عائشة
وامرأة ابي اسحاق هي العالية بنت ايفع ، اوردها ابن حبان في ثقاته ، وروى عنها اثنان من كبار الحفاظ ، وهما زوجها ابو اسحاق السبيعي ، وابنها يونس بن ابي اسحاق وهذا كفيل برفع أي جهالة عنها
وليس هؤلاء فقط من رووا عنها ، بل روى عنها الجمهور من الحفاظ والفقهاء في وقتها
كما قال سبط بن الجوزي في ( ايثار الانصاف ) [1/301] : [ روى عَنْهَا ابو حنيفَة وسُفْيَان وَالْحسن بن صَالح وَمُجاهد وَالشعْبِيّ وفقهاء الْكُوفَة .. ] فهي مشهورة معروفة
والعمل عند الجمهور على الاحتجاج بها ، بخلاف الشافعي رحمه الله فانه اصّر على جهالتها عنده ! وهذا عجيب لمن كان بمثل حالها من الشهرة والمعرفة ...
قال سبط بن الجوزي في ( ايثار الانصاف ) [1/301] :
{ الْعَالِيَة امْرَأَة مَعْرُوفَة جليلة الْقدر ... وَعمل بحديثها أهل الْمَدِينَة وَالْعراق }
فهذه الرواية صحيحة عن عائشة بلا ريب ... وتضعيفها تعنّت لا مستند له
الطريق الثانية : ام محبة عن عائشة
اخرج عبد الرزاق في مصنفه : عن معمر والثوري عن أبي إسحاق عن امرأة بن أبي [السفر] أنها كانت عند عائشة فسألتها امرأة فقالت يا أم المؤمنين إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتزين بذلك لزوجي
فقالت عائشة : أميطي عنك الأذى وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة وإذا أمرك فلتطيعيه وإذا أقسم عليك فأبريه ولا تأذني في بيته لمن يكره
[ وهذا خطأ سواء في السند او المتن ] ، ومجلس العالية بنت ايفع مع ام المؤمنين مشهور وصحيح ان ام محبة كانت معها
لكن نجد ان الدارقطني في العلل [3793] قد حكم بتوهيم من جعل رواية ابي اسحاق عن ام محبة زوجة بن ابي السفر وليس عن زوجته .. فالمحفوظ روايته عن زوجته ...
وذكر النتف في المتن عندي منكر لأنه ان صح السند : -
- فان شعبة أحفظ للمتون الطويلة من سفيان الثوري ولم يذكر التفصيل
- و الرواية الصحيحة عن السائلة نفسها تراها ذكرت الحفاف عاماً بدون تفصيله ، وليس (النتف)
واقول لو صحت سنداً ومتناً - يحمل هذا على وجود سائلتين في المجلس ، قال بهذا الشيخ عمر الخالدي
الطريق الثالثة : بكرة بنت عقبة عن عائشة رضي الله عنها
عند ابن سعد في الطبقات [8/70] ومن طريقه الذهبي في السير [2/188] وتاريخ الاسلام [2/507]
فقال : أخبرنا المعلى بن أسد، حدثنا المعلى بن زياد القطعي، حدثنا بكرة بنت عقبة .. أنها دخلت على عائشة وسألتها عن الحفاف ؟
فقالت لها: إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتصنعيهما أحسن مما هما فافعلي
قلت : [ الاسناد لا بأس به ] ورجاله ثقات
ليس فيه الا بكرة بنت عقبة لا يعلم فيها جرحاً ولا تعديلاً ، و معلوم انه لا يوجد في النساء عموماً من تتهم ، و من كان في مثل طبقتها المتقدمة فالأولى التسامح في رواياته على القول الراجح عند الائمة ، خاصة وقد وثقها ابن حبان !
الطريق الرابعة : رواية ام نصرة عن عائشة
وعزاها السفاريني في [ غذاء الالباب ] لأحد مصنفات الامام مسلم ، واورد السند من طريق بحسة الراسبية عن ام نصرة عن عائشة .. انها قالت : لو كان في وجه بنات أخي [شعر] لأخرجته ولو بشفرة ...
[ وهذا سند ضعيف مسلسل بالمجاهيل ]
فقه الاثر
هذا الاثر لا يعارض كل المذاهب التي ذكرناها في اصل الموضوع ، ومن فهم منه اباحة النمص فقد اخطأ ، ويمكن حمل كلام ام المؤمنين عائشة بما يوافق كل مذهب على حدا او كل المذاهب مجتمعة ..
- فمن رأى ان أي ازالة شعر الوجه محرّمة من كافة الوجوه ، فيحمل الأثر على ما كان فيه شئ من المثلة والاذى ، بان ينبت للمرأة لحية صغيرة وشارب ، او ان ينبت لها شعر على غير العادة في وجهها مثل : الجبين والخدود ، وليس من المعتاد في النساء ان تكون مشعرة في جبينها !!!
وازالة مثل هذا مباحة عند الجمهور ، وقد قال الامام النووي رحمه الله ( وهو ممن يقولون بمذهب الجمهور في حرمة ازالة أي شعر من الوجه مطلقاً ) ، في شرح صحيح مسلم [14/106] :
[ النامصة هي التي تزيل الشعر من الوجه ، وهذا الفعل حرام ، {إلا} اذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها ، بل يستحب عندنا ] أهـ ، وقد نصّت اللجنة الدائمة في فتاوى عديدة على هذا ..
- ومن اجاز للمرأة الحف وليس النمص [ بالنتف ] ، مثل الامام احمد ، فالأثر لا يخالف مذهبهم ، فهم يجيزون الحلق ، فتحمل رخصة عائشة رضي الله عنها على حف الوجه الذي يكون بالحلق وما شابه، ويكون الاثر حجة لهم
وقد سأل اسحاق بن منصور الامام احمد : تَحُفُّ الْمَرْأَةُ جَبِينَهَا ؟
قَالَ: أَكْرَهُ النَّتْفَ ، وَالْحَلْقُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
وقد يعكر صفو هذا (الجمع) ما جاء في رواية ام محبة المفسرة من انها اباحت النتف لا الحف بالحلق وقد يجاب بانها اما ضعيفة - او ان السائلة اختلفت - ، وعلى كل حال نرجع للتاويل الاول لكل الحالات .. فهو الافضل
- وباقي المذاهب التي ذكرناها و تبيح مطلق النمص للزوج او تبيح اصل الفعل بتأويلات معينة ، فهذا الاثر لا يعارض مذهبهم ايضاً ، لانه كلامها مقيد [بالزوج] اصلاً كما تقدم ، فيكون حجة لهم ..
خلاصة فقه الاثر
- اما ان كلام ام المؤمنين رضي الله عنها محمول على ازالة الشعر غير المعتاد في الوجه فلا يكون هذا داخلاً في النمص المحرم عند الجمهور ..
- او ان كلامها محمول على اطلاق الحف ، لكن بالحلق او القص وما شابه ، وليس هذا من النمص في شئ ( عند احمد واصحابه ) ، لان النمص عندهم في النتف فقط .. والله المستعان ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته