كان الإمام الشافعي يرى أن من سمى على الذبيحة وأضاف إلى التسمية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا أفضل لذكره وأعظم لأجره , فيقول المذكي : بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .
وهو يقول ذلك ؛ لا لأن عنده في ذلك أثرا ، وإنما استدلالا بالنصوص العامة الحاثة على الذكر ، وعلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا.
مع أن هذا التقرير سيكون عند غلاة التبديع بدعة !!
وليس هذا فقط ، فهو عندما ذكر هذا الاختيار والترجيح ، حكى عن بعض أهل العلم كراهة ذلك (لا تحريمه) ، ثم حكى عن غيرهم القطع بتحريمه ؛ سدا لذريعة الشرك !!
فانظروا ماذا قال الإمام الشافعي عن هؤلاء ؟ وأين أنزلهم ؟ وفي أي محل من مراتب الأهلية العلمية أحلّهم ؟
قال (رحمه الله) في الأم : ((وَلَسْنَا نَعْلَمُ مُسْلِمًا ، وَلَا نَخَافُ عَلَيْهِ : أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ؛ إلَّا الْإِيمَان بالله . وَلَقَدْ خَشِيت أَنْ يَكُونَ الشَّيْطَانُ أَدْخَلَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الجهالَةِ النَّهْيَ عَنْ ذِكْرِ اسْمِ رَسُولِ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عِنْدَ الذَّبِيحَةِ ، لِيَمْنَعَهُمْ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ فِي حَالٍ ، لِمَعْنًى يَعْرِضُ فِي قُلُوبِ أَهْلِ الْغَفْلَةِ ! وَمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ أَحَدٌ ؛ إلَّا إيمَانًا بالله تَعَالَى ، وَإِعْظَامًا لَهُ ، وَتَقَرُّبًا إلَيْهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، وَقَرَّبَنَا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْهُ زُلْفَى)) .
الأم للشافعي (2/ 263) طبع دار المعرفة . (3/ 622) تحقيق د/ رفعت فوزي عبد المطلب .
هكذا يجيب الإمام الشافعي عن جهالة أصحاب الغلو في سد ذريعة الشرك ، ويجعلهم أولا من (أهل الجهالة) ، ثم يجيب عن شبهتهم : بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا أضيفت إلى ذكر اسم الله على الذبيحة ليست من الإشراك في شيء ، ولا يُتوهّم أنها ستؤدي إلى الشرك ؛ لأنها بذاتها إعلان لعبوديته صلى الله عليه وسلم لله تعالى ، فالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم إيمَانٌ بِاَلله تَعَالَى ، وَإِعْظَام لَهُ ، وَتَقَرُّب إلَيْهِ ، (كما قال الإمام الشافعي) .
فهل سيكون هؤلاء الغلاة أحرص على التوحيد من أئمة المسلمين من سلفنا الصالح ، كالإمام الشافعي ؟!!
د/حاتم بن عارف العوني.