التعليق اللفظي لا المعنوي
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ،والإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ،ومما يدل على ذلك موضوع التعليق ،والتعليق كما هو معروف:إبطال العمل(الطلب أو الاحتياج المعنوي) لفظا لا محلا لمجيء ما له صدر الكلام بعده ، كما النافية ، ولام الابتداء ، والاستفهام ، أو بمعنى آخر ،إبطال الحاجة إلى العلامة الإعرابية ،وعدم إبطال الحاجة إلى المعنى ، مثال ذلك قوله تعالى:"فلينظر أيها أزكى طعاما"(الكهف 19)وهذا يعني عدة أشياء منها :
الأول: أن العلاقة بين الألفاظ داخل التركيب علاقة معنوية أو علاقة طالب بمطلوب أو محتاج بمحتاج إليه،وليست علاقة شكلية لمؤثر بمؤثَّر فيه ، ودلالة ذلك أن جملة" أيها أزكى طعاما"مرتبطة معنويا بالفعل "فلينظر"ولا يمكن فصلها عنه،رغم وجود الاستفهام ،أي أن الجملة الاستفهامية (مبنية) على الفعل ينظر(المبني عليه)،وهو محتاج إليها وطالب لها من أجل إكمال المعنى ، ومما يدل على ارتباط ما قبل الأداة بما بعدها جواز العطف على محل الجملة المعلقة ،قال كثير عزة:
وما كنت أدري قبل عزة ما البكا// ولا موجعاتِ القلب حتى تولت
فقوله:"موجعاتِ"ع ف على محل"ما البكا"ولذلك انتصب ،وفي هذا دلالة قاطعة على ارتباط الجملة المعلقة بالفعل "أدري"،وإلا لم ينتصب المعطوف.
الثاني:وهو شبيه بالتنازع ،فعندما نقول:"علمت ما محمد مسافرا" فقد التقى طالبان أومحتاجان للمطلوب ،وهما "علمت" و" ما" النافية،وقد راعى المتكلم حضور الطالب الأقرب إلى المطلوب وهو"ما" النافية بفعل منزلة المعنى أو الأهمية المعنوية،وتسد جملة "ما محمد مسافرا"مسد مفعولي علمت،بسبب الاحتياج المعنوي.