تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: ترجمة مرتبة لشيخنا الشيخ صبحي السامرائي رحمه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    130

    افتراضي ترجمة مرتبة لشيخنا الشيخ صبحي السامرائي رحمه الله

    جهود الشيخ صبحي السامرائي رحمه الله
    في خدمة الحديث في العراق
    بقلم تلميذه: إياد عبد اللطيف إبراهيم القيسي
    رزء العالم الإسلامي عامة والعراق خاصة بوفاة مسند العراق ومحدثها وعالمها الشيخ صبحي السامرائي بيوم الثلاثاء 16 شعبان سنة 1434هـ( الموافق 25 حزيران 2013)، عن عمر يناهز 80 عاما ،( 77 بحساب الميلادي)، وبموته أفل نجم من نجوم أهل السنة والجماعة في العراق ، مات كبقية النخب وعلماء العراق خارج البلاد وعرف الناس قدره أكثر ما عرفه بلده بعد أن أفل نجم العراق وأهله محتربون بعد أفوله ، وصدق الشاعر الرصافي حين يصف العراق :
    لا خير في وطن يكون السيف عنـ ـد جبانه والمال عند بخيله

    والرأي عند طريده والعلم عنـ ـد غريبه والحكم عند دخيله
    وحق عليَّ ، أن أخلص نفسي وأخوتي من عقوق أصبنا به في نكران أهل العلم وفضله ، وجحود عهدناه من طلبة العلم لأشياخهم ، فكان لابد من ترجمة تذاع وتنتشر في هذه المجلة الغراء، فأقول بعد حمد الله والصلاة والسلام، على رسولنا أتم الصلاة وأحسن التسليم. فالعراق كما يقول شيخنا صبحي ويكرره: " العراق ظالمٌ لأهله وعلمائه"[1]
    أسمه ونسبه :هو أبو عبد الرحمن، صبحي بن جاسم بن حميِّد بن حمد بن صالح بن مصطفى بن حسن بن عثمان بن دولة بن محمد بن بدري البدري، السامرائي، البغدادي، ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي السبط الشهيد رضي الله عنه ووالدته تنتمي لنفس النسب، فهو شريف الأرومة والنسب .
    ولادته: ولد ببغداد يوم عيد الأضحى من سنة1354هـ( الموافق1936 م )، في محلة العاجلين قرب محلة العمّار( هي من المحلات التي تقع بين شارع الرشيد والجمهورية) في جانب الرصافة ببغداد دار السلام.
    . نشأته: نشأ الشيخ في أسرة ملتزمة ، إرسله والده إلى الكتاتيب ليحفظ القرآن الكريم، فدرس الشيخ مبادئ التجويد على الشيخ الملا كاظم أحمد الشيخلي الحنفي( تلميذ مقريء العراق عبد القادر الخطيب القيسي) إمام وخطيب جامع السيد سُلطان علي، وهو أول شيوخه . ثم دخل المدرسة الابتدائية، وأكمل الدراسة الثانوية، ولكنه لازم المسجد ودرس على شيخه المذكور الفقه الحنفي،لأن شيخنا بقي متردداً بين مسجد العمار ومسجد سيد سلطان علي، ولكنّ الله فتح عليه وأراد سبحانه أن يستعمله في طاعته فعرّفه على مسند العراق ومحدثها عبد الكريم عباس الشيخلي( الأزجي) الملقب بأبي الصاعقة( 1285-1379 هـ)[2] ، ومن هنا كانت نقطة التحول في حياة الشيخ ودخوله عالم الحديث والإسناد والسُنّة ، وقد توسّم الشيخ الصاعقة رحمه الله النباهة بشيخنا وكان يحبه ويقربه، ويسميه ( ولدي القلبي)، وكان الشيخ صبحي أهلا لذلك فهو من نقل ونشر أسم الصاعقة ولولا أن الله قيّض شيخنا الشيخ صبحي ليعرّف الناس بشيخه لدُرِس اسمه وعلمه. وقد أتم الشيخ عمر 23 سنة 1958م وقد أخذ كل إجازاته من العلامة الصاعقة[3]. وذلك في مسجد المهديَّة قرب محلة الفضل، ومسجد عثمان أفندي - شارع المتنبي ، وهذا يدل على سعة علم الشيخ في وقت مبكر، كما لا ننسى قريبه الشيخ العالم السيد شاكر البدري( 1405هـ) الذي قرأ عليه الحديث وعلوم الآلة وأجازه[4] وكان الشيخ يثني عليه كثيرا ويقول إنه أفضل من دَرّس علوم الآلة .
    وممن جالسه الشيخ بوقت مبكر الشيخ محمد عبد الوهاب البحيري المصري مبعوث الأزهر الشريف إلى كلية الشريعة ببغداد التقى به شيخنا في بغداد، وذلك سنة 1381هـ/1961 وأجازه إجازة عامة في مسكنه بالأعظمية. وممن درس عليهم كذلك في المرحلة الأولى من حياته الشيخ عبد الحميد المسلوت (مبعوث الأزهر) قرأ عليه بعضاً من المنهاج في بغداد، وكان يحضر بعضاً من دروس العلامة أمجد أفندي الزهاوي في فقه الحنفية ،وقرأ على الشيخ فؤاد بن شاكر الآلوسي أصول الفقه والفقه الحنفي وبلوغ المرام لابن حجر وحضر دروس الشيخ محمد القزلجي في أصول الفقه، وكان مواظباً على دروس العلامة السلفي الرحالة تقي الدين الهلالي في مسجد الدهان بالأعظمية في كتاب مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي، ويحضر مجالس الشيخ كمال الدين الطائي، ومجالس كبار العلماء في العراق. ولا يفوتنا أنه التقى في السعودية العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وقبل أن يتكلم الشيخ صبحي أنه من تلامذة الصاعقة لما رأى من شبهه بعصبيته وغيرته، و هناك تعرف شيخنا رحمه الله على الشيخ ابن باز، والشيخ محمد نصيف، رحمهما الله تعالى، ثم سألاه عن مخطوطات بغداد، وعن العلامه محمد بهجة الأثري[5]
    والشيخ في مسيرة التأليف نبغ مبكرا؛ ففي مقتبل عمره ( 19 عاما ) حقق أول كتاب مخطوط وهو لأبي حفص المَيَّانِجيُّ ( 581هـ) رسالة " ما لا يَسَعُ المُحَدِّثَ جَهْلُه[6]" .
    وسافر إلى بلاد الشام في سنة 1958 والتقى العلامة الألباني وكان قد طبع السلسلة الصحيحة لأول مرة سنة 1958بعد أن ذهب للحج، وكان ذلك اللقاء في دمشق، وأخبر الألباني أنه قرأ على العلامة الصاعقة وأجازه وكان عُمره صغيراً، وكان عمر الشيخ الالباني قارب الأربعينات، فطلب منه الشيخ صبحي الإجازة فأجابه بالنص : (الغير مجاز لا يجيز ) ثم أهداه أول مجلدات نزلت من السلسلة الصحيحة.
    عاد الشيخ إلى بغداد وعرضها على شيخه الصاعقة فأشاد بمجهود الشيخ الألباني رحمه الله وقال نصاً: إن له نَفَس الإمام ابن حجر[7] ، وهذا مشروع جيد إن استمر على هذا الجهد، وأخبرني شيخنا صبحي أن الألباني لم يأت مثله بعد الإمام السخاوي ، وأنه كل من يريد أن ينتقص الألباني يجيبه بهذا الجواب.
    وممن زامله في هذه المرحلة الاستاذ عبد الخالق السيد عثمان المشايخي البغدادي( 1933-1976) ، والمفكر عبد المنعم صالح العلي ( محمد أحمد الراشد)
    مسيرة الشيخ العلمية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي :
    أكثر الشيخ من الرحلات والسفر لطلب مخطوطات الحديث وكتبه المطبوعة من مكتبات العالم فسافر وأنفق على حسابه إلى الدول العربية وأوربا، ويراسل طلبة العلم والمحدثين والعلماء للحصول على مخطوط أو كتاب ، ويبادل المخطوطات، وعنده غرف للمخطوطات أطلعت عليها، ومنها أفلام، وحتى في غرفه نومه يضع أعز المخطوطات إلى قلبه، ويعتني بالمخطوط ويجلده بجلاد فاخر ، ولم يكتف بمخطوطات الحديث بل كان له عناية بمخطوطات الفِرَق المنحرفة، ومخطوطات الحنابلة، وكتب الأنساب والتاريخ، وعمل عملا في جمع المخطوط لا تستطيعه إلا مؤسسة، وكان يخبرني أن شيخه الصاعقة كان يتحسر على مخطوطات وطبعات كتب أهل الحديث؛ لذلك كان الشيخ بعمله هذا كأنما يحقق أمنية شيخه ويجمع مخطوطات الحديث ويتابع مطبوعاته أولا بأول، حتى كانت مكتبته أكبر مكتبة في العراق لشخص تحوي أكبر كم من المخطوط، وكان نسيجا لوحده في العراق في أيام سيطرت التيار العلماني والقومي وأهمل التراث العراقي، وتوجه بقية أهل الدين للفقه وبقية العلوم وأهمل علم الحديث في العراق بالكلية حتى كاد أن يدرس وينسى، يقول الدكتور المحقق العراقي عامر حسن صبري في تعليق له : أحب أن أشير إلى أن الشيخ صبحي حفظه الله يكفيه فخرا أنه كان الوحيد فيما أعلم - في العراق ممن له الاهتمام بالحديث.
    كان الشيخ رغم كونه ضابطا في الشرطة العراقية[8] ، إلا أنه كان متعدد الأعمال الدينية، فهو من أوائل من أنشأ دعوة في الإصلاح على منهج السلف الصالح مع عدد من تلامذة الشيخ الصاعقة منهم عبد الحميد نادر ، الذي بدأ بترتيب للدعوة وأبعد الشيخ صبحي عن الواجهة وتركه للتدريس، والتأليف وجمع المخطوطات والرحلة لذلك ، كما أنه تابع نشاط جمعية الآداب الإسلامية بعد رئيسها الشيخ كمال الدين الطائي لأنه كان يحبه لمواقفه من الشعوبية وأهل البدع.
    من مؤلفاته التي حققها ونشرت في الستينات مراسيل ابن أبي حاتم، فقد نشر سنة 1967 ، ورسالة من تسمية فقهاء الأمصار للنسائي نشره سنة 1969م.كما كتب مقالات في مجلة المكتبة[9] ، وقام في مطلع السبعينات بعدة رحلات في الوطن العربي ، منها إلى مكة وسمع من حبيب الرحمن الأعظمي الهندي سنة 1971، وكذا رحل سنة 1972 إلى المغرب وسمع من العلامة المحدث محمد التهامي مسند المغرب وأجازه مشافهة .
    أصدر الشيخ تحقيقات أكثر من السابق وشرعت دور النشر العربية المعروفة تطلب تحقيقاته؛ منها: في أصول الحديث للطيـبي وفيه مقدمة في أهم الكتب المؤلفة في علم المصطلح، وطبع محليا في 1971، ثم في بيروت، والأشربة للإمام أحمد بن حنبل وطبع سنة 1976، وكتاب شرح علل الترمذي لابن رجب ، ونشره سنة 1976، وكل هذه الكتب تنشر لأول مرة ، ثم نشر في بيروت. ولا ينسى في هذه المرحلة ذكر بداية علاقة الشيخ المحدث شيخنا حمدي عبد المجيد السلفي مع الشيخ صبحي، عندما زاره الشيخ وأخذ منه مخطوطات الطبراني وشرع بنسخها وهو في المنفى في مدينة هيت [10]
    كان مجلس الشيخ المعروف هو مجلس مكتبة المثنى لصاحبها قاسم الرجب ومن بعد لابنه أنس رحمه الله تعالى، حيث كانت المنتدى العلمي للنخب العراقية في التاريخ والأدب، وكان أكثر أصحاب دور النشر العربية من بيروت ومصر والسعودية ملتقاهم في هذه الدار المرموقة، وكان الشيخ صبحي الوحيد من أهل الدين من يجالسهم، ولم يكن للشيخ كثير تلاميذ إلا بقايا من جماعة اهل الحديث، وبعض النخب الكبار في السنِّ، وقد تعرفت على الشيخ صبحي في مكتبة المثنى في أواسط السبيعينات بمكتبة المثنى ، وكنت أسير معه من شارع المتنبي ، مرورا بساحة الميدان ذهابا إلى دارهم في منطقة زيونة ، أرافقه وأنهل من علمه الغزير والنصائح الجمّة ، ولم يكن ينافسنا بالشيخ أحد، أما ليلا فكان له أيام معينة يجلس في جامع المرادية مقر جمعية الآداب الإسلامية، وكان الحضور لمجالسه لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
    في أواخر السبعينات أزداد الاهتمام بالشيخ صبحي خاصة بعد تقاعده، من قبل بعض تلامذة كلية الشريعة، وهم على أنواع : نوع يريد أن يدرس علم الحديث وهو بحاجة لتوجيهات الشيخ العلمية وللكتب والمخطوطات، وأذكر منهم الدكتورين الفاضلين: داود سلمان الدليمي ومظفر شاكر الحياني، ويترددون عليه في داره ، ينهلون من علمه وتوجيهاته ، ونوع آخر كان يريد أن يقرأ عليه كتب الحديث المسندة حتى يجيزه الشيخ بذلك، وإن كان يخالف منهج الشيخ بالكلية، ولقد قرأت معهم دروس من البخاري في مقر مجلة التربية الإسلامية بالكرخ ، وكان هدف الشيخ توصيل علم السنة والحديث لطلبة العلم لأنه يرى أن علوم المنطق والتعصب المذهبي قد سيطر على أكثر طلبة العلم، وأنه عليه أن يعرف طلبة العلم بالسنة ، وإن كان هم أنفسهم لهم غايات خاصة أخرى .
    والشيخ أنعزل للحديث ولم يظهر دعويا لأن الحكومة زمان حزب البعث كانت تتابعه ، وقد أخبرني بذلك وقال كثير من أعضاء حزب البعث كانوا قد أوصوا بمتابعة بعض الشخصيات الدينية وهو من ضمنهم ، وقد منع الشيخ أمنيا من مزاولة أي نشاط ، كما أن الشيخ كان يخالف كثير من مناهج المشايخ في بغداد فيحاربونه، وكان الشيخ يتلطف في نشر حديث النبي r وسنته .
    ولا يفوتنا أن الشيخ زار مصر سنة 1973 وأخذ الإجازة العامة من الحافظ محمد التجاني (ت: 1978) ،
    مسيرة الشيخ في مرحلة الثمانينات:
    سافر الشيخ الى المملكة العربية السعودية وهناك تنفس الشيخ الصعداء فقد ذهب كمدرس في الحرم ومحاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود في علم المخطوطات والمكتبات وأصوله، وكذا حاضر في جامعة الملك عبد العزيز، وألتقى بكثير من العلماء أثناء زياراته في العمرة أو الحج، أذ التقى الشيخ حماد بن محمد الأنصاري صاحب أكبر مكتبة بالمخطوطات، والشيخ ابن باز أذ قال عنه: ( هو من بقايا أهل الحديث في العراق ).
    وأجاز غيره وأجيز وهو في مكة ، وممن أخذ منهم في 1980 الشيخ العلامة محمود المفتي الباكستاني .
    ثم عاد الشيخ إلى العراق إبان الحرب العراقية الإيرانية، وعين في مسجد 12 ربيع الأول بشارع فلسطين ، وهناك وجد الشيخ لأول مرة متنفسا حقيقيا للتدريس، فقد أصبح له موقعا رسميا ، يجلس فيه ويجلس الناس له وهناك دخل الشيخ أحد أهم أطواره ، فقد كانت الدعوة الإسلامية في العراق تأخذ هي الأخرى وضعا جديدا فقد خف الضغط الحكومي نوعا ما، وفي هذه المرحلة نشر الشيخ أغلب كتبه التي نسخها وحققها، وأخذتها دور النشر العربية ، وشرع بعض أفراد الشباب الإسلامي يتوافدون على الشيخ دون مصلحة إلا قراءة علم الحديث ، وشارك الشيخ في عدة مؤتمرات، وزار الشيخ علماء من خارج العراق دون مراقبة وبحرية وممن زاره الشيخ إحسان إلهي ظهير وكان يستفيد وينهل من مكتبة الشيخ في الفِرَق([11])، وحقق الشيخ عدة كتب بمشاركة الشيخ حمدي السلفي.
    في سنة 1985 سافر الشيخ رحمه الله تعالى إلى تونس وأخذ الإجازة من محدث تونس الشيخ محمد الشاذلي الصادق النيفر التونسي المالكي.
    وفي أواخر الثمانينات أحس بعض النخب العراقية بالقيمة العلمية للشيخ صبحي فأختير مدرسا في مادة الحديث ومصطلحه وعلوم القرآن والتجويد وفقه الحديث في جامعة صدام للعلوم الإسلامية سنة 1989 ، وهناك فتح رافد آخر للشيخ صبحي، وسنحت له الفرصة للسفر إلى مكة والتقى محدّث الهند العلامة عُبيد الله بن عبدالسلام المُبارَكفُوري الرَّحماني 1989 وقرأ عليه وأجازه .
    وممن تتلمذ عليه في نهاية فترة الثمانينات صديقنا الشيخ رياض حسين الطائي وكان عمره 19 عاما، وصديقنا المهندس سيروان الكردي ، والأخ أسامة وهم أوائل من تتلمذ عليه في الثمانينات، وكان تلامذة الشيخ معدودين .
    والعراق وأهله حكومة ونخبا عندهم جحود عجيب على نخبه العلمية، إذ لا يعطي حق العلماء من العناية والرعاية، بل عكس ذلك يحاربهم ويهددهم في معايشهم ، ولكن ظهرت بادرة خير من قبل الشيخ يونس السامرائي فترجم للشيخ صبحي في كتابه "علماء بغداد في القرن الرابع عشر الهجري" (ص: 285)، وقد نشره في أوائل الثمانينات( 1982)، وقد كان كتبه سنة 1978 ، وأفاده الشيخ صبحي بترجمة للشيخ الصاعقة ، فكانت أول ترجمتين للشيخ وتلميذه.

    مسيرة الشيخ في مرحلة التسعينات بعد الحصار على العراق إلى زمن الإحتلال 2003 :
    دخل العراق في حصار ظالم منذ سنة 1990 وبقي إلى احتلاله سنة 2003 ، أثر على كل شيء في العراق حتى على المسيرة العلمية ، لكن الدعوات الإسلامية والشباب أصبح ظاهرة في مدن العراق ، وفتح الحدود العراقية للعراقيين مهد لخروج ودخول وسائل الثقافة والتعارف فكان توجه الشباب نحو علم الحديث أكبر من الفترة السابقة، مع ملاحظة ضعف القبضة الأمنية للدولة ، وكان للشيخ صبحي نصيب من ذلك فقد تعددت نشاطات الشيخ في الدروس والمحاضرات ، فدرّس وحاضر في جامع البُنِّيَّة في الكرخ في علاوي الحلة ، وجامع برهان الدين ملا حمادي في حي الجامعة بالكرخ ، وكان يدور في المساجد واعظا حسبة ويحث العوام على اتباع الكتاب والسنة وترك البدع ، والشيخ مقصد العلماء وطلبة العلم ومن يريد أن يأخذ شهادات عليا، كل هؤلاء ينهل من الشيخ علما أو يطلب فائدة أو كتابا أو مخطوطة .والشيخ يجود بكل ذلك برحابة صدر وأريحية ، وكله علم أن من جاءه لا يستحق لكن الشيخ كان وراء عمله غاية سامية ؛ فهو يأمل من هؤلاء أن يأخذ شيئا من علم الأثر الذي غاب عن طلبة العلم بسبب غلبة علوم المنطق والعلوم الاخرى
    عودة إلى مرحلة التسعينات إذ عمل الشيخ عدة زيارات للأردن كان يحب أن يلتقي الشيخ الألباني وكان أولها سنة 1991 وخرج معه رحلة ، كما ذكر الشيخ أكرم زيادة من الأردن .
    بعد النصف الثاني من هذه المدة توافد على الشيخ عشرات طلبة العلم الشباب فدرسوا عليه وأخذت عليه إجازات وأسانيد، نذكر من تلامذته: صديقنا الفاضل الدكتور ضياء الجواري، والأخ محمد غازي داود البغدادي ، وهو الذي ترجم للشيخ وكتب كتابه المعروف ((نعمة المنان في أسانيد شيخنا أبي عبد الرحمن)) ومقال ((سوانح ومواقف مع شيخنا المحدث الجليل صبحي السامرائي رحمه الله تعالى(( [12]
    و(( منظومة منظومة الإسناد بإجازة شيخ بغداد))، في 274 بيتًا ، والأخ عماد الجنابي، ود. منذر داود الأزجي، والأخ الفاضل عبد الجبار القرعاوي ، وطه الكركولي العبيدي، ود. محمد حازم بن محمد نوري، وصادق العجلي، والأستاذ رياض هاشم العاني من الأعظمية، والأخ بسام عصام الحسيني المشايخي ود. عبدالقادر مصطفى المحمدي صاحب كتاب ((سير من أعلام المدرسة الحديثية البغدادية المعاصرة)) والذي ترجم للشيخ صبحي وشيخه عبد الكريم الصاعقة، ود. ماهر ياسين الفحل، أحد أفاضل طلاب العلم العراقيين ، وصاحب التحقيقات البديعة، و د. مصطفى اسماعيل الأعظمي[13]وحسنين سلمان الربيعي البغدادي، وجاسم محمد عبد الله القادري، وجهاد حسن الداودي البغدادي، ورعد السامرائي، وصديقنا الفاضل الشيخ مرشد الحيالي صاحب مقال ((المسند المحقق الشيخ صبحي السامرائي رحمه الله (( وعدنان العايد ، والطبيب محمد حازم مكرر، وسلمان الزبيدي. وكانت أياديه بيضاء على تلامذته فما كان يحصل من بعض المال يساعد به بعض طلبة العلم المعوزين، وقد درس عليه طلاب عرب ، وطلاب من أندنوسيا


