برنامج التأصيل العلميبسم الله الرحمن الرحيممقدمةإن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ، من يهد الله فلا مضل له ، من يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَارِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) {النساء 1}.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) {آل عمران 102}.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) {الأحزاب 70،71}.أما بعد .فهذا برنامج التأصيل العلمي يحتوي على منهج مقترح لطلاب العلم والراغبين فيه في هذا الزمان الذي شحت فيه المعاهد العلمية ، وكثر فيه التخبط والعشوائية ، وهي محاولة لإرشاد طلاب العلم إلى طريقة صحيحة لتحصيل العلم الشرعي ، وتجنب الطرق الخاطئة في التحصيل ، وهو جهد بشري قابل للتصويب والتحسين ، نضعه بين أيدي الراغبين في طلب علوم الشريعة ، ليكون لهم هادياً ومرشداً ودليلاً .ونضع فيما يلي بيان وتفصيل لفكرة برنامج التأصيل العلمي وطريقة الاستفادة منها .نفعنا الله وإياكم به ، وجعله صدقة جارية ، يمضي أجرها ويجري ثوابها إلى يوم الحساب .كتبهأ.د. محمد بن أحمد بن علي باجابرأولاً : أسباب إخراج برنامج التأصيل العلميإن الباعث على إخراج هذا البرنامج هو واقع حال كثير من طلاب العلم ، وما يعانونه من عدم وجود منهجية وخطة علمية يسيرون عليها ، وما ترتب على ذلك من آثار غير محمودة ، فجاء هذا البرنامج كعلاج مقترح لحل هذه المشكلة أو الحد منها .(أ) واقع طلاب العلمإن المتأمل في واقع طلاب العلم اليوم يلحظ بجلاء الواقع التالي :1- عدم وجود المدارس الشرعية التي تقوم ببناء وتأسيس طالب العلم المتأصل في علوم الشريعة ، وأما ما يوجد من معاهد علمية ونحوها فهي ليست متاحة لكل أحد ، بل هي محصورة في عدد محدود ممن تنطبق عليهم شروط القبول في هذه المعاهد .2- وجود طلاب علم كثر راغبين في العلم الشرعي وحريصين على تحصيله ، وتكوين أنفسهم تكويناً علمياً صحيحاً ، ويظهر ذلك جلياً من خلال أمور عدة :منها : حرص الكثير من الطلاب على حضور الدروس والدورات الشرعية المقامة في المدن المختلفة ، وسفر بعضهم إلى مدن بعيدة لحضور درس علمي أو دورة شرعية .ومنها : إبداء كثير منهم الرغبة في طلب العلم الشرعي ، وطلب إقامة بعض الدروس الشرعية في مناطقهم المختلفة .ومنها : الإقبال الكبير على المكتبات التجارية لشراء الكتب الشرعية .وهذا الإقبال ظاهر لكل من مارس تدريس علوم الشريعة في المساجد وغيرها .3- عدم وجود منهج علمي شامل متدرج ، فقد نتج عن هذا الإقبال الشديد على طلب العلم مع عدم وجود المعاهد الشرعية التي تستوعب الجميع ، وجودُ عشوائية في منهج الطلب عند هؤلاء الطلاب ، وانتقائية في حضور الدروس وفي اختيار المشايخ ، لعدم وجود منهج علمي متدرج يسير عليه الطالب الراغب في التحصيل .ولذا فقد أصبح كثير من الطلاب يحضرون دروساً علمية وغيرُها أولى منها ، أو يدرسون علوماً مبنية على معرفة علوم أخرى قبلها ، أو يشرعون في دراسة بعض الكتب المطولة قبل الكتب المختصرة ، وكل ذلك مبني على الرغبة الشخصية عند الطالب ، أو الإعجاب بالشيخ المدرس ، أو غير ذلك من أسباب .ومثال ذلك : حضور بعض الطلاب دروساً في كتب الحديث الستة ، قبل أن يقرأ قبلها مختصراً في الحديث وشيئاً في النحو أو الفقه .أو يحضر درساً في كتاب "كشاف القناع" في مذهب الإمام أحمد ، أو "شرح المجموع" للإمام النووي الشافعي ، قبل أن يدرس مختصراً "كدليل الطالب" أو"متن أبي شجاع" .أو يشرع في دراسة "ألفية ابن مالك" في النحو قبل أن يعرف "الآجرومية" ونحوها ، ويقاس على هذا .خلاصة القضيةوتتلخص القضية في أربع مشكلات كبرى ، يقع فيها الدارسون لعلوم الشريعة في طريقة الطلب ، وهي:(1) الإخلال بعدم التدرج في اختيار العلم المطلوب درسه وإتقانه ، وذلك بالبدء بعلوم المقاصد قبل علوم الآلة .(2) الإخلال بعدم التدرج في اختيار الكتاب المقرر ، وذلك بالبدء بالكتاب المطوَّل قبل الكتاب المختصر .(3) الإخلال بعدم التدرج في اختيار طريقة الشرح للكتاب المقرر ، وذلك بحضور الدروس العلمية المشروحة من قِبَلِ المشايخ بطريقة مطوَّلة ، تناسب كبار طلاب العلم ، ولا تناسبه لحاجته للشروح المختصرة .(4) الإخلال بعدم الشمولية لعلوم الآلة وعلوم المقاصد ، والاقتصار على بعض العلوم مع الإهمال الكلي لعلوم أخرى .(ب) الآثار المترتبةوقد نتج عن فقد المنهج العلمي للتحصيل عند كثير من الطلاب ، والفوضى في اختيار الدروس والعلوم والكتب التي يدرسونها وهم غير مؤهلين لذلك ، عددٌ من العيوب والسلبيات منها :1- انقطاع كثير من الطلاب الراغبين في طلب العلم عن طلبه ، بسبب فقد المنهجية وعدم التدرج في الطلب ، وذلك حين يشرع الطالب من عند نفسه في دراسة الكتب المطولة قبل المختصرات ، فيصعب عليه العلم ، وينقطع عن طلبه ، بعد أن يغلب عليه اليأسُ والإحباطُ ، واعتقادُ أن العلمَ صعبُ المنال ، وحقيقةُ الأمر تكمن في عدم التدرج في الطلب .2- طول الزمن الذي يمكثه الطالب ، وعِظَم الجهد الذي يبذله في التحصيل مع قلة الثمرة المجنية في مقابل هذا الزمن الطويل والجهد الكبير ، وذلك بسبب فقد المنهجية ، حيث يمضي الطالب وقتاً طويلاً ، ويبذل جهداً عظيماً في دراسة كتاب مُطوَّل لم يحن أوانه بعد ، ولو قرأ مختصراً لكان أنفع له ، أو يبذل ذلك في تعلم علم من علوم المقاصد كالفقه مثلاً ، قبل علوم الآلة كالنحو ، فتَقِلُّ الاستفادة بسبب ترك التدرج ، مع عِظم الجهد المبذول في تعلم شيء وغيره أولى منه .3- ضعف التكوين العلمي عند طلاب العلم الذين يدرسون بغير منهجية ، وذلك بسبب عدم معرفة الطالب بالعلوم المهمة التي يجب تقديمها وإتقانها ، والانشغال بغيرها ، بل قد يصل الأمر إلى إهمال بعض العلوم المهمة بالكلية وعدم معرفتها ، فضلاً عن إتقانها .ومن صور ذلك الانشغال بعلم الفقه والتوسع في الخلاف والترجيح بين المذاهب والأقوال دون دراسة وإتقان لعلم أصول الفقه ، الذي بقواعده يمكن الترجيح ، أو معرفة بعلوم الحديث وفن الجرح والتعديل التي بها يتميز الصحيح من الضعيف ، ويعرف المحفوظ من الشاذ ، أو إدراك لعلوم اللغة العربية التي بها تفهم النصوص .ولا شك أن هذه الحال تنبئ عن ضعف علمي ، فإن العلوم مترابطة ، يكمل بعضها بعضاً ، والإخلال ببعضها يؤدي غالباً إلى الإخلال ببعضها الآخر ، ولذا يحتاج من هذا حاله إلى استكمال هذا النقص ، لينتفع بهذا العلم وينفع الآخرين .4- ظهور فئة من أنصاف المتعلمين وتصدُّرُهم للتعليم والإفتاء والتوجيه والأحكام في النوازل وعلى الأشخاص، واعتقاد أهليتهم للاجتهاد ، وصدور بعض الفتاوى الشاذة والأقوال الباطلة ، التي يترتب عليها خرق الإجماع ، والجرأة على الشريعة وتحريف أحكامها ، وتتبع الرخص والشواذ ، والتشهي في اختيار الأحكام بالهوى ، والتطاول على العلماء بتسفيههم أو تفسيقهم أو تكفيرهم ، وإثارة الفتن في المجتمعات ، والتحريض عليها ، مما قد يفضي إلى انتهاك الأعراض ، ونهب الأموال ، وسفك الدماء المعصومة ، كل ذلك بسبب الجهل وقلة التحصيل مع اعتقاد الأهلية للاجتهاد ، وكم سمعنا عجباً : حين يتكلم الصغار في قضايا كبار لو عرضت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجَمَعَ لها أهل بدر رضي الله عنهم أجمعين .5- الخوف من انتقال المشكلة وسريان العدوى إلى الأجيال القادمة ، فإن الإناء ينضح بما فيه ، ويُخشى أن تعم هذه الفوضى وتنتشر ، ويظنَّ الناس أنها هي الطريقة المثلى في التحصيل ، وتصبحَ سُنَّة متبعة في مستقبل الأيام ، مالم تعالج وتصحح في مهدها .(ج) العلاج المقترحيمكن علاج هذه المشكلات بطُرق عدة ، ومن هذه الطرق :1- الدروس الشرعية المنهجيةوذلك بإقامة دروس علمية منهجية لمدة سنوات ، على غرار المعاهد الشرعية النظامية ، تقام في كل مدينة في بعض مساجدها ، يضع العلماء مناهجها ، ويقررون كتبها ، ويحددون مدرسيها ، وينتظم طلابها ، وتصرف لهم الشهادات العلمية من الجهة المنظمة (كوزارة الشؤون الإسلامية مثلاً) .وهو مقترح كبير يحتاج إلى دراسة وافية ، وإعداد جيد ، وميزانية مناسبة ، ولذا جاء الاقتراح الأسهل والأقرب للتنفيذ والأقل كلفة وهو المقترح الآتي :2- المنهج العلمي المقترح ( برنامج التأصيل العلمي )وذلك بوضع منهج مقترح لطلاب العلم يسيرون عليه ، أو عدة مناهج علمية متقاربة تؤدي الغرض وتفي بالمقصود ، بحيث يراعي هذا المنهج التدرج في طلب العلم ، والشمول في دراسة العلوم ، من خلال دراسة المتون العلمية في عدد من العلوم المهمة ، التي تعين على تكوين طالب علم متأصل .والمنهج العلمي المقترح هو منهج تقريبي ، يُحددُ العلوم التي يجب دراستها ولا يُقبل إهمالها ، ويَقترح عدداً من الكتب المناسبة لكل علم ، ولكل مستوى تعليمي ، بحيث يعرف الطالب ما هي العلوم التي ينبغي عليه معرفتها ، ولا يُترك له الاجتهاد في تحديد منهجه العلمي بنفسه ، أو بواسطة أقرانه ، ويمكن تطبيق هذا المنهج من خلال مايلي:(أ) أن يتردد الطالب على أهل العلم ليقرأ عليهم هذه العلوم ، وفق هذا المنهج المقترح .(ب) كما يمكن تبني بعضُ أهل العلم لهذا المنهج أو نحوه ، والقيام بتدريسه لطلابهم في المساجد وغيرها .ومن المهم نشر هذا المفهوم بين الطلاب ، وإشاعة هذه الثقافة المنهجية في طلب العلم بين طلابه ، بحيث يَعرف كلُّ من أراد سبيل التعلم أنه ينبغي عليه أن يسير وفق منهج علمي وخطة مدروسة محكمة ، توصله بإذن الله إلى مراده ومطلوبه .والبعد بهؤلاء المقبلين على العلم عن الفوضى الحاصلة في طريقة التلقي والطلب ، وترك الاجتهاد في تحديد منهج التحصيل العلمي الذي لا يوصل إلى المطلوب ، بل يوقع غالباً في نقيضه .ومن المعلوم أنه لا حرج في تعدد المناهج واختلاف الكتب المقررة مادامت متقاربة ، يحصل بها المطلوب ويؤدى من خلالها الغرض ، حيث إنها وسائل اجتهادية وليست قطعية ملزِمة .ثانياً : التعريف ببرنامج التأصيل العلميفكرة برنامج التأصيل العلمي جاءت لاستكمال بعض النقص في الساحة العلمية ، وليست هي الحل الأفضل والأكمل ، لكنها إحدى الحلول الممكنة .وتتلخص فكرة هذا البرنامج في عمل ثلاثة برامج علمية ، لتكون على مستويات متدرجة ، بحيث يوضع كل برنامج علمي في مستوى مستقل ، يحتوي كل مستوى على ما يلي :(1) بيان المستويات والمراحل العلمية(2) الخطة الدراسية لهذا المستوى(3) الكتب المقررة في هذا المستوى (في ملفات بصورة "وورد" أو "pdf") .(4) قراءة المتون العلمية صوتياً(5) الشروح الصوتية للكتب المقررة .(6) طريقة الدراسة والمراجعة لكل مادة في هذا المستوى بحسب الحاجة.(7) الأسئلة والتدريبات لبعض المواد بحسب الحاجة .(8) المراجع العلمية لبعض المواد بحسب الحاجة .وتفصيل ذلك في الآتي :[1] محتويات البرنامج1- بيان المستويات والمراحل العلميةيحتوي البرنامج على ثلاثة مستويات علمية ، كل مستوى مستقل عن الآخر ، بحيث يتدرج الطالب من خلالها ، فيبدأ بالمستوى الأول ، ويدرس جميع المواد المقررة فيه ، ثم ينتقل إلى المستوى الثاني فيدرس جميع مواده كذلك ، ثم ينتقل إلى المستوى الثالث كذلك ، ولا ينتقل إلى مستوى قبل إتمام الذي قبله .2- الخطة الدراسية لهذا المستوىيحتوي البرنامج على منهج علمي وخطة دراسية متكاملة لكل مستوى ، لكي يسير الطالب وفقها ، بحيث لا يُترك له الاجتهاد في اختيار المواد ، والكتب التي يدرسها ، والطريقة التي يدرس بها ، وما يُقدَم من تلك المواد وما يُؤخَر منها .وسيأتي تفصيل ذلك في المنهج العلمي والمقررات الدراسية .3- الكتب المقررة في هذا المستوىيحتوي البرنامج أيضاً على الكتب المقررة في الخطة الدراسية على صورة ملف (وورد) ، أو (pdf) ، تيسيراً على الطالب ، وخشية من عدم توفر الكتاب في بلد الطالب .وسيأتي بيان أسماء الكتب المقررة في المنهج العلمي والمقررات الدراسية .4- قراءة المتون العلمية صوتياًيحتوي البرنامج على ملفات صوتية للمتون المقررة في الخطة الدراسية بحسب الحاجة والاستطاعة ، ليتعلم الطالب القراءة الصحيحة للمتون ، ولتيسير حفظها على الطلاب .5- الشروح الصوتية للكتب المقررةيحتوي البرنامج على شروح صوتية مقترحة للكتب المقررة في الخطة الدراسية ، ماعدا الكتب التي وضعت للاطلاع ، والتي يطلب من الطالب قراءتها فقط ، ولا تحتاج إلى شروح كالسيرة النبوية وغيرها .6- **طريقة الدراسة والمراجعة لكل مادة في هذا المستوىيحتوي البرنامج على ملف لبعض المواد (بحسب الحاجة) يتضمن طريقة دراسة هذه المواد ، وطريقة التحضير المسبق لها ، وكيفية المراجعة .7- الأسئلة والتدريبات لبعض المواد بحسب الحاجة .يحتوي البرنامج على ملف لبعض المواد (بحسب الحاجة) يتضمن أسئلة وتدريبات على المادة ، لحلها والتدرب عليها ، لتعينه على فهم المادة والتمكن منها .8- المراجِع العلمية لبعض المواد بحسب الحاجة .يحتوي البرنامج على مراجع علمية للاستزادة والتوسع في بعض المواد ، وهي على سبيل الاختيار لا الإلزام ، وهي على صورة ملف (وورد) ، أو (pdf) ، وهذه المراجع تكون لبعض المواد وليس لجميعها ، وذلك بحسب الحاجة .