شياطين الإنس والجن
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ،والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،ومما يدل على ذلك قوله تعالى:"تعالى"وكذ ك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا"(الأنعام 112). هذه الآية تترتب من العام إلى الخاص ،والأصل فيها "وكذلك جعلنا شياطين الإنس والجن عدوا لكل نبي ، من الخاص إلى العام ،ومن الأهم إلى الأقل أهمية ، وشبه الجملة"لكل نبي،والمفعول الثاني "عدوا"والمفعول الأول"شياطين الإنس والجن" مبنيات على الفعل "جعل" ،من العام إلى الخاص ،عدولا عن الأصل ،ومن الأهم إلى الأقل أهمية كذلك ، وقد جاء تقديم المبني الأهم وهو شبه الجملة "لكل نبي" المتأخر أصلا ، ليتصل أولا مع الفعل "جعل" بفعل الأهمية المعنوية وعلاقة الاحتياج بينهما ، من أجل الوصول إلى الهدف من هذه الآية وهو التثبيت والطمأنة والتسرية عن الرسول – صلى الله عليه وسلم - ،والمعنى :يا محمد لا تحزن من كفرهم وعنادهم فهذا سبيل الكفار مع من قبلك من الرسل ، والأنبياء من قبلك حدث معهم ما يحدث معك ، فلا تحزن فقد جعلنا لكل نبي من قبلك عدوا من شياطين الإنس والجن ،ومعنى التخصيص والشمول لا نصل إليه إلا مع العدول عن الأصل ,كما كان في العدول اتصال لقوله تعالى"شياطين الإنس والجن" مع قوله "يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا"ليعود الضمير في "بعضهم"على القريب وهو"شياطين الإنس والجن"بحسب الأهمية المعنوية ،ولولا هذا العدول لعاد الضمير على الأنبياء ،وهو معنى غير ممكن ،كما تم تقديم شياطين الإنس على شياطين الجن لأنهم الأقدر على الإبانة والكلام ،قال تعالى"قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا".
فالكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل .