قال محمد بن إبراهيم بن جماعة فى (( تحرير الأحكام )) (ص52) :
(( تنعقد الإمامة الاختيارية بطريقتين ، والقهرية بطريق ثالث : الطريق الأول فى الاختيارية : بيعة أهل العقد والحل من الأمراء ، والعلماء ، والرؤساء ، ووجوه الناس الذين يتيسر حضورهم ببلد الإمام عند البيعة ، كبيعة أبي بكر يوم الثقيفة ، ولا يشترط فى أهل البيعة عدد مخصوص ، بل من تيسر حضوره عند عقدها ، ولا تتوقف صحتها على مبايعة أهل الأمصار ، بل متى بلغهم لزمهم الموافقة إذا كان المعقود له أهلاً لها ( كما حصل فى بيعة أبي بكر) .
الطريق الثاني : استخلاف الإمام الذى قبله ، كما استخلف أبو بكر ، وأجمعوا على صحته ، فإن جعل الإمام الأمر بعده شورى فى جماعة صح أيضاً ، ويتفقون على واحد منهم ، كما فعل عمر بأهل الشورى من العشرة ، وكانوا ستة ( عثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن ) ، واتفقوا على عثمان ، ولو عهد بالإمامة إلى فلان ، وبعده إلى فلان صح أيضاً ، وكانت الخلافة بعده على ما رتَّبه ، كما فعل النبي فى أمراء غزوة مؤتة .
ويُشترط فى الخليفة المستخلِف والمستخلَف بعده أن يكونا قد جمعا شروط الإمامة ، وأن يَقبل ولي العهد ذلك بعد العهد ، وقبل موت المستخلف له ، فإن ردَّه لم تنعقد البيعة . والطريق الثالث الذى تنعقد به البيعة القهرية : فهو قهر الشوكة ، فإذا خلا الوقت عن إمام فتصدى لها من هو من أهلها ، وقهر الناس بشوكته وجنوده بغير بيعة أو اسخلاف ، انعقدت بيعته ، ولزمت طاعته ، لينتظم شمل المسلمين ، وتجتمع كلمتُهم ، ولا يقدح فى ذلك كونه جاهلاً ، أو فاسقاً فى الأصح وإذا انعقدت الإمامة بالشوكة والغلبة لواحد ، ثم قام آخر فقهر الأول بشوكته وجنوده انعزل الأول وصار الثاني إماماً لما قدمناه من مصلحة المسلمين ، وجمع كلمتهم - ، ولذلك قال ابن عمر فى أيام الحرة نحن مع من غلب )) . اهـ