    وأشهر ما حدث في هذه الفترة والتي ترك فيها الشيخ صبحي بصمته ، في بداية الحصار جاء طالب علم سوري هاربا من السعودية عداب الحمش النعيمي، بعد أن كان يتملق لعلماء السعودية، إذحارب شباب الصحوة وتقرب من المسؤولين العراقيين ( عزة الدوري) ببغض الحكومة السعودية .

    قام عداب بكتابة رسالة للدكتوراة في (الوحدان في البخاري) وطعن فيها بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها وطعن بشكل واضح بصحيح البخاري، وفي مناقشة الرسالة وقف له ثلة من العلماء والأساتذة لمناقشتها ودحضها منهم الدكتور هاشم جميل، والدكتور حارث الضاري، وامتنع الشيخ صبحي السامرائي رحمه الله من حضور مناقشة رسالته مخافة أن يرتكب بحقّ عداب ما لا تحمد عقباه!! وبقي موجوداً في إحدى قاعات الدراسة منتظراً ومترقباً لنتيجة المناقشة، فلما قررت اللجنة رفض الرسالة ما كان من الشيخ صبحي إلا أن سجد شكرا لله تعالى، لكن بتدخل من عزة الدوري سمح له برسالة ثانية لينال الدكتوراه، ويومها تأذى الشيخ صبحي من هذا الخبر، ومن هذا الدعم من قبل الحكومة، وكان هذا سنة 1999م.[14]

    الشيخ في مرحلة ما بعد الإحتلال :

    وعين في جمعية لأهل الحديث أسسها بعض العراقيين من خارج العراق ، لكن دعمهم أنقطع وأنتهى مشروع الجمعية، كما أن الشيخ كان محل قبول كثير من التوجهات الإسلامية؛

    وكان للشيخ اسشرافية فقد أحس بخطر على العراق، وأن الوضع سيسوء في العراق ، وكانت له رؤيا صائبة وتصور عن مستقبل العراق، وتردد كثيرا إلى الأردن؛ لأن الشيخ كان مستهدفا، فكان ما أن تسنح له فرصة حتى يزور بلدا مجاورا ولمتابعة العديد من كتبه التي طبعت سابقا ولم يستفد ماديا من مؤلفاته بسبب سوء تعامل دور النشر فاستطعت - ولضيق حاله المادي وقت الحصار- أن أحصل له على جزء من حقوقه التي بقيت سنين وهي غير مؤدّات، وأعاد طباعة بعضها من جديد ، وهذا جزء من حق شيخنا علينا.
    لم يستطع الشيخ أن يبقى في العراق فغادرها إلى الأردن وأستقر بها مدة ، ثم أستقر في لبنان سنة 2009 إلى أن وافته المنية. وقد نهل من علمه من أهل الأردن وفلسطين، ومن أهل لبنان والكويت والبحرين، والعراقيين في الخارج وبعض السوريين، وأذكر من الأردن صديقنا الفاضل الشيخ عصام هادي، وصديقنا صالح اللحام والشيخ أكرم زيادة، وصديقنا الشيخ إسحاق لبزو أمين المكتبة الأثرية في الأردن التي كان يجلس بها ويأتيه الطلاب يقرأ عليه، وغيرهم، وكل أخذ منه إجازة . وفي لبنان أكرم الشيخ وأحاط به أهل العلم وأجاز الأخ الفاضل محمد زياد تكلة ، وألف وطبع كتاب ((حل اللمعة في إسناد الكتب التسعة )) لأسانيد الشيخ صبحي السامرائي رحمه الله ، وبحث (شيخ السنَّة في العراق صبحي بن جاسم البدري السامرائي الحسيني) وفي سنة 2009 أجاز المحقق المعروف موفق بن عبد الله بن عبد القادر في مكة.
    وفي لبنان ألتف حوله أهل العلم وأجازهم، وزار الكويت مرتين والبحرين إضافة للملكة العربية السعودية، وحضر مجالس سماع أمهات كتب الحديث.
    هذا ولم أذكر مؤلفات الشيخ وكتاباته، لأنها معروفة للجميع. ولعل هذه الترجمة تعرّف أهل العراق بجهود هذا العلم الهمام المنافح عن سنة رسول r فرحم الله شيخنا رحمة واسعة واسكنه جنات النعيم مع الذين أنعم الله عليهم منالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وصلى الله تعلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين .


    [1] - مقال منشور بالنت بعنوان :سوانح ومواقف مع شيخنا المحدث الجليل صبحي السامرائي رحمه الله تعالى ، لتلميذه :محمد البغدادي.

    [2] - بأذن الله سنفرد لهذا الطود الشامخ ترجمة ومواقف، كيف لا وهو محدث العراق ومسندها ورائد الإصلاح في العراق. ولقبة بالصاعقة نسبة إلى مجلة صدرت له باسم الصاعقة صدر منها أول عدد بتاريخ 8/5/1911 وأغلقتها الحكومة العثمانية.

    [3] - نص إجازة الشيخ الصاعقة : [إن السيد صبحي المذكور قرأ عليَّ: الكتابين الصحيحين للإمامين البخاري ومسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، ومجتبى النسائي، وبعض مسند الإمام أحمد بن حنبل، وموطأ الإمام مالك برواية يحيى بن يحيى، وسنن ابن ماجه، وبعض مسند أبي داود الطَّيَالسي، والمنتقى لابن الجارود، وبعض مستدرك الحاكم، وسنن البيهقي، وسنن الدارمي، والمنتقى لمجد الدين أبي البركات، وبلوغ المرام لابن حجر، وعمدة الأحكام للمقدسي، والكفاية للخطيب البغدادي، وعلوم الحديث لأبي عبدالله الحاكم، ومقدمة ابن الصلاح، والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم، والنُّبَذ في الفقه الظاهري، وروضة الناظر لابن قدامة، وشرح الكوكب المنير لأبي البقاء محمد بن أحمد الفُتُوحي الحنبلي، ومختصر الخِرَقي، والمقنع لابن قدامة، والإقناع في فقه الحنابلة للحَجّاوي، والرسالة للإمام الشافعي، وبعض كتاب ميزان الاعتدال للذهبي، وتهذيب التهذيب لابن حجر، وشرح الطحاوية، والجوائز والصِّلات لشيخنا يوسف أبي إسماعيل الخانْفوري ] بتاريخ 12 محرم 1378هـ

    [4] - قرأ عليه شيخنا السيد صبحي: [ الآجرومية وشروحها، وشرح القطر وشذور الذهب، وشرح ابن عقيل والمغني، والمختصر والمطول في المعاني، والمجموعة الصرفية، وحاشية جلال الدين المحلي على جمع الجوامع للسبكي، وشرح الورقات، وقرأ عليه فقه السادة الشافعية (الكثير من مغني المحتاج ومتن أبي شجاع)، وقرأ موطأ الإمام مالك كاملاً، في مسجد (الآصفية) بجانب الرصافة ببغداد وأجازه إجازة عامة]

    [5] - مقال :((سوانح ومواقف مع شيخنا المحدث الجليل صبحي السامرائي رحمه الله تعالى)) لتلميذه محمد غازي البغدادي

    [6] -نشرت في بغداد سنة 1967 عن شركة الطبع والنشر الأهلية.

    [7] - أنا سمعتها منه هكذا والأخ مرشد كذا نقلها لي من فم الشيخ صبحي، أما تلميذه الأخ رعد السامرائي فقد سمعها بأن الإمام الذهبي بدلا من ابن حجر، والله أعلم بالصواب.

    [8] - فقد دخل شيخنا كلية الشرطة، فيها عام1953 أو 54م، وتدرج حتى وصل إلى رتبة عقيد في الشرطة ثم أحيل على التقاعد سنة 1977.

    [9] - هذه مجلة أسسها رائد المكتبات العراقية قاسم الرجب رجمه الله تعالى صاحب مكتبة المثنى أسست سنة 1960 ، وتوقفت سنة 1972، وقد كتب فيها جمهرة من كتاب العراق وعلمائه.

    [10] - سنترجم لشيخنا الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي بأذن الله.

    [11] - مقال (( جهود الشيخ المحدّث صبحي السامرائي رحمه الله))، عبد العزيز بن صالح المحمود ، وعبد الله بن عبد اللطيف الكرخي، مجلة الراصد.

    [12] هذّبها بإذنه: محمد زياد التكلة

    [13] - حقق معه ((عقود الدرر لابن ناصر الدين الدمشقي)) وأرسلتها إلى دار ابن حزم لتطبع فيه سنة 1426هـ.

    [14] - مقال ((جهود الشيخ المحدّث صبحي السامرائي رحمه الله)) عبد العزيز بن صالح المحمود ، وعبد الله بن عبد اللطيف الكرخي، مجلة الراصد.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    130

    افتراضي رد: ترجمة مرتبة لشيخنا الشيخ صبحي السامرائي رحمه الله

    هذا المقال جزء من حق شيخنا علينا وهو منشور في مجلة المحجة البيضاء التي يصدرها الوقف السني في العراق قبل أشهر.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    976

    افتراضي رد: ترجمة مرتبة لشيخنا الشيخ صبحي السامرائي رحمه الله

    ترجمة مرتبة وموفقة نافعة جزاك الله خيرا فقد ذكرتنا بسيرة عالم محدث وفي الترجمة فوائد وسوانح لم تذكر في بقية التراجم للشيخ كيف وهي بقلم من صحبه في ايامه الاولى ومطلع مسيرته الدعوية نتمنى ان نقراء سيرة العالم المحدث حمدي السلفي قريبا ..

  4. #4

    افتراضي رد: ترجمة مرتبة لشيخنا الشيخ صبحي السامرائي رحمه الله

    بارك الله فيكم
    الحمد لله رب العالمين

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    للرفع
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إياد القيسي مشاهدة المشاركة
    وأشهر ما حدث في هذه الفترة والتي ترك فيها الشيخ صبحي بصمته ، في بداية الحصار جاء طالب علم سوري هاربا من السعودية عداب الحمش النعيمي، بعد أن كان يتملق لعلماء السعودية، إذحارب شباب الصحوة وتقرب من المسؤولين العراقيين ( عزة الدوري) ببغض الحكومة السعودية .

    قام عداب بكتابة رسالة للدكتوراة في (الوحدان في البخاري) وطعن فيها بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها وطعن بشكل واضح بصحيح البخاري،
    عداب ، عليه من الله ما يستحق .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    رحمة الله تعالى على الشيخ السامرائي.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي

    عداب الحمش يمشى على خطى عدنان إبراهيم ، وافق شنٌ طبقة
    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    976

    افتراضي

    عداب كان جريئا ليت جرئته كانت في نصرة الحق واهله !

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •