تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: من كلامهم نستنشق غبار العلم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    76

    افتراضي من كلامهم نستنشق غبار العلم

    قال النووي في مقدمة خلاصته " فإنه ينبغي لكل أحد أن يتخلق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ويقتدي بأقواله وأفعاله وتقريره في الأحكام والآداب وسائر معالم الإسلام ، وأن يعتمد في ذلك ما صح ، ويجتنب ما ضعُف ، ولا يغتر بمخالفي السنن الصحيحة ، ولا يقلِّد معتمدي الأحاديث الضعيفة ؛ فإن الله سبحانه وتعالى قال : ?وما ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا? ، وقال تعالى : ?لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة? ، وقال تعالى : ?قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم? ، فهذه الآيات وما في معناهن حثٌ على اتباعه - صلى الله عليه وسلم - ، ونهانا عن الابتداع والاختراع ، وأمرنا الله سبحانه وتعالى عند التنازع بالرجوع إلى الله والرسول أي الكتاب والسنة ، وهذا كله في سنةٍ صحت ، أما ما لم تصح فكيف تكون سنةً ، وكيف يُحكم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قاله أو فعله من غير مسوغ لذلك ، ولا تغترن بكثرة المتساهلين في العمل ، والاحتجاج في الأحكام بالأحاديث الضعيفة ، وإن كانوا مصنفين وأئمةً في الفقه وغيره ، وقد أكثروا من ذلك في كتبهم ، ولو سئلوا عن ذلك لأجابوا بأنه لا يعتمد في ذلك الضعيف ، وإنما أباح العلماء العمل بالضعيف في القصص وفضائل الأعمال التي ليست فيها مخالفة لما تقرر في أصول الشرع مثل فضل التسبيح ، وسائر الأذكار ، والحث على مكارم الأخلاق ، والزهد في الدنيا وغير ذلك مما أصوله معلومة مقررة " .
    قال أبو المظفر محمد بن أحمد بن حامد بن إبراهيم بن الفضل البخاري : لما عُزل أبو العباس الوليد بن إبراهيم بن زيد الهمذاني عن قضاء الرَّي ورد بُخارى سنة ثماني عشرة وثلاث مئة لتجديد مودةٍ كانت بينه وبين أبي الفضل محمد بن عُبَيد الله البَلْعمي ، فنزل في جوارنا .
    قال : فحملني معلمي أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الخُتَّلي إليه ، وقال له : أسألك أن تحدِّث هذا الصبي بما سمعت من مشايخك رحمهم الله . فقال : مالي سماع . قال: فكيف وأنت فقيه ، فما هذا ؟ قال : لأني لما بلغتُ مبلغَ الرجال تاقت نفسي إلى طلب الحديث ، ومعرفة الرجال ، ودراية الأخبار ، وسماعها ، فقصدتُ محمدَ بن إسماعيل البخاري ببخارى صاحب «التاريخ» والمنظور إليه في معرفة الحديث ، فأعلمتُه مُرادي ، وسألته الإقبال علي بذلك .
    فقال لي : يا بني لا تدخل في أمر إلا بعد معرفة حدوده ، والوقوف على مقاديره .
    قال : فقلت له : عرِّفني حدودَ ما قصدتُ له ، ومقادير ما سألتك عنه ؟
    قال : اعلم أن الرجل لا يصير محدثاً كاملاً في حديثه إلا بعد أن يكتب أربعاً مع أربع كأربع مثل أربع في أربع عند أربع بأربع على أربع عن أربع لأربع ، وكل هذه الرباعيات لا تتم إلا بأربع مع أربع ، فإذا تمت له كلها هانت عليه أربع وابتلي بأربع ، فإذا صبر على ذلك أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع ، وأثابه في الآخرة بأربع .
    قال : قلت له : فسِّر لي رحمك الله ما ذكرت من أحوال هذه الرباعيات عن قلب صافٍ بشرح كافٍ ، وبيان شافٍ طلباً للأجر الوافي .
    قال : نعم ، أما الأربعة التي تحتاج إلى كِتْبتها هي : أخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - وشرائعه ، والصحابة ومقاديرهم ، والتابعين وأحوالهم ، وسائر العلماء وتواريخهم .
    مع أسماء رجالها ، وكناهم ، وأمكنتهم ، وأزمنتهم .
    كالتحميد مع الخطب ، والدعاء مع الترسل ، والبسملة مع السور ، والتكبير مع الصلوات .
    مثل المسندات ، والمُرسلات ، والموقوفات ، والمقطوعات .
    في صغره ، وفي إدراكه ، وفي شبابه ، وفي كهولته .
    عند شغله ، وعند فراغه ، وعند فقره ، وعند غناه .
    بالجبال ، والبحار ، والبلدان ، والبراري .
    على الأحجار ، والأصداف ، والجلود ، والأكتاف، إلى الوقت الذي يمكنه نقلها إلى الأوراق.
    عن من هو فوقه ، وعن من هو مثله ، وعن من هو دونه ، وعن كتاب أبيه ، يتيقن أنه بخط أبيه دون غيره .
    لوجه الله تعالى طالباً لمرضاته ، والعمل بما وافق كتاب الله منها ، ونشرها بين طالبيها ومحبيها ، والتأليف في إحياء ذكره بعده .
    ثم لا تتم له هذه الأشياء إلا بأربع التي هي من كسب العبد ، أعني : معرفة الكتابة، واللغة ، والصرف ، والنحو .
    مع أربع هي من إعطاء الله - عز وجل - ، أعني : الصحة ، والقدرة ، والحرص ، والحفظ .
    فإذا تمت له هذه الأشياء هان عليه أربع : الأهل ، والولد ، والمال ، والوطن .
    وابتلي بأربع: بشماتة الأعداء، وملامة الأصدقاء، وطعن الجهلاء، وحسد العلماء.
    فإذا صبر على هذه المحن أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع : بعز القناعة ، وبهيبة النفس ، وبلذة العلم ، وبحيوة الأبد .
    وأثابه في الآخرة بأربع : بالشفاعة لمن أراد من إخوانه ، وبظل العرش حيث لا ظل إلا ظله ، وبسقي من أراد حوض نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وبجوار النبيين في أعلى عليين في الجنة .
    فقد أعلمتك يا بني مجملاً جميع ما كنت سمعت من مشايخي متفرقاً في هذا الباب ، فأقبل الآن على ما قصدتني له ، أو دَع .
    قال : فهالني قوله ، وسكتُّ متفكِّراً ، وأطرقت نادماً ، فلما رأى ذلك مني ، قال : فإن لا تُطِق احتمال هذه المشاق كلها ؛ فعليك بالفقه الذي يمكنك تعلمه وأنت في بيتك قارٌّ ساكنٌ ، لا تحتاج إلى بُعد الأسفار ووطي الديار ، وركوب البحار ، وهو مع ذا ثمرة الحديث ، وليس ثواب الفقيه بدون ثواب المحدث في الآخرة ، ولا عزه بأقل من عز المحدث .
    فلما سمعت ذلك نقص عزمي في طلب الحديث ، وأقبلت على علم ما أمكنني من علمه بتوفيق الله ومنِّه ، فلذلك لم يكن عندي ما أمليه على هذا الصبي يا أبا إبراهيم .
    فقال أبو إبراهيم : إن هذا الحديث الذي لا يوجد عند أحد غيرك خير من ألف حديث يوجد مع غيرك . اهـ كلامه .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: من كلامهم نستنشق غبار العلم

    أحسن الله إليك

    وقصة الأرابيع (!!) هذه واضحة الوضع .
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    275

    افتراضي رد: من كلامهم نستنشق غبار العلم

    رحم الله الإمام النووي ،المحدث الفقيه،ومازالت الأمة تتفيأ ظلال كتبه حفظاً وتدريساً.. فلله دره من إمام
    مسكين من ضيع نعيم الجنة بشهوة ساعة!!

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: من كلامهم نستنشق غبار العلم

    نعمت القصة الموضوعة إن صح وضعها
    لأحدثن بها منسوبة إلى بعض العلماء من غير تصريح فإذا وُقفت عليها إن شئتُ أبنتُ عن حالها وإن لم أشأ لم أُبن
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    76

    افتراضي رد: من كلامهم نستنشق غبار العلم

    بارك الله فيكم
    ساق هذه القصة بإسناده : القاضي عياض في الإلماع (29-34) . والمزي في التهذيب (24/461-464) . والسيوطي في تدريب الراوي (2/156-158) .
    ولهذه القصة معانٍ ودلالات ، وقد قصدت من إيرادها معاني ومدلولات نوالي طرحها إن أردتم إن شاء الله فهل توافقون على الطرح أم نكتفي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    76

    افتراضي رد: من كلامهم نستنشق غبار العلم

    دلالات هذه القصة
    التنويه بشأن هؤلاء الأئمة ، أئمة الحديث والأثر ، ومدى اعتنائهم بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وبذل أعمارهم وأغلى ما لديهم للوقوف على طرقه وأسانيده ، سواءً في ذلك المسند والمرسل والموقوف والمقطوع ، مما به تتبين وتظهر علة الحديث ، ويظهر صحيحه من سقيمه ، ولذلك فقد اجتهدوا في جمع ما أمكن جمعه من حَمَلَته الذين يحملونه في زمانهم ، حتى إن بعضهم كان يرحل الأيام والليالي في طلب حديث واحد
    انظر في هذا : الجامع لأخلاق الراوي (2/225) .
    وبعد جمعهم للأحاديث وطرقها وأسانيدها اجتهدوا في تمحيصها ، وتمييز الصحيح منها من الضعيف ، والمحفوظ من الشاذ ، والمعروف من المنكر ، وعرفوا بذلك الأفراد والغرائب والمناكير ، بل وصنفوا فيها تمييزاً لها عن الصحاح والمشاهير ، والحجة عندهم في ذلك : الحفظ والفهم والمعرفة
    انظر : معرفة علوم الحديث (151) .
    وقد أعانهم على ذلك :
    معرفة الصحابة والتابعين وتابعيهم وأتباعهم وسائر العلماء والرواة ، وأسمائهم وكناهم وألقابهم وطبقاتهم وأنسابهم وقبائلهم وبلدانهم وأزمنتهم ، لتمييز الرواة بعضهم من بعض .
    والحقيقة التي تغيب عن كثير من المشتغلين بطلب الحديث :
    أن حكم هؤلاء الأئمة على الرجال جرحاً وتعديلاً كان نابعاً من مرويات هؤلاء الرواة ، فإنهم إذا وثقوا راوياً أو ضعفوه ، فإن هذا الحكم الصادر من أحدهم كان بالنظر إلى مرويات هذا الراوي وسبرها واعتبارها بمرويات الثقات الحفاظ ، فإن وافقهم دل ذلك على حفظه وضبطه ، فذاك الحافظ الضابط الحجة ، وإن خالفهم : نظروا في مقدار المخالفة فإن قلَّت بحيث يمكن احتمال ذلك من مثله من البشر ، مما يقع لهم في العادة من السهو والغفلة والخطأ العارض ؛ احتملوه ووثقوه في الجملة ، فإن زادت أوهامه تكلموا فيه بما يقتضيه المقام ، لذا ترى ابن معين مثلاً تختلف الروايات عنه في أمثال هؤلاء بحسب ما يحضره من مروياته وحاله في الضبط ، فيوثقه تارة ويلينه أخرى ، فإذا زادت أوهامه وكثر غلطه حتى غلب عليه الغلط والوهم ؛ ضعفوه مع كتابة حديثه للاعتبار ، فإن قل صوابه وموافقته للثقات ، تركوه ورموا به ، فإن ثبت عليه تعمد الكذب والوضع مزقوا حديثه، واتهموه وحذروا منه.
    وليس من شرط الثقة أن لا يهم ، وإن كان الأصل قبول حديثه ، حتى تدل قرينة على وهمه وخطئه
    قال الإمام مسلم في التمييز (170) : "فليس من ناقل خبرٍ وحامل أثرٍ من السلف الماضين إلى زماننا وإن كان من أحفظ الناس وأشدهم توقياً وإتقاناً لما يحفظ وينقل ؛ إلا الغلط والسهو ممكن في حفظه ونقله ، فكيف بمن وصفتُ لك ممن طريقه الغفلة والسهو في ذلك"
    قال الترمذي في العلل الصغير (5/702- الجامع) : "وإنما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان والتثبت عند السماع ؛ مع أنه لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم" .
    واهتموا بنقد الحديث سنداً ومتناً ، لم يكتفوا بالنظر في الإسناد وعلله فحسب ، بل نقدوا المتون ، وعللوها ولو رُويت بسند صحيح كالشمس .
    وأما اليوم فإنا نرى بعض من يحكم على الأحاديث ومتونها وأسانيدها مستمسكين في ذلك بأقوال الأئمة في الرجال ، فقلبوا الأمر ؛ إذ كان الأئمة يحكمون على الرجال بأحاديثهم ، واليوم يُحكم على الأحاديث برجالها ، بغض النظر عن أقوال هؤلاء الأئمة في هذه الأحاديث بعينها ، فكم من حديث عللوه ، ولهم أقوال في توثيق رجاله ، فإذا ببعض من له عناية بعلم الحديث اليوم يضربون بأحكام هؤلاء الأئمة في الأحاديث عُرض الحائط متذرعين بأقوالهم في الرجال ، بدعوى عدم توهيم الثقات ، ولو أدى ذلك إلى توهيم الصحابة ، وقد يترتب على قبول هذه الرواية بعينها القدح بوجه ما في الصحابي ، أو قبول الباطل من الأحاديث ؛ المخالف لصحيح الحديث والأثر ، أو جعل ما ليس بدين ديناً ، وما ليس بسنة سنة ، وكم ترك الأول للآخر ! ، زعموا .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    76

    افتراضي رد: من كلامهم نستنشق غبار العلم

    يتبع
    وقد يحكم الأئمة على حديث ما بإعلاله بما لم تظهر لنا علته ، أو يشيرون إلى علة خفية في الحديث يصعب إدراكها ، فيجب حينئذ المصير إلى أقوالهم إذا اتفقوا ، فإن اتفاق المحدثين على شيء يكون حجة المراسيل لابن أبي حاتم (703)
    لا ينبغي لأحد مخالفتها كائناً من كان ، وأما إذا اختلفوا : فحينئذ نرجح بين أقوالهم ، على مقتضى قواعدهم وطرقهم في الإعلال ، ولا ينبغي لنا أن نحدث قولاً جديداً لم نسبق إليه ، فكما أن الصحابة - رضي الله عنهم - الذين عاينوا التنزيل ، وكانوا أبر هذه الأمة قلوباً ، وأعمقها علماً ، وأقلها تكلفاً ، وأقومها هدياً ، وأحسنها أخلاقاً ، فكما أنهم إذا اختلفوا في مسألة لا ينبغي لنا أن نخرج عن أقوالهم ، فنحدث قولاً جديداً ، فكذلك هؤلاء الأئمة النقاد الذين عاصروا التدوين وخبروا أحوال الرواة والمرويات لا ينبغي الخروج عن أقوالهم وإحداث قول جديد، بل نقول بقولهم إذا اتفقوا ، ونرجح بين أقوالهم إذا اختلفوا
    ولابن حجر في هذا كلام نفيس أسوقه لفائدته في هذا الموطن ، فإنه لما نقل كلام الأئمة في إعلال حديث أبي هريرة في كفارة المجلس وهو حديث مروي بإسناد ظاهره الصحة ، قال :
    " وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين ، وشدة فحصهم ، وقوة بحثهم ، وصحة نظرهم ، وتقدمهم ؛ بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك ، والتسليم لهم فيه ، وكل من حكم بصحة الحديث مع ذلك إنما مشى فيه على ظاهر الإسناد "
    النكت على ابن الصلاح (2/726)
    ومما يجعلنا نسلم لهم في أحكامهم ، ولا ننازعهم فيها :
    أ- اطلاعهم على أحوال الرجال ، بشكل لا يتسنى لنا اليوم الوقوف عليه ، لاسيما مع اختلاف البيئة والعادات وطرق سير الحياة اليومية .
    ب- أنهم ما قبلوا كل أحاديث الثقات ، بل ردوا ما وهموا فيه ، ولا ردوا كل أحاديث الضعفاء ممن خف ضبطهم ، وهم في الأصل يشملهم اسم الصدق وتعاطي العلم، بل قبلوا ما حفظوه ، فكيف يتساهل البعض بعد ذلك في قبول رواية الثقة مطلقاً ، وإن دلت القرائن على وقوع الوهم في روايته ، وعدم قبول رواية من كثر وهمه ، وإن دلت القرائن على أنه حفظ .
    ج- اطلاعهم على النسخ الحديثية أو الصحف أو الكتب الخاصة بحديث راوٍ معين، بحيث إذا لم يجدوا حديث الراوي في كتابه أو صحيفته دل ذلك على أنه ليس من حديثه، وأنه قد وهم عليه فيه من هو دونه ، أو أنه أُدخل عليه ، أو لُقِّنه ، وليس من حديثه ، ومثل هذا يصعب الوقوف عليه اليوم .
    د- فقدان بعض أو كثير من النسخ الحديثية والمصنفات الكبار والصغار ، والتي حوت كثيراً من الطرق التي تعين على بيان وجه الصواب ، ومن اطلع على علل الدارقطني مثلاً يعلم ذلك يقيناً .
    هـ- كلما تأخر الزمان وامتد ، كلما أصبح عندنا كم هائل من الأوهام والتصحيفات ، الناشئة عن غفلة الراوة ، أو قلة ضبطهم ، أو عدم حفظ كتبهم عن أن يُدخل فيها ما ليس منها ، أو انتقال البصر أثناء التحديث من الكتاب فيُدخل حديث في حديث ونحو ذلك ، أو التغير والاختلاط بسبب الكبَر وغيره ، أو التلقين ، أو جمع الأسانيد المتعددة والتي روي بها متن واحد على لفظ واحد مع اختلاف ألفاظ الناقلين ، أو سلوك الجادة والطريق السهل المشهور ، أو من حمله التشهي على التحديث بحديث غيره ولم يسمعه ، أو سرقة أحاديث الرواة ، أو تفنن الواضعين في الوضع بطرق خفية ، فما كان من هذا مما وقع في زمان الأئمة النقاد أو قبله ؛ فإنهم بينوه بياناً شافياً ، وميزوا الصحيح من هذا كله ، لكن يبقى قسم كبير مما وقع بعد زمانهم ، فلم يدركوه ، ولا شك أن كثيراً مما نعانيه اليوم من مثل هذه الطرق المحدثة لم يكن موجوداً في أيامهم ، بل وقع بعد عصرهم فيأتي بعد ذلك من يغتر بظاهر الإسناد ، وصلاحيته للاحتجاج أو الاعتضاد ، وما هو في الحقيقة إلا سراب بقيعة ! .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •