تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: أصل الاشتقاق هل الفعل أم المصدر ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    الدولة
    المغرب_مراكش
    المشاركات
    187

    افتراضي أصل الاشتقاق هل الفعل أم المصدر ؟


    يعد أصل الاشتقاق من المسائل الخلافية بين مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة، حيث ذهب البصريون إلى أن المصدر هو الأصل ،بينما يقول الكوفيون إن الفعل هو الأصل، وقد استدل كل من الفريقين بأدلة قوية، وحاول كل منهما تفني
    د أدلة الآخر ،وهذه الأدلة هي ما سنقف عليه في هذا البحث المختصر مستأنسين بوساطة الأنباري والعكبري في كتابيهما الإنصاف ومسائل خلافية في النحو ، اللذان تعرضا فيهما للمسائل الخلافية بين المدرستين .
    وقد سلكنا في سبيل ذلك الخطة الآتية :
    مقدمة: عرفنا فيها الاشتقاق والأصل والفرع .
    المبحث الأول :حجج النحاة البصريين والكوفيين في أصل الاشتقاق .
    المطلب الأول :حجج البصريين .
    المطلب الثاني : حجج الكوفيين .
    المبحث الثاني : وقفات مع ترجيحات العلماء لبعض المذاهب .
    المطلب الأول : وقفة مع الأنباري
    المطلب الثاني : وقفة مع العكبري
    المطلب الثالث :وقفة مع المحدثين
    خاتمة : ذكرنا فيها بعض الأقوال الأخرى في المسألة
    قال سهل بن عبدالله _ رحمه الله تعالى _:"أعمال البر يطيقها البر والفاجر ولكن لايصبر عن المعاصي إلا صدِّيق"

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    الدولة
    المغرب_مراكش
    المشاركات
    187

    افتراضي رد: أصل الاشتقاق هل الفعل أم المصدر ؟

    مقدمة :

    قبل الخوض في هذا الموضوع لابد من الإشارة إلى بعض الأشياء المهمة التي لا يجمل بنا تجاوزها لما لها من علاقة وثيقة بموضوعنا ،وأول هذه المسائل هي تعريف الاشتقاق ،فما الاشتقاق؟
    أولا :تعريف الاشتقاق
    -
    لغة: الاشتقاق من الشق وهو أخذ الشيء من الشيء أو أخذ شقه ؛ أي نصفه، واشتقاق الكلام الأخذ فيه يمينا وشمالا ، و اشتقاق الحرف من الحرف أخذه منه . ويقال شقق الكلام إذا أخرجه أحسن مخرج .(1)
    -
    اصطلاحا: له تعاريف متعددة لا تبتعد كثيرا عن المعنى اللغوي ونورد بعضها :
    1-نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبا، ومغايرته في الصيغة.
    2-أخذ كلمة من أخرى بتغيير ما ، مع التناسب في المعنى.

    قال العكبري : (وأقرب عبارة فيه ما ذكره الرماني وهو قوله : ( الاشتقاق ( اقتطاع ) فرع من أصل يدور في تصاريفه ( على ) الأصل )(2)
    ثانيا :تعريف الأصل والفرع
    قال العكبري : (والاصل ها هنا يراد به الحروف الموضوعة على المعنى وضعاً اولياً والفرع لفظ يوجد فيه تلك الحروف مع نوع تغيير ينضم إليه معنى زائد على الأصل)(3)
    وقال الصبان في حاشيته عل الأشموني (معنی ?ونه أصلا فيه أن ي?ون هو المشتق منه )(4)
    ثالثا: مصدر أقوال النحاة في المسألة .
    يجب علينا أن نعلم مسألة مهمة جدا وهي أن أراء مدرسة الكوفة غالبا ما تنقل من كتب النحاة البصريين ،أو تلتقط إشارات إليها من مؤلفات الكوفيين التي لا تختص بالنحو أما مصادرهم النحوية فلم يكد يصل إلينا منها إلا شيء يسير.
    قال سهل بن عبدالله _ رحمه الله تعالى _:"أعمال البر يطيقها البر والفاجر ولكن لايصبر عن المعاصي إلا صدِّيق"

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    الدولة
    المغرب_مراكش
    المشاركات
    187

    افتراضي رد: أصل الاشتقاق هل الفعل أم المصدر ؟

    المبحث الأول: حجج النحاة البصريين والكوفيين في أصل الاشتقاق .
    تعد مسألة الاختلاف في أصل الاشتقاق من المسائل التي لم يُتوصل فيها الى حل أو رأي قطعيٍّ، وأصل الخلاف فيها بين نحاة البصرة ونحاة الكوفة، حيث أنّ كلا من الفريقين تعصب لرأيه الذي قادته إليه أدلته، فأدلة نحاة البصرة تذهب بهم إلى أنّ المصدر هو الأصل والفعل مشتق منه، والكوفيون ذهبوا إلى أن الفعل هو الأصل والمصدر مشتق منه وقد ذكر هذا الخلاف الأنباري مفصلاً في كتابه الإنصاف حيث يقول: (ذهب الكوفيون الى أن المصدر مشتقٌ من الفعل وفرعٌ عليه، نحو"ضَرَبَ ضَرْبَاً، وقَامَ قِيَامَاً" وذهب البصريون الى أن الفعل مشتق من المصدر وهو فرعٌ عليه)وقد فصّل القول في أدلة الفريقين على النحو الآتي :(5)

    المطلب الأول : حجج البصريين :
    -1
    استدل البصريون على ما ذهبوا إليه من أنّ المصدر أصلٌ للفعل، بأنّ المصدر يدلّ على زمن مطلق والفعل يدل على زمن مقيد وما كان مطلقاً فهو أصل للمقيد، فكذلك المصدرأصل للفعل.
    2-وكذلك استدلوا ب
    أن المصدر أصلٌ للفعل هو أنّ المصدر اسم و الاسم يقوم بنفسه ويستغني عن الفعل والفعل لا يقوم بنفسه ويفتقر الى الاسم، وما يستغني بنفسه ولا يفتقر الى غيره أولى أن يكون أصلاً مما لا يقوم بنفسه ويفتقرالى غيره.
    3
    -واستدلوا أيضاً على أنّ المصدر هو الأصل والفعل فرعٌ عليه، أن الفعل يدل بصيغته على شيئين هما الحدث والزمان والمصدر يدل على شيء واحد هو الحدث وبما أنّ الواحد أصلٌ للاثنين فالمصدر أصل للفعل.
    4
    -وكذلك
    استدلوا على أن المصدر أصل الفعل، بأنّ المصدر له مثال واحد نحو: الضَرْبُ والقَتْلُ، والفعل له أمثلة متعددة.
    5-وكذلك استدلوا على أن المصدر أصل الفعل، أن الفعل بصيغته يدل على مايدل عليه المصدر والمصدر لا يدل على ما يدل عليه الفعل ألا ترى أن ضَرَبَ يدل على ما يدل عليه الضَرْبُ والضَرْبُ لا يدل على ما يدل عليه ضَرَبَ وإذا كان كذلك دلّ على أن المصدر أصل والفعل فرع لأن الفرع لا بد أن يكون فيه الأصل وصار هذا كما تقول في الآنية المصنوعة من الفضة فإنها تدل على الفضة والفضة لا تدل على الآنية.
    -6
    واستدلوا أيضاً على ان المصدر أصل الفعل، أن المصدر ليس مشتقاً من الفعل ولو كان مشتقاً منه لكان يجب أن يجري على سَنَن في القياس ولم يختلف كما لم يختلف اسماء الفاعلين والمفعولين فلمّا اختلف المصدر اختلاف الأجناس كالرجل والثوب والتراب والماء وسائر الأجناس دلّ على أنه غير مشتق.
    7-وكذلك استدلوا بأن المصدر أصل الفعل، إذ لو كان المصدر مشتقاً من الفعل لدلّ على معنى ثالث كما دلت أسماء الفاعلين والمفعولين على الحذف وذات الفاعل والمفعول به فلمّا لم يكن كذلك دلّ على أنه ليس مشتقاً من الفعل.
    8-واستدلوا
    أيضاً على أن المصدر هو أصل للفعل، وأنه ليس مشتقاً منه،قولهم (أكرم إكراماً) بإثبات الهمزة ولو كان مشتقاً من الفعل لوجب أن تحذف منه الهمزة كما حذفت من اسم الفاعل واسم المفعول نحو (مُكْرِم، مُكْرَم(.
    9-وكذلك دليلهم بأن المصدر هو أصل الفعل، تسميته مصدراً فإن المصدر هوالموضع الذي يُصْدَرُ عنه، ولهذا قيل للموضع الذي تصدر عنه الإبل مصدراً،فلما سُمي مصدراً دلَّ على أن الفعل صدر عنه.


    المطلب الثاني :حجج الكوفيين
    1-استدلّ الكوفيون فيما ذهبوا إليه على أن الفعل أصل والمصدر مشتقٌ منه وفرعٌ عليه، أن المصدر يصح لصحة الفعل ويعتل لاعتلاله نحو: قَاوَمَ- قِوَاماً، فيصح المصدر فيه، أما قولك: قَامَ- قِياما،ً فالمصدر يعتل لاعتلال الفعل.
    2-وكذلك استدلوا بأن الفعل أصلٌ المصدر لا فرعٌ عليه،بأن الفعل يعمل في المصدرفتقول: ضَرَبْتُ ضَرْبَاً، فوجب أن يكون فرعاً عليه؛ لأن رتبة العامل قبل رتبة المعمول.
    3-واستدلوا أيضاً على الفعل أصل للمصدر، أن المصدر يذكر توكيداً للفعل ورتبة المؤكَّد قبل رتبة المؤكِّد .
    4-واستدلوا أيضاً بوجود أفعال لا مصادرلها أمثال: نعم، وبئس، حبّذا، وهذا مما يجعل استحالة وجود الفرع من دون أصل.
    5-واستدلوا كذلك بأن المصدر لا يُتَصوّر معناه ما لم يكن فعلَ فاعلٍ،والفاعل وضع له فَعَل- يَفْعَل فينبغي أن يكون الفعل الذي يعرف به المصدرأصلاً.
    6-لا يجوز أن يقال المصدر سمي مصدراً لأنه مصدور عن الفعل، كما يقال للموضع الذي تصدر عنه الإبل مصدراً لصدورها عنه، بل سمي مصدرا لصدوره عن الفعل
    ، كما قالوا في ( مرْكَبٌ فاره ) أي: مركوب فاره.
    قال سهل بن عبدالله _ رحمه الله تعالى _:"أعمال البر يطيقها البر والفاجر ولكن لايصبر عن المعاصي إلا صدِّيق"

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    الدولة
    المغرب_مراكش
    المشاركات
    187

    افتراضي رد: أصل الاشتقاق هل الفعل أم المصدر ؟


    المبحث الثاني : وقفات مع ترجيحات العلماء لبعض المذاهب .
    المطلب الأول : وقفة مع الأنباري

    بعد أن ذكر الأنباري أدلة الم
    درستين رأيناه قد انتصر لمذهب البصريين ورد على جميع أدلة الكوفيين ووصمها بالفساد فقال : (وما اعترض به الكوفيون عليه في دليلهم فسنذكر فساده في الجواب عن كلماتهم في موضعه إن شاء الله )
    ثم بد
    أ يرد عليها دليلا دليلا حتى أتى عليها جميعها ويمكن إجمال ردرده في الآتي :
    1- المصدر يصح لصحة الفعل ويعتل لاعتلاله .
    الجواب لا يعتل من المصدر إلا أحرف الزيادة وهذا لا يدل على الأصالة والفرعية .

    2- الفعل يعمل في المصدر.
    الجواب كما أن الحروف تعمل في الاسماء لكنه لاخلاف أنها ليست أصلا لها.

    3- المصدر تأكيد للفعل .
    الجواب كذلك لايدل على الأصالة لأن التوكيد غير مشتق من المؤكّْد .

    4- وجود أفعال لا مصادر لها .
    الجواب وكذلك توجد مصادر ولا أفعال لها .

    5- لا يتصور معنى المصدر إلا بفعل الفاعل .
    الجواب إن الفعل إخبار بوقوع معنى المصدر ومحال أن يكون قبله.


    المطلب الثاني:وقفة مع العكبري .
    صنع أبو البقاء العكبري مثل صنيع الأنباري فقد ذكر هو أيضا أدلة كلا الفريقين ولكنه انتصر لمذهب البصريين وقام بالرد على أدلة الكوفيين فقال : (6)
    (والجواب :
    أما الوجه الأول : فليس بشيء وذلك أن المصدر مشتق من : صدرت عن الشيء إذا وليته صدرك وجعلته وراءك ومن ذلك قولهم : المورد والمصدر يشار به إلى الماء الذي ترد عليه الإبل ثم تصدر عنه ولا معنى لهذا إلا أن الإِبل تتولى عن الماء وتصرف عنه صدورها فيقال : قد صدرت عن الماء وقد شاع في الكلام قول القائل : فلان موفق فيما يورد ويصدر وفي موارده ومصادره وكل ذلك بالمعنى الذي ذكرناه .
    أما الوجه الثاني : فغير دال على دعواهم وذلك ان الاعتلال شيء يوجبه التصريف وثقل الحروف وباب ذلك الافعال لان صيغها تختلف لاختلاف معانيها ف ( قام ) مثلاً اصله ( قوم ) فأبدلت الواو ألفاً لتحركها فإذا ذكرت المصدر ( من ذلك ) كانت العلة الموجبة للتغيير قائمة في المصدر وهو الثقل .
    وأما الوجه الثالث : فهو في غاية السقوط وبيانه من أوجه ثلاثة :
    أحدها : ان العامل والمعمول من قبيل الالفاظ والاشتقاق من قبيل المعاني ولا يدل احدهما على الآخر اشتقاقاً
    والثاني : ان المصدر قد يعمل عمل الفعل كقولك : يعجبني ضرب زيد عمراً فلا يدل ذلك على أنه اصل
    والثالث : ان الحروف تعمل في الاسماء والافعال ولا يدل ذلك على انها مشتقة أصلاً فضلاً عن أن تكون مشتقة من الاسماء والافعال )
    المطلب الثالث :وقفة مع المحدثين.
    باختصار تمثل موقفهم في ميلهم إلى مذهب الكوفيين اعتمادا على الدراسات اللغوية المقارنة ومما استخلصوه من نظريات ومعارف بالفصائل اللغوية المختلفة. وفي ذلك يقول إسرائيل ولفنسون في كتابه تاريخ اللغات السامية (7)
    (إن أغلب الكلمات يرجع اشتقاقها إلى أصل ذي ثلاثة حروف.. وهذا الأصل فعل يضاف إلى أوله أو آخره حرف أو أكثر ،فتتكون من الكلمة الواحدة صور مختلفة تدل على معان مختلفة ).
    وهو بهذا رجح مذهب الكوفيين على مذهب البصريين.
    ومن المحدثين من ذهب إلى أن العرب اشتقت من الأسماء والأفعال و الحروف لكن بدرجات متفاوتة، فأكثر ما اشتق منه الأفعال ثم الأسماء ثم الحروف.
    قال سهل بن عبدالله _ رحمه الله تعالى _:"أعمال البر يطيقها البر والفاجر ولكن لايصبر عن المعاصي إلا صدِّيق"

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    الدولة
    المغرب_مراكش
    المشاركات
    187

    افتراضي رد: أصل الاشتقاق هل الفعل أم المصدر ؟

    خاتمة
    إنه لمن العسير في ظل هذا الخلاف الظفر بالدليل القاطع لترجيح آراء إحدى المدرستين على الأخرى ،فيبقى لكل الحرية في اختيار المذهب الذي يراه صوابا .
    ولا يفوتنا في الختام أن نشير إشارة خفيفة إلى بعض الأقوال الأخرى في المسألة، فقد ذهب أبو بكر بن طلحة إلى أن كلا من المصدر والفعل أصل بنفسه ،وليس أحدهما مشتقا من الآخر وتوسط الفارسي فقال: (
    الصفات مشتقة من الأفعال لجريانها عليها ، وعلى تقدير القول به
    فهي وإن كانت مشتقة من الأفعال بهذا الاعتبار فالأفعال أصولها القريبة،والمصادر أصولها البعيدة)

    وذهب بعض المعاصريين إلى أن الأصل في الاشتقاق ليس المصدر ولا الفعل بل الأصل في الاشتقاق هو الجذر المعجمي.
    وكما قلنا فإن المسألة تبقى خلافية لم تحسم بين النحاة .
    الحواشي:
    (1) لسان العرب ، احمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري ،ط 1 ، دار صادر بيروت-لبنان ،ج/10 ص 181 مادة ش ق ق .
    (2) مسائل خلافية في النحو ، أبو البقاء العكبري ،ط 1، دار الشرق العربي ، بيروت-لبنان ، 1992،ص 74.
    (3) المصدر نفسه ، ص 74.
    (4) حاشية العلامة الصبان" على شرح الشيخ الأشموني: على ألفية الإمام ابن مالك، محمد بن علي الصبان الشافعي،ط 1، دار الكتب العلمية بيروت-لبنان،1417 هـ -1997م ،ج/2ص160.
    (5) الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين ، أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري، دار الفكر – دمشق ،بتصرف .
    (6) مسائل خلافية في النحو ، أبو البقاء العكبري ، ص 78 79 80 بتصرف يسير.
    (7) تاريخ اللغات السامية، إسرائيل ولفنسون ، ص 14.
    قال سهل بن عبدالله _ رحمه الله تعالى _:"أعمال البر يطيقها البر والفاجر ولكن لايصبر عن المعاصي إلا صدِّيق"

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •