أفصح رئيس الحركة الإسلامية في مخيم عين الحلوة الشيخ جمال خطاب، عن أن المراجعات التي أجراها قادة حزب الله حول تقييمهم لمشاركته في الحرب الدائرة في سورية، كشفت عن حالة الملل والإحباط التي تعم قواعد وقيادات التنظيم، بعد تكبدهم خسائر فادحة، وتكشف أن عدد ضحاياه الذين سقطوا في تلك الحرب يفوق عدد القتلى الذين سقطوا في المواجهات مع إسرائيل.
وقطع خطاب بالقول “إن حزب الله خسر جزءاً كبيراً من قوته، من أجل تلافي قطع ممر يربط بين إيران والعراق ولبنان.
قطع رئيس الحركة الإسلامية في مخيم عين الحلوة الشيخ جمال خطاب، بأن حزب الله أخطأ بالمشاركة في الحرب إلى جانب نظام الأسد المتعارض مع مبادئه العقائدية، والذي سيسقط لا محالة، في الوقت الذي خسر فيه حزب الله جزءاً كبيراً من قوته، من أجل تلافي قطع ممر يربط بين إيران والعراق ولبنان.
وكشف خطاب عن وجود “مراجعات” يومية بين قادة الحزب لتقييم مشاركته في الأزمة السورية، مشيراً إلى أن الرأي الغالب عقب هذه المراجعات، يشير إلى أن الحزب تكبد خسائر فادحة تفوق عدد ضحاياه الذين سقطوا خلال المواجهات مع إسرائيل، وأن هناك تململاً وسط القواعد والقيادات، ومطالبات بسرعة الانسحاب من سورية. ومضى خطاب بالقول إن عدداً من هذه القيادات أسر له بأن قرار المشاركة في الأزمة السورية أتى من “جهات عليا”، حسب قوله، مضيفاً أن هذه المشاركة أنهكت قواعد الحزب الطائفي وأفقدته الكثير من قوته، إضافة إلى تشوه صورته وظهوره على شكله الصحيح.
وعن مصير الصراع في سورية وتدخلات بعض القوى الشيعية لمؤازرة النظام، قال خطاب “إن تعداد الشيعة في العالم الإسلامي لا يصل إلى 15% من إجمالي عدد السكان. النظام السوري سيسقط في آخر المطاف، طال الزمن أم قصر، الشعب المظلوم سينتصر في النهاية على جلاديه”.
وفي حديث مطول , نفى خطاب أن تكون القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة تعيش في عزلة عن بقية التيارات الفلسطينية، مشيراً إلى مشاركتها في الاجتماع الدوري مع منظمة التحرير الفلسطينية وباقي التنظيمات الأخرى. وفي اللقاءات المعقودة مع القيادات السياسية اللبنانية، إضافة إلى تكفلها برعاية ألفي عائلة سورية لاجئة. كل هذا وغيره تجدونه بين سطور الحوار التالي:
سياسة الحياد
يقال إنكم تؤازرون الثورة السورية والقوى السلفية المقاتلة هناك من خلال إرسال شباب من مخيم عين الحلوة لمساندتهم أمام قوى النظام. إلى أي حد ينطبق هذا الكلام على أرض الواقع؟
لا يتعلق الأمر بمؤازرة القوى السلفية في سورية. نحن نساند القضايا العادلة لشعوبنا وأمتنا. وربما يشعر الفلسطيني أكثر من غيره بالظلم الواقع على شعب آخر بسبب ما عانى منه طويلاً، فيبادر إلى نصرته ومساندته في قضاياه المحقة. وبما أن الفلسطيني في لبنان لا يستطيع نصرة أهله في فلسطين، فإن عاطفة البعض تدفعهم إلى مساندة أشقائهم في العراق أو سورية، دون أن يكون لنا دور في ذلك. وأؤكد على أن الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة لا يتدخلون في الحيثيات الداخلية اللبنانية، سواء في طرابلس أو غيرها من أحداث.
لكن كلنا نعلم مساندة الفلسطينيين لأحمد الأسير أثناء مواجهته للجيش اللبناني في عبرا؟
هؤلاء لا يمثلون كل سكان المخيم، بل هم بعض الفلسطينيين المقيمين في صيدا، الذين اعتادوا التردد على مسجد بلال بن رباح، فانتموا إلى جماعة أحمد الأسير، دون أن يكون لمخيم عين الحلوة أي علاقة بالموضوع. باختصار تدخل مخيم عين الحلوة فيما يحدث خارجه “محدود للغاية”.
توجهات فردية
كيف ترى تطور الأوضاع في سورية في ظل كلام عن وجود مقاتلين فلسطينيين في صفوف المعارضة السورية؟
يوجد في صفوف المعارضة السورية فلسطينيون ولبنانيون. لا يتعلق الأمر بالجنسية، بل بشباب متحمس لمساندة الشعب السوري المظلوم. وهذا ما دفع البعض للذهاب إلى سورية من أجل مناصرة شعبها. لكن تبقى هذه المشاركة في إطارها الفردي. في حين انتقل “حزب الله وإيران” إلى تنظيم دولي لمساندة النظام السوري، وبالتالي لا يمكن مقارنة ذهاب 20 أو 30 شاباً من لبنان لدعم المعارضة السورية، بتدخل جيوش للقتال إلى جانب النظام. وعموماً، ما يحدث في سورية من حرب بين المعارضة والنظام يهدف إلى تدميرها. ولن يسمح النظام العالمي للمعارضة أو النظام بقلب الدفة وكسب المعركة، لأن المطلوب حرب استنزاف طويلة الأمد، يستنزف فيها “حزب الله والجماعات الإسلامية” كل طاقاتها. وللأسف وقعوا في هذا الشرك الذي نصبته لهم بعض الدول العالمية من أجل التخلص منهم.
نظرة قاصرة
هناك استياء عام في داخل لبنان وخارجه من قتال حزب الله في سورية ودعمه لنظام بشار الأسد. ما هي قراءتكم لهذا الأمر؟
حزب الله نظر إلى الأمر بنظرة قاصرة تتعارض مع كافة المبادئ الدينية والعالمية، حيث اعتبر أن سقوط النظام السوري يعني قطع ممر كبير يصل بين إيران والعراق ولبنان، ما دعاه إلى مساندته حفاظاً على هذا الواقع، رغم تعارض النظام السوري العلماني مع مبادئ حزب الله العقائدية. لذلك أعتقد بأنه لم يصب في مساندة نظام ظالم لشعبه، مؤثراً تنفيذ ما يسميه “التكليف الشرعي” بالقتال في سورية تنفيذاً لمصالح ضيقة الأفق. لقد ناقشنا بعض كوادر حزب الله في مسألة قتاله في سورية بالأدلة الشرعية، التي تقول بعدم مشروعية نصرتهم للظالم على المظلوم، فحسموا النقاش بقولهم “الأمر ليس عندنا”، مما يعني أن الحزب نفسه ذهب للقتال في سورية تنفيذاً لأوامر أو تعليمات أتته من الخارج، وكلنا يعلم أنها أوامر إيرانية.
بما أن الأمر كذلك توجه اتهامات كثيرة لحزب الله بممارسة أنشطة استخباراتية وعسكرية خارج لبنان، آخرها كشف خلية إرهابية تابعة له في تايلاند. هل يستعيد حزب الله بذلك التجربة الفلسطينية في الستينات والسبعينات بتنفيذ عمليات في دول العالم ضد إسرائيل؟
لا تكمن المشكلة في من يقوم بعمليات ضد إسرائيل، لأنها تنفذ أيضاً أنشطة خارج نطاقها، مثل استباحة الأجواء اللبنانية، وقصف بعض المواقع السورية، وضرب المفاعل العراقي. إسرائيل تستبيح عدداً من الدول العربية بغطاء أميركي ودولي، وبالتالي من المشروع الرد عليها في كل مكان دون إدانة هذه العمليات. لكن للأسف يصفنا المجتمع الدولي بـ”الإرهابيين” ! رغم إعلان المباحث الفيدرالية الأميركية بأن المسلمين يشكلون 6% فقط من منفذي العمليات الإرهابية على الأراضي الأميركية.
التزام بالمقاومة
لماذا تحولت بوصلة الجهاد اليوم لدى حزب الله وبعض القوى الإسلامية من فلسطين إلى سورية؟
هذا الكلام غير دقيق. لم تغير بعض المنظمات والفصائل الإسلامية بوصلتها. حيث ما زالت تقاوم الاحتلال من غزة رغم شدة الحصار. في حين انتقل حزب الله للقتال من أجل فلسطين، إلى الحرب في سورية لاعتبارات ضيقة. نظر حزب الله إلى مشروعه في المنطقة. وظن أن من مصلحته مساندة النظام السوري للحفاظ على ما يربط لبنان بـ”سورية والعراق وإيران”. إلا أنه أخطأ في هذا التفكير، لأن من مصلحته مساندة الشعب السوري. لقد أخطأ حزب الله في مساندة نظام يمثل الأقلية في سورية، لأنها ستزول عاجلاً أم آجلاً مهما طال حكمها.
ماذا قد يغير “فوز” حزب الله في سورية على صعيد الجماعات الإسلامية في المنطقة؟
لا يتجاوز تعداد الشيعة 15% من مجموع المسلمين في العالم، مما يعني أن حزب الله غير قادر على مواجهة أكثرية عددية كبيرة، الشيء الذي يفرض عليه التفاهم مع الطائفة السنية، وأن يقتنع بزوال حكم حزب البعث من سورية.
خسائر فادحة
تشير التحليلات السياسية إلى تخطي حجم حزب الله لبنان ودوره، فكيف تتعاطى التنظيمات الإسلامية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة مع هذا الواقع؟
نتوقع سحب حزب الله ما بقي من قواته في سورية بعد استنزاف قواه. تجري في الحزب مراجعات يومية عما يفعله في سورية، مع ارتفاع عدد قتلاه الذين يتم تشييعهم يومياً في لبنان. بات يتساءل البعض في حزب الله “إلى متى نستطيع تحمل كلفة الحرب في سورية التي تخطت خسارتنا فيها ما خسرناه خلال حربنا مع إسرائيل على مدى 15 عاماً؟ وما هو الانتصار الذي حققناه في سورية أمام ألف قتيل و10 آلاف جريح من عناصرنا؟”، لقد استنزفت طاقة حزب الله ودمرت وحداته الخاصة في سورية. وليس من مصلحة الحزب البقاء هناك لمدة أطول، في ظل استمرار الحرب التي لن تنتهي في المدى القريب، حسب ما رشح عن برامج الإغاثة الصادرة عن الأمم المتحدة، حيث يتوقع البعض استمرارها إلى ما بعد عام 2016.
لكن قبل الوصول إلى حل للأزمة السورية، هل سيتم التخلص من كل القوى الإسلامية في المنطقة بما فيها حزب الله والقاعدة، كما أشارت بعض التحليلات السياسية؟
هذا الكلام صحيح إلى حد ما. لكن يجب الفصل بين أمرين، ليس للجهاد الإسلامي الفلسطيني علاقة بحالة الاستنزاف الجارية في سورية، والدليل خروج حماس من سورية لتحييد نفسها عما يجري هناك، وللحفاظ على قدراتها دون التورط في الحرب. في المقابل، يتم استنزاف قوى حزب الله وتنظيم القاعدة في سورية طبقاً لخطة أميركية من أجل إضعافهما دون حسم المعركة.
مشاركة فاعلة
ماذا عن التنظيمات الإسلامية في مخيم عين الحلوة المتهمة بعزلتها عن باقي الكيانات الفلسطينية؟
يتميز مخيم عين الحلوة بوجود إطار جامع للقوى الإسلامية الموجودة فيه، التي تلتقي أسبوعياً لبحث قضايا المخيم الاجتماعية والحياتية والشخصية، وبناءً على ذلك لا يمكن الحديث عن عزلة الإسلاميين في المخيم. كما نرعى ألفي عائلة سورية نازحة. ونكفل عدداً من الأيتام. ونحن جزء من القيادة السياسية في المخيم، فنشارك في الاجتماع الدوري مع منظمة التحرير الفلسطينية وباقي التنظيمات الأخرى. ولنا حضور في اللقاءات المعقودة مع القيادات السياسية اللبنانية، فشاركنا في وضع خطة خاصة لتنظيم المخيمات الفلسطينية التي ننتظر إقرارها، ما يعني عدم عزلة القوى الإسلامية عن الواقع الفلسطيني.
بما أن التنسيق قائم بين القوى الإسلامية وباقي التنظيمات الفلسطينية، لماذا يشار بأصابع الاتهام إليها عند حدوث أي مشكلة في مخيم عين الحلوة؟
في الماضي، كان يلقى بظلال ما يحدث خارج المخيم على من بداخله من الإسلاميين، لضرورة وجود “شماعة” تبرر العجز والتقصير، دون أن يكون لدينا قدرة على فعل أي شيء!
كثر الحديث بعد اندلاع الثورة السورية عن أن المخيمات الفلسطينية بيئة معادية لحزب الله. لماذا؟
هذا الكلام غير صحيح. لأن 90% من المخيمات الفلسطينية مجاورة للبيئة الحاضنة لحزب الله مثل مخيمات عين الحلوة وصور والقاسمية وبرج البراجنة. لكننا لسنا راضين عن تحول بوصلة حزب الله إلى سورية، لأن ذلك ضد مصلحة القضية الفلسطينية. لذلك نبهنا عقلاء الطائفة الشيعية إلى مخاطر تورط حزب الله في الحرب السورية مثل الشيخ صبحي الطفيلي وآخرين، الذين يوافقوننا الرأي بأن حزب الله أخطأ بتدخله في سورية، فكان في غني عن إهدار طاقاته ودماء شبابه في غير الطريق الصحيح.
http://www.assakina.com/news/news2/46163.html